السودان- أزمة- غذاء
تعلن الحكومات المجاعة عندما يكون 20٪ من الأسر في منطقة جغرافية معينة في مرحلة الكارثة (تعبيرية)

حذّرت الأمم المتحدة من أن المدنيين المحاصرين في مناطق النزاع في السودان قد يواجهون حالة أشبه بالمجاعة بحلول الصيف المقبل، بينما يعيش البعض في العاصمة التي مزقتها الحرب على وجبة يومية واحدة.

ويحتاج حوالي 30 مليون شخص، أي ما يقرب من ثلثي السكان، إلى المساعدة في السودان وفقا للأمم المتحدة، وهو ضعف العدد قبل اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف إبريل.

وقال إيدي رو، المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي، إن "المزيد من الأشخاص في السودان يكافحون لأجل ضمان وجبة واحدة يوميا، وما لم تتغير الأمور فهناك خطر حقيقي من أنهم لن يتمكنوا حتى من القيام بذلك طويلا".

ووفقا لتصنيف برنامج "مراحل الأمن الغذائي المتكامل" (Integrated Food Security Phase Classification) التابع للأمم المتحدة،  يحتاج حوالي 18 مليون شخص بشكل عاجل إلى مساعدات غذائية إنسانية.

ويتمركز أغلب هؤلاء في العاصمة الخرطوم، حيث يواجه أكثر من نصفهم انعدام الأمن الغذائي.

وإذا لم تتحسن الظروف بحلول شهر مايو، فستبدأ عائلات كاملة في تجربة "كارثة إنسانية"، تتمثل في الدخول في شبه مجاعة، بعد أن استنفدت أصولها وجميع الخيارات المتاحة، وفق ذات البرنامج.

وتعلن الحكومات المجاعة عندما يكون 20٪ من الأسر في منطقة جغرافية معينة في مرحلة الكارثة.

ودمر الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع الخرطوم، بينما نُفّذت عملياتُ قتلٍ لأسباب عرقية في دارفور. 

واتهم الجانبان بالاستيلاء على الإمدادات وعرقلة وصول عمال الإغاثة.

وفي حي الشجرة، وهو أحد أحياء جنوب الخرطوم، قال أحد المتطوعين في الجيش إن قوات الدعم السريع أخذت معظم الإمدادات الموجهة إلى 2000 شخص لم يفروا من المنطقة.

وقال جهاد صلاح الدين، الذي يعمل في غرفة الاستجابة للطوارئ، وهي شبكة من المجموعات التطوعية "الحصار يجعل من الصعب القيام بأي شيء، حتى لو كان لديك المال، فلن تتمكن من إنفاقه".

وبعد نفاد المزيد من الحمص المغذي، تمكن المتطوعون من العثور على كيسين من دقيق الذرة بوزن 25 كيلوغراما، حيث يصنعون منهم عصيدة محلاة بكيس السكر المتبقي، من المتوقع أن يضمن لهم الغذاء لأربعة أيام.

وقال صلاح الدين لرويترز معلقا على ذلك "بعد ذلك نترك الأمر لله".

مساعدات غير كافية

قام برنامج الأمم المتحدة المعروف باسم "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي" (IPC) بمراجعة تقديرات من يعانون من الجوع مع اتساع نطاق القتال، وقال إن مدخرات الأسر تعرف تراجعا بموازاة ارتفاع أسعار المواد المتوفرة في السوق.

إلى ذلك، قالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إن المساحة التي زرعت خلال موسم هذا العام كانت أقل بنسبة 15% عن المتوسط خلال السنوات الخمس الماضية، كما انخفض إنتاج الذرة الرفيعة والدخن بنسبة 24% و50% مقارنة بعام 2022. 

ويكافح برنامج الأغذية العالمي ووكالات الإغاثة الأخرى من أجل الوصول إلى الأشخاص في مناطق النزاع الأكثر تضررا.

ووصلت الوكالة إلى الخرطوم، حيث لا يزال يعيش بضعة ملايين من الأشخاص، مرة واحدة فقط خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث قامت بتوزيع الغذاء على 100 ألف شخص في فترة هدوء القتال.

وقالت ليني كينزلي، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي "لدينا حشود تصطف في أماكن مثل منطقة الجزيرة التي فر إليها الناس، ولكن ليس لدينا ما يكفي لدعم الجميع".

ولم يتم تمويل "نداء الأمم المتحدة لعام 2023 من أجل السودان" إلا بنسبة الثلث.

ويجب توفير مبلغ 4 مليارات دولار في العام المقبل لتلبية احتياجات الأشخاص المتأثرين بالحرب داخل السودان وخارجه.

ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب

تتوالى التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وذلك في ظل فشل جهود إنهاء الصراع لأسباب أولها أن المجتمع الدولي قرر أن طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الرد السريع" لا يملكان "الشرعية" لحكم السودان.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".

وأضاف المسؤول الأميركي في حديثه لقناة "الحرة" أن التقارير الأممية حول تدهور الأوضاع "لن تغير من الواقع، فهي لا تجبر المجتمع الدولي على التدخل، أو تضغط على أطراف النزاع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية وحل المشكلة" حسب تعبيره.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين قبل أيام أن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمع، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص باتت في خطر شديد.

فحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، تقول لجنة الإنقاذ الدولية أن عدد القتلى جراء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2022 وصل إلى 150 ألف شخص وهو رقم أعلى من رقم 20 ألفا الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

لكن عدد القتلى ليس وحده ما يقلق اللجنة التي اشارت في احدث تقاريرها إلى أن عدد النازحين داخليا وصل إلى 10 ملايين شخص وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار أكثر من مليونين.

بيرييلو في زيارة سابقة للسودان - مصدر الصورة: صفحته الرسمية بفيسبوك
بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
دعا المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، إنه الولايات المتحدة "تدعم الوقف الفوري للحرب ووضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني"، وذلك في أعقاب زيارته الإثنين للسودان ولقائه مسؤولين أبرزه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ويضيف التقرير كذلك أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يقضي أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الحرب، موضحا أن حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان.