بعد أيام من استيلائها على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، في غرب السودان، أعلنت قوات الدعم السريع، في بيان، السبت، سيطرتها على مقر الفرقة 17 مشاة، في مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، جنوب شرقي البلاد.
وكانت قوات الدعم السريع استولت، الاثنين، على منطقة جبل موية الاستراتيجية، التي تربط بين ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض.
ومنذ أكثر من أسبوع تحاول قوات الدعم السريع الاستيلاء على مدينة سنار، لكن الجيش والتشكيلات التي تقاتل معه، تصدت لتلك المحاولات.
سجل أشاوس قوات الدعم السريع اليوم السبت، نصراً جديداً في سِفر انتصاراتهم المتواصلة، بتحرير الفرقة 17 مشاة سنجة، وبسطت قواتنا سيطرتها التامة على عاصمة ولاية سنار بعد أن ألحقوا هزيمة مذلة بمليشيا البرهان وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية وما يسمى بقوات الدفاع الشعبي (المقاومة… pic.twitter.com/8mHsXkALbx
— Rapid Support Forces - قوات الدعم السريع (@RSFSudan) June 29, 2024
وبعد ساعات من بيان قوات الدعم السريع، قال الناطق باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، في بيان الأحد، إن "قواتنا في سنجة متمسكة بمواقعها، وتقاتل العدو بثبات ومعنويات عالية".
ونشرت صفحة الجيش على موقع فيسبوك، الأحد، تهنئة من رئيس هيئة الأركان بالجيش، الفريق أول محمد عثمان الحسين، لقوات الفرقة 17 بسنجة.
وذكرت الصفحة أن الحسين "يهنئ قائد ومنسوبي الفرقة 17 على صمودهم أمام محاولات الميليشيا الإرهابية المتمردة الاعتداء على مدينة سنجة الآمنة، واستبسالهم في الدفاع عنها".
ونشرت منصات إعلامية داعمة للجيش مقاطع فيديو قالت إنها تكذب مزاعم الدعم السريع بالاستيلاء على مقر الفرقة 17 مشاة في سنجة.
⭕️ تصريح رسمي
— القوات المسلحة السودانية (@SudaneseAF) June 30, 2024
▪︎ قواتنا في سنجة صامدة ومتماسكة وتقاتل العدو بثبات ومعنويات عالية ومنتصرين باذن الله تعالى .
▪︎ قواتنا في سنجة متمسكة بمواقعها ومعنوياتها تعانق السماء
العميد الركن نبيل عبد الله
الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة#السودان #القوات_المسلحة_السودانية… pic.twitter.com/C5nykSaYJw
وفي المقابل، ردت قوات الدعم السريع بنشر مقاطع فيديو من داخل مقر الفرقة، الأحد، مؤكدة أن قواتها تسيطر بالكامل على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار.
ويشير الخبير الاستراتيجي، عبد الواحد الطيب، إلى أن "استيلاء قوات الدعم السريع على الفرقة 17 الغرض منه تشتيت جهود الجيش، الساعي إلى استعادة منطقة جبل موية، والزحف لاستعادة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة".
وقال الطيب لموقع الحرة، إن "قوات الدعم السريع تهدف إلى البحث عن انتصارات إعلامية أكثر من تحقيق نصر عسكري حقيقي ومؤثر على الأرض".
وأشار إلى أن "السيطرة على الفرقة 17 لن تشكل أي تغيير في موازين القوة على الأرض، لأن المدينة تقع خارج نطاق الاشتباكات المباشرة، كما أن وجود قوات الدعم السريع فيها يعرضها إلى الهجوم من جهات الشرق والغرب".
وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، اضطرت 327 أسرة، على الأقل، إلى الفرار من جبل موية وسنجة إلى مناطق أكثر أمانا.
الاشاوس يكذبون ادعاءات الفلول من داخل الفرقة سنجة صباح اليوم 30يونيو 2024 pic.twitter.com/iJ4HvVvyS4
— ود البحير (@wdalbehair) June 30, 2024
ويرى الخبير الاستراجي، عمر أرباب، أن "سيطرة قوات الدعم السريع على سنجة، جعل مدينة سنار التي يحدها النيل الأزرق شرقا، محاصرة بقوات الدعم السريع الموجودة في منطقة جبل موية غربا، وفي منطقة ود الحداد والحاج عبد الله شمالا، وفي سنجة جنوبا".
وقال أرباب لموقع الحرة، إن "استيلاء قوات الدعم السريع على منطقة جبل موية الاستراتيجية جعلها مؤهلة لتهديد مناطق كثيرة، بما في ذلك كنانة وربك وكوستي، كما ساعدها في السيطرة على سنجة".
وأشار إلى أن "استيلاء الدعم السريع على منطقة جبل موية وضع الجيش في مهمة صعبة، خاصة فيما يتعلق بعمليات التأمين والحماية".
ولفت إلى أن "الجيش سحب قوة من قواته الموجودة في سنجة لتأمين زيارة قائده عبد الفتاح البرهان إلى سنار، مما سهل استيلاء الدعم السريع على سنجة".
وكان البرهان زار، السبت، مدينة سنار التي يفصلها عن سنجة حوالي 70 كيلومتر، وتزامن هجوم الدعم السريع على المدينة مع زيارة البرهان إلى سنار.
⭕ رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يصل ولاية سنار ويتفقد الجنود في الخطوط الأمامية وسط روح معنوية عالية
— القوات المسلحة السودانية (@SudaneseAF) June 29, 2024
Chairman of the Sovereignty Council and Commander-in-Chief of the Armed Forces arrives in Sennar State, inspecting troops on the frontlines amidst high morale.… pic.twitter.com/0UEVBgov8t
وبدوره، يشير الطيب إلى أن "دخول قوات الدعم السريع المربك إلى سنجة يدلل على أن لديها جهاز استخبارات قادر على الوصول إلى المعلومات، بما في ذلك المتعلقة بتحركات قادة الجيش".
ونوّه إلى أن "العامل الحاسم في استيلاء الدعم السريع على المدينة، وهي عاصمة الولاية، تمثل في توقيت الهجوم، الذي تزامن مع زيارة البرهان إلى مدينة سنار".
وفي حين قلل الطيب من تأثير سيطرة قوات الدعم السريع على سنجة على العمليات القتالية، يرى أرباب أن "وجود الدعم السريع في سنجة يهدد بصورة مباشرة حامية الجيش في مدينة الدمازين، عاصمة إقليم النيل الأزرق، الحدودية مع إثيوبيا".
وأضاف أن "وجود قوات الدعم السريع في سنجة يجعلها أقرب إلى حدود السودان مع دولة جنوب السودان، وكل ذلك يسهل لها عمليات الإمداد، كعنصر مهم في الحرب".
وأوضح أرباب أن "سيطرة الدعم السريع على سنجة تهدد سنار بشكل كبير وتجعلها معرضة لهجوم من عدد من المحاور، ولذلك سارع الجيش لشن هجمات بغرض استعادة السيطرة على المدينة".
وتابع قائلا "وجود قوات الدعم السريع في سنجة يهدد مدينة القضارف في شرق السودان، كما يهدد بعض مدن ولاية النيل الأبيض، مثل كنانة وربك وكوستي".
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.
وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل عشرات الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى "150 ألفا"، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.
كذلك، سجل السودان قرابة 10 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وتعرضت البنية التحتية للبلاد إلى دمار هائل، في حين بات سكانها مهددين بالمجاعة.