ممثل السودان في القمة العربية
لا تزال الآمال في وقف إطلاق النار بالسودان ضعيفة | Source: Webscreenshot

قال دفع الله الحاج علي، مبعوث رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للقمة العربية، المنعقدة في جدة بالسعودية، الجمعة، إن الجيش السوداني مستعد للعفو عن أعضاء قوات الدعم السريع إذا قرروا وضع السلاح.

وفي مستهل مداخلته أمام الزعماء العرب، شدد الحاج علي على أن الجيش السوداني بقيادة البرهان، يقود ما وصفه بـ"معركة الكرامة" وذلك "ضد قوات التمرد، التي أطلقت رصاصة الغدر والخيانة، صباح يوم الـ15 من أبريل الماضي، عندما هاجمت منزل البرهان وعددا من المؤسسات والمطارات للاستيلاء على السلطة".

وأكد أن الجيش كان بإمكانه القضاء على تلك القوات لولا تحصنها داخل الأحياء السكنية حيث يتواجد المدنيون "وأنها اتخذت من المؤسسات الخدمية والمستشفيات والمنازل، ثكنات عسكرية واحتجزت المدنيين الأبرياء".

وبعدما عدّد الأعمال التي يرتكبها أعضاء قوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، قال إن حركة التمرد تلك "لم تلتزم بكل اتفاقات الهدنة، وواصلت جرائمها لتشمل البعثات الدبلوماسية"، وفق تعبيره.

وذكر الاعتداءات التي طالت السفارة الأردنية لدى السودان بالإضافة إلى الملحقتين العسكرية والثقافية السعوديتين، وسفارتي الكويت والصومال.

واتهم الحاج علي القوات الموالية لحميدتي بقتل مساعد نائب الملحق الإداري بسفارة مصر، وكذلك باقتحام مقر المنظمة العربية للتنمية الزراعية، التابعة للجامعة العربية "وعدد كبير من السفارات الأجنبية الأخرى" وفق تعبيره.

كما عبر الحاج علي عن "قلق السودان" تجا ما وصفه بـ "غض المجتمع الدولي الطرف عن الانتهاكات التي تستوجب الشجب والإدانة والمساءلة".

إلى ذلك، لفت الحاج علي إلى أن حكومة السودان قبلت مبادرة الهدنة الإنسانية التي تقدمت بها السعودية والولايات المتحدة، وقال: "نحن مطمئنون بأننا سنتجاوز هذه المحنة" مشيرا إلى رفض السودان أي تدخل خارجي.

وفي ختام حديثه، جدد استعداد الجيش السوداني لفتح أبوابه للذين يريدون الانضمام إليه من قوات الدعم السريع، مؤكدا أنه (الجيش) مستعد للعفو عمن وضع السلاح، وقال: "إذا جنحوا للسلم فسوف نجنح لها" وأكد أيضا "هذه الحرب، فرضت علينا" في إشارة للجيش بقيادة البرهان.

بعدها، شدد الحاج علي على أن الجيش قادر على هزيمة التمرد، وأنه  "لا مجال للتشكيك" حسب قوله.

وأسفر النزاع في السودان عن مقتل نحو ألف شخص معظمهم في الخرطوم وحولها، وكذلك في إقليم دارفور الغربي المضطرب منذ فترة طويلة، بينما شردت المعارك أكثر من مليون آخرين. 

وقالت الأمم المتحدة، الأربعاء، إن نصف سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأن هناك حاجة إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار هذا العام وحده، لتقديم مساعدات عاجلة داخل البلاد ولأولئك الذين يفرون عبر الحدود. 

ولا تزال الآمال في وقف إطلاق النار ضعيفة بعد انتهاك هدن عدة في الأسابيع الماضية. 

الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"
الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"

أدى عام ونصف من الحرب في السودان إلى كارثة إنسانية في واحدة من أكبر دول أفريقيا.

ويقول تقرير للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر" الأميركية إن هذه الحرب أدت إلى مقتل نحو 150 شخص، وفقًا لبعض التقديرات. كما شردت المعارك 12 مليون شخص، وفقًا للأمم المتحدة، التي تصفها بأنها "أكبر أزمة نزوح في العالم، في ظل انهيار الخدمات الطبية في معظم أنحاء السودان.

مراسل "إن بي آر" أجرى جولة مؤخرا في إحدى مستشفيات منطقة أم درمان، قرب العاصمة الخرطوم، ونقل المشاكل التي تواجهها المستشفيات والكوادر الطبية.

ينقل التقرير عن الدكتور جمال محمد، 52 عاما، أن الحرب أجبرته على ترك منزله في العاصمة السودانية، لتهرب عائلته لاحقا إلى مصر بينما نزح هو إلى أم درمان ليعمل في مستشفى النعمان في تلك المنطقة.

ومثل جميع الكوادر الطبية هناك، يقول محمد أنه لم يستلم راتبا منذ بداية الحرب، بل يحصل فقط على مساعدات صغيرة.

وفقًا لمحمد، تعرض مستشفى النعمان للقصف خمس مرات على الأقل ويقول إن المستشفى كان مستهدفًا بشكل متعمد، مما يُعد جريمة حرب، بحسب تعبيره.

في اليوم الذي سبق وصول فريق "إن بي آر"، تعرض المستشفى للقصف من قبل قوات الدعم السريع، وأثناء وجود الفريق الصحفي هناك، تعرضت المنطقة المحيطة للقصف بشكل متكرر أيضًا.

يستقبل المستشفى يوميا جثثا لضحايا مجهولي الهوية، ويعالج العديد من حالات الإصابة ضمن الإمكانيات المتوفرة.

التقرير نشر مجموعة من الصور لهؤلاء الضحايا الذين تعرضوا إلى اعتداءات من قبل الأطراف المتصارعة أو أصيبوا جراء المعارك الدائرة، هذه الصور نقلت أيضا الحال الصعب الذي تمر به المستشفيات في السودان في ظل قلة المساعدات وأدوية العلاج، فضلا عن الاكتظاظ وقلة الكادر الطبي.

ممرات مستشفى النعمان في أم درمان أصبحت مليئة بالمصابين وجثث الضحايا، في حين ساد الحزن على أوجه عائلات الضحايا التي تنتظر في الردهات لمعرفة مصير أحبائها.

يضيف التقرير أنه كانت هناك العشرات من المراكز الطبية في أم درمان قبل الحرب، ولكن معظمها اضطرت إلى الإغلاق بسبب نقص الإمدادات أو الكوادر أو التمويل، أو لأنها تعرضت للتدمير بسبب القتال. 

والآن، لا تتواجد سوى سبعة مراكز في تلك المنطقة، ويعتبر مستشفى النعمان واحدًا من أكبر  تلك المراكز التي لا تزال تعمل.

وحذّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، في سبتمبر الماضي، من أنّ الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك".

وقال غراندي إنّ "هذه الأزمة الخطيرة للغاية، أزمة حقوق الإنسان وأزمة الاحتياجات الإنسانية، تمرّ دون أن يلحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.

وأوضح أنّه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل عام 2023 "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول أخرى.