وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يتحدث بعد اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي، أرشيف
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يتحدث بعد اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي، أرشيف

عبرت إسرائيل يوم الاثنين عن قلقها من تطورات الأوضاع في سورية، وذلك في وقت انقسمت فيه الدول الأوروبية حول إمكانية تزويد المعارضة السورية بالسلاح لحسم المعركة ضد نظام بشار الأسد.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأورووبي في بروكسل إن "التباين استمر بين وزراء الخارجية حول تزويد المعارضة السورية بالسلاح" مشيرا إلى أن هذه المسألة "باتت تطرح بشكل متزايد" في صفوف الاتحاد الأوروبي.

وتابع قائلا "يبدو لي أن قضية رفع الحظر على الأسلحة تطرح أكثر فأكثر لأننا نشهد انعدام توازن بين بشار الأسد الذي يتزود بأسلحة قوية مصدرها إيران وروسيا من جانب، وبين الائتلاف الوطني الذي لا يملك هذه الأسلحة نفسها من جانب آخر".

وبدوره قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنه "في ظل عدم وجود حل سياسي للأزمة في سورية، علينا أن نستمر في زيادة دعمنا للمعارضة".

وأضاف أن بريطانيا قررت إرسال سترات واقية للرصاص وآليات مدرعة وتقديم مساعدة للمعارضة السورية.

لكن وزراء آخرين كرروا معارضتهم تقديم معدات عسكرية، إذ قال السويدي كارل بيلت إنه "ينبغي إيجاد حل سياسي للصراع. ليس هناك حل عسكري".

ومن جانبه اقترح الوزير الألماني غيدو فسترفيلي تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية بهدف "مساعدة المعارضة في إعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها"، وخصوصا في شمال البلاد وشرقها.

غير أن الوزير البلجيكي ديدييه ريندرز أبدى "تشاؤمه وخشيته من استمرار النزاع إلى ما لا نهاية"، معتبرا أن "المعتدلين وحدهم هم غير مسلحين" بخلاف النظام والمتطرفين.

ومن ناحيته قال موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية الأخضر الإبراهيمي بعد مشاركته في الاجتماع إن "الوزراء أكدوا أن الأولوية تبقى لإيجاد حل سياسي، وهو أمر لا غنى عنه".

ودعا الإبراهيمي الأوروبيين إلى "التحرك لجعل هذا الحل السياسي ممكنا"، مضيفا أن "الحل العسكري غير وارد".

ولم يعلن الوزراء قرارات جديدة في شأن سورية بعدما سمحوا الشهر الماضي لمن يرغب من دول الاتحاد الأوروبي بتقديم معدات غير قاتلة ومساعدة تقنية إلى المعارضة السورية.

وكان رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد سليم ادريس دعا الأسبوع الماضي في بروكسل الدول الغربية إلى إمداد المعارضة السورية بالأسلحة والذخيرة معتبرا أن المسلحين سيتمكنون من الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد "خلال شهر" في حال حصولهم على المساعدات.

قلق إسرائيلي

في شأن متصل، أكد قائد أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بني غانتز يوم الاثنين أن "المنظمات الإرهابية" التي تقاتل إلى جانب المعارضة السورية تعزز وجودها على الأرض.

وقال الجنرال غانتز في مؤتمر سنوي حول الأمن يعقد في هرتزيليا، شمال تل أبيب، إن "الوضع في سورية أصبح خطيرا للغاية. المنظمات الإرهابية تعزز وجودها على الأرض. إنها في هذه المرحلة تحارب ضد الأسد لكنها قد تتحول ضدنا مستقبلا".

وأضاف أن "السلاح الإستراتيجي الضخم الذي تملكه سورية يمكن أن يقع في أيدي هذه المنظمات الإرهابية"، في إشارة إلى الأسلحة الكيميائية وأنظمة الدفاع الجوي السورية.

حزب الله

وبشأن لبنان حذر الجنرال غانتز من "خطر انفجار إستراتيجي يمكن أن يحدث في أي لحظة"، على حد قوله.

وأعرب عن أمله في أن "يستمر الأثر الرادع الذي فرضناه على حزب الله خلال حرب 2006 وإلا سيكون علينا التحرك بكل القوة اللازمة وبصورة فعالة ضد حزب الله وأيضا ضد كل ما يحيط بهذه المنظمة".

وفي صيف 2006 شنت إسرائيل حربا استمرت 34 يوما على حزب الله لكنها لم تتمكن من شل قدرته.

