آلاف السودانيون فروا  من البلاد عبر الحدود الشرقية إلى إثيوبيا
لاجئون عبروا من السودان إلى إثيوبيا ينتظرون في طابور للتسجيل في المنظمة الدولية للهجرة

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن الطرفين المتحاربين في السودان يجندان المدنيين قسرا للانضمام إلى القتال، ومن بينهم لاجئون فروا وعادوا إلى البلاد تم أسرهم والضغط عليهم للمشاركة في القتال.

وذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن آلاف السودانيين بدؤوا يتدفقون عبر الحدود الشرقية إلى إثيوبيا، في يوليو، معظمهم من الشبان الذين قالوا إنهم فروا من التجنيد القسري. وانتهى المطاف بالعديد منهم في مخيم كومر التابع للأمم المتحدة في منطقة أمهرة.

ومع نفاد المساعدات الإنسانية في المخيم، قالت فاطنة إبراهيم للصحيفة إن ابنها الأصغر، مصطفى، البالغ من العمر 15 عاما، عاد إلى السودان وسقط في قبضة قوات الدعم السريع، وهي مجموعة شبه عسكرية تقاتل الجيش السوداني، وأجبر على القتال في الحرب.

وكانت قوات الدعم السريع قد جندت قسرا زوجها وابنها الأكبر بعد أيام فقط من اندلاع الحرب الأهلية في 15 أبريل، على حد وصفها، وكان المقاتلون قد اقتحموا منزلهم في العاصمة السودانية، الخرطوم، واحتجزوا فاطنة وابنتها المراهقة لاغتصابهما.

وفي محاولة يائسة لإنقاذهما، عرض زوجها ، وهو جندي متقاعد، الانضمام إلى صفوفهم.

وقال جيمس نيكولاس بيجين (23 عاما) إن والدته وأشقاءه الخمسة قتلوا في الحرب الأهلية في جنوب السودان قبل أن يأخذه عمه إلى الخرطوم قبل سبع سنوات على أمل إنقاذ الصبي من المذبحة. وفي يوليو، طرق الجيش السوداني بابهم.

وقال بيجين للصحيفة إن الجنود أخبروا عمه أن عليه الانضمام إلى قتالهم، لكن عمه رفض فقتلوه، وذكر أن الجنود لم يكونوا على علم بتواجده في الداخل، وانتقلوا إلى المنزل التالي. وتمكن من الفرار إلى إثيوبيا لكنه قال إنه سمع عن العديد من الشباب الذين تم تجميعهم للقتال.

وفر ما يقرب من 50  ألف شخص إلى إثيوبيا منذ بدء الحرب الأهلية، لكن عدد الوافدين تضاءل في الأسابيع الأخيرة بعد أن سمع اللاجئون أنه لا يتوفر طعام وأن هناك القليل من المساعدات.

وقال مسؤولو الأمم المتحدة إنه عند معبر واحد فقط سجل عبور نحو 800 سوداني الحدود عائدين إلى السودان في الأشهر الأخيرة.

وفر عصام أبجار أحمد، 28 عاما، الذي كان يدرس المحاسبة قبل اندلاع الحرب، إلى إثيوبيا. وقال للصحيفة إن ثمانية من أصدقائه فعلوا ذلك أيضا، لكنهم وجدوا الظروف في المخيم سيئة للغاية لدرجة أنهم عادوا إلى السودان.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع احتجزت ستة من أصدقائه عند نقطة تفتيش على أطراف الخرطوم. وعندما رأى الاثنان الآخران ما كان يحدث قاما بالاختباء. وذكر أن الستة الآخرين ظلوا مكبلي الأيدي دون طعام لمدة أسبوع حتى وافقوا على القتال.

وقال بحزن: "لقد أُخِذوا قبل أن يصلوا إلى المنزل ويروا عائلاتهم".

ولم ترد قوات الدعم السريع ولا الجيش على استفسارات الصحيفة الأميركية حول التجنيد القسري.

ومنذ أبريل، تخوض القوات الموالية لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للسودان، حربا مع قوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، محمد حمدان دقلو، الملقب بـ "حميدتي". 

وقُتل جراء الحرب أكثر من 10 آلاف شخص، وفق حصيلة متحفظة صادرة عن منظمة "أكليد". وتقول الأمم المتحدة إن 6.3 مليون شخص أجبروا على النزوح من منازلهم. 

القتال في السودان تسبب في أكبر أزمة إنسانية عالمية حسب الأمم المتحدة
القتال في السودان تسبب في أكبر أزمة إنسانية عالمية حسب الأمم المتحدة. (AFP)

أعلنت لجنة "محامي الطوارئ" في السودان، أن 7 أشخاص قتلوا جراء قصف جوي للجيش السوداني، طال مسجداً شمال العاصمة الخرطوم.

وذكرت اللجنة التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان منذ اندلاع الحرب في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع، أن مسجد الشيخ أحمد الصديق، الواقع في حي شمبات بالخرطوم بحري، تعرض "لقصف عشوائي" عقب صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط 7 ضحايا، في حصيلة أولية، ولازالت عمليات حصر أعداد الضحايا مستمرة حسب اللجنة.

كما أكدت الخبر "لجنة المقاومة المحلية"، وهي إحدى لجان النشطاء في السودان، التي تقدم المساعدة للمدنيين، مشيرة إلى أن عدداً من الجرحى نُقلوا لتلقي الإسعافات.

وقالت لجنة "محامي الطوارئ" إن القصف يعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف المواقع المدنية والأماكن المقدسة.

يأتي ذلك في ظل تفاقم الوضع الإنساني، الذي تصفه الأمم المتحدة بأنه إحدى أكبر الكوارث الإنسانية في العالم، وسط شكوك بشأن إمكانية وقف القتال.

وكان الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، قال في تصريح سابق لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف هدسون أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".