مقاتلون في حلب، أرشيف
مقاتلون في حلب، أرشيف

أفاد مصدر دبلوماسي لبناني بأن دمشق وافقت الأربعاء على طلب لبنان تسليمه جثامين مقاتلين لبنانيين إسلاميين قتلوا الأسبوع الماضي في سورية على أيدي القوات النظامية.
 
وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن "السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي اتصل بوزير الخارجية عدنان منصور، وأبلغه بموافقة السلطات السورية" على تسليم جثث اللبنانيين الذين قضوا في مكمن للقوات النظامية في منطقة تلكلخ وسط سورية.
 
وعقد عصرا اجتماعا ضم وزير الخارجية اللبناني والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للبحث في الخطوات العملية للقيام بذلك.
 
وذكر مصدر في وزارة الخارجية للوكالة أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على "أن يتم تسليم الجثامين على ثلاث دفعات خلال أسبوع اعتبارا من السبت المقبل".
 
وتكتم المصدر على عدد الجثث التي سيتم تسليمها السبت أو على عدد الجثث العائدة للبنانيين والموجودة لدى السلطات السورية.
 
كما رفض الإفصاح عما إذا كان هناك أسرى أو أحياء بين أعضاء المجموعة التي تعرضت للمكمن.
 
وكان منصور قد طلب من السفير السوري الثلاثاء إعادة الجثث "لدواع إنسانية".
 
وأفادت مصادر أمنية ومحلية في طرابلس للوكالة بأن 21 شابا لبنانيا ينتمون إلى التيار الإسلامي في مدينة طرابلس قتلوا الجمعة في كمين نصبته القوات النظامية في تلكلخ المجاورة للحدود مع شمال لبنان. وكانوا في طريقهم للقتال إلى جانب معارضي النظام في سورية.
 
وخلال الأيام الأخيرة، وردت تقارير متناقضة عن أن بعض هؤلاء الشباب لا يزال حيا، أو هو قيد الاعتقال، لم يتم التأكد منها.
 
وتشهد مدينة طرابلس منذ ورود مقتل هؤلاء توترا انعكس اشتباكات بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية ومنطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية والمؤيدة له، أوقعت سبعة قتلى و57 جريحا منذ أمس الثلاثاء.

سوريا

"قتل وخطف واعتقالات".. حالات فردية أم بوادر انفلات أمني بسوريا؟

معاذ فريحات - واشنطن
26 يناير 2025

عادت "الفوضى الأمنية" إلى بعض المدن السورية، حيث تنتشر العديد من المقاطع المصورة لحالات اعتقال وخطف وحتى قتل، على ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن.

وقال عبد الرحمن لموقع "الحرة" إن السوريين يعيشون في ظروف تشبه تلك الأيام في عهد بشار الأسد، إذ تتكرر الجرائم بصورة أخرى، تحت ذريعة "تصرفات وأخطاء فردية" كما تصفها الإدارة السورية الجديدة.

وزاد أن فصائل مسلحة في عدة مدن، تقوم بعمليات تصفية، لعشرات الأشخاص لاعتبارات عديدة، أبرزها استهداف العسكريين السابقين، أو من يتهمونه بدعم النظام السابق، أو حتى لانتمائهم لطائفة معينة.

وفي حصيلة غير نهائية، وثق المرصد مقتل 189 شخصا على الأقل منذ بداية العام في عدد من المدن، بينهم خمس نساء.

ولفت عبدالرحمن إلى أن غالبية "هذه الجرائم الانتقامية، جرت بأسلوب التصفية، بحيث يقتحم مسلحون يرتدون الزي العسكري المنازل، ويلقون القبض على مواطنين، وبعد عدة أيام يتم العثور على جثثهم".

والجمعة، اقتحم مسلحون قرية في ريف حمص الغربي و"أعدموا 15 شخصا ميدانيا"، فيما جرى اعتقال أكثر من 50 شخصا آخرين، وسط مخاوف من إعدامهم.

وأرسل عبدالرحمن بعض صور القتلى لموقع "الحرة" عبر تطبيق واتساب والتي يتعذر نشرها لحساسيتها.

وكانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا قد طالبت الإدارة الجديدة منتصف يناير حماية المدنيين ومعاملة الذين ألقوا أسلحتهم معاملة إنسانية وحماية الأدلة على الجرائم للمساعدة في ضمان المساءلة في المستقبل.

انتشار الخطف

عناصر يتبعون للإدارة الجديدة التي تولت الحكم المؤقت بسوريا خلال عمليات ملاحقة "فلول نظام الأسد" (رويترز)

وإلى جانب القتل، تم تسجيل العديد من حالات الخطف لشخصيات من أساتذة جامعيين أو أطباء في عدة مدن، والتي غالبا ما يتم العثور عليهم جثة هامدة بعد عدة أيام.

وشبه عبدالرحمن ما يحصل من اختطاف بـ "العدوى"، مشيرا إلى وجود حالة من الفلتان الأمني، وقال إن "الإدارة الجديدة في دمشق تصف ما يحصل بحالات فردية"، ولكن هذا لا ينفي وجود اعتقالات تعسفية تشرف عليها الإدارة ذاتها.

الشرع لم يلتق بعائلات المعتقلين في سوريا حتى الآن . أرشيفية
عددهم ربما يفوق 100 ألف.. اتهامات للشرع بإهمال ملف المعتقلين
تكريس لحالة "الفوقية البيضاء" حيث قيمة حياة الرجل "الأبيض أعلى بكثير من حياة المواطن" السوري، بهذه الكلمات عبرت الناشطة السورية وفاء مصطفى عن "غضبها وحزنها" من واقع تعامل الإدارة السورية الجديدة مع ملف المعتقلين السوريين.

وقبل أيام، تم اختطاف الأستاذة الجامعية، رشا ناصر العلي، في مدينة حمص، وانتشرت أنباء تم نفيها بالعثور على جثتها مقطعة الأصابع.

وأكدت إدارة الامن العام في حمص، أن البحث عن رشا لا يزال مستمرا، واصفة المزاعم بالعثور عليها مقتولة بـ "الإشاعات".

اتحاد الكتاب العرب، نشر بيانا ناشد فيه الأجهزة الأمنية والعسكرية في حمص للمساعدة في العثور على أستاذة اللغة العربية في جامعة حمص، رشا، وطالبوا بإفراج المختطفين عنها.
 

رشا ليست الوحيدة التي تم اختطافها، إذا تم اختطاف طبيب من عيادته في دمشق، من قبل مسلحين قالوا إنهم من "هيئة تحرير الشام" وهي التنظيم الذي قاد العملية العسكرية الواسعة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسد في 8 ديسمبر الماضي.

وقبل أيام تم اعتقال نائب عميد كلية الصيدلة في جامعة الشام الخاصة، سلطان الصلخدي، من قبل مسلحين، وأفرج عنه بعد ساعات، ليتبين أن شكوى كيدية كانت السبب.

وأسفرت الحرب في سوريا التي اندلعت في مارس 2011 إثر قمع دام لتظاهرات سلمية مناهضة للاسد، عن أكثر من نصف مليون قتيل، وأجبرت الملايين على اللجوء أو النزوح ودمرت البنى التحتية للبلاد.

وتقول مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة إن أكثر من مئتي الف لاجىء عادوا الى سوريا منذ سقوط الأسد.

من المسؤول؟

قوات تابعة لهيئة تحرير الشام في دمشق - رويترز

وبشأن الفصائل التي تقوم بهذه الجرائم، يشرح مدير المرصد "أن بعضها من فصائل مسلحة لم يتبين أنها منضوية تحت هيئة تحرير الشام، وأنها ظهرت مؤخرا في العديد من المدن".

ويعتقد أن العديد من هذه الفصائل تشكلت من مجموعات مسلحة فرعية، وأصبحت تقوم "بعمليات انتقامية، مستهدفة العسكريين السابقين، أو أي من أبناء الطائفة العلوية أو الشيعية، وحتى اعتقال وتصفية أي شخص يعتقدون أنه كان داعما لنظام بشار الأسد، حتى وإن لم تتوفر لديهم أي أدلة على ذلك".

ويتخوف عبدالرحمن من أن "يصبح الانتقام، والتصفية سمة المرحلة الحالية" بحيث ينتشر في بعض المدن ما يطلق عليه "أخذ الحق باليد".

وقال المتحدث إن بعض الأشخاص يقومون بتنظيم فصائل مسلحة، ويرهبون الآخرين، فيما يستمر الانفلات الأمني، والفصائل التابعة للهيئة مشغولة في تنفيذ الاعتقالات، حيث تم اعتقال الآلاف في المدن السورية.

بعد ما يقرب من 14 عاما من الحرب الوحشية في سوريا، حيث تم ارتكاب كل الجرائم والفظائع، يدعو الجميع إلى تقديم الجناة إلى العدالة، أكان بشار الأسد نفسه أو المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات.

الفنان السوري، مازن الناطور، انتقد في مقابلة سابقة مع "الحرة" ممارسات وثقتها مقاطع فيديو لعمليات القبض على عناصر من النظام المخلوع من المتهمين بارتكاب انتهاكات بحق السوريين، داعيا إلى محاكمتهم وفق الأصول.

وقال: "رفقا بالمجرمين، لن نكون كالمجرم الأسبق"، في إشارة إلى الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، الذي اشتهر نظامه بممارسة صنوف التعذيب القاسية في السجون.

معاذ فريحات