الحرب تسببت بأزمة إنسانية واسعة النطاق في السودان (أرشيف)
الحرب تسببت بأزمة إنسانية واسعة النطاق في السودان (أرشيف)

حذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد دولي لمراقبة الجوع، الخميس، من خطر المجاعة في 14 منطقة في أنحاء السودان إذا تصاعدت الحرب أكثر بين طرفي الصراع هناك.

ويعني هذا التقييم أن ثمة فرصة حقيقة بحدوث مجاعة في ظل أسوأ تصورات لتطور الأوضاع في تلك المناطق التي تشمل أجزاء من دارفور والخرطوم وكردفان وولاية الجزيرة.

وكشف التقرير عن أن نحو 755 ألفا في السودان يواجهون أحد أسوأ مستويات الجوع، في حين يعاني 8.5 مليون نسمة أو نحو 18 في المئة من السكان نقصا في الغذاء قد يسفر عن سوء تغذية حاد أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة.

وتتنامى الأزمة الإنسانية في السودان، فيما يستمر القتال الذي أسفر عن إحدى "أسوأ الأزمات التي عرفها العالم منذ عقود"، بحسب ما تؤكد منظمة أطباء بلا حدود.

ومنذ أبريل 2023 يشهد السودان حربا دامية بين القوات المسلحة النظامية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ولا تلوح أي فرص لحل الأزمة، إذ يصر الطرفان المتحاربان على القتال.

وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل وجرح عشرات الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء من الأمم المتحدة.

لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.

كذلك، سجل السودان قرابة عشرة ملايين نازح ومهجر داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ودمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.

الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"
الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"

أدى عام ونصف من الحرب في السودان إلى كارثة إنسانية في واحدة من أكبر دول أفريقيا.

ويقول تقرير للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر" الأميركية إن هذه الحرب أدت إلى مقتل نحو 150 شخص، وفقًا لبعض التقديرات. كما شردت المعارك 12 مليون شخص، وفقًا للأمم المتحدة، التي تصفها بأنها "أكبر أزمة نزوح في العالم، في ظل انهيار الخدمات الطبية في معظم أنحاء السودان.

مراسل "إن بي آر" أجرى جولة مؤخرا في إحدى مستشفيات منطقة أم درمان، قرب العاصمة الخرطوم، ونقل المشاكل التي تواجهها المستشفيات والكوادر الطبية.

ينقل التقرير عن الدكتور جمال محمد، 52 عاما، أن الحرب أجبرته على ترك منزله في العاصمة السودانية، لتهرب عائلته لاحقا إلى مصر بينما نزح هو إلى أم درمان ليعمل في مستشفى النعمان في تلك المنطقة.

ومثل جميع الكوادر الطبية هناك، يقول محمد أنه لم يستلم راتبا منذ بداية الحرب، بل يحصل فقط على مساعدات صغيرة.

وفقًا لمحمد، تعرض مستشفى النعمان للقصف خمس مرات على الأقل ويقول إن المستشفى كان مستهدفًا بشكل متعمد، مما يُعد جريمة حرب، بحسب تعبيره.

في اليوم الذي سبق وصول فريق "إن بي آر"، تعرض المستشفى للقصف من قبل قوات الدعم السريع، وأثناء وجود الفريق الصحفي هناك، تعرضت المنطقة المحيطة للقصف بشكل متكرر أيضًا.

يستقبل المستشفى يوميا جثثا لضحايا مجهولي الهوية، ويعالج العديد من حالات الإصابة ضمن الإمكانيات المتوفرة.

التقرير نشر مجموعة من الصور لهؤلاء الضحايا الذين تعرضوا إلى اعتداءات من قبل الأطراف المتصارعة أو أصيبوا جراء المعارك الدائرة، هذه الصور نقلت أيضا الحال الصعب الذي تمر به المستشفيات في السودان في ظل قلة المساعدات وأدوية العلاج، فضلا عن الاكتظاظ وقلة الكادر الطبي.

ممرات مستشفى النعمان في أم درمان أصبحت مليئة بالمصابين وجثث الضحايا، في حين ساد الحزن على أوجه عائلات الضحايا التي تنتظر في الردهات لمعرفة مصير أحبائها.

يضيف التقرير أنه كانت هناك العشرات من المراكز الطبية في أم درمان قبل الحرب، ولكن معظمها اضطرت إلى الإغلاق بسبب نقص الإمدادات أو الكوادر أو التمويل، أو لأنها تعرضت للتدمير بسبب القتال. 

والآن، لا تتواجد سوى سبعة مراكز في تلك المنطقة، ويعتبر مستشفى النعمان واحدًا من أكبر  تلك المراكز التي لا تزال تعمل.

وحذّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، في سبتمبر الماضي، من أنّ الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك".

وقال غراندي إنّ "هذه الأزمة الخطيرة للغاية، أزمة حقوق الإنسان وأزمة الاحتياجات الإنسانية، تمرّ دون أن يلحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.

وأوضح أنّه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل عام 2023 "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول أخرى.