حوالي 1.5 مليون شخص نزحوا إلى دول الجوار في السودان
حوالي 1.5 مليون شخص نزحوا إلى دول الجوار في السودان

اتسعت رقعة الصراع في السودان بشكل كبير، ليمتد إلى ولاية الجزيرة التي كانت ملجأ لنحو نصف مليون نازح من الخرطوم منذ اندلاع المعارك قبل نحو 8 أشهر، ووصفت منظمة الصحة العالمية النظام الصحي في البلاد بأنه "كان ضعيفا" وحاليا "ينهار" بسبب ضغط الحرب.

وأوضحت المنظمة في تصريحات لموقع "الحرة"، إن الحرب الدائرة حاليا في السودان "لها تأثير مميت على حياة الناس وسبل معيشتهم وعلى الوضع الصحي أيضًا".

وأوضحت أنه تم إغلاق مركز عمليات المنظمة في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، يوم 15 ديسمبر، بسبب الحرب التي امتدت للولاية، التي تبعد نحو 170 كلم إلى الجنوب الشرقي من الخرطوم.

واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في منتصف أبريل الماضي، رغم أن الطرفين تشاركا فيما سبق السلطة عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، عام 2019، خلال انتفاضة شعبية.

وسيطرت قوات الدعم السريع على ود مدني هذا الشهر، في إطار تقدم أشمل تحرزه في غرب السودان وجنوبه.

وكانت ود مدني قبل هجوم قوات الدعم السريع، مركزا للمساعدات وملاذا للنازحين داخليا. وولاية الجزيرة منطقة زراعية مهمة في بلد يواجه جوعا آخذا في التفاقم.

النظام الصحي إلى الانهيار

في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أوضحت منظمة الصحة العالمية للحرة، أن "النظام الصحي في السودان كان ضعيفا ويعاني بالفعل بسبب الصراعات وتفشي الأمراض والجوع الناجم عن الجفاف، وحاليا ينهار وسط ضغط هائل سببته الحرب الدائرة".

كما أن القطاع "في وضع خطير في ظل النزوح الجماعي والفيضانات وتفشي الأمراض، بجانب شح الإمدادات الطبية وندرة المعدات والعاملين والأموال اللازمة لتغطية تكاليف عمل القطاع الصحي"، وفق المنظمة الأممية.

ومع وصول القتال إلى ود مدني، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 300 ألف شخص فروا من المدينة بحثا عن الأمان. وبشكل عام تسبب الصراع في نزوح أكثر من 7 ملايين شخص من بينهم نحو 1.5 مليون وصلوا إلى دول الجوار، وفق تقديرات أممية.

ولفتت المنظمة للحرة، إلى أن مركزا كبيرا لعملياتها في ود مدني، تم تعليق العمل به بشكل مؤقت منذ التصعيد الأخير في ولاية الجزيرة، موضحة: "نبحث حاليا عن آليات بديلة لضمان وصول إمداداتنا إلى المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في الجزيرة، وذلك من خلال المنظمات غير الحكومية التي لا تزال تعمل هناك".

وتم تسجيل أكثر من 1850 إصابة بالكوليرا و26 حالة وفاة مرتبطة بالمرض، في الجزيرة حتى 15 ديسمبر. وبشكل إجمالي هناك أكثر من 8530 إصابة و231 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا في 9 ولايات سودانية، بحسب المنظمة الأممية.

وتعمل المنظمة بالتعاون مع اليونيسيف والشركاء الصحيين الآخرين، بشكل وثيق مع الهيئات الحكومية الصحية، من أجل مواجهة تفشي الكوليرا.

وأشارت أيضًا إلى القيام بحملات للتطعيم الفموي ضد الكوليرا في ولايتي الجزيرة والقضارف خلال نوفمبر من العام الماضي. مضيفة أنه على الرغم من ذلك، فإن "القيود على وصول المساعدات الإنسانية وعلى الوصول إلى الخدمات الصحية، سيهدد المكاسب التي تحققت في السيطرة على تفشي المرض".

انعدام الأمن والتحدي الكبير

وأشارت منظمة الصحة العالمية، في تصريحاتها للحرة، إلى أنها تعمل مع نظرائها الدوليين والحكوميين من أجل "توزيع الأدوية والإمدادات الطبية المطلوبة بشكل عاجل، ومواجهة تفشي الأوبئة، لكن انعدام الأمن يشكل تحديا كبيرا".

كما أوضحت أنها "بحاجة إلى الوصول الآمن وغير المقيد حتى يتمكن العاملون في المجال الصحي، ومن بينهم فرق منظمة الصحة العالمية، من الاستجابة لتفشي الكوليرا والأمراض الأخرى في البلاد، مثل حمى الضنك والملاريا والحصبة".

والجمعة، قرر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة أطباء لا حدود، تعليق عملياتهما في ولاية الجزيرة بسبب القتال الدائر.

وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه اضطر لوقف توزيع المساعدات في الولاية، بعد نهب مخزن يحوي إمدادات تكفي 1.5 مليون شخص لمدة شهر.

فيما أفادت منظمة أطباء بلا حدود، بأن رجالا مسلحين هاجموا مجمعها في ود مدني، يوم 19 ديسمبر، وسرقوا سيارتين ومحتويات أخرى.

وكتبت في بيان على منصة إكس: "بسبب تدهور الوضع الأمني، علقنا جميع الأنشطة الطبية في ود مدني، وأجلينا طاقمنا إلى مناطق أكثر أمنا في السودان ودول مجاورة".

وأضافت: "نحن قلقون على سكان ود مدني الذين لا يتلقون الرعاية الطبية أو يحصلون على الأدوية الضرورية، إلا في أضيق الحدود".

ودعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الجمعة، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمات الصحية والإنسانية المتفاقمة في السودان، وطالب المجتمع الدولي بزيادة المساعدات المالية.

وقال في منشور عبر منصة إكس: "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصعيد النزاع في السودان، حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية والصحية مع نزوح مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال".

وفي التصريحات للحرة، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى رسالة غيبرييسوس، التي قال فيها: "دون السلام لن يكون هناك صحة، ودون الصحة لا يمكن أن يكون هناك سلام".

الجيش السوداني حقق تقدما واضحا خلال الأشهر الأخيرة في حربه ضد الدعم السريع - رويترز
الجيش السوداني حقق تقدما واضحا خلال الأشهر الأخيرة في حربه ضد الدعم السريع - رويترز

قالت مصادر عسكرية لقناة الحرة، الأحد، إن وحدات برية مسنودة بالدبابات، واصلت تقدمها في اتجاه محور وسط العاصمة الخرطوم.

وأضافت المصادر أن الجيش "سيطر بالفعل على عدد من المباني والمواقع الاستراتيجية، من بينها مجمع النيليين المجاور لجسر المسلمية، وموقف شروني المؤدي إلى القصر الرئاسي، فضلا على حديقة القرشي".

كما كثف الجيش انتشاره في شوارع الصحافة ظلط، مطبقا بذلك حصاره على قوات الدعم السريع الموجودة في عدد من المباني بالمدينة.

وقال الجيش إنه كبد قوات الدعم السريع "خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد الحربي"، بجانب "تدميره قوة تابعه للدعم السريع كانت تستغل سيارات قتالية ودراجات نارية للهرب من القصر الجمهوري وسط العاصمة".

وكان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد قال في كلمة نشرت على منصة "تلغرام"، الأحد، إن قواته "لن تخرج" من العاصمة الخرطوم، مهددا بتصعيد جديد في المعارك ضد الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان.

وأضاف حميدتي الذي ظهر بعد اختفاء طرح تساؤلات على مدار الأشهر الماضية، إن "الوضع مختلف حاليا"، مضيفا: "الحرب داخل الخرطوم. ولن نخرج من القصر الجمهوري".

جاء الخطاب بعد فترة طويلة غاب فيها حميدتي عن الظهور علنا، في وقت حقق فيه الجيش تقدما كبيرا في المعارك على مدار الأشهر الماضية.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قد لفتت في تقرير سابق، إلى "اختفاء" حميدتي من ميادين القتال منذ أشهر، مما "أثار استياء واسعا وسط جنوده، شعورهم بالتخلي عنهم".

ويشهد السودان منذ نحو عامين حربا مدمرة بين قوات الدعم السريع والجيش، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح وتهجير الملايين.

وأحدثت الحرب انقساما في البلاد، حيث أصبح الجيش يسيطر على الشمال والشرق، بينما تسيطر قوات الدعم على معظم إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.