السودان يستحوذ على حوالى 70 في المئة من تجار الصمغ العالمية
السودان يستحوذ على حوالى 70 في المئة من تجار الصمغ العالمية

قال تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن الأطراف المتحاربة في السودان تستغل التجارة في الصمغ العربي، الذي يدخل في صناعة الشوكولاتة والصودا والعلكة والحلويات وسلع استهلاكية أخرى، لتمويل آلة الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من عام.

واندلعت المعارك في السودان في أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو وخلفت الآف القتلى، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة. 

والسودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، ويستحوذ على حوالى 70 في المئة من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية.

تنقل الصحيفة عن تاجر الصمغ في مدينة الأبيض محمد جابر القول إنه في إحدى المرات دفع  حوالي 330 دولارا لمقاتلي قوات الدعم السريع من أجل السماح له بالمرور، مضيفا "على الجميع أن يدفعوا."

وتفرض قوات الدعم السريع حصارا على مدينة الأبيض منذ يونيو الماضي وتسيطر على ثلاثة من أصل أربعة طرق رئيسية تؤدي إلى المدينة، التي تعد واحدة من المراكز الزراعية الرئيسية في السودان ويسيطر عليها الجيش السوداني.

وبالإضافة إلى المدفوعات عند نقاط التفتيش الرئيسية لقوات الدعم السريع، يقول جابر إن تجار الصمغ العربي يدفعون أيضا ما بين 60 إلى 100 دولار لمقاتلي قوات الدعم السريع الذين يرافقون قوافل التجار في شاحنات صغيرة. 

ويشير إلى أن التجار الذين يرفضون الدفع يخاطرون بخسارة بضائعهم ومركباتهم لصالح الميليشيات.

ويُستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة الأكاسيا، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة يُستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة مرورا بالمستحضرات الصيدلانية.

ويمتد حزام الصمغ العربي في السودان على مساحة تبلغ حوالى 500 ألف كيلومتر مربع من إقليم دارفور في غرب البلاد على الحدود مع تشاد، إلى ولاية القضارف في شرقها قرب الحدود مع إثيوبيا.

الصمغ العربي يأتي من أشجار الأكاسيا "أرشيف"
مكون رئيسي لصناعة الكوكاكولا.. صراع السودان يهدد توافر منتج استراتيجي
دفع الصراع في السودان الشركات الدولية المصنعة للسلع الاستهلاكية إلى الدخول في سباق لتعزيز إمدادات الصمغ العربي، أحد أكثر المنتجات المرغوبة في البلاد ويعد مكونا رئيسيا لكل شيء بدءا من المشروبات الغازية إلى الحلوى ومستحضرات التجميل.

ويؤكد تجار سودانيون أن الصمغ أصبح مصدرا رئيسيا لتمويل طرفي الحرب في البلاد.

فبالإضافة لقيام قوات الدعم السريع بجمع الأموال من خلال سيطرتها على معظم الطرق الزراعية الرئيسية، يفرض الجيش السوداني الضرائب والرسوم الجمركية الأخرى على تجارة الصمغ العربي.

يقول الأكاديمي السوداني الذي أجرى أبحاثا في صناعة الصمغ العربي ربيع عبد العاطي إن "عائدات صادرات الصمغ العربي تمول النزاع بشكل مباشر".

وعلى الرغم من هذه المخاوف، لم يتخذ سوى عدد قليل من الشركات العالمية خطوات للتأكد من تجنب استيراد الصمغ العربي السوداني، استنادا إلى مقابلات أجرتها الصحيفة مع مصنعين وموردين ومستخدمين نهائيين.

يقول أسامة إدريس، المدير العام لشركة "مروج"، وهي شركة مستوردة ومصنعة للعلكة الخام ومقرها المملكة المتحدة إن شركته لا تريد أن ترى العلكة تشح في الأسواق.

ويضيف إدريس إن أيا من عملائه، بما في ذلك شركات الحلويات والمشروبات والنكهات، لم يعرب عن مخاوفه بشأن الحصول على الصمغ العربي من السودان.

بدورها قالت شركة "نستله"، التي تضيف الصمغ العربي إلى الشوكولاتة والحلوى الصمغية، إنه وفقا لمورديها، فإن الكميات الصغيرة التي تستخدمها تأتي في المقام الأول من تشاد والنيجر ومالي.

وذكر متحدث باسم شركة "هيرشي" لصناعة الشوكلاتة إن الشركة تتوقع من جميع مورديها الالتزام بجميع القوانين في البلدان التي يعملون فيها. 

وقالت متحدثة باسم شركة "فيريرو" إن شركة صناعة الشوكولاتة لديها إجراءات صارمة للتدقيق يجب على جميع مورديها الالتزام بها، بما في ذلك التقييمات وعمليات التحقق الميدانية.

وقالت بعض الشركات إن وقف شراء الصمغ العربي السوداني سيضر بمئات الآلاف من السودانيين الذين يعتمدون على هذه الزراعة في معيشتهم، في وقت تحذر فيه وكالات الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة. 

