الدمار جراء انفجار في حلب، ارشيف
الدمار جراء انفجار في حلب، ارشيف

قلّل البيت الأبيض من شأن تقرير صحافي أشار إلى استخدام القوات السورية السلاح الكيميائي على شكل غازات سامة في ديسمبر/كانون الأول الماضي في مدينة حمص.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض تومي فيتور في بيان إن التقرير الذي رأيناه من مصادر إعلامية حول حوادث الأسلحة الكيميائية المزعومة في سورية، "لا ينسجم مع ما نعتقد أنه حقيقي في ما يتعلق ببرنامج الأسلحة الكيميائية في سورية".

وتابع فيتور قائلا "لقد كان الرئيس أوباما واضحا جدا حين قال إنه في حال ارتكب نظام الرئيس السوري بشار الأسد هذا الخطأ المأساوي باستخدام السلاح الكيميائي، أو فشل بتنفيذ التزاماته بتأمينها، سيتم تحميل النظام المسؤولية".

وذكر تقرير نشرته صحيفة فورين بوليسي الثلاثاء، أن برقية سرية أرسلت من القنصلية الأميركية في اسطنبول أشارت إلى أن القنصلية تحقق في مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في مدينة حمص في 23 ديسمبر/كانون الأول.

وأشار إلى أن البرقية تحمل توقيع القنصل الأميركي العام في اسطنبول سكوت فريدريك كيلنير، وأرسلت إلى وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، وتتضمن نتائج تحقيق القنصلية في تقارير من داخل سورية حول استخدام السلاح الكيميائي في تلك الحادثة.

وشمل تقرير القنصلية بحسب الصحيفة سلسلة من المقابلات مع ناشطين وأطباء ومنشقين عن النظام، كما شمل لقاء بين موظفين في القنصلية ومصطفى الشيخ، الذي وصف بأنه منشق رفيع المستوى كان عميداً في الجيش السوري ومسؤولا مهما في برنامج أسلحة الدمار الشامل السورية.

وأشارت الصحيفة إلى أن تقرير القنصلية تم إعداده بفضل منظمة "باسما" غير الحكومية التي تستخدمها الحكومة الأميركية في سورية، وهي ساهمت في التواصل بين مسؤولي القنصلية وشهود على الحادثة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في إدارة أوباما القول إنه "لا يمكن أن نقول مئة في المئة أنه تم استخدام أسلحة كيميائية، إنما السوريون الذين نحن على اتصال بهم قدّموا أدلة على أن العنصر 15 (الكيميائي) تم استخدامه في حمص في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي".

دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي تقوم بدورية في مدينة البعث السورية
دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي تقوم بدورية في مدينة البعث السورية

بهدوء شديد ووسط صمت سوري تام، وعلى وقع تغيرات تعيشها المنطقة كتبعات لهجوم السابع من أكتوبر 2023، يعزز الجيش الإسرائيلي من وجوده في سوريا ببناء منطقة أمنية تشمل تسعة مواقع عسكرية.

الأنباء التي نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية تشير إلى أن ثلاثة ألوية تعمل هناك مقارنة بكتيبة ونصف الكتيبة قبل هجمات السابع من أكتوبر.

النقاط العسكرية الإسرائيلية تقع في كل من القنيطرة وجبل الشيخ والحميدية.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صرح الشهر الماضي خلال زيارته لموقع تمركز القوات الإسرائيلية في جبل الشيخ، بأن اسرائيل ستبقى في المنطقة الأمنية لفترة غير محدودة.

وقال: "لن نسمح  للقوة المعادية بترسيخ وجودها في جنوب سوريا".

ويرى عضو هيئة التفاوض السورية سابقا، يحيى العريضي، في مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة" أن هذا التصريح يعكس حالة القلق والاضطراب داخل إسرائيل ومحاولتها تشتيت الانتباه عما يجري في غزة.

مناطق السيطرة في سوريا

كما أن هذا التصريح يشير، بحسب العريضي، إلى سعي إسرائيل للقضاء على أي قدرة عسكرية سورية، خصوصا بعد استهدافها مواقع عسكرية قبل 8 ديسمبر 2024، وهو تاريخ سقوط نظام بشار الأسد، ودخول قوات المعارضة بزعامة هيئة تحرير الشام إلى دمشق.

وجاء التوغل الإسرائيلي في وقت تعيش فيه الدولة السورية في ظل نظام سياسي هش لا يزال يتلمس خطواته ويلملم شتات نفسه، ويسعى للانفتاح على المجتمع الدولي لحشد الدعم اللازم لإعادة إعمار البلد الذي دمره صراع استمر لسنوات.

يضاف إلى كل ذلك وضع الجيش السوري المفكك والمنهك، والذي تركت الغارات الإسرائيلية المتواصلة مخازنه خالية من الأسلحة، ما يطرح تساؤلات حول شكل خريطة سوريا في ظل هذه المتغيرات.

ويرى العريضي أن "إسرائيل كانت مرتاحة لاتفاقية فصل القوات منذ عام 1974، لكن التغيرات الأخيرة في سوريا بعد 14 عاما من مقاومة الاستبداد تثير قلقها، حيث بدا أن النظام السابق كان أكثر راحة لها".

التحركات الإسرائيلية يقابلها هدوء تام من الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، الذي اكتفى بالتأكيد على التزام إدارته باتفاق عام 1974 مع إسرائيل، داعيا لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة.

واعتبر الشرع أن التقدم الإسرائيلي للمنطقة العازلة كان بذريعة وجود الميليشيات الإيرانية وأفراد من حزب الله، وأن هذه الميليشيات غير موجودة في الوقت الحالي.

لكن رئيس قسم الأبحاث في منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، أور يساكر، اعتبر في مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة"، أن المعاهدة التي وقعتها بلاده مع حكومة الأسد عام 1974 "أصبحت ملغية بعد سقوط النظام".

وأشار يساكر إلى أن "إسرائيل تسيطر على المنطقة العازلة في هضبة الجولان نتيجة للميزة الجغرافية".

وقال إن "المزيد من الفرق العسكرية ستوضع هناك لأن اسرائيل تعتقد أن النظام الجديد في سوريا غير مستقر وتسيطر عليه مجموعة متمردة".

وأضاف: "لهذا السبب، إسرائيل دمرت الجيش السوري خلال 48 ساعة، استخدمت أو دمرت الذخائر والأسلحة الاستراتيجية حتى لا تقع في الأيدي الخطأ".