مختصون يحذرون من انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة - تعبيرية
مختصون يحذرون من انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة - تعبيرية

في مشهد وصفه حقوقيون بالصادم، تداول ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر مجموعة من المسلحين بأزياء عسكرية، يقومون بتصفية أشخاص يرتدون أزياءً مدنية.

وفجّرت الحادثة موجة من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية والعسكرية السودانية، بينما ندد قانونيون بالواقعة، محذرين من "انحدار السودان إلى مزيد من عمليات القتل والتصفية على أساس عرقي".

وقالت قوات الدعم السريع، في بيان، إن "عناصر مسلحة تنتمي لمليشيا البرهان المُسماة زوراً بالقوات المسلحة، وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية، نفذت مجزرة إعدام بشعة بحق شباب عُزّل في أم درمان، بدواعي انتمائهم لمكونات جهوية وإثنية بعينها".

وأضاف البيان "جرى تنفيذ الجريمة النكراء، بإطلاق وابل من الأعيرة النارية، وسط عبارات التهليل والصياح الهستيري للقتلة، الذين وجهوا إساءات بذيئة وعنصرية للضحايا، في مشهد يجافي حقوق الأسرى المدنيين".

وتابع البيان أن "جرائم التصفية على أساس الانتماء العرقي والمناطقي لمكونات اجتماعية بعينها، يمثل تعدياً خطيراً يستوجب المساءلة، وفقاً للقوانين والأعراف الدولية".

وجاءت الحادثة بعد أيام من مقطع فيديو آخر تداوله ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر عناصر ترتدي أزياء الدعم السريع تقوم بتصفية أشخاص يرتدون أزياء مدنية.

وبدوره، نفى الجيش أي علاقة له بالحادثة الأولى، واتهم قوات الدعم السريع بإختلاق وفبركة مقطع الفيديو.

وقال الناطق باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، في بيان الأحد، إنه "ظهر بمواقع التواصل الاجتماعي فيديو مفبرك من قبل ميليشيا آل دقلو الإرهابية وأعوانها، يظهر من خلاله جنود مزعومون يقومون بقتل أسرى بعد معاملتهم بشكل لا يتسق وقوانين وأعراف الحرب".

وأضاف البيان "هذه الممارسات لا يمكن أن تصدر من أفراد القوات المسلحة التي تلتزم بالقانون الدولي الإنساني، على النقيض لما تقوم به ميليشيا آل دقلو الإرهابية، التي يشهد العالم يوميا، انتهاكاتها الممنهجة، وغير المسبوقة في تاريخ الحروب".

واتهم البيان قوات الدعم السريع بتصفية عدد من عناصر الجيش الذين وقعوا بالأسر في مدينة الفولة بغرب كردفان.

وتابع قائلا إن "عملية تصفية أسرى مدينة الفولة السبت، وتدمير محطة بحري الحرارية لتوليد الكهرباء الأحد، نموذج لنهج ميليشا آل دقلو الإرهابية في حق البلاد ومواطنيها".

وسيطرت قوات الدعم السريع، السبت، على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، القريبة من دارفور، بينما تدور معارك بينها وبين الجيش في محيط حامية بابنوسة الرئيسية بالولاية.

وخلال الشهور الماضية، تداول ناشطون مقاطع فيديو تظهر تعرُّض مدنيين ومسلحين لعمليات ذبح وقطع للرؤوس، أثناء أو بعد المواجهات التي تحدث بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينما أكدت مراصد حقوقية "تزايد عمليات تصفية الأسرى وتقطيع جثثهم إلى أجزاء".

وذكرت عضو لجنة محامي الطوارئ، رحاب مبارك، أن "قوة من الدعم السريع نفذت جريمة إعدام جماعي لمجموعة من أسرى الجيش، في أحد جبال مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان".

وقالت مبارك على صفحتها في موقع فيسبوك، السبت، إن "أحد عناصر الدعم السريع، تحدث في مقطع فيديو في غاية البشاعة، قائلا إنه انتقم لأبناء الدعم السريع الذين تمت تصفيتهم، وإن التصفية ستكون مصير كل أسير يقع في قبضة الدعم السريع".

وأشارت عضو لجنة محامي الطوارئ إلى أن "هذه الجرائم الشنيعة تخالف المواد 2 و3 من معاهدة جنيف الخاصة بمعاملة الأسرى، المتعلقة بحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية والقتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية وتعذيب الأسير".

