قارب تابع للبحرية السودانية في البحر الأحمر
قارب تابع للبحرية السودانية في البحر الأحمر - أرشيفية

في زيارة تعد الأولى منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أعلنت القوات البحرية السودانية، استقبال قطع من البحرية الإرترية، الجمعة، في ساحل البحر الأحمر بشرق السودان، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وقال الجيش السوداني في بيان مقتصب على منصاته بمواقع التواصل الاجتماعي، إن الزيارة تأتي "في إطار العلاقات الممتدة بين البلدين والجيشين".

 وبدوره قال رئيس الوفد الإرتري في تصريح نقلته وكالة الأنباء السودانية، إن زيارة القطع البحرية تهدف "لتأكيد وقوف إرتريا مع السودان في قضيته العادلة".

وأضاف "نسعى لأن يكون هناك حلف استراتيجي قوي لمصلحة البلدين".

ويرى المحلل السياسي، الطاهر إدريس، أن "الزيارة نوع من التضامن الإرتري مع الشعب السوداني، لكنها لا تخلو من أجندة أمنية".

وقال إدريس، المختص في شأن شرق السودان، لموقع الحرة، إن "الأمن البحري الإرتري لا ينفصل عن الأمن البحري السوداني، ومن الطبيعي أن تكون هناك علاقات استراتيجية بين البلدين، ومن الطبيعي أن تحدث مثل هذه التحركات والزيارات العسكرية".

البرهان وآبي أحمد
حسابات أمنية ومواجهة "تحركات مصرية".. لماذا ذهب آبي أحمد إلى السودان؟
في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الثلاثاء، إلى بورتسودان المدينة الساحلية التي اتخذها قادة الجيش السوداني عاصمة لإدارة شؤون البلاد، وأجرى مباحثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

وبدوره يرى الخبير الاستراتيجي، الزاكي عبد المنعم، أن "الزيارة تهدف لتوجيه رسالة إلى قوات الدعم السريع، مفادها أن أي محاولة للاقتراب من بورتسودان، فإن القوات الإرترية ستتدخل لمساندة الجيش السوداني".

وقال عبد المنعم لموقع الحرة، إن "قوات الدعم السريع زحفت نحو مدن رئيسية في شرق السودان، بعد أن تمكنت من بسط سيطرتها على ولاية الجزيرة، بوسط البلاج، وعلى أجزاء واسعة من ولاية سنار في الجنوب الشرقي.

وأضاف أن "قوات الدعم السريع اقتربت من مدن الفاو والقضارف وكسلا الشرقية، وفي حال سيطرت على تلك المدن فإن ذلك يعني أن مدينة بورتسودان التي اتخذها الجيش كعاصمة إدارية أصبحت تحت التهديد".

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن قوات الدعم السريع تخطط لنقل القتال إلى مدينة كسلا الحدودية مع إرتريا، مما يمكن أن يكون مزعجا للحكومة الإرترية.

ويعلن الرئيس الإرتري، إسياس أفورقي، مواقف داعمة للجيش السوداني، ويشدد على ضرورة ابتعاد التدخلات الخارجية عن الأزمة السودانية، مؤكدا أن "مشكلة السودان داخلية، ويجب أن تُحل في إطار البيت الداخلي".

وسبق أن زار القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إرتريا، في سبتمر الماضي، ضمن جولة خارجية شملت عددا من الدول.

ويشير عبد المنعم إلى أن "زيارة القطع البحرية الإرترية لا تنفصل عن سياق التنافس الإرتري الإثيوبي، لافتا إلى أن "أفورقي يريد أن يكون جزءً فاعلا في الأزمة السودانية".

وأضاف: "ربما تكون زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى السودان، قد أزعجت أفورقي، وبالتالي سعى لتطمين الجيش السوداني بأنه مستعد للقتال بجانبه، حال الحاجة إلى ذلك". 

وكان آبي أحمد زار السودان، في 9 يوليو، وأجرى مباحثات مع البرهان، مؤكدا على أن "زيارته للسودان تأتي للتضامن مع الشعب السوداني"، قائلا إن "الأصدقاء الحقيقيين يظهرون وقت الشدة".

وكشف سياسيون سودانيون عن معسكرات تدريب في الأراضي الإرترية لتدريب عناصر من حركات سودانية مسلحة داعمة للجيش السوداني.

