تعددت ردود الأفعال بعد إعلان بنك السودان المركزي طرح أوراق نقدية جديدة من فئتي الألف والخمسمائة جنيه، وإشارته إلى أن القرار جاء "لحماية العملة الوطنية، وضبط الانفلات في أسعار الصرف في السوق الموازي".
وأوضح البنك المركزي في بيان، السبت، أن خطوة تغيير العملة التي اتخذها تهدف لمعالجة الآثار السلبية للحرب الدائرة بالبلاد منذ منتصف أبريل 2023، وانتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر غير المطابقة للمواصفات الفنية، الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح، وكان له أثر سلبي على استقرار المستوى العام للأسعار.
وأكد البنك المركزي أن المصارف التجارية، وفروعها، ستواصل استلام العملات من فئتي الألف والخمسمائة جنيه من المواطنين وتوريدها وحفظها في حساباتهم وتمكينهم من استخدام أرصدتهم عبر وسائل الدفع المختلفة.
وأضاف أنه سيعلن لاحقًا عن تاريخ إيقاف التعامل بالطبعات الحالية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه، واعتبارها عملة غير مبرئه للذمة.
قرار المركزي خلف ردود فعل واسعة أبرزها تعليق قوات الدعم السريع على هذه الخطوة التي قالت في بيان "إن السلطة القائمة في بورتسودان"، حسب تعبيرها، لجأت لطرح العملة النقدية الجديدة لتغطية العجز في الإيرادات، وتمويل كُلفة الحرب.
وأكدت قوات الدعم السريع أنها لن تسمح بتمرير أجندات ما سمتها "الدولة القديمة"، ودعت السودانيين إلى رفض القرار وعدم إيداع أموالهم، وعدم التعامل بالعملة الجديدة، ووصفت الخطوة بأنها مشروع لتقسيم السودان.
وقالت قوات الدعم السريع في بيانها إن قرار بنك السودان المركزي بتغيير العملة في ظل الانهيار الشامل بالبلاد، واختلال النظام المصرفي وتعطله في أغلب الولايات "لا يستند إلى مسوغ قانوني، وتبطله نظم الحماية المالية للأفراد في ظل الكوارث والحروب، ويبقى محض تهور اقتصادي لتحقيق أهداف سياسية معلومة"، بحسب البيان.
ويقول الخبير الاقتصادي مصطفى البشاري إن التغيير الجزئي العملة السودانية جاء بعد أن تعرضت العملة النقدية للتهريب وأصبحت متاحة بصورة عشوائية بعد اندلاع الحرب بشكل يصعب عملية حصرها.
وأوضح أن تغيير العملية يسهل من عملية التحكم والرقابة في حجم العملة المتداولة في السوق النقدي، وكبح جماح التضخم الناتج عن الزيادات الكبيرة في الأسعار.
وعن تداعيات تغيير العملة النقدية على العالقين في مناطق الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، يقول المحلل الاقتصادي آدم أحمد إن الأثر سيكون كبيرًا على المواطنين في مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري بالعاصمة السودانية، وولاية الجزيرة وأجزاء واسعة من ولاية سنار وولايات دارفور، باستثناء مدينة الفاشر حيث لا توجد مصارف بنكية، وتسيطر قوات الدعم السريع على السيولة النقدية في تلك المناطق بشكل كبير.
ويرى أحمد ن الحل يكمن في تطبيق القرار بمرونة تسمح بتداول العملة النقدية القديمة بجانب العملة الجديدة لفترة تصل لستة أشهر على الأقل .
ومنذ اندلاع الحرب وتمددها لـ12 ولاية، تعرضت المصارف السودانية في مناطق الاقتتال لعمليات نهب وتدمير واسعة بجانب عمليات تزوير العملة النقدية، فضلا عن تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، حيث بلغ الدولار الأميركي الواحد 2300 جنيه في السوق الموازية، أي نحو أربعة أضعاف تداوله قبل اندلاع الحرب.
ويواجه الاقتصاد السوداني مستويات تضخم عالية تجاوزت نسبة 300% حسب أحدث التقديرات، في ظل تداول 90% من الكتلة النقدية المقدر حجمها بنحو 900 تريليون جنيه، خارج دائرة القطاع المصرفي.