مظاهرة في القضارف السودانية في 22 فبراير 2025
مظاهرة في القضارف السودانية في 22 فبراير 2025

أبدى عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، قلقهم إزاء إعلان قوات الدعم السريع السودانية تشكيل حكومة موازية، في ظل الحرب التي تعيشها البلاد منذ نحو عامين.

وأعلنت قوات الدعم السريع، إلى جانب حلفائها من العسكريين والسياسيين، الأحد، عن تشكيل حكومة منافسة للحكومة الموالية للجيش، مما أدى إلى توتر دبلوماسي بين السودان وكينيا التي استضافت الإعلان عن الحكومة الموازية.

ووفقا لما أعلنه الموقعون على الاتفاق، الذي جرى توقيعه في جلسة مغلقة بالعاصمة الكينية نيروبي، فإن الميثاق ينص على تأسيس "حكومة سلام ووحدة" في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وخلال اجتماع لمجلس الأمن، حذر المندوب الأميركي جون كيلي من أن "مساعي قوات الدعم السريع والجهات المتحالفة معها لإنشاء حكومة داخل الأراضي التي تسيطر عليها لا تساهم في تحقيق السلام والأمن، بل تهدد بتقسيم السودان فعليا".

كما أعربت السفيرة البريطانية باربرا وودورد عن "قلقها العميق" إزاء هذه الخطوة، مؤكدة أن "الحفاظ على سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، كما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، أمر ضروري للتوصل إلى حل مستدام لهذا النزاع".

وتشارك فرنسا والصين هذا القلق، حيث أكد السفير الصيني فو كونغ أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى "تفكك السودان بشكل أكبر".

وفي السياق ذاته، دعا نائب السفير الجزائري توفيق العيد كودري، متحدثا نيابة عن الدول الإفريقية الثلاث في المجلس (الجزائر، الصومال، سيراليون) إلى جانب غيانا، قوات الدعم السريع وحلفاءها إلى "تقديم مصلحة السودان ووحدته الوطنية على أي اعتبارات أخرى".

وفي المقابل، أدان السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث محمد، هذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها "انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة ودستور الاتحاد الإفريقي"، موجهًا اتهاما لكينيا بدعم "مخطط يهدف إلى تفكيك السودان".

لكن السفير الكيني إيراستوس لوكالي نفى هذه المزاعم، مؤكدًا أن "الرئيس وليام روتو وحكومة كينيا لم يعترفا بأي كيان مستقل في السودان أو في أي مكان آخر".

من جانبه، اعتبر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان، رمطان لعمامرة، أن الخطوة التي أعلنتها قوات الدعم السريع تزيد من خطر تفتيت السودان.

ونبه لعمامرة إلى أن كل ما من شأنه أن يوسع الفجوة بين السودانيين بدلا من جمع شملهم "غير مرغوب فيه".

وقال إن الشعب السوداني هو صاحب القرار في تحديد مستقبله، مشددا على ضرورة أن يكون أي حل سلمي للأزمة السياسية الراهنة متوافقا مع سيادة البلاد ووحدتها.

وتشهد السودان حربا مستمرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، اندلعت على خلفية خلافات متفاقمة بشأن إدارة الحكومة والقوات المسلحة.

وتسببت الحرب في كارثة إنسانية كبرى، حيث تعد السودان الآن مسرحا لأكبر أزمة نزوح وجوع في العالم، وسط اتهامات متبادلة بارتكاب جرائم جسيمة بحق المدنيين، مما دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على عدد من القادة المتورطين في النزاع.

صورة أرشيفية من داخل القصر الرئاسي في الخرطوم - رويترز
صورة أرشيفية من داخل القصر الرئاسي في الخرطوم - رويترز

قال تلفزيون السودان الرسمي، الخميس، إن الجيش السوداني يقترب من السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم من قوات الدعم السريع.

وقال شهود عيان ومصادر عسكرية لرويترز إن اشتباكات عنيفة اندلعت في وقت متأخر من مساء الأربعاء قرب القصر الرئاسي مع سماع دوي انفجارات وضربات جوية للجيش استهدفت وسط العاصمة الخرطوم.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم غرب السودان وأجزاء من العاصمة بعد ما يقرب من عامين من اندلاع الحرب، لكنها تتكبد خسائر في وسط البلاد أمام الجيش.

وفي 2021، نفذ الطرفان العسكريان انقلابا أدى إلى تعطيل عملية الانتقال للحكم المدني، واندلعت الحرب في أبريل 2023 بعد أن أدت خطط تسليم جديدة للحكم إلى نشوب صراع عنيف.

وأدت الحرب إلى ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع اتهام قوات الدعم السريع والجيش بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.

ويستعيد الجيش منذ أسابيع عدة مناطق بعد أن ظلت لعامين تقريبا تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ بدء الصراع في أبريل 2023.

وتقول السلطات إنها تعثر على أدلة واسعة النطاق على عمليات قتل في مناطق كانت خاضعة سابقا لسيطرة قوات الدعم السريع.

ولم تستجب قوات الدعم السريع لطلب التعليق من رويترز. وكانت قد نفت سابقا اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق في المناطق التي سيطرت عليها، وقالت إن الجناة سيُحاسبون. كما اتهمت الجيش بارتكاب انتهاكات، وهو ما ينفيه الجيش أيضا.

وتسببت الحرب بمقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح وتهجير الملايين داخل البلاد وخارجها، وخسائر مادية واقتصادية فادحة بمختلف القطاعات.