وأضافت أن "هذه الحرب، حال استمرت بهذه الوتيرة المخيفة من التصفيات العرقية والقبلية، فإن السودان سيكون إلى زوال".

وثّقت منظمة العفو الدولية حالات اعتقال 27 لاجئا سودانيا، بين أكتوبر 2023 ومارس 2024.
ترحيل لاجئين سودانيين "بشكل غير قانوني" من مصر.. ماذا يقول القانون الدولي؟
قالت منظمة العفو الدولية في تقرير، الأربعاء، إن مصر اعتقلت بشكل جماعي آلاف اللاجئين الفارين من الحرب في السودان ورحَلتهم بشكل غير قانوني.

وأثار هذا التقرير تساؤلات بشأن مدى قانونية اعتقال وترحيل مصر اللاجئين الفارين من الحرب، وكيفية تنظيم القانون الدولي لأوضاع اللاجئين في الدول المستقبلة لهم.

وبحسب مراصد حقوقية، فإن "عمليات التمثيل بجثث قتلى المعارك الحالية، بدأت مع حادثة مقتل والي ولاية غرب دارفور، خميس أبكر، في يونيو الماضي بمدينة الجنينة".

وأظهر مقطع فيديو جثة الوالي القتيل يجرها بعض الأهالي على الأرض وهي موثقة بالحبال، بينما يقذفها آخرون بالحجارة، في حضور مئات من المواطنين بينهم نساء وأطفال.

وفي حين نفى الناطق باسم قوات الدعم السريع، الاتهام بتورط قواتهم في مقتل أبكر والتمثيل بجثته، يصر الجيش على أن "قوات الدعم السريع ضالعة في الحادثة، لأن الوالي كان يقود عمليات الدفاع عن الولاية بمواجهة هجمات الدعم السريع".

وفي منتصف يونيو الحالي، أعلن الجيش مقتل قائد قوات الدعم السريع في ولاية شمال دارفور، على يعقوب جبريل، بعد معارك في مدينة الفاشر عاصمة الولاية. بينما أظهرت مقاطع فيديو مجموعة من الأشخاص وهم يجرون جثة جبريل على الأرض.

وكان ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي تداولوا في فبراير الماضي، مقطع فيديو يُظهر عناصر يرتدون أزياء الجيش، وهم يقطعون رؤوس بعض الشباب، قائلين إن "القتلى من مسلحي الدعم السريع".

وعقب تداول مقطع الفيديو، أعلن الناطق باسم الجيش عن لجنة للتحقيق بشأن الحادثة، متوعدا بمحاسبة المتورطين فيها حال ثبوت انتمائهم إلى الجيش، مؤكدا التقيد بـ"قوانين وأعراف الحرب وقواعد السلوك أثناء العمليات الحربية". لكن الجيش لم يعلن عن نتائج التحقيق حتى الآن.

ويرى أستاذ علم الاجتماع بالجامعات السودانية، الطاهر إبراهيم، أن "الحرب في السودان تحوّلت إلى حرب أهلية بامتياز، ولم تعد صراعا على السلطة أو النفوذ".

وقال إبراهيم لموقع الحرة، إن "نشر المشاعر العدائية وصعود خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي، ساهم في تأجيج النعرات القبلية والعنصرية، مما حوّل الحرب إلى حرب أهلية".

وأشار إلى أن "الانتهاكات التي نفذتها قوات الدعم السريع تجاه المدنيين في عدد من المناطق، مُضافا إليها قيام عناصر من الجيش بتصفية مدنيين، وقطع رؤوس آخرين، لمجرد انتمائهم إلى القبائل العربية في دارفور، عجّل أيضا بتحويل القتال إلى مواجهات ذات طابع أهلي".

وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أن "الحل السلمي التفاوضي لأزمة السودان، يكاد يتلاشى في ظل صعود النبرة القبلية والإثنية، وارتفاع خطاب الكراهية، وفي ظل المنزلق الخطير الذي وصلت إليه البلاد".

ولفت إلى أن "السودان بحاجة ماسة إلى مصالحة وطنية، تعيد رتق النسيج المجتمعي الذي تهتك بفعل الحرب، وبفعل الخطاب العنصري والجهوي الذي استشرى بصورة غير مسبوقة في البلاد".

وشدد على أن "أي اتفاق سياسي لا يضمن معالجة جذور الأزمة من منظور اجتماعي، فإنه سيكون اتفاقا هشا، لن يصمد كثيرا، وسينهار سريعا، لأن حالة الغبن والغليان الاجتماعي وصلت مرحلة غاية في السوء". 

وأسفرت الحرب، التي اندلعت في 15 أبريل من العام الماضي عن مقتل عشرات الآلاف، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة، فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.

كما سجل السودان أكثر من 10 ملايين نازح داخل البلاد، بينهم أكثر من 7 ملايين شخص نزحوا بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع العام الماضي.

ودفعت الحرب حوالي مليونين ونصف مليون شخص إلى الفرار إلى الدول المجاورة. كما دمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلد الذي بات سكانه مهددين بالمجاعة.

بيان قوات الدعم السريع تضمن انتقادات شديدة لمصر
بيان قوات الدعم السريع تضمن انتقادات شديدة لمصر

سلطت تصريحات لقوات الدعم السريع السودانية عن مصر الضوء مجددا على الدور المصري في السودان، حيث يدور صراع بين جنرالين متحاربين منذ عام ونصف، أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين.

ووجهت قوات الدعم السريع في السودان تحذيرا شديد اللهجة إلى القاهرة، وكشفت لأول مرة عن وجود "أسرى مصريين" لديها حاليا، قالت إنهم شاركوا إلى جانب الجيش السوداني في الحرب الحالية.

وقال البيان إن "مصر الرسمية، لم تعدّل موقفها المنحاز إلى المؤسسات والأنظمة العسكرية عموماً، وأوقعها التناقض في احتضان الجيش السوداني المختطف كلياً لجماعة "الإخوان المسلمين" في السودان".

وجاء في البيان: "لم تتوقف الحكومة المصرية أبدا عن تقديم الدعم العسكري للجيش من سلاح وذخائر وقنابل الطائرات والتدريب إلى جانب الدعم الفني والسياسي والدبلوماسي والإعلامي".

 ولدى مصر والسودان علاقات تاريخية امتدت عبر فترات مختلفة. 

وقبيل اندلاع الحرب بين قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أجرى البلدان تديبات مشتركة ونسقا مواقفها إزاء ملف سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا، المجاورة، على نهر النيل.

وفي نوفمبر 2020، أكد مصدر عسكري سوداني إجراء كل من مصر والسودان مناورات عسكرية جوية تحت اسم "أسود النيل 1". وقال المصدر لموقع الحرة، آنذاك، إن قاعدة الفريق عوض خلف الله الجوية القريبة من قاعدة مروي الجوية، ستشهد المناورات الجوية المشتركة.

وكان لدى الجيش المصري قوات في قاعدة مروي الشمالية، لدى اندلاع الحرب بين حميدتي والبرهان.

وفي مارس 2021، أعلن الجيش المصري أن قوات سودانية ومصرية نفذت سلسلة من التدريبات العسكرية، وذلك في إطار المناورات لمشتركة "نسور النيل- 2"، في وقت شهدت العلاقات بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم توترا على خلفية قضية سد النهضة.

وفي أبريل 2023، ظهرت بوادر الخلاف بين مصر وقوات الدعم السريع، عندما نشرت الأخيرة مقطع فيديو في 15 أبريل يظهر جنودا مصريين معتقلين لديها. وقالت إن "كتيبة من الجيش المصري سلمت نفسها" في مدينة مروي، وسط المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع هناك.

وفي البيان الأخير، قالت قوات الدعم السريع: "لم يكن خافيا أسر قواتنا ضباط وجنود مصريين في قاعدة مروي العسكرية، وسلمتهم لاحقاً للحكومة المصرية عبر الصليب الأحمر الدولي".

وأشار البيان إلى الدور المصري في "الانقلاب على الحكومة المدنية للفترة الانتقالية... وتجلى الموقف المصري الداعم للجيش السوداني عسكرياً في محطات معلومة وشواهد مادية... كانت مصر شريكا أساسياً للحركة الإسلامية و"الجيش المختطف" في إشعال الحرب، حيث جمعت طائراتها في مروي، وكانت ضمن الخطة العسكرية لإشعال الحرب".

