السودان يشهد منذ أبريل الماضي نزاعا على السلطة أسفرت عن سقوط 12 الف قتيل
السودان يشهد منذ أبريل الماضي نزاعا على السلطة أسفرت عن سقوط 12 الف قتيل

أكدت سفيرة الولايات المتحدة المتجولة للعدالة الجنائية العالمية بيث فان شاك أنه استنادا إلى مراجعة دقيقة للحقائق وتحليل قانوني، خلص وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مؤخرا إلى أن أفراداً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب.

كما أكد الوزير بلينكن أن أعضاء قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معهم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً في دارفور. 

وقالت فان شاك في مؤتمر عبر تطبيق زوم: "لقد اتخذ الوزير هذا القرار ليكون شاهدا ويسلط الضوء على الانتهاكات التي ارتكبت على أيدي القوات التي تهدف إلى حمايتهم والتي يعاني منها الشعب السوداني. ونأمل أيضا أن نحشد المجتمع الدولي لمساعدتنا في إنهاء العنف ومعالجة الأزمة الإنسانية وتعزيز العدالة للناجين والضحايا".

وأوضحت المسؤولة الأميركية أنه وفقا للبيانات المتوفرة لدى وزارة الخارجية الأميركية فإن الصراع في السودان أدى إلى قتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص ونزوح أكثر من 6.8 مليون شخص من منازلهم.

وتحدثت عن وجود تقارير حول أخذ الآلاف من الناس إلى المعتقلات داخل الخرطوم وحولها وقد تعرض بعضهم للقتل والبعض الآخر للتعذيب.

وتوقفت فان شاك عند ما تتعرض له النساء والفتيات في السودان وقالت "لقد شنت الحرب أيضا على أجساد النساء والفتيات اللواتي تعرضن للترهيب من خلال العنف الجنسي المنهجي المتعمد الذي تمارسه قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها". 

وأضافت "أنهم يهاجمون منازلهن ويتم اختطافهن من الشوارع. وتعرضت النساء والفتيات للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي". 

وأشارت إلى أنه "غالبا ما تكون الناجيات غير قادرات على الوصول إلى أي نوع من الرعاية الطبية أو الدعم النفسي".

وتحدثت فان شاك أيضا عن "انفجار في أعمال العنف ضد المدنيين على أسس عرقية". 
وقالت إن "الناس ليسوا آمنين في منازلهم في المساجد أو في المدارس. لقد قرأنا العديد من التقارير الموثوقة عن قيام قوات الدعم السريع والميليشيات العربية التابعة لها بالبحث على وجه الخصوص عن الأشخاص المساليت وأفراد المجتمعات الأفريقية الأخرى وتطارد الرجال والفتيان وتطلق النار على الأشخاص الذين يفرون يائسين للنجاة بحياتهم وتسرق كل شيء ذي قيمة".

وتوقفت سفيرة الولايات المتحدة المتجولة للعدالة الجنائية العالمية عند أهمية محاسبة المرتكبين لهذه الانتهاكات والخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة في هذا المجال. 

وقالت "لقد أشادت الولايات المتحدة بالإعلان الأخير بأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المزعومة المرتكبة خلال القتال الحالي قد تخضع للتحقيق والملاحقة القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية.. وأعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه بدأ تحقيقات مركزة في حدثين وقعا مؤخراً". 

وكشفت أن "حكومة الولايات المتحدة عملت بشكل وثيق مع حلفائها الرئيسيين لإنشاء بعثة جديدة لتقصي الحقائق في مجلس حقوق الإنسان تركز على السودان. وستكون هذه الآلية الجديدة قادرة على جمع الأدلة على الفظائع التي ارتكبت في جميع أنحاء البلاد والبدء في تحديد المسؤولية عن السماح بارتكابها". 

وتحدثت عن تمويل مرصد صراع السودان الجديد الذي يأخذ من جامعة ييل الأميركية مقرا له.

وعلى المستويين الإنساني والسياسي أكدت فان شاك أن الولايات المتحدة قدمت 895 مليون دولار كمساعدات إنسانية للسودان في العام 2023. 

وأشارت إلى أن واشنطن تعمل على إنهاء القتال من خلال الوسائل الدبلوماسية مع فريق من الدبلوماسيين ذوي الخبرة ومع الشركاء الإقليميين مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) والاتحاد الأفريقي والمؤسسات الحكومية الدولية الأخرى لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار وغيرها من تدابير بناء الثقة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام". 

وقالت "لقد تحدثنا باستمرار مع عدد من الشركاء الإقليميين حول أهمية عدم توفير الأسلحة أو غيرها من المواد لأي من طرفي النزاع كي لا يؤدي ذلك إلى التصعيد". 

وأضافت "علينا أن نذكر جميع الأطراف بأن هناك حظرا قائما على الأسلحة يعود تاريخه إلى عام 2005 بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي 1591".