ومن بين هذه الشركات "نيكسيرا" الفرنسية، التي تقول إنها تمتلك حصة 40 في المئة من سوق الصمغ العربي العالمي، حيث أوقفت عملياتها في السودان لمدة ثلاثة أشهر العام الماضي، لكنها استأنفت عملياتها بعد ذلك.

وقالت متحدثة باسم الشركة إنه "على الرغم من عدم اليقين بشأن عمليات النقل والحوادث المحتملة التي تؤثر على الناتج، فقد قررنا مواصلة الشراء.. هذا جزء من التزامنا تجاه المجتمعات المحلية التي عملنا معها لعدة عقود".

وأضافت أن "بعض جهات الاتصال أبلغتنا مؤخرا عن حصول ابتزاز محتمل على الطرق في السودان"، مشيرة إلى أنها طلبت من شركائها في البلاد تجنب الطرق التي لا يمكن ضمان حرية الحركة فيها.

ثلثا النازحين في شرق السودان لا يمكنهم الحصول على غذاء كاف
ثلثا النازحين في شرق السودان لا يمكنهم الحصول على غذاء كاف

حذر المجلس النرويجي للاجئين الجمعة من أن أكثر من ثلثي الأسر النازحة في شرق السودان لا تستطيع توفير ما يكفي من الغذاء، داعيا إلى تحرك دولي لمساعدة هذه المجتمعات التي تقف "على شفا الانهيار".

وقال المجلس في تقرير يستند إلى دراسات استقصائية أجريت على أكثر من 8600 أسرة في ست ولايات بشرق السودان إن 70 في المئة من الأسر النازحة و56 في المئة من الأسر المضيفة في شرق السودان "غير قادرين على توفير ما يكفي من الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار وفقدان الدخل"، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

السودان يشهد حربا منذ أبريل 2023

وأوضح التقرير أن الغالبية الساحقة من الأسر المضيفة 95 في المئة وغالبية كبيرة من النازحين 76 في المئة أفادوا أيضا خلال هذه الدراسات الاستقصائية بأنهم لم يتلقوا أي مساعدة غذائية خلال الأشهر الستة الماضية.

وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين في السودان، ويل كارتر في بيان إن "مدن شرق السودان وقراه كانت هشة أساسا" قبل أن يتدفق عليها النازحون.

وأضاف أن النازحين والمجتمعات المضيفة لهم أصبحوا الآن "على شفا الانهيار"، كما أن حجم الاحتياجات "يتجاوز ما يمكن للاستجابة الإنسانية الحالية التعامل معه إذا لم تحصل على دعم عاجل".

وحذر المجلس النرويجي للاجئين من أن التحرك الدولي ضروري "لتكثيف المساعدة الإنسانية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الحيوية والاستثمار في سبل العيش لتجنب مزيد من زعزعة الاستقرار".

يواجه ما يقرب من ثلثي النازحين نقصا خطرا في الرعاية الصحية. أرشيفية

وقال كارتر "يجب على العالم أن يقف إلى جانب جميع المتضررين من هذه الحرب الرهيبة".

ومنذ أبريل 2023، تشهد السودان حربا بين جنرالين: قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

مشروع أميركي لفرض عقوبات على المتحاربين في السودان
حلقة هذا الأسبوع من بين نيلين ناقشت مشروع قانون في مجلس النواب الأميركي يفرض عقوبات على القادة المتحاربين في السودان ومنع بيع الأسلحة الأميركية للدول التي تغذي الصراع. كما تطرقت لزيارة المبعوث الأميركي الخاص توم بيرييلو للإقليم من أجل التوصل إلى حل يوقف الصراع. كما ناقشت تطورات الوضع الميداني والتقدم العسكري الذي يوصف بالأكبر منذ بدء الحرب، للجيش السوداني في عدة مناطق، لاسيما وسط البلاد في وقت تعتبر فيه الأزمة الإنسانية السودانية هي الأسوأ عالميا.

وتواصل الأمم المتحدة التحذير من خطورة الوضع الإنساني الناجم عن هذه الحرب التي خلفت عشرات آلاف القتلى في صفوف المدنيين وشردت أكثر من 11 مليون شخص وأغرقت البلد الواقع في شرق أفريقيا في أسوأ أزمة إنسانية في السنوات الأخيرة.

حوالي نصف السكان يواجهون خطر حدوث مجاعة جماعية

ويواجه ما يقرب من 26 مليون شخص، أي حوالي نصف السكان، خطر حدوث مجاعة جماعية وسط تبادل طرفي الحرب الاتهامات باستخدام الجوع سلاح حرب ومنع وصول المساعدات الإنسانية أو نهبها.

ووفقا لتقرير المجلس النرويجي فإن الخدمات الصحية مثقلة أيضا بالأعباء، إذ يواجه ما يقرب من ثلثي النازحين وأكثر من 40 في المئة من الأسر المضيفة لهم نقصا خطرا في الرعاية الصحية.