البنك المركزي السوداني سيحدد الأسعار المرجعية لصرف العملات الأجنبية
الجنيه السوداني فقد كثيرا من قيمته بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 - تعبيرية

أعلن محافظ بنك السودان المركزي، برعي الصديق، الأربعاء، قرارا يقضي بوضع حد للسحب اليومي من أموال العملاء بالبنوك، ورفع سقف التحويلات عبر التطبيقات المصرفية. 

وقال برعي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن "البنك رفع سقف التحويلات عبر التطبيقات البنكية إلى 15 مليون جنيه يوميا (حوالي 25 ألف دولار بالسعر الرسمي)، بدلا عن 6 ملايين جنيه".

وأشار إلى أن البنك حدد سقف السحب اليومي عبر نوافذ البنوك بـ300 مليون جنيه يوميا، كما حدد السحب اليومي عبر الصرافات الآلية بـ50 ألف جنيه يوميا".

ويساوي الدولار 600 جنيه بالسعر الرسمي الذي تحدده السلطات السودانية، بينما يبلغ سعره في السوق الموازية نحو 1800 جنيه.

ولفت إلى أن "القرار يهدف لوقف التدهور المستمر لقيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى"، مشيرا إلى أن أسباب تدهور العملة المحلية متعددة، يأتي على رأسها "توسع البنك المركزي في تقديم الاستدانة لوزارة المالية".

وأضاف أن "وزارة المالية فقدت معظم مصادر إيراداتها، وبالتالي تحمل البنك المركزي وحده مسؤولية الصرف نيابة عنها".

وكشف محافظ بنك السودان المركزي عن إغلاق حسابات في عدد من البنوك "يُعتقد أنها تضارب في العملة بالسوق الموازية".

وكان وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، أعلن في فبراير، انخفاض إيرادات البلاد بأكثر من 80 في المئة، بسبب تطورات الحرب التي تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي.

وأفاد تقرير لهيئة الموانئ السودانية بتراجع حجم الصادرات والواردات في العام 2023 بنسبة 23 بالمئة، مقارنة بالعام السابق له.

وكشف تقرير سابق لبنك السودان المركزي عن توقف 70% من فروع المصارف في مناطق المعارك، مشيرا إلى تعرُّض ممتلكات وأصول عدد من البنوك للنهب والسرقة. 

ويخضع المقر الرئيسي لبنك السودان المركزي في الخرطوم لسيطرة قوات الدعم السريع، بينما توقفت معظم البنوك عن العمل في الخرطوم، وركزت على أنشطتها المصرفية بفروعها في الولايات. 

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".