وتوقفت فان شاك أخيرا عند ما تقوم مجموعة فاغنر الروسية في السودان وفي أفريقيا بشكل عام وقالت "ما رأيناه باستمرار على مر السنين هو أنه في كل مكان انتشرت فيه فاغنر أو عملت فيه كان لها تأثير خبيث. نرى أعمال عنف ضد المدنيين ونرى تقويضا لأمن الدولة ونرى في بعض النواحي دولا تعتمد بشكل كبير على فاغنر ومن ثم تصبح فاغنر هي المسيطرة على الموارد الطبيعية". 

وأوضحت أن فاغنر "في الأساس منظمة إجرامية ولا تهتم لمصالح البلدان التي تعمل فيها أو شعوب تلك البلدان. بدلا من ذلك فإن فاغنر موجودة لإثراء نفسها من خلال الموارد الطبيعية لإيجاد طرق لتعزيز قبضتها". 

ووجهت فان شاك رسالة إلى الدول الإفريقية وقالت "إن رسالتنا عبر منطقة الساحل هي ألا يفترض أحد أن فاغنر تمثل حلا لمشاكله الأمنية. والحل هو بناء قوة مسلحة ذات مصداقية وقوات شرطة ذات مصداقية والعمل مع الشركاء في جميع أنحاء المجتمع الدولي الذين لديهم الرغبة والقدرة على الاستثمار في بناء القدرات لبناء قدرتكم على توفير الأمن لشعبكم. فاغنر ليست حلا موثوقا لذلك".

أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص
أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص

أوقعت أعمال عنف ضد سودانيين 12 قتيلا خلال يومين في جنوب السودان، حيث عاد الهدوء النسبي خلال الساعات الـ24 الماضية، على ما أعلنت القوات الأمنية في البلاد التي تعاني انعداما مزمنا للأمن.

وقد تحولت تظاهرة في العاصمة جوبا احتجاجا على تقارير عن مقتل 29 مواطنا من جنوب السودان في ود مدني بولاية الجزيرة في السودان المجاور، مساء الخميس إلى عمليات نهب استهدفت محال تجارية مملوكة لمواطنين سودانيين.

وأطلقت الشرطة النار لتفريق التجمع، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين، وفرضت السلطات الجمعة حظر تجوال ليلي مع تمدد الاحتجاجات إلى مدن أخرى.

وقالت الشرطة في تقرير أصدرته السبت إن "تسعة أشخاص لقوا حتفهم في مدينة أويل" في شمال البلاد الجمعة، مشيرة إلى أن اثنين من جنوب السودان وسبعة سودانيين كانوا من بين الضحايا.

والجمعة أيضا، أصيب 13 شخصا من جنوب السودان بالرصاص في تبادل لإطلاق النار في أماكن مختلفة في جوبا، وفق الشرطة.

وقال الناطق باسم الشرطة جون كاسارا في بيان السبت إن الوضع الأمني "هادئ ومستقر نسبيا في كل أنحاء البلاد خلال الساعات الـ24 الماضية".

وعادت الأمور إلى طبيعتها في العاصمة بحلول المساء، باستثناء متاجر سودانية بقيت مغلقة، وسط انتشار كثيف لقوات الأمن.

ونقلت شرطة ولاية وسط الاستوائية 278 سودانيا، بينهم 35 طفلا، إلى أماكن آمنة. وفي العاصمة، لا يزال 551 سودانيا في ملاجئ آمنة.

ودعا الرئيس سلفا كير إلى "ضبط النفس".

المعارك تحتدم في السودان.. ماذا بعد حديث "القتال 21 عاما"؟
"سنقاتلهم 21 عاما".. هكذا توعد قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) الجيش السوداني، بعد اعترافه بخسارة مدينة ود مدني الاستراتيجية في ولاية الجزيرة.

رأي محللون أن هذه الكلمات لا تعبر سوى عن حجم الهزائم التي تتلقاها قوات دقلو خلال الأسابيع الأخيرة أمام الجيش، وخصوصا في ولاية الجزيرة وسط البلاد، وفي الخرطوم أيضًا.

ويعيش السودان منذ أبريل 2023 حربا يتواجه فيها الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان مع قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو.

وقد أدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص، كما ترك مئات الآلاف تحت رحمة الجوع.

وتستضيف جنوب السودان عددا كبيرا من السودانيين المقيمين أو اللاجئين. وقد نالت البلاد استقلالها عن السودان المجاور عام 2011، وتعاني مذاك من عدم استقرار مزمن.

وفي عام 2013، انزلقت البلاد إلى حرب أهلية دامية بين سلفا كير ورياك مشار، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص ونزوح الملايين.

ورغم توقيع اتفاق السلام في عام 2018، لا تزال البلاد تعاني من صراعات على السلطة، مع استشراء الفساد والصراعات العرقية المحلية.

وأعلنت جنوب السودان العام الماضي تأجيل أول انتخابات في تاريخها الحديث لمدة عامين، والتي كان من المفترض أن تنهي الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الاتفاق.

وأعلن وفد حكومي على تلفزيون جنوب السودان أنه غادر السبت إلى العاصمة الكينية نيروبي، حيث من المقرر أن تُستأنف محادثات السلام الاثنين مع جماعات مسلحة لم توقّع على اتفاق العام 2018.

ولا تزال هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ اتفاق لوقف إطلاق النار في 2020 لم يتم احترامه.