أكثر من عشرة ملايين شخص نزحوا داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك
أكثر من عشرة ملايين شخص نزحوا داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك

قُتل 21 شخصا الأحد في قصف استهدف سوق مدينة سنار في جنوب شرقي السودان، ونُسب إلى قوات الدعم السريع، غداة رفض حكومة البلاد نشر قوة مستقلة لحماية المدنيين.

وأوردت شبكة أطباء السودان أن الحصيلة بلغت 21 قتيلا، مشيرة إلى أن "أكثر من 70 شخصا أصيبوا" أيضا في هذا القصف المدفعي الذي نسبته إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

ونددت الشبكة بما وصفتها بالمجزرة في حق المدنيين في سنار، "واستهداف الدعم السريع لمواقع تجمعات المواطنين بالأسواق مما أدى لخسائر كبيرة وسط المدنيين العزل". 

واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق دقلو المعروف بحميدتي.

ودفع النزاع بالبلاد إلى حافة المجاعة، وتندد المنظمات الإنسانية منذ أشهر بانعدام الأمن الذي يمنعها من إيصال المساعدات.

وسيطرت قوات الدعم السريع أواخر يونيو على مدينة سنجة عاصمة سنّار. وأدت المعارك في الولاية إلى نزوح نحو 726 ألف شخص، وفق المنظمة الدولية للهجرة التي تفيد بأن سنّار كانت تستقبل أساسا أكثر من نصف مليون نازح بسبب الحرب بين الجيش والدعم السريع.

وتربط سنّار بين وسط السودان وجنوبه الشرقي الخاضع لسيطرة الجيش.

في أغسطس، قُتل 80 شخصا على الأقل وأصيب عشرات بجروح في هجوم شنته قوات الدعم السريع على قرية جلنقي في ولاية سنّار حسب مصدر طبي وشهود.

جرائم ضد الإنسانية

والجمعة، دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.

وخلُص الخبراء المكلّفون من مجلس حقوق الإنسان، في تقرير، إلى أنّ طرفي النزاع "ارتكبا سلسلة مروّعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم يمكن وصف كثير منها بأنّها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وفي بيان لها السبت، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن "حماية المدنيين أولوية قصوى لحكومة السودان"، مندّدة بـ"استهداف الميليشيا الممنهج للمدنيين والمؤسسات المدنية" في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

وتحدثت الوزارة عن "تناقض غريب" يحمله تقرير البعثة، إذ استنكرت "التوصية بحظر السلاح عن الجيش الوطني (وبأن) توكل مهمة حماية المدنيين لقوة دولية لا يعرف متى ستشكّل".

وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيانها "ترفض حكومة السودان توصيات بعثة تقصي الحقائق جملة وتفصيلا"، ورأت أنها "تجاوز واضح لتفويضها وصلاحيتها".

كما اعتبرت الوزارة أنّ "دور" مجلس حقوق الإنسان الأممي هو "دعم المسار الوطني إعمالا لمبدأ التكاملية وليس السعي لفرض آليه خارجيه بديلة".

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، حسب أرقام الأمم المتحدة. وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس الأحد في مدينة بورتسودان إن "المجتمع الدولي يبدو أنه نسي السودان ولا يولي اهتماما كبيرا للنزاع الذي يمزقه أو عواقبه على المنطقة".

وأوضح المدير العام الذي وصل الى بورتسودان السبت في زيارة رسمية أنّ "حجم الطوارئ صادم، وكذلك الإجراءات غير الكافية التي تُتّخذ للحد من الصراع".

وأشار إلى احتياج 14,7 مليون شخص في السودان إلى إغاثة عاجلة، موضحا أن التمويل المطلوب لهؤلاء يبلغ 2,7 مليار دولار "لم يتم توفير سوى أقل من نصفه".

ودعا المسؤول الأممي العالم "إلى الاستيقاظ ومساعدة السودان للخروج من الكابوس الذي يعيشه".

الجيش السوداني سيطر على مدينة ود مدني المحورية - رويترز
صورة أرشيفية لعناصر من الجيش السوداني

​في تصاعد مستمر للأحداث الميدانية في السودان، أفادت مصادر عسكرية سودانية بأن قوات الجيش تمكنت، السبت، من بسط سيطرتها على عدة مواقع استراتيجية في العاصمة الخرطوم. 

,شملت هذه المواقع مقرات تابعة لجهاز المخابرات العامة وسط المدينة، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الدعم السريع التي كانت متمركزة في المنطقة.​

وأضافت المصادر أن معارك اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في بعض العمارات الجنوبية المتاخمة لمحيط مطار الخرطوم الدولي. 

وأكدت تلك المصادر أن الجيش يواصل تقدمه باتجاه المطار والمناطق المحيطة به، بهدف تأمينها وإعادة بسط السيطرة الكاملة عليها.​

وفي تطور آخر، دخلت قوات الجيش السوداني جزيرة توتي، حيث قامت بعمليات تمشيط واسعة بحثًا عن جيوب محتملة لقوات الدعم السريع.

من جانبه، صرح العميد نبيل عبدالله، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، بأن القوات المسلحة بوسط الخرطوم تواصل الضغط على قوات الدعم السريع. 

وأكد سيطرة الجيش على فندق كورنثيا وإدارة المرافق الاستراتيجية الواقعة في الاتجاه الغربي من القصر الجمهوري.

وأضاف أن وحدات خاصة استطاعت تطهير مباني رئاسة جهاز المخابرات الوطني المتاخمة لمطار الخرطوم الدولي.​

وأشار العميد نبيل إلى أن وحدات من الجيش حققت مزيدًا من النجاحات ضد قوات الدعم السريع ليلة أمس الجمعة، حيث قضت على المئات من عناصر المليشيا التي حاولت الهروب من خلال جيوب بوسط العاصمة الخرطوم.

 كما أحكمت القوات سيطرتها على مواقع مهمة، بينها عمارة زين، بنك السودان، مصرف الساحل والصحراء، وبرج التعاونية.​

وفي سياق متصل، كثف الجيش، انطلاقًا من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، قصفه للمواقع التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع وسط الخرطوم. 

وأكدت المصادر حدوث مناوشات متقطعة في عدد من الشوارع والبنايات الواقعة في الاتجاه الجنوبي الغربي من منطقة وسط العاصمة.​

يُذكر أن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اندلعت في أبريل 2023، بعد خلافات حول عملية الانتقال الديمقراطي. 

ورغم توقيع عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار، إلا أن القتال استمر، مما أدى إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح الملايين.​