واتهمت قوات حميدتي الطيران المصري بقصف معسكرات قوات الدعم السريع، ومنها "مجزرة معسكر كرري". وفي مقطع فيديو، نشر في التاسع من أكتوبر الجاري، اتهم "حميدتي"، في فيديو، الجيش المصري بقصف عناصر الدعم السريع في جبل موية بولاية سنار وسط السودان.

وقال حميدتي: "صمتنا كثيرا على مشاركة الطيران المصري في الحرب كي يتراجعوا، لكنهم تمادوا الآن".

وأشار إلى أنه خلال شهر أغسطس الماضي وصلت طائرات k-8 تابعة للجيش المصري القاعدة الجوية في بورتسودان، "وتشارك الآن في القتال، وآخرها في معركة جبل موية". واتهم الطيران المصري كذلك بـ"قتل مئات المدنيين الأبرياء في دارفور والخرطوم والجزيرة وسنار، ومليط، والكومة، ونيالا، والضعين".

ونفى الجيش السوداني، في سبتمبر الماضي، حصوله على طائرات من نوع K-8 من مصر، مؤكدا امتلاكه أسرابا من هذا الطراز من الطائرات منذ أكثر من 20 عاما.

وقال البيان الأخير لقوات الدعم: "تكشف موقف مصر بشكل أوضح في بيان وزارة خارجيتها الذي وصفت فيه قوات الدعم السريع بالمليشيا وهو دليل أخر يدعم موقفنا تجاه الحكومة المصرية التي لا تقف موقف الحياد حيث لم تستحي من إظهار نواياها الحقيقية تجاه قوات الدعم السريع".

وردا على هذا البيان، قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان إن الجيش المصري لا يشارك في المعارك الدائرة بالسودان، ودعت المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره حميدتي.

وأشارت الخارجية المصرية إلى أن هذه الاتهامات "تأتي في خضم تحركات مصرية حثيثة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية للمتضررين من الحرب الجارية بالسودان".

وأكد البيان أن "مصر حريصة على أمن واستقرار ووحدة السودان أرضا وشعبا، وتشدد على أنها لن تألو جهدا لتوفير كل سبل الدعم للسودان لمواجهة الأضرار الجسيمة الناتجة عن تلك الحرب".

أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية، قال لموقع قناة الحرة إن مصر لم تشارك في أي عمليات عسكرية، ولو كانت أرادت ذلك، لفعلته في اللحظة الأولى.

ويشير أبو الهول إلى أن حميدي أشاع أن قواته كانت في طريقها إلى مروي بزعم "وجود احتلال مصري" رغم أن القوات المصرية كانت متواجدة هناك في مهام تدريبية لمساعدة الجيش السوداني في استعادة أراضيه في الفشقة.

وقال أبو الهول: "لم يذكر حميدي الذي كان نائبا للبرهان وشاهدا على اتفاق تدريب القوات المصرية للقوات السودانية أنه سوف ينقلب على البرهان، وسوف يهاجم القوات السودانية في عدة أماكن، بل قال إنه سوف يهاجم القوات المصرية".

ومع ذلك، قال أبو الهول، إن مصر "التزمت الصمت والهدوء ولم تتدخل في هذه الأزمة".

وتقول رويترز إنه رغم قرب مصر من الجيش السوداني وقائده  البرهان، فقد انضمت البلاد إلى جهود الولايات المتحدة والسعودية للتوسط في الصراع.

وشاركت القاهرة في المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية، التي بدأت بعد وقت قصير من اندلاع الحرب، في أبريل 2023، بهدف سد الخلافات بين الطرفين وإنهاء القتال.

وأشار تقرير سابق لهيئة الاستعلامات المصرية (مؤسسة حكومية) إلى أنه في مايو 2023 أعربت مصر عن تطلعها لأن تسفر المحادثات الأولية بين ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة، عن وقف شامل ودائم لإطلاق النار، "يحفظ أرواح ومقدرات الشعب السوداني الشقيق، وييسر وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين".

ويقول طاهر المعتصم، المحلل السياسي السوداني، في تصريحات لموقع الحرة، إن التدخل المصري لحل الأزمة بدأ في  يوليو 2023 بدعوة رؤساء دول الجوار إلى عقد قمة، ثم في يوليو 2024 بدعوة القوى المدنية والسياسية السودانية لاجتماع في القاهرة من أجل الخروج باتفاق ينهي الحرب.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية إن أي حل سياسي "لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة، دون ضغوط خارجية"، مشدداً على أهمية " وحدة الجيش ودوره" في حماية البلاد.

