جانب من أضرار السيول والأمطار بولاية نهر النيل بشمال السودان - فيسبوك
جانب من أضرار السيول والأمطار بولاية نهر النيل بشمال السودان - فيسبوك

مع ارتفاع حصيلة الضحايا وحجم الدمار، أعلنت الحكومة المحلية في ولاية نهر النيل بشمال السودان، أن موجة الأمطار والسيول التي ضربت بعض مناطق الولاية، أكبر من قدراتها المحلية، مما اعتبره ناشطون "دليلا على حجم الكارثة".

وأعلنت وزارة البنى التحتية بولاية نهر النيل، في بيان الأربعاء، أن السيول التي ضربت محلية أبو حمد، أدت إلى مصرع 12 شخصا، وإصابة 170 آخرين، وانهيار أكثر من 11 ألف منزل، وفق ما أفاد مراسل الحرة.

وتقع ولاية نهر النيل خارج نطاق الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023. لكن الأسبوع الماضي، استهدفت طائرات مسيرة مقر الحكومة في مدينة الدامر عاصمة الولاية.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث، لكن حكومة الولاية اتهمت قوات الدعم السريع بإطلاق الطائرات المسيرة، مؤكدة عدم حدوث خسائر.

وعادة ما تهطل أمطار غزيرة في السودان بين مايو وأكتوبر وهي فترة تشهد خلالها البلاد فيضانات خطرة تلحق أضرارا بالمساكن والبنية التحتية والمحاصيل.

 

وتحتضن محلية أبو حمد التي اجتاحتها السيول والأمطار أكبر مناجم التعدين عن الذهب في السودان، خاصة التنقيب الأهلي الذي تنشط فيه مجموعات من الشباب باستخدام أدوات تنقيب بدائية وتقليدية.

وبحسب عدد من سكان ولاية نهر النيل، فإن السيول جرفت مخلفات التعدين من المناطق الصحراوية والجبلية إلى المناطق الحضرية التي يقطنها السكان، مما يهدد حياتهم بالخطر الصحي.

وحذرت شبكة أطباء السودان من كارثة بيئية وإنسانية من جراء السيول والأمطار التي ضربت بعض مناطق التعدين بولاية نهر النيل.

وأشارت الشبكة، في بيان على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء، إلى أن السيول جرفت مخلفات التعدين الأهلي عن الذهب، بما في ذلك بعض المواد الكيميائية القاتلة مثل الزئبق والسيانيد، التي تسخدم في عمليات التنقيب.

وأكدت الشبكة أن تلك المواد الكيميائية تترتب عليها تأثيرات ضارة على الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، محذرة من أن السيول ستؤدي إلى ارتفاع لدغات العقارب، خاصة أن المنطقة تعيش فيها كميات ضخمة من العقارب السامة.

ودعت شبكة أطباء السودان الجهات المختصة، والمنظمات التطوعية والخيرية، والكوادر الصحية، إلى الاضطلاع بمهامهم، وتقديم المساعدة اللازمة، للحد من تفاقم الوضع، وتقديم الدعم للسكان المتضررين.

ولفت المدير التنفيذي لمحلية أبو حمد، عبد الرؤوف حسن، في تصريح صحفي الأربعاء، إلى أن الأمطار التي أضرت بمحلية أبو حمد، فوق المعدل، داعيا سكان الجزر لأخذ الحيطة والحذر.

ويشير الناشط المجتمعي في ولاية نهر النيل، مازن عثمان، إلى أن السيول خلفت حالة إنسانية بالغة السوء، وجعلت آلاف السكان في العراء، بعد انهيار منازلهم.

وقال عثمان لموقع الحرة، إن المشكلة الأكبر تتمثل في أن المختصين في مجال الأرصاد الجوية، توقعوا مزيدا من الأمطار، مما يجعل حياة السكان أمام خطر جديد.

ودعا الناشط المجتمعي، المنظمات المحلية والإقليمية للعمل على إغاثة المتضررين من السيول في ولاية نهر النيل، لأن "الكارثة أكبر من إمكانيات الولاية المتواضعة والمحدودة".

وأضاف: "تسببت السيول والأمطار في توقف الحياة بشكل كبير في محلية أبو حمد، بما في ذلك عاصمة المحلية نفسها، مما يتطلب مزيدا من التدخل الإغاثي".

ولفت عثمان إلى أن السكان بحاجة إلى إعانات غذائية عاجلة، وتحركات لسحب المياه، لتفادي أي آثار بيئية تهدد صحة وحياة المواطنين.

وبحسب المكتب الإعلامي لشرطة ولاية نهر النيل، فقد جرفت السيول والأمطار بالولاية  طبقة الأسفلت في أجزاء من الطرق الرئيسية، مما أعاق حركة المرور.

وقال المكتب على صفحته بموقع فيسبوك إن السيول أدت لقطع طريق التحدي عند منطقة قباتي بجنوب مدينة الدامر، وطريق عطبرة - مروي عند الكيلو 131، وطريق عطبرة – أبو حمد بشمال اللزوم.

وذكرت وكالة فرانس برس نقلا عن مصدر في مستشفى مدينة أبو حمد، أن الأمطار أدت لمصرع 17 شخصاً.

وقال شاهد اتصلت به وكالة فرانس برس هاتفيا إن "الأمطار الغزيرة تسببت في انهيار معظم المنازل وانهارت جميع المحلات التجارية في سوق المدينة".

وشهدت الولاية الشمالية الحدودية مع ولاية نهر النيل، معدلات عالية من الأمطار، وفق حكومة الولاية، دون إعلان رسمي عن خسائر.

وأوردت وكالة الأنباء السودانية، أن والي الولاية الشمالية أصدر قرارا بإغلاق المدارس بجميع المراحل التعليمية بالولاية، اعتبارا من الأربعاء وحتى السبت، "حفاظا على التلاميذ والتلميذات من أخطار السيول والأمطار".

والأسبوع الماضي، خلفت الأمطار 5  قتلى في مدينة بورتسودان الساحلية، التي اتخذها قادة الجيش عاصمة إدارية بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.

وقال المركز الاتحادي لعمليات الطوارئ في السودان، إن الأمطار الغزيرة والفيضانات أودت بـ32 شخصا منذ السابع من يوليو في 7 من ولايات البلاد الـ18.

ومع تصاعد معدلات الأمطار، حذرت المنظمات العاملة في المجال الإنساني من أن الأمطار الغزيرة والفيضانات ستؤدي إلى عزل مناطق بأكملها.

وتحصد السيول ومعها الأمطار والفيضانات في كل عام العديد من الأرواح، بشكل مباشر أو غير مباشر، بسبب الأمراض الناجمة عن الرطوبة.

السودان- مظاهرات- أرشيف
خبراء من الأمم المتحدة دعوا إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان

في فيلمها الوثائقي "السودان تذكرنا" (Sudan, Remember Us)، تواجه المخرجة هند مدب، مهمة صعبة، حيث سعت لسرد قصة أربع سنوات محورية في تاريخ السودان من خلال وجوه وشهادات مجموعة من الشباب.

خلال تلك الفترة، تمت الإطاحة بدكتاتورية استمرت 30 عاما عبر ثورة شعبية، لكن تم اختطاف تلك الثورة من قبل الحكام العسكريين.

من خلال التركيز على الشباب الذين كانوا في قلب الأحداث، وفرت مدب نظرة عميقة حول الطريقة التي انتعش بها الأمل الجماعي لجيل كامل من السودانيين.

يبدأ الفيلم برسائل صوتية لمدب مع الشهود خلال الأيام التي تلت اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في أبريل عام 2023.

ورغم أن تلك الأصوات لم تكن مألوفة لدى الجمهور، فهي نقلت مشاعر اليأس والأمل بوضوح كما يؤكد موقع "فارييتي".

