منذ اندلاع الصراع في السودان، تعرضت الكثير من النساء لـ"العنف الجنسي"، فيما تكشف مؤسسات بعض المبادرات النسائية عن جرائم "اختطاف وقتل واغتصاب" رصدت بحق السودانيات.
عنف جنسي على نطاق "مقزز"
الأربعاء، قال مسؤولون بالأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي، إن العنف الجنسي يمارس في السودان على نطاق "مقزز".
وقالت المسؤولة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، إديم ووسورنو، إن الروايات المفزعة عن العنف الجنسي التي يرويها الفارون إلى بورتسودان ليست سوى نزر يسير من تلك التي "تتكرر على نطاق مقزز من بؤر الصراع الساخنة في جميع أنحاء البلاد"، بحسب "رويترز".
واندلع الاقتتال في 15 أبريل بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، خلال انتفاضة شعبية.
والسودان، الذي يعد أحد أفقر بلدان العالم باتت "تعمه الفوضى" منذ اشتعال الاقتتال بين الجيش بقيادة، عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو.
وتفجر التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بسبب خلافات على خطة للانتقال إلى الحكم المدني بعد أن نظما معا انقلابا في 2021.
وتدور معارك طاحنة بين المعسكرين تتركز في الخرطوم وفي إقليم دارفور الذي عانى مدى عقدين من النزاعات الدامية في عهد البشير.
وتزيد أعمال العنف التي تستخدمه فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، من احتمال تعرض المدنيين للخطر، فضلا عن اتهام أطرف الاقتتال بـ"اختطاف النساء لأغراض الخدمة"، وفق وكالة "فرانس برس".
واقع السودانيات في زمن "الاقتتال"
قبل اندلاع الاقتتال، كانت أكثر من 3 ملايين امرأة وفتاة في السودان "عرضة لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي"، وارتفع هذا العدد بعد اندلاع المعارك إلى ما يقدر بنحو 4.2 مليون، وفقا لـ"الأمم المتحدة".
ومنذ بدء الاقتتال، تلقى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان "تقارير موثقة" عن وقوع 21 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع ضد ما لا يقل عن 57 امرأة وفتاة، وفقا لتقرير لـ"يونسيف" صدر في 5 يوليو.
ولا توجد "إحصاءات دقيقة" تكشف عن حجم "الانتهاكات التي تتعرض لها السودانيات في زمن الاقتتال"، لكن مؤسسات بعض المبادرات النسائية يكشف عن بعض "ملامح وأشكال" تلك الانتهاكات المتواصلة.
وفي حديثها لموقع "الحرة" تكشف رئيسة مبادرة "لا لقهر النساء"، أميرة عثمان حامد، أن الكثير من السودانيات يتعرضن يوميا لـ"التحرش والاغتصاب والاحتجاز القسري والاختطاف بغرض الخدمة".
وجميع الإحصاءات المنشورة لا تمثل سوى 2 بالمئة من "الواقع المأساوي" الذي تعيشه النساء بسبب الاقتتال ولا ينحصر ذلك في ولاية أو مدينة بعينها، لكن ذلك ينطبق على السيدات في جميع أنحاء السودان، وفقا لحديثها.
وتشير إلى "تضييق السلطات على النساء العاملات في بيع المشروبات والحلوى بالشارع"، رغم سعيهن لـ"الإنفاق على أسرهن" في ظل غياب دعم الدولة لهن.
وتؤكد أن النساء من أكثر الفئات "المتضررة من الاقتتال"، ورغم ذلك فإن الجهات المسؤولة "مستمرة في قهرهن"، وتضيق عليهن أثناء عملهن بلا "تبريرات قانونية".
وفي الوقت نفسه تتعرض جميع المبادرات التي تدافع عن حقوق النساء لـ"حملات تحريضية ممنهجة، تبث خطابات الكراهية ضد المدافعين عن حق المرأة السودانية"، حسبما تقول.
ولم تكتف السلطات بـ"خلق الاقتتال" لكنها تمارس العنف ضد الجميع، وأصبح عنف الدولة ضد المواطن السوداني "أمرا يثير الحيرة والعجب"، على حد تعبير رئيسة مبادرة "لا لقهر النساء".
وتتفق معها مؤسسة مبادرة "نساء ضد الحرب"، إحسان فقيري، التي تشير إلى محاولات مستمرة لـ" ترهيب السودانيات في الشوارع"، بهدف إرجاعهن لـ"حوش الحريم" وتهميشهن "سياسيا واجتماعيا".
ولا يستطيع طرفا الاقتتال حسم المعركة ويمارسان "انتهاكات ضد جميع السودانيين"، وفي القلب من ذلك "النساء" التي تعاني "نفسيا وجسديا"، وفقا لحديثها لموقع "الحرة".
وهناك نساء تعرضن لـ"الاغتصاب بشكل متكرر"، لكنهن يخشين من الإبلاغ عن ذلك خوفا من "الوصمة الاجتماعية"، وجميع الأرقام الصادرة بذلك الشأن "غير دقيقة"، حسبما توضح.
اتهامات بـ"سبي النساء"
وتشير فقيري إلى "استغلال النساء" من قبل أحد طرفي الاقتتال، وهناك بعض الأحاديث عن "بيعهن كسبايا في بعض الأسواق"، واختطاف البعض الآخر وطلب "فدية" مقابل إطلاق سراحهن.
وتوثق مشاهدتها لـ"فتيات مختطفات" داخل منزل بالخرطوم، يحتله أحد طرفي الاقتتال، وتقول "هؤلاء معرضات للانتهاك الجنسي والجسدي والاحتجاز القسري للعمل كخادمات".
في المقابل، حاول موقع "الحرة" التواصل مع الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" للتعليق حول هذه الاتهامات، لكن تعذر ذلك.
وتشير التقارير إلى حادثة واحدة تفيد باغتصاب ما يصل إلى 20 امرأة في هجوم واحد، وجرى توثيق ما لا يقل عن 42 حالة عنف مزعومة في الخرطوم و46 حالة أخرى في إقليم دارفور.
وفي يوليو، قالت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل الحكومية، سليمى إسحق الخليفة، إنها وثقت 49 حالة خلال أول أسبوعين من القتال، 24 منها في الخرطوم و25 في دارفور.
والعدد الحقيقي للحالات "أعلى بكثير" لكن العديد النساء يجدن صعوبة في الإبلاغ عن "العنف الجنسي" خوفا من "الخزي والخوف من الانتقام ونظرة المجتمع"، بحسب "فرانس برس".