وقالت صحيفة الأهرام حينها إنه "من خلال استضافة المؤتمر، تحاول مصر فتح حوار سياسي بين السودانيين مع التأكيد على أن أي حل يجب أن يكون من داخل السودان دون أي تدخل خارجي".

واستقبلت مصر عشرات آلاف السودانيين على أراضيها، وساعدت في إجلاء الآلاف.

وفي مارس 2024، استقبلت الخارجية المصرية ممثلي لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوي المعنية بالسودان بهدف تعزيز جهود التوصل لحل شامل ومستدام للأزمة في السودان.

واعتبر أبو الهول في تصريحاته لموقع الحرة اتهامات الدعم السريع بأنها تأتي في إطار مساعي حميدتي لتبرير "الإخفاقات" التي منيت بها قواته، بعد "استعادة الجيش السوداني عافيته وتوجيه ضرباته في عدة مناطق تواجد هذه القوات.

وقال أبو الهول: "مصر منذ البداية، اتخذت قرارا بعدم التدخل في الصراع رغم الادعاءات بِشأن مروي وأنها كان يمكن أن تتخذها ذريعة للتدخل بعد الخسائر التي حصلت للقوات المصرية، من بينها إتلاف ثلاث طائرات تدريب".

جوزيف سيغل، خبير الشؤون الأفريقية في "مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، في واشنطن، قال لموقع الحرة إن "المصريين لم يتورطوا بشكل مباشر في الحرب".

لكنه يشير إلى بعض التقارير التي تتحدث عن "بعض التمويل المصري للقوات المسلحة السودانية. وعلى وجه التحديد، تزويدها بطائرات من دون طيار للمساعدة في استعادة بعض الزخم".

ويرى سيغل، الذي يراقب التحركات المصرية في أفريقيا، أن اتهامات حميدتي تهدف إلى "تشتيت الانتباه لحصول قواته على دعم مالي ومادي، منذ بداية الصراع من روسيا، عبر تشاد، وجنوب ليبيا، وجمهورية أفريقيا الوسطى".

وهذا الدعم "كان مستمرا لبعض الوقت وساعد قواته في تحقيق بعض المكاسب".

ولهذا السبب، يحاول حميدتي الآن "تحويل الانتباه عما يحدث فيما يتعلق بمؤيديه الإقليميين والدعم الإقليمي الذي تحصل عليه قواته".

ويرى طاهر المعتصم، المحلل السياسي السوداني، أن قوات الدعم السريع "تبحث عن مشروعية تدخل دول أخرى في شؤون السودان"، مشيرا إلى أنه يبحث حاليا عن دعم بعض الدول مثل إثيوبيا.

ويقول المعتصم إن قوات الدعم ليست لديها أدلة دامغة على مشاركة مصر في عمليات عسكرية لتقدمها.

واتهمت الحكومة السودانية دولة الإمارات بـ"الاستمرار في دعم" قوات الدعم السريع بالذخائر والمركبات القتالية والمسيرات وغيرها، وفق ما قاله وزير الخارجية، حسين عوض، خلال مؤتمر صحفي عقده في بورتسودان، الاثنين.

وأضاف الوزير، وفق ما نقل عنه مراسل الحرة، أن تقارير الأمم المتحدة "أثبتت هبوط 400 رحلة جوية لطائرات تنقل السلاح ومعدات عسكرية إلى مطار أم جرس في شرق تشاد، بالإضافة إلى مطار انجمينا (عاصمة تشاد)".

وسبق أن نفت الإمارات جميع الاتهامات بتزويد قوات الدعم السريع بالسلاح، وقالت إنها لم ترسل دعما عسكريا لأي من الأطراف المتحاربة في السودان.

وفي يوليو الماضي، قالت البعثة الإماراتية لدى الأمم المتحدة إن الادعاءات التي تشير إلى خلاف ذلك "أكاذيب ومعلومات مضللة، ودعاية ينشرها بعض الممثلين السودانيين".

وزار قائد قوات الدعم السريع إثيوبيا، في ديسمبر الماضي، حيث قال إنه ناقش الحاجة إلى إنهاء سريع للحرب.