دخان يتصاعد جراء معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم (أرشيفية من رويترز)
دخان يتصاعد جراء معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم (أرشيفية من رويترز)

قال سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى السودان، تيموثي كارني، إن "الدعم الأميركي مهم لإنهاء الحرب في السودان"، داعيا الإدارة المقبلة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إلى "تقديم الدعم اللوجستي والمالي للسودان، ودعم جهود نشر قوات حفظ السلام هناك".

واستبعد كارني أن يتمكن المبعوث الأميركي توم بيرييلو، من "عمل الكثير" في الفترة المتبقية من عمر إدارة الرئيس جو بايدن. 

وقال في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، إن إدارة بايدن "أخطأت مرتين بشأن الأزمة السودانية"، معتبرا أن "الأولى كانت عندما لم تخصص منذ بداية الأزمة مبعوثا رئاسيا يمتلك صلاحيات وسلطات، واكتفت بإرسال ممثل أو مبعوث من وزارة الخارجية".

وأضاف: "إرسال مبعوث أميركي ذو صلاحيات محدودة غير كاف للتعامل مع النزاع المسلح في السودان، خاصة أن الطرفين (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع) لا يرغبان بالسلام دون تحقيق نصر عسكري".

أما "الخطأ الثاني"، حسب كارني، هو "قرار واشنطن غلق سفارتها في الخرطوم وعدم افتتاح مقر دبلوماسي لها في بورتسودان".

وأشار سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى السودان، إلى أن إدارة ترامب السابقة تعاملت مع السودان عبر "الصفقات"، "حين وعدت برفع العقوبات ودعم البلد في حال وافقت الخرطوم على التطبيع مع إسرائيل عبر اتفاقيات أبراهام"، مضيفا أن عقد الصفقة هذه "أثمر بزيارة وزير الخارجية الأميركية آنذاك مايك بومبيو إلى السودان نهاية عام 2020".

أما الآن، يضيف كارني، فإنه "من الصعب أن تصل واشنطن إلى صفقة مع السودان، سيما مع تصاعد الأحداث في غزة"، على حد قوله.

واعتبر أن إدارة ترامب المقبلة "لن تعمل الكثير لدعم سلطة (قائد الجيش السوداني) عبد الفتاح البرهان، لكن أي تقدم في ملف السودان سيعتمد على ما تبذله الدول الإقليمية والاتحاد الإفريقي".

وفي هذا الصدد، أكد كارني أهمية أن تلعب الدول في الإتحاد الإفريقي ومنظمة "إيغاد" دورا في جهود السلام وإنهاء الصراع والأزمات في السودان، من خلال "نشر قوات حفظ السلام لحماية المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية".

وأنهى حديثه للحرة، بالإعراب عن اعتقاده أن "فرض عقوبات أميركية أو دولية لن يحل المشكلة السودانية، والمهم هو أن تحث الولايات المتحدة الدول الإقليمية القريبة من طرفي النزاع، مثل الإمارات ومصر والسعودية، على التعاون مع الاتحاد الإفريقي لوضح حد للحرب".

ويقود مهمة الأسابيع الأخيرة للإدارة الأميركية الحالية، في إيجاد حل سياسي للأزمة السودانية، المبعوث الأميركي للسودان توم بيريلو، وهذه المرة عبر اجتماعات بدأها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وبحث بيريلو مع وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية، سبل إيجاد حل سياسي دائم للصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، الذي أثر بشكل كبير على مناحي الحياة في البلاد.

ومن المقرر أن يصل بيريلو إلى مدينة بورتسودان، شرقي البلاد، في وقت لاحق، في إطار مساعيه الحثيثة لوقف القتال، الذي انطلق في منتصف أبريل من العام الماضي، ولم يتوقف حتى الآن.

وكان بيريلو قد صرح قبل أسابيع أنه تم فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الإفريقي، لإيجاد آلية مراقبة بشأن الاتفاقيات الحالية والمستقبليه، بهدف حماية المدنيين في السودان.

وعلى الرغم من ذلك، فإن طرفي النزاع لم يصغيا حتى الآن لكل مبادرات الحلول السياسية، واستمرا في القتال الذي لا يزال يحصد أرواح المزيد من المدنيين.

الجيش السوداني سيطر على مدينة ود مدني المحورية - رويترز
صورة أرشيفية لعناصر من الجيش السوداني

​في تصاعد مستمر للأحداث الميدانية في السودان، أفادت مصادر عسكرية سودانية بأن قوات الجيش تمكنت، السبت، من بسط سيطرتها على عدة مواقع استراتيجية في العاصمة الخرطوم. 

,شملت هذه المواقع مقرات تابعة لجهاز المخابرات العامة وسط المدينة، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الدعم السريع التي كانت متمركزة في المنطقة.​

وأضافت المصادر أن معارك اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في بعض العمارات الجنوبية المتاخمة لمحيط مطار الخرطوم الدولي. 

وأكدت تلك المصادر أن الجيش يواصل تقدمه باتجاه المطار والمناطق المحيطة به، بهدف تأمينها وإعادة بسط السيطرة الكاملة عليها.​

وفي تطور آخر، دخلت قوات الجيش السوداني جزيرة توتي، حيث قامت بعمليات تمشيط واسعة بحثًا عن جيوب محتملة لقوات الدعم السريع.

من جانبه، صرح العميد نبيل عبدالله، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، بأن القوات المسلحة بوسط الخرطوم تواصل الضغط على قوات الدعم السريع. 

وأكد سيطرة الجيش على فندق كورنثيا وإدارة المرافق الاستراتيجية الواقعة في الاتجاه الغربي من القصر الجمهوري.

وأضاف أن وحدات خاصة استطاعت تطهير مباني رئاسة جهاز المخابرات الوطني المتاخمة لمطار الخرطوم الدولي.​

وأشار العميد نبيل إلى أن وحدات من الجيش حققت مزيدًا من النجاحات ضد قوات الدعم السريع ليلة أمس الجمعة، حيث قضت على المئات من عناصر المليشيا التي حاولت الهروب من خلال جيوب بوسط العاصمة الخرطوم.

 كما أحكمت القوات سيطرتها على مواقع مهمة، بينها عمارة زين، بنك السودان، مصرف الساحل والصحراء، وبرج التعاونية.​

وفي سياق متصل، كثف الجيش، انطلاقًا من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، قصفه للمواقع التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع وسط الخرطوم. 

وأكدت المصادر حدوث مناوشات متقطعة في عدد من الشوارع والبنايات الواقعة في الاتجاه الجنوبي الغربي من منطقة وسط العاصمة.​

يُذكر أن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اندلعت في أبريل 2023، بعد خلافات حول عملية الانتقال الديمقراطي. 

ورغم توقيع عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار، إلا أن القتال استمر، مما أدى إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح الملايين.​