نبيل العربي، أرشيف
نبيل العربي، أرشيف

قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي يوم الاثنين إنه لا توجد حتى الآن "أي بارقة أمل" بنجاح مهمة الموفد الدولي والعربي إلى سورية الاخضر الإبراهيمي.

وأضاف العربي في كلمته أمام قمة عربية اقتصادية في الرياض "أجد نفسي مضطرا لأن أقر بأن جميع الاتصالات التي أجراها الإبراهيمي لم تسفر حتى الآن عن أي بارقة أمل لوضع هذه الأزمة على طريق الانفراج وبدء المرحلة الانتقالية التي تقررت منذ أكثر من ستة شهور".

وتابع قائلا "إنني أضع أمام هذا المحفل طرحا ضروريا هو دعوة مجلس الأمن الدولي لأن يجتمع فورا ويصدر قرارا ملزما بوقف إطلاق النار حتى يتوقف شلال الدم في سورية".

ودعا العربي كذلك إلى "انتشار قوة مراقبة دولية للتحقق من أن القتال قد توقف حتى يمكن أن تتحقق طموحات ومطالب الشعب السوري الذي انتفض منذ عامين".

وكان الإبراهيمي عين موفدا إلى سورية من قبل الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2012 خلفا للامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان الذي اقر بفشل مهمته واستقال في الثاني من أغسطس/آب الماضي.

زيارة لقطر

في غضون ذلك، قام رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض احمد معاذ الخطيب بزيارة خاطفة إلى قطر لطلب مساعدة مالية للمعارضة التي بدأت مشاورات حول تشكيل حكومة انتقالية، كما أعلن المعارض السوري لؤي صافي يوم الاثنين.

وقال صافي إن الخطيب أجرى "محادثات مثمرة" الأحد مع المسؤولين في قطر وخصوصا مع رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني.

وأضاف أن رئيس الائتلاف المعارض عاد اليوم الاثنين إلى اسطنبول التي تستضيف اجتماعا للمعارضة السورية وذلك بعد أن طلب مساعدة مالية إضافية من قطر يتم تخصيصها للمعارضين المسلحين في سورية.

وقال صافي إن هذه الزيارة "ستنعكس ايجابا على قرار تشكيل حكومة انتقالية لأن أطرافا في الائتلاف ليسوا موافقين على تشكيل مثل هذه الحكومة قبل انشاء صندوق دولي مكلف بدعمها".

وكان الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي اعترفت به دول غربية وعربية عدة، بدأ الاحد اجتماعات في اسطنبول في محاولة لتشكيل حكومة انتقالية.

لكن المجلس الوطني السوري، أبرز مكونات المعارضة السورية، أعلن الاثنين أن قرار تشكيل حكومة انتقالية أرجىء إلى حين الحصول على دعم للقوات المقاتلة على الأرض.

وأكد المجلس في بيان أنه قرر تشكيل لجنة "لإجراء المشاورات مع قوى الثورة والمعارضة والجيش الحر والدول الصديقة والشقيقة لاستكشاف آراء الأطراف حول تشكيل الحكومة المؤقتة ومدى الوفاء بالالتزامات الضرورية لعملها ماديا وسياسيا".

الفريج يتوعد

في غضون ذلك، قال وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج يوم الاثنين إن بلاده "ستفشل المؤامرة عليها وتحقق النصر، بعد تدمير العصابات الإرهابية"، بحسب ما نقل التلفزيون الرسمي السوري.

وقال الفريج إن "سورية هي الدولة الوحيدة التي تعمل على تحرير فلسطين والدول العربية المحتلة، لذلك يتآمرون عليها بقيادة صهيونية أميركية وبتمويل من بعض الأنظمة العربية لمصلحة إسرائيل".

وتابع قائلا "نحن الآن نتصدى لهذه المؤامرة وسنفشل هذه المؤامرة وسننتصر على كل من خطط وتآمر على سورية الغالية".

ومضى يقول إن الجيش السوري "استطاع خلال العامين الماضيين من المؤامرة أن يوقع الخسائر الجسيمة في صفوف العصابات الإرهابية المسلحة التي أدخلها المتآمرون وجندها المتآمرون في داخل القطر العربي السوري"، مضيفا "سنتابع ملاحقة هذه العصابات في كل مكان من أرض القطر العربي السوري لتحقيق النصر الأخير عليها وتدميرها وإفشال هذه المؤامرة".

ويطلق النظام عبارة "العصابات الإرهابية المسلحة" على المجموعات المقاتلة المعارضة، ويتحدث إعلامه يوميا عن القضاء على مجموعات كبيرة منها وعلى تدمير مخازن أسلحة ومصادرة كميات من الذخيرة، وهي أمور لا يمكن التحقق منها على الأرض.

وتسبب النزاع السوري المستمر منذ 22 شهرا بمقتل أكثر من 60 ألف شخص، بحسب أرقام الأمم المتحدة، غالبيتهم من المدنيين.

إيران وضعت مواطئ قدم كثيرة لها في سوريا
تُعرف جماعة حزب الله اللبنانية بدعمها للنظام السوري على أصعدة عدة | Source: AFP

قبل أسبوعين، وبينما كان حزب الله يتلقى الضربات الكبيرة في جنوب لبنان راجت معلومات بين أوساط المدنيين في شمال غرب سوريا تفيد بأن الفصائل المسلحة هناك بصدد إطلاق معركة لتوسيع رقعة سيطرتها، وبهدف "اغتنام فرصة الضعف" الذي تعيشه الجماعة اللبنانية، وهي المساندة لقوات النظام السوري في عدة جبهات على الأرض.

ورغم أن تلك المعلومات بقيت في نطاق غير رسمي كان لرواجها تداعيات على الأرض، ووصلت في آخر محطاتها إلى حد اتجاه الجانب الروسي لتنفيذ أكثر من 25 غارة جوية في يوم واحد (الاثنين)، في سلوك أشبه "بالرسائل"، حسبما يقول خبراء ومراقبون لموقع "الحرة".

الغارات لا تزال مستمرة حتى الآن، وهي الأعنف والأشد بعد فترة هدوء استمرت 3 أشهر، وكان قد سبقها اتجاه النظام السوري لاستقدام تعزيزات عسكرية إلى الجبهات التي تفصله مع فصائل المعارضة في شمال سوريا، مما دفع آلاف المدنيين للنزوح خارج مناطقهم الواقعة على خطوط التماس.

ويقول مدير فريق "منسقو الاستجابة" في شمال سوريا، محمد حلاج، لموقع "الحرة" إنهم وثقوا منذ بداية الأول من أكتوبر وحتى السابع من هذا الشهر نزوح 7 آلاف و200 شخص من القرى والبلدات المحاذية لخطوط التماس.

ويضيف أن أسباب النزوح ارتبطت أولا بالمعلومات التي انتشرت عن بوادر حصول عمليات عسكرية في المنطقة بشمال غربي البلاد. وبعدما بدأت الطائرات الروسية شن غاراتها غير المسبوقة منذ 3 أشهر الاثنين ازدادت الحالة على نحو أكبر.

وتسيطر فصائل من المعارضة المسلحة منذ سنوات على مناطق ليست بالكبيرة في شمال غربي البلاد، وتتصدرها "هيئة تحرير الشام" المصنفة على قوائم الإرهاب.

وفي حين أن "تحرير الشام" لم تعلن بشكل رسمي عن نواياها بشأن إطلاق عمل عسكري كانت الأوساط المرتبطة بها تلمح إلى قرب تنفيذ ذلك، وبالشراكة مع فصائل أخرى تنضوي جميعا فيما يعرف بـ"غرفة عمليات الفتح المبين".

ودفع ما سبق النظام السوري لاستقدام قوات إلى نقاطه المنتشرة في شمال غرب سوريا، وتزامن مع ذلك اتجاه وسائل إعلامه إلى الحديث عن "رسائل تحذير من مغبة الإقدام على أي تهور"، على حد تعبير صحيفة "الوطن".

وذكرت الصحيفة في عددها الصادر الاثنين أن "الضربات الجوية الروسية تصب في إطار التحذيرات"، وخصوصا أن "تحرير الشام تعمد إلى حشد مسلحيها على جبهات القتال بهدف شن عدوان واسع".

"فصل جديد من الخوف"

ودائما ما يدفع المدنيون في شمال غرب سوريا ثمن العمليات العسكرية والقصف الروسي المرافق لها، ومنذ سنوات فقد الآلاف منهم أرواحهم ووصل الحال بآخرين للعيش في مخيمات تقع على طول الحدود السورية مع تركيا.

ويشرح الصحفي السوري المقيم في إدلب، عز الدين زكور لموقع "الحرة" الواقع الراهن في الشمال الغربي للبلاد ويقول إن "الأجواء التي تخيم على المنطقة وخاصة في إدلب باتت لا تخرج عن إطار الترقب والحذر".

ويقول إن "التصعيد العسكري من قبل الطائرات الروسية تسبب بقلق كبير للأهالي"، وحتى أن الحالة ذاتها انعكست على صعيد الفصائل العسكرية، من منطلق أن الغارات هي الأشد بعد فترة هدوء استمرت ثلاثة أشهر.

الغارات الروسية التي بلغت يوم الاثنين 25 استهدفت مواقع عدة في ريف محافظات إدلب وحلب واللاذقية.

وبحسب زكور طالت "بنك أهداف قديم"، الأمر الذي يشير بأن ما حصل "كان بمثابة رسائل سياسية أكثر منها عسكرية".

طوال سنوات الحرب الماضية في سوريا أصبحت محافظة إدلب في الشمال الغربي للبلاد الملاذ الأخير للسوريين الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه، وبحسب إحصائيات لمنظمات إنسانية يقيم فيها أكثر من 4 ملايين مدني.

وتخضع المحافظة لاتفاقيات تركية- روسية، تدخل إيران بجزء منها أيضا ضمن تفاهمات "أستانة".

ولا يعرف ما إذا كانت الفصائل العسكرية المعارضة تنوي إطلاق عمل عسكري باتجاه مواقع سيطرة النظام السوري أم لا، ومع ذلك يرى الصحفي السوري أن أي هجمات جديدة على المنطقة وقد تطال الأحياء المدنية ستكون "كارثة مضاعفة".

وتعاني مناطق شمال غرب سوريا من "كارثة مركبّة" بالفعل، كما يشرح الناشط الإنساني، محمد حلاج، مشيرا بمعرض حديثه إلى "انخفاض حجم التمويل المخصص للنازحين وأزمة السكن الحاصلة".

ويقول إنهم يتخوفون من أي عملية عسكرية قد تسفر عن نزوح أكثر من 200 ألف مدني من المناطق القريبة من خطوط التماس ومن مدينة إدلب أيضا المكتظة بالسكان.

"المنطقة لم تعد تحتمل"

وعلى مدى الأيام الماضية كان الآلاف من السوريين الفارين من لبنان قد وصلوا إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة، بجزئيها: ريف حلب ومحافظة إدلب.

ومن شأن أي عملية عسكرية أو حالة تصعيد جديدة أن تهدد أرواح كثر وتسفر عن أزمة إنسانية غير مسبوقة، نظرا للاكتظاظ الحاصل في السكان هناك.

ويضيف الناشط الإنساني حلاج: "هناك خطورة كبيرة على المنطقة من حيث عدد السكان. لم تعد تحتمل".

ويشير إلى أن عامل الخطورة يدعم محركاته على نحو كبير "أزمة ضعف التمويل وانخفاض الدعم"، وقرب دخولنا بفصل الشتاء، فضلا عن أزمة الحصول على منزل والتضخم والغلاء في الأسعار.

المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في شمال سوريا لا يوجد لها أي منفس تجاري وإنساني سوى مع الجانب التركي.

ورغم أن تلك المناطق ترتبط بعدة معابر حدودية وداخلية ليس من السهل على المدنيين الفرار إلى أي منطقة أخرى، في حالة اندلاع أي عملية عسكرية جديدة.

ويرى الباحث في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان أن الغارات التي بدأت روسيا بتنفيذها هي نوع من "عرض العضلات، ولكي تقول إنها تملك السماء ولديها القدرة على تنفيذ ضربات واسعة في جغرافيا مترامية الأطراف وبوقت قليل جدا".

وفي المقابل يعتبرها في حديثه لموقع "الحرة" كـ"رسالة بأن لدى موسكو قوة جوية مؤذية ولا تزال حاضرة في المشهد السوري".

من ناحية أخرى يستبعد شعبان يستبعد أن تكون التعزيزات العسكرية التي استقدمتها قوات النظام السوري إلى المنطقة "هجومية"، ويوضح أنها دفاعية وتذهب أسباب وصولها بعدة اتجاهات.

وقد تكون بغرض تعزيز الجبهات بعد الترويج الحاصل من جانب فصائل المعارضة بشأن الهجوم المرتقب، ويمكن أن تكون جزءا من "محاولة ضبط خطوط التماس بعدما كانت تمسكها أذرع تتبع لحزب الله".

"رسائل إنذار"

يوضح شعبان أن الأهداف التي طالتها الغارات الروسية يوم الاثنين كانت "عشوائية"، مما يدعم فرضية أنها عبارة عن "رسائل إنذار".

