تمددت رقعة المواجهات بين قوات الدعم السريع وبين الجيش السوداني وحلفائه من حركات دارفور المسلحة، إلى مناطق جديدة في ولاية شمال دارفور، بعد أن كان القتال محصورا في مدينة الفاشر، عاصمة الولاية.
وبعد اندلاع الصراع بينها والجيش في 15 أبريل 2023، تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على 4 من أصل 5 ولايات في دارفور، إذ سيطرت أولا على ولاية جنوب دارفور، وتبع ذلك سيطرتها على ولاية غرب دارفور، ثم ولاية وسط دارفور، وولاية شرق دارفور.
وتعيش ولاية شمال دارفور وضعا استثنائيا، خاصة عاصمتها الفاشر، إذ توجد قوات الدعم السريع، في أحياء شرقي المدينة، بينما توجد الحركات المسلحة والجيش في الأجزاء الأخرى.
وتضم المدينة أكثر من مليون شخص نزحوا إليها خلال الصراع الحالي والحروب الماضية التي أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل، وقادت لنزوح ولجوء أكثر من مليوني شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وذكرت منصات إعلامية تابعة لقوات الدعم السريع، أن قوة من الجيش وحركات دارفور حاولت الهجوم على مواقع الدعم السريع في منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، الاثنين، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع تصدت للهجوم، وكبدت القوة المهاجمة خسائر في العتاد والمقاتلين.
وتقع منطقة الزرق بالقرب من الحدود بين السودان وليبيا وتشاد، وتعد أحد المعاقل الرئيسية لقوات الدعم السريع، إذ تضم إحدى أبرز قواعدها العسكرية.
ولأكثر من مرة، استهدف سلاح الطيران التابع للجيش منطقة الزرق بالقصف الجوي، وفق ما تقول قوات الدعم السريع، التي تتهم الطيران بقصف المدنيين، بينما يرد الجيش بأن طيرانه يستهدف تجمعات الدعم السريع.
وفي المقابل، قال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إن "القوات المشتركة المكونة من حركات دارفور، لقنت قوات الدعم السريع درسا في مناطق آوري وبيري وأمبار في شمال دارفور".
وأضاف مناوي في تغريدة على موقع (إكس)، أن "جهلاء قوات الدعم السريع يفرضون علينا حربا، أصحبت واجبا"، مشيرا إلى أن "الدعم السريع نفذت حملة تصفيات علي أساس إثني في نيالا بجنوب دارفور".
وتابع قائلا "الدعم السريع والدول والتنظيمات الراعية لها، لم تترك حتي الآن مسعاها لاستلام دارفور، وجعلها إمارة لصالح من أبادوا أهلها".
وبدورها، دعت منظمة شباب دارفور، في بيان، الثلاثاء، المجتمع الدولي لإدانة "الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في عدد من المدن التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، عقب مقتل قائدها في الفاشر علي يعقوب جبريل".
وأعلن الجيش، الجمعة، أنه قتل جبريل قائد قوات الدعم السريع بشمال دارفور، خلال اشتباكات في الفاشر.
وكان جبريل خاضعا لعقوبات أميركية، وجمدت وزارة الخزانة أي أصول له في الولايات المتحدة وجرمت المعاملات معه، وذلك على خلفية اتهامه بالضلوع في انتهاكات ضد المدنيين بدارفور.
ونشر مناوي مقطع فيديو على صفحته بموقع (إكس)، قائلا إن المقطع يؤكد تنفيذ قوات الدعم السريع لحملة تصفيات على أساس عرقي وإثني في مدينة نيالا بجنوب دارفور".
ويظهر في مقطع الفيديو شخص يرتدي زيا عسكريا، يطلق النيران على شخصين بأزياء مدنية داخل أحد المباني، ومتوعدا خلال حديثه أنصار حركات دارفور وأنصار نظام الرئيس السابق عمر البشير، بذات المصير.
واتهم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قوات الدعم السريع بتنفيذ "حملة تصفيات عرقية"، انتقاما لمقتل قائدها في شمال دارفور.
من جانبه، نفى مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، تلك الاتهامات، معتبرا أن الدعم السريع "قوة وطنية تلتزم بقواعد الاشتباك، ولن تتورط في الانتهاكات، على عكس الجيش الذي ظل يقصف المدنيين بالطيران".
وقال طبيق لموقع الحرة، إن "مناوي والجيش يسعون لتغطية الهزائم التي تتلقاها قواتهم في جبهات القتال، من خلال اتهام الدعم السريع بمزاعم لا سند لها على أرض الواقع".
وأضاف "هذه التصريحات آخر حلقة في المخطط الذين يجهزونه لإشعال الحرب الأهلية في دارفور، بعد أن فقدوا زمام السيطرة الميدانية، وبعد أن تلقت قواتهم مزيدا من الهزائم في دارفور وغيرها".
وتابع قائلا "قوات دارفور التي تمارس الارتزاق هي من تقوم بتصفية المدنيين على أساس عرقي، إذ قامت قوة من تلك الحركات، وخاصة حركة مناوي، قبل أيام، بتصفية 12 شخصا في الفاشر، بسبب انتمائهم الإثني".
وأشار إلى أن "قوات الدعم السريع صدّت مجموعة من الهجمات التي نفذها الجيش وحركات دارفور على مواقعها، وحققت تقدما في عدد من المحاور، في شمال دارفور".
ودعت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الثلاثاء، قوات الدعم السريع لوقف هجماتها في السودان على الفور، وطالبت أطراف الصراع بالعودة إلى مفاوضات وقف النار.
وأكدت غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن، أنه لا حل عسكريا للوضع في السودان، ودعت لوضعه على رأس جدول أعمال المجلس.
وأضافت قائلة "المجاعة حلت في السودان فعلا، وتابعنا تقارير تشير إلى أن بعض السودانيين اضطروا إلى أكل أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة".
ويأتي تصاعد القتال في ولاية شمال دارفور، رغم بروز قلق دولي وتحذيرات أممية عن مخاطر إنسانية قد تترتب على استمرار الصراع هناك.
وفي أبريل الماضي، دعت وزارة الخارجية الأميركية، على لسان المتحدث باسمها ماثيو ميلر، جميع القوات المسلحة في السودان إلى "الوقف الفوري لهجماتها على الفاشر في شمال دارفور".
وجاء في البيان: "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء التقارير الموثوقة التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها قامت بتدمير قرى متعددة غرب الفاشر".
كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق هذا الشهر، من عمليات القتال في الفاشر.
وطالب مجلس الأمن الدولي، الخميس، بإنهاء "حصار" الفاشر من جانب قوات الدعم السريع، منوها إلى أن القتال يعرض مئات آلاف المدنيين للخطر.
وطالب القرار، الذي أعدته المملكة المتحدة، وحظي بتأييد 14 عضوا في المجلس مع امتناع روسيا عن التصويت، "بأن تنهي قوات الدعم السريع حصار الفاشر، ودعا إلى الوقف الفوري للمعارك ونزع فتيل التصعيد داخل الفاشر وحولها".