أوضاع إنسانية قاسية في مخيم زمزم بشمال دارفور ـ أرشيفية
أوضاع إنسانية قاسية في مخيم زمزم بشمال دارفور ـ أرشيفية

قالت منظمة أطباء بلا حدود، الأحد، إن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مخيم زمزم للنازحين في إقليم دارفور غرب السودان، معرضون لخطر الموت، في وقت نفت فيه الحكومة السودانية "وجود أي مجاعة بالمخيم".

وجاء حديث المنظمة بعد أن أكد خبراء دوليون، الخميس، أن المجاعة في مخيم زمزم، الذي يأوي قرابة 600 ألف شخص، تحولت إلى مجاعة كاملة.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود، على حسابها على منصة (إكس)، إن قوات الدعم السريع، التي تحاصر مدينة الفاشر، منعت 3 شاحنات تحمل إمدادات طبية حيوية وأطعمة علاجية للمدينة، ولمخيم زمزم القريب منها.

ويعلن الخبراء عن المجاعة عندما يعاني واحد من كل 5 أشخاص، أو أسر، من نقص حاد في الغذاء، ويواجهون المجاعة والعوز، مما يؤدي في النهاية إلى مستويات حرجة من سوء التغذية الحاد والموت.

وأشارت المنظمة إلى أن عددا كبيرا من الأطفال في مخيم زمزم، في حالة حرجة، مضيفة أن جناح سوء التغذية في المستشفى الميداني في المخيم، مكتظ بنسبة 126 بالمائة.

وقالت المنظمة إن مسلحي قوات الدعم السريع منعوا الشاحنات من الوصول لبلدة كبكابية لأكثر من شهر، مضيفة أنها اضطرت إلى تقليص عدد الأطفال الذين يتلقون الغذاء العلاجي في المخيم المكتظ لأن مخزونها من الأدوية لا يغطي سوى أسبوعين.

ونوّهت المنظمة إلى أن عرقلة أو تأخير الشحنات الإنسانية المتعمد يعرض حياة الآلاف من الأطفال للخطر، لأنهم محرومون من تلقي العلاج المنقذ للحياة.

مخيم للسودانيين النازحين داخليا في شرق البلاد
الحرب في السودان.. دور القوى الدولية ومخاطر النزاع
أدى الصراع الذي اندلع في السودان يوم 15 أبريل إلى موجات من العنف على أساس عرقي وتسبب في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم ودفع الآن منطقة واحدة على الأقل في إقليم دارفور إلى المجاعة، بحسب تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تدعمه الأمم المتحدة.

ولم يصدر تعليق فوري من قوات الدعم السريع، التي تفرض حصارا على مدينة الفاشر ضمن محاولتها المستمرة منذ أشهر لانتزاعها من أيدي الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه.

ومدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، آخر معقل للجيش في إقليم دارفور الذي مزقته الحرب.

وانزلق السودان إلى أتون الفوضى في أبريل من العام الماضي، عندما تحولت التوترات المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى قتال مفتوح في العاصمة الخرطوم، قبل أن ينتقل إلى معظم أنحاء البلاد.

وأسفر الصراع عن مقتل آلاف السودانيين، ودفع الكثيرين إلى حافة المجاعة، كما خلق أضخم أزمة نزوح في العالم، إذ أجبر أكثر من 11 مليون شخص على الفرار من منازلهم، وفقا لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.

ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب

تتوالى التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وذلك في ظل فشل جهود إنهاء الصراع لأسباب أولها أن المجتمع الدولي قرر أن طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الرد السريع" لا يملكان "الشرعية" لحكم السودان.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".

وأضاف المسؤول الأميركي في حديثه لقناة "الحرة" أن التقارير الأممية حول تدهور الأوضاع "لن تغير من الواقع، فهي لا تجبر المجتمع الدولي على التدخل، أو تضغط على أطراف النزاع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية وحل المشكلة" حسب تعبيره.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين قبل أيام أن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمع، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص باتت في خطر شديد.

فحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، تقول لجنة الإنقاذ الدولية أن عدد القتلى جراء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2022 وصل إلى 150 ألف شخص وهو رقم أعلى من رقم 20 ألفا الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

لكن عدد القتلى ليس وحده ما يقلق اللجنة التي اشارت في احدث تقاريرها إلى أن عدد النازحين داخليا وصل إلى 10 ملايين شخص وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار أكثر من مليونين.

بيرييلو في زيارة سابقة للسودان - مصدر الصورة: صفحته الرسمية بفيسبوك
بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
دعا المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، إنه الولايات المتحدة "تدعم الوقف الفوري للحرب ووضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني"، وذلك في أعقاب زيارته الإثنين للسودان ولقائه مسؤولين أبرزه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ويضيف التقرير كذلك أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يقضي أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الحرب، موضحا أن حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان.