في صورة أخرى لمعاناة المتضررين من الحرب السودانية، يواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني، بينهم أكثر من ألفي طفل، واقعا مريرا في غابات "أولالا" الإثيوبية، وفق تنسيقية اللاجئين السودانيين.
وهرب نحو 21 ألف سوداني إلى إثيوبيا، بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، إذ جرى استقبالهم في معسكر "ترانزيت" بواسطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بحسب التنسيقية.
ومع تصاعد أعداد اللاجئين من السودان، ومن جنسيات أخرى، افتتحت المفوضية السامية معسكري "أولالا" و"كومر" لاستقبال اللاجئين السودانيين.
ويقع المعسكران في إقليم أمهرة، الذي يشهد مواجهات بين الجيش الإثيوبي وبين ميليشيا "فانو".
وكانت ميليشيا "فانو"، تقاتل إلى جانب الجيش الإثيوبي خلال حربه ضد مسلحي إقليم تغراي، قبل أن تتوقف الحرب بموجب اتفاق بين الطرفين في جنوب أفريقيا في نوفمبر 2022.
كما أن المنطقة المحيطة بالمعسكرين تشهد مواجهات بين الشرطة الإثيوبية وبين عصابات "الشفتة"، وهي مجموعات تُتهم بممارسة السلب والنهب، وفق التنسيقية.
معاناة مستمرة للاجئين السودانيين في إقليم #امهرا منطقة #اولالا بدولة #إثيوبيا والتعرض لهجمات من مليشيات مسلحة.#لا_للحرب#لازم_تقيف pic.twitter.com/FNXyUYE6tL
— حزب المؤتمر السوداني (@SCPSudan) June 17, 2024
ويشير الناشط المجتمعي الإثيوبي، مصطفى حبشي، إلى أن "اللاجئين السودانيين يواجهون أوضاعا إنسانية صعبة، بما في ذلك الحصول على الغذاء والمياه والعلاج".
وقال حبشي لموقع الحرة، إن "أوضاع اللاجئين السودانيين مرشحة لمزيد من التعقيد، حال لم يتم التدخل بشكل عاجل لتقديم الإغاثة والإعانات إليهم".
وتُقدّر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أعداد السودانيين الذي جرى استقبالهم في معسكري "أولالا" و"كومر" بنحو ألف لاجئ، بينما تقول تنسيقية اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرة، إن العدد أكثر من 6 آلاف لاجئ، بينهم أكثر من ألفي طفل.
وبحسب صفحة التنسيقية على موقع فيسبوك، فإن اللاجئين السودانيين تعرضوا لعمليات سلب ونهب داخل المعسكرين، مشيرة إلى أن "الاشتباكات التي تجري بالقرب من المعسكرين أدت إلى مقتل اثنين من اللاجئين وإصابة 5 آخرين".
وأكدت التنسيقية تعرُّض ما لا يقل عن 35 شخصاً للسلب والنهب والتهديد، بجانب تعرُّض 16 شخصا آخرين لاعتداءات وتعذيب جسدي أثناء محاولتهم جلب الحطب لاستخدامه في الطبخ.
وأشارت إلى أن اللاجئين غادروا المعسكرين في مطلع مايو الماضي، بعدما تفاقمت أوضاعهم، بحثا عن مكان آمن، "لكن جرى منعهم، وتم احتجازهم في غابات أولالا".
وأشار المحلل السياسي الإثيوبي، أنور إبراهيم، إلى أن "عدم توفر الغذاء والخدمات الضرورية، وعدم توفر الخيام، خاصة مع تصاعد معدلات هطول الأمطار، دفعت اللاجئين السودانيين لمغادرة المعسكرين".