وقال الأمين السياسي لمجلس نظارات البجا، سيد أبو آمنة، لموقع "سودان تربيون" الإخباري، إن "تلك المعسكرات تضم مسلحين من قوات الأورطة الشرقية بقيادة الأمين داؤود، وحركة تحرير شرق السودان، بقيادة إبراهيم دنيا".

وأشار أبو آمنة إلى المعسكرات تضم أيضا مسلحين من قوات الحركة الوطنية للعدالة والتنمية، بقيادة محمد طاهر سليمان بيتاي، ومؤتمر البجا بقيادة موسى محمد أحمد، مشيرا إلى أن قادة تلك الجماعات "لهم صلات بالمؤتمر الوطني المحلول، حزب الرئيس السوداني السابق، عمر البشير".

من جانبه، يلفت إدريس إلى أن "دخول عناصر تلك الحركات إلى الأراضي الإرترية يتم بطريقة علنية، مما يدلل على وجود تفاهمات رسمية مسبقة".

وأشار إلى أن تلك الحركات يمكن أن تتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد شرق السودان، "حال لم يتم إدماج عناصرها في الجيش السوداني"، محذرا من تكرار سيناريو دارفور، إذ يعاني الإقليم الغربي من تدفق السلاح ووجود عدد من الحركات المسلحة.

الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع اندلعت في منتصف أبريل من العام الماضي
جوازات إماراتية في حطام مركبة عسكرية للدعم السريع بالسودان.. وأبوظبي ترد
ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن جوازات السفر التي تم انتشالها من ساحات القتال في السودان تشير إلى أن الإمارات تنشر سراً قواتها على الأرض في الحرب الأهلية المدمرة في البلاد، وفقاً لوثائق مسربة، وذلك رغم نفي الدولة الخليجية.

وبدوره، يؤكد عبد المنعم أن "تدريب عناصر تلك الحركات المسلحة يتم بتنسيق كامل مع الحكومة الإرترية، إذ لم تتخذ أسمرا أي موقف ضد تلك الحركات".

وأضاف "الحركات السودانية التي تتلقى تدريباتها في الأراضي الإرترية، دائما ما تعلن عن حملات تجنيد في مدن كسلا وبورتسودان، تحت سمع وبصر السلطات السودانية والجيش السوداني".

وفي يناير 2018، تدهورت علاقة الحكومة الإرترية مع نظام الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، إذ قررت الخرطوم إغلاق الحدود "على خلفية وجود تهديدات محتملة على حدودها الشرقية".

وعقب الإطاحة بالبشير، في أبريل 2019، استعاد أفورقي علاقته مع السودان، وزار الخرطوم مرات عدة.

وسبق أن زار قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، إرتريا أكثر من مرة، حينما كان يتولى منصب نائب رئيس مجلس السيادة، آخرها في مارس 2023.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما تقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب

تتوالى التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وذلك في ظل فشل جهود إنهاء الصراع لأسباب أولها أن المجتمع الدولي قرر أن طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الرد السريع" لا يملكان "الشرعية" لحكم السودان.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".

وأضاف المسؤول الأميركي في حديثه لقناة "الحرة" أن التقارير الأممية حول تدهور الأوضاع "لن تغير من الواقع، فهي لا تجبر المجتمع الدولي على التدخل، أو تضغط على أطراف النزاع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية وحل المشكلة" حسب تعبيره.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين قبل أيام أن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمع، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص باتت في خطر شديد.

فحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، تقول لجنة الإنقاذ الدولية أن عدد القتلى جراء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2022 وصل إلى 150 ألف شخص وهو رقم أعلى من رقم 20 ألفا الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

لكن عدد القتلى ليس وحده ما يقلق اللجنة التي اشارت في احدث تقاريرها إلى أن عدد النازحين داخليا وصل إلى 10 ملايين شخص وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار أكثر من مليونين.

بيرييلو في زيارة سابقة للسودان - مصدر الصورة: صفحته الرسمية بفيسبوك
بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
دعا المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، إنه الولايات المتحدة "تدعم الوقف الفوري للحرب ووضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني"، وذلك في أعقاب زيارته الإثنين للسودان ولقائه مسؤولين أبرزه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ويضيف التقرير كذلك أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يقضي أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الحرب، موضحا أن حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان.