المعارك تتصاعد في السودان والأزمة الإنسانية تتصاعد - أرشيفية
المعارك تتصاعد في السودان والأزمة الإنسانية تتصاعد - أرشيفية

بدأ الجيش السوداني تحركات عسكرية، الخميس، تقدم خلالها عبر عدد من الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث، نحو أهداف لقوات الدعم السريع، في تطور بارز بالمعارك بين الجانبين، التي بدأت قبل أكثر من عام وأدخلت البلاد في أزمة سياسية وإنسانية واقتصادية كبيرة.

وقال مراسل الحرة، إن الجيش عبر تلك الجسور "وتقدم باتجاهات مختلفة نحو أهداف استراتيجية"، فيما هناك "اشتباكات ضارية مع قوات الدعم السريع في محاور الخرطوم وبحري وأم درمان".

ووصف المراسل العملية بأنها "واسعة النطاق وغير مسبوقة، بدأت منذ الساعة الثانية من فجر اليوم بالتوقيت المحلي"، لافتا إلى أن "المشهد العملياتي في العاصمة تغيّر".

وذكرت مصادر عسكرية للحرة، أن "الجيش السوداني يتحدث عن انفتاح بري بغرض السيطرة على مقرات وطرق استراتيجية وتفتيت تجمعات قوات الدعم السريع".

كما أفادت مصادر ميدانية للحرة، بأن هناك "اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، تُستخدم فيها أسلحة خفيفة وثقيلة، تدور منذ فجر اليوم (الثلاثاء) في وسط وجنوب وشمال الخرطوم، ومنطقة القيادة العامة للجيش، وقاعدة سلاح المدرعات العسكرية جنوب الخرطوم، وقاعدة سلاح الإشارة بالخرطوم بحري".

وأكدت المصادر سماع دوي انفجارات عنيفة مع تحليق مكثف للطيران الحربي بالخرطوم.

وحذر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، الأحد، من أن الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك"، مشيرا بالخصوص إلى أوضاع النازحين الذين يحاولون الفرار من البلد الغارق في الحرب.

وقال غراندي إن "هذه الأزمة الخطيرة للغاية - أزمة حقوق الإنسان والاحتياجات الإنسانية - تمر دون أن يلاحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.

وأوضح أنه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني هربوا إلى دول أخرى.

ومنذ أبريل 2023، تدور حرب طاحنة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وخلّفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، في حين يواجه حوالي 26 مليون سوداني انعداما حادا في الأمن الغذائي.

وأُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الواقع في إقليم دارفور قرب مدينة الفاشر، حيث شنّت قوات الدعم السريع، نهاية الأسبوع الماضي، هجوما "واسع النطاق" بعد حصار استم لعدة أشهر.

أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص
أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص

أوقعت أعمال عنف ضد سودانيين 12 قتيلا خلال يومين في جنوب السودان، حيث عاد الهدوء النسبي خلال الساعات الـ24 الماضية، على ما أعلنت القوات الأمنية في البلاد التي تعاني انعداما مزمنا للأمن.

وقد تحولت تظاهرة في العاصمة جوبا احتجاجا على تقارير عن مقتل 29 مواطنا من جنوب السودان في ود مدني بولاية الجزيرة في السودان المجاور، مساء الخميس إلى عمليات نهب استهدفت محال تجارية مملوكة لمواطنين سودانيين.

وأطلقت الشرطة النار لتفريق التجمع، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين، وفرضت السلطات الجمعة حظر تجوال ليلي مع تمدد الاحتجاجات إلى مدن أخرى.

وقالت الشرطة في تقرير أصدرته السبت إن "تسعة أشخاص لقوا حتفهم في مدينة أويل" في شمال البلاد الجمعة، مشيرة إلى أن اثنين من جنوب السودان وسبعة سودانيين كانوا من بين الضحايا.

والجمعة أيضا، أصيب 13 شخصا من جنوب السودان بالرصاص في تبادل لإطلاق النار في أماكن مختلفة في جوبا، وفق الشرطة.

وقال الناطق باسم الشرطة جون كاسارا في بيان السبت إن الوضع الأمني "هادئ ومستقر نسبيا في كل أنحاء البلاد خلال الساعات الـ24 الماضية".

وعادت الأمور إلى طبيعتها في العاصمة بحلول المساء، باستثناء متاجر سودانية بقيت مغلقة، وسط انتشار كثيف لقوات الأمن.

ونقلت شرطة ولاية وسط الاستوائية 278 سودانيا، بينهم 35 طفلا، إلى أماكن آمنة. وفي العاصمة، لا يزال 551 سودانيا في ملاجئ آمنة.

ودعا الرئيس سلفا كير إلى "ضبط النفس".

المعارك تحتدم في السودان.. ماذا بعد حديث "القتال 21 عاما"؟
"سنقاتلهم 21 عاما".. هكذا توعد قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) الجيش السوداني، بعد اعترافه بخسارة مدينة ود مدني الاستراتيجية في ولاية الجزيرة.

رأي محللون أن هذه الكلمات لا تعبر سوى عن حجم الهزائم التي تتلقاها قوات دقلو خلال الأسابيع الأخيرة أمام الجيش، وخصوصا في ولاية الجزيرة وسط البلاد، وفي الخرطوم أيضًا.

ويعيش السودان منذ أبريل 2023 حربا يتواجه فيها الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان مع قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو.

وقد أدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص، كما ترك مئات الآلاف تحت رحمة الجوع.

وتستضيف جنوب السودان عددا كبيرا من السودانيين المقيمين أو اللاجئين. وقد نالت البلاد استقلالها عن السودان المجاور عام 2011، وتعاني مذاك من عدم استقرار مزمن.

وفي عام 2013، انزلقت البلاد إلى حرب أهلية دامية بين سلفا كير ورياك مشار، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص ونزوح الملايين.

ورغم توقيع اتفاق السلام في عام 2018، لا تزال البلاد تعاني من صراعات على السلطة، مع استشراء الفساد والصراعات العرقية المحلية.

وأعلنت جنوب السودان العام الماضي تأجيل أول انتخابات في تاريخها الحديث لمدة عامين، والتي كان من المفترض أن تنهي الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الاتفاق.

وأعلن وفد حكومي على تلفزيون جنوب السودان أنه غادر السبت إلى العاصمة الكينية نيروبي، حيث من المقرر أن تُستأنف محادثات السلام الاثنين مع جماعات مسلحة لم توقّع على اتفاق العام 2018.

ولا تزال هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ اتفاق لوقف إطلاق النار في 2020 لم يتم احترامه.