وقال إبراهيم لموقع الحرة، إن "اللاجئين حاولوا المغادرة إلى داخل بعض المدن الإثيوبية، ولكن القوات الأمنية منعتهم، لأن أعدادهم كبيرة، وطالبتهم بالعودة إلى المعسكر، وتعهدت بالعمل مع مفوضية شؤون اللاجئين على تحسين أوضاعهم، وتوفير الخدمات لهم".
وأظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، جانبا من معاناة اللاجئين السودانيين في الغابة. بينما اشتكى أطفال ونساء في مقاطع فيديو أخرى من ندرة الغذاء والماء وانعدام الأمان.
اليوم الرابع والأربعين في الغابة
— ذوالكــفـل ® (@HkZuk) June 13, 2024
اللاجئين السودانيين في غابات أولالا بدولة اثيوبيا
🚨 أنقذوا السودانيين العالقين في أثيوبيا 🚨
🚨 أنقذوا السودانيين العالقين في أثيوبيا 🚨
🚨 أنقذوا السودانيين العالقين في أثيوبيا 🚨#السودانيين_العالقين_بإثيوبيا pic.twitter.com/fT2kWDa9yH
وقال "عثمان"، وهو لاجئ سوداني، تمكن من "التسلل" من معسكر كومر إلى داخل العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إن "الأخبار التي ترد حاليا عن أوضاع اللاجئين في غابة أولالا مقلقة".
وأشار عثمان، "اسم مستعار"، إلى أن "الوضع كان سيئا عندما كان بالمعسكر، وأنه أصبح أسوأ الآن، إذ يواجه اللاجئون مخاطر حقيقة، بما في ذلك غياب الأمن والرعاية الصحية".
ولفت إلى أن "أكبر المخاطر على اللاجئين، تتمثل في عمليات السلب والنهب التي تطالهم من الميليشيات والعصابات، إذ تعرض بعضهم لاعتداءات عنيفة بعد سلب ونهب ممتلكاتهم".
ويرفض اللاجئون العودة إلى معسكري "أولالا" و"كومر" من غابة "أولالا"، ويتمسكون بإجلائهم إلى مناطق آمنة، أو إلى دولة أخرى.
ودخل اللاجئون في 23 مايو الماضي، في إضراب عن الطعام للضغط على المنظمات الأممية والدولية لإجلائهم وتوفير الأمان لهم، كما نفذوا وقفة احتجاجية داخل الغابة، في نهاية مايو، للضغط من أجل مطالبهم، وفق التنسيقية.
وأكد إبراهيم وجود مخاطر على اللاجئين السودانيين، لكونهم يقبعون في منطقة تشهد اشتباكات بين الجيش الإثيوبي وبين ميليشا "فانو"، مشيرا إلى "مقتل لاجئة سودانية وإصابة 5 لاجئين آخرين، الأحد، في أحدث اشتباكات بالمنطقة".
قد يبدوا ليك انها صور ناس بتعايد بعض بفرحة العيد لكن للاسف نحن كعادتنا لازم يكون عيدنا مفجع في يوم العيد وبطلق ناري فقدنا أم لينا من #السودانيين_العالقين_بإثيوبيا وعدد من الاصابات وأهلنا رغم انه العيد مر عليهم في ايام عصيبة الا انه في عديمي رحمة وانسانية ارادوا انه يجعلوا عيدهم… https://t.co/MbbidxD7dm pic.twitter.com/mHjwLOEvTD
— The last kushite (@JabooMujtaba) June 16, 2024
وأشار المحلل السياسي الإثيوبي إلى أن السفارة السودانية في أديس أبابا، شرعت في التواصل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومع السلطات الإثيوبية لإعانة اللاجئين السودانيين، بعدما تزايدت معاناتهم".
وأضاف "للأسف، لم يحدث أي تغيير بالنسبة للاجئين حتى الآن، ولم تطرح أي حلول عاجلة لقضيتهم وفق معلومات توفرت لي، بعد اتصالات مع مجموعة من اللاجئين السودانيين".
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، الاثنين الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.
وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.
وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخلياً، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.