وفي حين لا يستبعد أن تكون موسكو تبحث عن جبهة "لكي ترد اعتبارها بعدما انكسرت في عدة جبهات في الساحة الأوكرانية" يشير إلى أن "تاريخ روسيا في سوريا يؤكد أنها تحرق الأرض بكل ما فيها ولو بوجود المدنيين في حال تعرضت للاستفزاز".

ومن جانبه يقول المحلل السياسي المقيم في موسكو، محمود الفندي إن الهجمات الروسية الجديدة على مناطق شمال غرب سوريا "بمثابة ثمار لما روجت له جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) في الأيام الماضية"، في إشارة منه لحالة الترويج بشأن وجود عمل عسكري.

ويعتبر في حديثه لموقع "الحرة" أن الهجمات قد تكون مرتبطة أيضا بما تحدث عنه المسؤولون الروس مؤخرا، إذ ادعوا أن الفصائل في شمال غرب سوريا تتواصل مع المخابرات الأوكرانية لتنفيذ هجمات ضد القوات الروسية في سوريا.

"لا تغيير للسيطرة"

منذ عام 2020 لم تتغير حدود السيطرة بين أطراف النفوذ الفاعلة في سوريا. ويشمل ذلك فصائل المعارضة في شمال سوريا و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي من البلاد.

وفيما يتعلق بإدلب دائما ما تتجه الأنظار، عند بحث ملفها، إلى الاتفاقيات والتفاهمات التي أبرمتها تركيا مع روسيا، وكان أشهرها في 2020 عندما التقى الرئيسين، فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان.

وما تشهده مناطق شمال غرب سوريا الآن من حالة "عدم يقين" يأتي في ظل غموض يشوب مسار العلاقة بين تركيا وروسيا من جهة وتركيا والنظام السوري من جهة أخرى.

ورغم أن كل من أنقرة ودمشق كانتا اتخذتا مؤخرا خطوات للأمام على صعيد فتح أبواب الحوار لم تصلا إلى نتيجة حتى الآن، في ظل إصرار النظام السوري على شرط انسحاب القوات التركية من سوريا.

وطالما أكد المسؤولون الأتراك وبينهم وزير الخارجية، حقان فيدان أن "فترة الهدوء المستمرة من 6 - 7 سنوات أتاحت للنظام السوري الفرصة لحل بعض مشكلاته السياسية وحل مشكلات البنية التحتية والاقتصاد".

وأضاف في يوليو الماضي: "والآن علينا تحويل هذه الحالة المؤقتة إلى حالة أكثر ديمومة"، مركزاً على ضرورة حل مسألة "الإرهاب" وقضية اللاجئين.

ويعطي ما سبق مؤشرا على عدم وجود أي نية لدى تركيا لتغيير حدود السيطرة على الأرض.

ويعتقد الباحث السياسي والأمني التركي، عمر أوزكيزيلجيك أن "المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام لا تملكان القدرة على شن هجوم والنجاح بدون دعم جوي تركي مباشر".

و "لا يزال سلاح الجو الروسي العامل الرئيسي الذي يغير قواعد اللعبة في المنطقة"، بحسب قوله لموقع "الحرة".

النشاط الجوي الروسي الأخير وتعزيزات نظام الأسد وإيران على الخطوط الأمامية محاولة للإشارة إلى أن أولوياتهم ليست محاربة إسرائيل، بل المعارضة السورية، بحسب أوزكيزيلجيك.

ويوضح أن "هذه التطورات تهدف إلى ردع المعارضة السورية عن شن هجوم".

ومع ذلك، فإن العملية التي تقودها تركيا ضد "وحدات حماية الشعب" (العماد العسكري لقسد) قد تكون احتمالا، وتعتمد هذه العملية على التفاهم التركي- الروسي أو التركي- الأميركي.

بوجهة نظر الباحث الأمني التركي "فقد ولت الأيام في سوريا حيث يمكن للجهات المسلحة غير الحكومية تغيير السيطرة الإقليمية".

لكنه يؤكد في المقابل أن ما سبق "لا يعني أن هذه الجهات المحلية لا يمكنها الاستفزاز والتصعيد لجر الجهات الفاعلة الحكومية للمواجهة".

ومن جانبه يقول الباحث شعبان إن "الجميع في سوريا يسير على خيط رفيع جدا.. وقد تتغير كل الحسابات بلحظة واحدة في حال اختل أي شيء".