تصريحات البرهان جاءت بعد أن شن الجيش هجوما بنيران المدفعية الثقيلة والضربات الجوية لاستعادة أراض في العاصمة السودانية
تصريحات البرهان جاءت بعد أن شن الجيش هجوما بنيران المدفعية الثقيلة والضربات الجوية لاستعادة أراض في العاصمة السودانية

أكد قائد قوات الدعم السريع السودانية، محمد حمدان دقلو، الملقب بـ "حميدتي"، الخميس، استعداده لتنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد وتسهيل توصيل المساعدات.

وأتت تعليقات دقلو في كلمة مسجلة موجهة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد كلمة مماثلة ألقاها قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، الخميس، أمام الجمعية المنعقدة نيويورك، ذكر فيها تأييده لجهود إنهاء الحرب المدمرة في بلده ما دامت ستنهي "احتلال" قوات الدعم السريع لأراض في السودان.

وذكر البرهان في كلمته أن دولا في المنطقة تقدم التمويل والأسلحة والمرتزقة لقوات الدعم السريع، دون تسمية أي منها.

وقال البرهان: "إننا في حكومة السودان مستعدون للانخراط في أي مبادرة تنهي هذه الحرب متى ما كانت هذه المبادرة تدعم الملكية الوطنية للحل وتنهي احتلال المليشيا المتمردة للمناطق المختلفة"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

وأضاف أن الحكومة المدعومة من الجيش لن تقبل مشاركة أي دولة تدعم قوات الدعم السريع في عملية السلام، وأن أي عملية كهذه يتعين أن تتضمن إلقاء قوات الدعم السريع لسلاحها والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

وأردف قائلا "أننا ماضون في هزيمة ودحر هؤلاء المعتدين مهما وجدوا من دعم ومساندة".

وجاءت تصريحات البرهان بعد أن شن الجيش، الخميس، هجوما بنيران المدفعية الثقيلة والضربات الجوية لاستعادة أراض في العاصمة السودانية، الخرطوم.

ورفض الجيش محادثات تقودها الولايات المتحدة في سويسرا الشهر الماضي استهدفت تحسين وصول المساعدات الإنسانية ورسم مسار نحو وقف إطلاق النار في السودان.

واعترض الجيش على مشاركة الإمارات في المحادثات، وذلك لأنها قدمت دعما ماديا لقوات الدعم السريع بحسب تقارير يقول خبراء من الأمم المتحدة إنها ذات مصداقية. ونفت الإمارات إرسال أسلحة لقوات الدعم السريع.

وقال البرهان أيضا، في كلمته، الخميس، إن الحكومة المدعومة من الجيش تفعل ما في وسعها لضمان وصول مواد الإغاثة إلى المحتاجين.

وقال موظفو إغاثة إن الحكومة والجيش دأبا على منع وصول المساعدات الإنسانية وإن قوات الدعم السريع تنهب إمدادات المساعدات.

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".