سودانية لجأت إلى تشاد بعد أن قالت إنها تعرضت للاغتصاب في الجنينة السودانية (رويترز)
سودانية لجأت إلى تشاد بعد أن قالت إنها تعرضت للاغتصاب في الجنينة السودانية (رويترز)

قوات الدعم السريع "اغتصبت مئات النساء في السودان، وأكثر.. رصدنا 554 حالة، وهذا العدد بسيط جدا مقارنة بما يحدث في الواقع"، تقول رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمة إسحق، لموقع "الحرة".

وصرحت: "رصدنا 554 حالة، وهناك تحديثات تصلنا تباعا من الولايات، خصوصا من الجزيرة التي تشهد عمليات نزوح كبيرة"، مضيفة: "هذا العدد بسيط جدا مقارنة بما يحدث في الواقع".

وشرحت إسحق أن عدم تسجيل جميع الحالات يعود إلى أسباب، من بينها "قطع الاتصالات، وقرار النساء بعدم التبليغ خوفا من الوصم المجتمعي".

ومع بداية الحرب في السودان، ترصد وحدة مكافحة العنف ضد المرأة الانتهاكات التي تمارس ضد النساء، وبشكل خاص من طرف قوات الدعم السريع.

العنف الجنسي ظاهرة انتشرت بشدة في السودان خلال الحرب - (فرانس برس)
"اغتصاب أمام العائلة".. روايات مروعة لضحايا العنف الجنسي في السودان
باب صغير هو كل ما كان يفصل أم عن ابنتها التي تتعرض للاغتصاب وتصرخ مطالبة النجدة، والاتهام هنا كان لاثنين من أفراد قوات الدعم السريع السودانية، حيث اعتدى أحدهما جنسيا على الابنة في غرفة منزلها، ووقف الآخر خارجها يهدد نساء أخريات في المنزل يتوسلن لمساعدتها.

جرت هذه الواقعة في الخرطوم، ولكنها لم تكن الوحيدة بالعاصمة وتكررت في مناطق سودانية أخرى، حيث حصل موقع "الحرة" على عدد من الشهادات من ضحايا وذويهم ومنظمة حقوقية، كشفت وقوع انتهاكات جنسية تصل إلى حد الاسترقاق الجنسي، وبشكل "ممنهج".

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، فرض عقوبات على حميدتي، بالإضافة إلى 7 شركات وفرد واحد مرتبطين بهذه القوات.

وقالت الوزارة إنه على مدار نحو عامين، تحت قيادة حميدتي، انخرطت "الدعم السريع" في "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع وإعدام المدنيين العزل والمقاتلين العزل".

وطالما نفت قوات الدعم السريع ارتكاب جرائم عنف جنسي على مدار سنوات الحرب.

واعتبرت إسحق أن "المجتمع الدولي تأخر كثيرا جدا في الاعتراف بجرائم الدعم السريع"، قائلة إن تلك القوات "استخدمت العنف الجنسي كسلاح في الحرب وبشكل واضح وممنهج".

وأضافت رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، والتي عُينت خلال حكومة عبد الله حمدوك، واستمرت في منصبها كمؤسسة حكومية: "تأخر قرار العقوبات كثيرا، لكنه جيد.. لقد كنا نتوقعه بشكل أبكر إحقاقا لحق النساء".

واتهمت الخارجية الأميركية القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، كاشفة أن عناصر من الدعم وميليشيات عربية متحالفة معهم، ارتكبوا "جرائم ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا".

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في بيان، الثلاثاء، "أفراد قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها قتلت الرجال والفتيان بشكل منهجي، وحتى الأطفال الرضع، على أساس عرقي".

وأضاف أنها أيضا "استهدفت عمدًا النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب، وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي".

ورغم أهميته، بدت إسحق غير متفائلة بشأن تأثير قرار العقوبات، وقالت للحرة: "ربما لا يؤثر كثيرا لأنه لا يوجد بالأساس خوف من العقاب، بل هناك فخر بارتكاب الجريمة".

وأوضحت: "هناك تسجيلات فيديو وصوت تشير إلى الفخر بانتهاك النساء"، مضيفة: "فكرة قبيحة تكشف عدم الخوف من العقاب وعدم الاكتراث بحجم وشكل الجريمة".

وقالت الأمم المتحدة، الإثنين، إن حوالي 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد 20 شهرا من الحرب، داعية إلى تعبئة دولية "غير مسبوقة" في مواجهة أزمة إنسانية "مروعة".

وأسفرت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان عن مقتل الآلاف، وسط تقديرات تراوح ما بين 20 ألفا و150 ألف شخص، بالإضافة إلى ما يقدر بنحو 11 مليون نازح. 

وتعتبر الأمم المتحدة أن الأزمة الناتجة عنها، واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.

وفي هذا الصدد، اعتبرت إسحق في حديثها للحرة، أن "الشيء الوحيد الذي سيكون له تأثير واضح (على حماية النساء ووقف الجرائم بحقهن) هو وضح حد لهذه الحرب"، وليس اعتماد العقوبات فقط.

أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص
أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص

أوقعت أعمال عنف ضد سودانيين 12 قتيلا خلال يومين في جنوب السودان، حيث عاد الهدوء النسبي خلال الساعات الـ24 الماضية، على ما أعلنت القوات الأمنية في البلاد التي تعاني انعداما مزمنا للأمن.

وقد تحولت تظاهرة في العاصمة جوبا احتجاجا على تقارير عن مقتل 29 مواطنا من جنوب السودان في ود مدني بولاية الجزيرة في السودان المجاور، مساء الخميس إلى عمليات نهب استهدفت محال تجارية مملوكة لمواطنين سودانيين.

وأطلقت الشرطة النار لتفريق التجمع، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين، وفرضت السلطات الجمعة حظر تجوال ليلي مع تمدد الاحتجاجات إلى مدن أخرى.

وقالت الشرطة في تقرير أصدرته السبت إن "تسعة أشخاص لقوا حتفهم في مدينة أويل" في شمال البلاد الجمعة، مشيرة إلى أن اثنين من جنوب السودان وسبعة سودانيين كانوا من بين الضحايا.

والجمعة أيضا، أصيب 13 شخصا من جنوب السودان بالرصاص في تبادل لإطلاق النار في أماكن مختلفة في جوبا، وفق الشرطة.

وقال الناطق باسم الشرطة جون كاسارا في بيان السبت إن الوضع الأمني "هادئ ومستقر نسبيا في كل أنحاء البلاد خلال الساعات الـ24 الماضية".

وعادت الأمور إلى طبيعتها في العاصمة بحلول المساء، باستثناء متاجر سودانية بقيت مغلقة، وسط انتشار كثيف لقوات الأمن.

ونقلت شرطة ولاية وسط الاستوائية 278 سودانيا، بينهم 35 طفلا، إلى أماكن آمنة. وفي العاصمة، لا يزال 551 سودانيا في ملاجئ آمنة.

ودعا الرئيس سلفا كير إلى "ضبط النفس".

الجيش السوداني سيطر على مدينة ود مدني المحورية - رويترز
المعارك تحتدم في السودان.. ماذا بعد حديث "القتال 21 عاما"؟
"سنقاتلهم 21 عاما".. هكذا توعد قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) الجيش السوداني، بعد اعترافه بخسارة مدينة ود مدني الاستراتيجية في ولاية الجزيرة.

رأي محللون أن هذه الكلمات لا تعبر سوى عن حجم الهزائم التي تتلقاها قوات دقلو خلال الأسابيع الأخيرة أمام الجيش، وخصوصا في ولاية الجزيرة وسط البلاد، وفي الخرطوم أيضًا.

ويعيش السودان منذ أبريل 2023 حربا يتواجه فيها الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان مع قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو.

وقد أدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص، كما ترك مئات الآلاف تحت رحمة الجوع.

وتستضيف جنوب السودان عددا كبيرا من السودانيين المقيمين أو اللاجئين. وقد نالت البلاد استقلالها عن السودان المجاور عام 2011، وتعاني مذاك من عدم استقرار مزمن.

وفي عام 2013، انزلقت البلاد إلى حرب أهلية دامية بين سلفا كير ورياك مشار، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص ونزوح الملايين.

ورغم توقيع اتفاق السلام في عام 2018، لا تزال البلاد تعاني من صراعات على السلطة، مع استشراء الفساد والصراعات العرقية المحلية.

وأعلنت جنوب السودان العام الماضي تأجيل أول انتخابات في تاريخها الحديث لمدة عامين، والتي كان من المفترض أن تنهي الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الاتفاق.

وأعلن وفد حكومي على تلفزيون جنوب السودان أنه غادر السبت إلى العاصمة الكينية نيروبي، حيث من المقرر أن تُستأنف محادثات السلام الاثنين مع جماعات مسلحة لم توقّع على اتفاق العام 2018.

ولا تزال هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ اتفاق لوقف إطلاق النار في 2020 لم يتم احترامه.