متظاهرون ضد التدخل الإراني في سورية
متظاهرون ضد التدخل الإراني في سورية

أعلن التلفزيون الحكومي الإيراني الأربعاء أن مقاتلي المعارضة السورية أفرجوا عن 48 زائرا إيرانيا خطفوا في أغسطس/آب الماضي قرب دمشق، في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة غير حكومية تركية أن الحكومة السورية قررت الإفراج عن 2130 معتقلا مدنيا مقابل الإفراج عن المواطنين الإيرانيين.

وقال سيركان نرجس الناطق باسم مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية الإسلامية إن صفقة التبادل هي "ثمرة مفاوضات أجرتها منظمتنا لأشهر في إطار نشاط دبلوماسي أهلي"، مضيفا أن عمليات إطلاق سراح المعتقلين المدنيين تتم حاليا ومنذ صباح الأربعاء خصوصا في دمشق وحمص وإدلب واللاذقية وطرطوس.

وأشار سيركان إلى أن من بين هؤلاء المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم أربعة مواطنين أتراك.

وكان المتحدث باسم المجلس العسكري الثوري في دمشق وريفها أحمد الخطيب قد أشار إلى "ملامح صفقة تمت لإطلاق سراح 2135 معتقلا لدى النظام بينهم أسماء مهمة، مقابل الأسرى الإيرانيين".

وأكد الخطيب "اكتمال المفاوضات من الناحية النظرية"، لكنه رفض تقديم أي تفاصيل إضافية "قبل إتمام الصفقة" التي جرت "برعاية قطرية تركية وتدخل إيراني مع النظام".

وسبق لوزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أن أكد في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن بلاده تجري اتصالات مع قطر وتركيا الداعمتين للمعارضة السورية، إضافة إلى الحكومة السورية، سعيا للإفراج عن مواطنيها.

وهدد المقاتلون المعارضون مرتين على الأقل بقتل الرهائن، آخرها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رابطين بين مصيرهم واستمرار القصف على المناطق التي يتواجدون فيها، لا سيما في ريف دمشق.

قتلى في غارات جوية

ميدانيا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أربعة أطفال من عائلة واحدة قتلوا في وقت متأخر من ليل الثلاثاء في بلدة بالقرب من مدينة حمص وسط سورية جراء غارة جوية نفذتها طائرات حربية.

وأضاف المرصد في بيان له أن "قرية جباب حمد تعرضت للقصف بطائرة حربية تابعة للقوات النظامية ليل الثلاثاء ووردت معلومات أولية عن استشهاد عشرة مواطنين تم توثيق أسماء أربعة أطفال منهم ينتمون لعائلة واحدة".

وأضاف المرصد أن "مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة هاجموا ليل الثلاثاء مفرزة (مقر) للمخابرات عند مدخل بلدة الفرقلس ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف عناصر المفرزة".

وفي ريف دمشق، تحدث المرصد عن "انفجارات في محيط مبنى إدارة المركبات بين مدينتي عربين وحرستا منتصف ليل الثلاثاء، تبعها إطلاق نار كثيف".

كما تعرضت بلدة حجيرة البلد والسيدة زينب ومدينة المعضمية للقصف عند منتصف الليل، مع استمرار القوات النظامية في محاولتها السيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين في محيط دمشق.

في محافظة إدلب، تعرضت الأحياء الغربية من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية للقصف، بحسب المرصد الذي لم يتحدث عن سقوط ضحايا.

دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي تقوم بدورية في مدينة البعث السورية
دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي تقوم بدورية في مدينة البعث السورية

بهدوء شديد ووسط صمت سوري تام، وعلى وقع تغيرات تعيشها المنطقة كتبعات لهجوم السابع من أكتوبر 2023، يعزز الجيش الإسرائيلي من وجوده في سوريا ببناء منطقة أمنية تشمل تسعة مواقع عسكرية.

الأنباء التي نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية تشير إلى أن ثلاثة ألوية تعمل هناك مقارنة بكتيبة ونصف الكتيبة قبل هجمات السابع من أكتوبر.

النقاط العسكرية الإسرائيلية تقع في كل من القنيطرة وجبل الشيخ والحميدية.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صرح الشهر الماضي خلال زيارته لموقع تمركز القوات الإسرائيلية في جبل الشيخ، بأن اسرائيل ستبقى في المنطقة الأمنية لفترة غير محدودة.

وقال: "لن نسمح  للقوة المعادية بترسيخ وجودها في جنوب سوريا".

ويرى عضو هيئة التفاوض السورية سابقا، يحيى العريضي، في مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة" أن هذا التصريح يعكس حالة القلق والاضطراب داخل إسرائيل ومحاولتها تشتيت الانتباه عما يجري في غزة.

مناطق السيطرة في سوريا

كما أن هذا التصريح يشير، بحسب العريضي، إلى سعي إسرائيل للقضاء على أي قدرة عسكرية سورية، خصوصا بعد استهدافها مواقع عسكرية قبل 8 ديسمبر 2024، وهو تاريخ سقوط نظام بشار الأسد، ودخول قوات المعارضة بزعامة هيئة تحرير الشام إلى دمشق.

وجاء التوغل الإسرائيلي في وقت تعيش فيه الدولة السورية في ظل نظام سياسي هش لا يزال يتلمس خطواته ويلملم شتات نفسه، ويسعى للانفتاح على المجتمع الدولي لحشد الدعم اللازم لإعادة إعمار البلد الذي دمره صراع استمر لسنوات.

يضاف إلى كل ذلك وضع الجيش السوري المفكك والمنهك، والذي تركت الغارات الإسرائيلية المتواصلة مخازنه خالية من الأسلحة، ما يطرح تساؤلات حول شكل خريطة سوريا في ظل هذه المتغيرات.

ويرى العريضي أن "إسرائيل كانت مرتاحة لاتفاقية فصل القوات منذ عام 1974، لكن التغيرات الأخيرة في سوريا بعد 14 عاما من مقاومة الاستبداد تثير قلقها، حيث بدا أن النظام السابق كان أكثر راحة لها".

التحركات الإسرائيلية يقابلها هدوء تام من الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، الذي اكتفى بالتأكيد على التزام إدارته باتفاق عام 1974 مع إسرائيل، داعيا لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة.

واعتبر الشرع أن التقدم الإسرائيلي للمنطقة العازلة كان بذريعة وجود الميليشيات الإيرانية وأفراد من حزب الله، وأن هذه الميليشيات غير موجودة في الوقت الحالي.

لكن رئيس قسم الأبحاث في منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، أور يساكر، اعتبر في مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة"، أن المعاهدة التي وقعتها بلاده مع حكومة الأسد عام 1974 "أصبحت ملغية بعد سقوط النظام".

وأشار يساكر إلى أن "إسرائيل تسيطر على المنطقة العازلة في هضبة الجولان نتيجة للميزة الجغرافية".

وقال إن "المزيد من الفرق العسكرية ستوضع هناك لأن اسرائيل تعتقد أن النظام الجديد في سوريا غير مستقر وتسيطر عليه مجموعة متمردة".

وأضاف: "لهذا السبب، إسرائيل دمرت الجيش السوري خلال 48 ساعة، استخدمت أو دمرت الذخائر والأسلحة الاستراتيجية حتى لا تقع في الأيدي الخطأ".