استمرار الحرب في السودان بعد مرور ما يقرب من 18 شهرا جعل تلك اللحظات أكثر إيلاما، رغم أن الفيلم لا يركز على النزاع الحالي. بل يعود إلى عام 2019، عندما كان التغيير الجوهري يبدو ممكنا.

اختارت مدب ثلاثة خيوط سردية لتقديم القصة. فعوضا عن عرض كل موضوع بشكل منفصل، تقوم بتقديمها جماعيا، حيث يتم تجميع قصصهم حسب الموضوع.

أولاً، تبرز الثورة كحدث ثقافي وفني، حيث كان الشعر والفن جزءا رئيسيا من الاحتجاجات.

ثانيا، تسلط الضوء على البُعد النسوي للثورة، مع كون معظم قادتها من النساء الشابات اللاتي سعين لتحطيم قيود المجتمع الأبوي.

ثالثا، تعرض كيف تحولت المحادثات حول الأحلام الفردية المتواضعة إلى مطالب علنية صاخبة من خلال المشاركة والتضامن.

 وفي تعليقها الصوتي التمهيدي، تلفت مدب إلى أن السودان أرض الأدب، ومن هنا يأتي التقدير العميق للشعر الذي تعكسه عدستها. خلال الفيلم، يتم عرض الثوار الشباب وهم ينشدون الشعر لبعضهم البعض، ويكرمون أسلافهم من المثقفين.

شِعرُهم يعكس واقعهم المعاصر ويستمد إلهامه من قادة الانتفاضات السابقة في الستينيات والثمانينيات

بينما تلتقط الكاميرا الغضب، تسلط الضوء أيضا على عزم هؤلاء الشباب على بناء عالم أفضل لأنفسهم.

تقدم موسيقى ثورتهم، التي تشمل الطبول والصافرات وأصوات الحجارة على الأسفلت، خلفية صوتية لمظاهرتهم.

بعدها تنتقل مدب والقائمة على تركيب الفيلم، غلاديس جو جو، من اللحظات الإيقاعية إلى المحادثات العفوية في المقاهي والمنازل والشوارع، مما يضيف بُعدا آخر للسرد.

يتحول الحوار بعد ذلك إلى خيط موضوعي أكبر يتناول حقوق النساء، وسوء الممارسات الدينية، ورؤيتهم للسودان الذي يأملون في العيش فيه.

تُبرز الكاميرا أيضا خصوصية العاصمة، الخرطوم، كمكان ذو تاريخ غني كان مصدر إلهام لهؤلاء الثوار الشباب.

لكن التوقعات الكبيرة التي رافقت الحراك الشعبي في بداية الثورة السلمية، تعرضت للحصار، بل والقمع عندما قامت القوات العسكرية بتفريق اعتصام المحتجين بعنف في يونيو 2019.

لا تتردد مدب في عرض مشاهد مروعة للتعذيب والترهيب باستخدام لقطات من الهواتف المحمولة، بينما يتناول التعليق الصوتي تفاصيل القتل والاعتقالات.

ومع كل ما حدث، يتضح من خلال رسالة الفيلم، أن الأصوات التي ارتفعت من أجل سودان أفضل، تستمر في حمل حلم الغد الأفضل، مما يعكس القوة الحقيقية للفيلم كقصة عن المثابرة الجماعية التي لا يمكن كسرها، بحسب وصف "فارييتي".

رغم ذلك، وفي وقت يواجه فيه السودان أزمات الحرب والمجاعة ونزوح الملايين، يقدم الفيلم رمزًا للأمل في المستقبل، "ليمسك به الناس حتى تمر هذه الكارثة" وفق تعبير الموقع ذاته.

وأسفرت الحرب في السودان عن عشرات آلاف القتلى. 

وفي حين لم تتّضح الحصيلة الفعلية للنزاع، تفيد تقديرات بأنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا لوكالة فرانس برس. 

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك في 2023، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. 

والجمعة دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.