المدنيون الفارون من الصراع في السودان ينتظرون إجراءات تسجيل اللجوء في المفوضية السامية للأمم المتحدة، في الرنك، جنوب السودان في 18 ديسمبر 2023
المدنيون الفارون من الصراع في السودان ينتظرون إجراءات تسجيل اللجوء في المفوضية السامية للأمم المتحدة، في الرنك، جنوب السودان في 18 ديسمبر 2023

بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، ومع بداية عام جديد، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الاثنين، الولايات المتحدة "تلقي بالا للمعاناة المستمرة للشعب السوداني بسبب الصراع الذي لا داعي له بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية".

زقال الوزير في بيان أن "هذا الصراع أدى إلى ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي، وانعدام الأمن الغذائي بشكل خطير، والنزوح على نطاق واسع، وانهيار نظام الرعاية الصحية. كما تسبب كذلك في تعميق الانقسامات بالسودان على أسس عرقية وقبلية وإقليمية بشكل خطير".

وأضاف بلينكن أنه "قبل عام، انضمت الولايات المتحدة إلى الشعب السوداني ورحبت بالعملية السياسية على أمل أن تتمكن من استعادة انتقاله الديمقراطي، لكن حاليا يعاني السودان من واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية وأزمة النزوح في العالم بسبب قرارات الأطراف المتحاربة، فضلا عن أن الاقتصاد والبنية التحتية في السودان في حالة خراب".

وتطرق الوزير الأميركي إلى معاناة النساء في السودان جراء الصراع، وقال إن "العديد من النساء والفتيات تعرضن للاغتصاب أو يعشن في حالة من الرعب من العنف الجنسي وسط حالة من الفوضى والإفلات من العقاب".

وطالب بلينكن قوات الدعم السريع والجيش السوداني بضرورة "إنهاء هذه الحرب الوحشية وإعادة الحكم إلى المدنيين، كما طالب الشعب السوداني منذ فترة طويلة".

وأكد بلينكن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب شعب السودان والعمل على إنهاء الصراع حتى يتمكن الشعب السوداني في العام المقبل من البدء في تحقيق السلام والأمن والازدهار الذي يستحقه.

وتحل الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، وسط انقسام كبير ومعارك تركت أكثر من 7 ملايين سوداني في عداد النازحين، سواء داخل البلاد أو خارجها، وفي ظل استمرار قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في القتال والابتعاد عن عملية سياسية لإنهاء الأزمة التي اندلعت في أبريل الماضي.

وخرج كل من البرهان وحميدتي خلال الساعات الأخيرة بخطابين في ذكرى استقلال البلاد عن الاحتلال الإنكليزي، وكال كل منهما الاتهامات نحو الآخر بالتمرد والخروج عن الحكم الديمقراطي، وسط آراء بأن الأزمة لن تنتهي قريبا.

وأنهى قائد قوات الدعم السريع جولة خارجية لدول جوار السودان، حيث زار أوغندا إثيوبيا وجيبوتي، وأوضح حميدتي أنه ناقش خلال تلك الزيارات تطورات الأوضاع في السودان ورؤيته لوقف الحرب والوصول إلى حل شامل.

وفي خطابه، الاثنين، قال حميدتي: "السودان يعيش أسوأ أزمة في تاريخه وشعبه يعاني... حققت الدعم السريع انتصارات عسكرية كبيرة وواسعة"، داعيا قوات الجيش إلى "الإقرار بالخسارة في الحرب وعليهم التوقف عن القتال وتدمير البلاد".

أما البرهان فقد أوضح خلال خطابه، الأحد، أن "الانتصار قريب وسيتم تحرير السودان"، داعيا الدول التي تستقبل حميدتي بالتوقف عن "التدخل في شأننا لأن أي تسهيلات تقدم لقيادة المجموعة المتمردة تعتبر شراكة في الجرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره".

وحققت قوات الدعم السريع خلال الأيام الأخيرة انتصارات بارزة، إذ سيطرت على ولاية الجزيرة المحورية في البلاد، الواقعة جنوبي العاصمة الخرطوم، وكانت مركزا لعمل كثير من المنظمات الدولية.

وأسفر تقدم الدعم السريع عن موجة نزوح كبيرة لمئات الآلاف من المواطنين كانوا بالأساس قد نزحوا من الخرطوم بحثا عن الأمان في الولاية.

صورة أرشيفية من داخل القصر الرئاسي في الخرطوم - رويترز
صورة أرشيفية من داخل القصر الرئاسي في الخرطوم - رويترز

قال تلفزيون السودان الرسمي، الخميس، إن الجيش السوداني يقترب من السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم من قوات الدعم السريع.

وقال شهود عيان ومصادر عسكرية لرويترز إن اشتباكات عنيفة اندلعت في وقت متأخر من مساء الأربعاء قرب القصر الرئاسي مع سماع دوي انفجارات وضربات جوية للجيش استهدفت وسط العاصمة الخرطوم.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم غرب السودان وأجزاء من العاصمة بعد ما يقرب من عامين من اندلاع الحرب، لكنها تتكبد خسائر في وسط البلاد أمام الجيش.

وفي 2021، نفذ الطرفان العسكريان انقلابا أدى إلى تعطيل عملية الانتقال للحكم المدني، واندلعت الحرب في أبريل 2023 بعد أن أدت خطط تسليم جديدة للحكم إلى نشوب صراع عنيف.

وأدت الحرب إلى ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع اتهام قوات الدعم السريع والجيش بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.

ويستعيد الجيش منذ أسابيع عدة مناطق بعد أن ظلت لعامين تقريبا تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ بدء الصراع في أبريل 2023.

وتقول السلطات إنها تعثر على أدلة واسعة النطاق على عمليات قتل في مناطق كانت خاضعة سابقا لسيطرة قوات الدعم السريع.

ولم تستجب قوات الدعم السريع لطلب التعليق من رويترز. وكانت قد نفت سابقا اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق في المناطق التي سيطرت عليها، وقالت إن الجناة سيُحاسبون. كما اتهمت الجيش بارتكاب انتهاكات، وهو ما ينفيه الجيش أيضا.

وتسببت الحرب بمقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح وتهجير الملايين داخل البلاد وخارجها، وخسائر مادية واقتصادية فادحة بمختلف القطاعات.