وأوقعت هذه الحرب أكثر من 1200 قتيل معظمهم من المدنيين في الجانب اللبناني و160 قتيلا في الجانب الإسرائيلي معظمهم من العسكريين.

الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز
الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز

قالت عدة مصادر مطلعة إن بناء برج ترامب في دمشق وتهدئة التوتر مع إسرائيل ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى النفط والغاز السوري تندرج جميعها في خطة استراتيجية يتبناها الرئيس السوري، أحمد الشرع، في محاولة للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط.

ويحاول جوناثان باس، وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب، التقى مع الشرع في 30 أبريل لمدة أربع ساعات في دمشق، إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية، ترتيب لقاء تاريخي، وإن كان مستبعدا للغاية، بين الرئيسين هذا الأسبوع على هامش زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.

وتكافح سوريا لتنفيذ الشروط التي وضعتها واشنطن لتخفيف العقوبات الأميركية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عاما.

ويأمل باس أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الرئيس الجمهوري وإدارته تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل. ولا تزال الولايات المتحدة تضع الشرع على قائمة الإرهاب بسبب صلاته السابقة بتنظيم القاعدة.

ويرتكز جزء من هذه الرهانات على سجل ترامب في كسر المحظورات التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية، مثل لقائه بزعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين عام 2019.

وقال باس "الشرع يريد صفقة تجارية لمستقبل بلاده"، مشيرا إلى أن هذه الصفقة قد تشمل استغلال الطاقة والتعاون في مواجهة إيران والتعامل مع إسرائيل.

وأضاف "لقد أخبرني (الشرع) بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".

وأشار باس إلى أن الشرع تحدث أيضا عما يراه رابطا شخصيا بينه وبين ترامب: كلاهما تعرّض لمحاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة.

ولم يرد مسؤولون سوريون ولا مسؤول إعلامي في الرئاسة على طلب للتعليق.

وذكرت الرئاسة السورية أن الشرع تحدث إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد.

وقال مصدر مقرب من الشرع إن لقاء ترامب والشرع لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الشرع تلقى دعوة.

وأضاف المصدر "لن نعرف ما إذا كان هذا الاجتماع سيعقد أم لا حتى اللحظة الأخيرة".

جهود لترتيب لقاء

من الواضح أن عقد لقاء بين ترامب والشرع خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة أمر غير مرجح على نطاق واسع، نظرا لجدول أعمال ترامب المزدحم وأولوياته والافتقار إلى التوافق داخل فريق ترامب حول كيفية التعامل مع سوريا.

وقال مصدر مطلع على الجهود الجارية إن اجتماعا سوريا أميركيا رفيع المستوى من المقرر أن يعقد في المنطقة خلال الأسبوع الذي سيزورها فيه ترامب، لكنه لن يكون بين ترامب والشرع.

وقال تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط "هناك بالتأكيد مساع جارية".

وأضاف "الفكرة هي أن الوصول إلى ترامب بشكل مباشر هو أفضل طريق لأن هناك الكثير من أصحاب الأيدولوجيات داخل الإدارة لدرجة يصعب تجاوزهم".

وقالت ثلاثة مصادر، أحدهم مسؤول أميركي مطلع على عملية صنع السياسات، إن واشنطن لم تتمكن بعد من صياغة وتوضيح سياسة متماسكة تجاه سوريا، لكن الإدارة تنظر بشكل متزايد إلى العلاقات مع دمشق من منظور مكافحة الإرهاب.

وذكر اثنان من المصادر أن هذا النهج اتضح خلال تشكيل الوفد الأميركي في اجتماع عقد الشهر الماضي بين واشنطن ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك، والذي ضم مسؤولا كبيرا لمكافحة الإرهاب من وزارة الخارجية.

ووفقا للمصادر، قال مسؤولون أميركيون لشيباني إن واشنطن وجدت أن الخطوات التي اتخذتها دمشق غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بالمطلب الأميركي باستبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الجيش وطرد أكبر عدد ممكن منهم.

وقال أحد المصادر إن وزارة الخزانة الأميركية نقلت منذ ذلك الحين مطالبها إلى الحكومة السورية، مما رفع عدد الشروط إلى أكثر من اثني عشر.

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية الكشف عن هوية من حضر الاجتماع من الجانب الأميركي، وقالت إنها لا تعلق على المناقشات الدبلوماسية الخاصة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جيمس هيويت، إن تصرفات السلطات المؤقتة في سوريا سوف تحدد الدعم الأميركي المستقبلي أو تخفيف العقوبات المحتمل.

غصن الزيتون

أحد الأهداف الرئيسية لمبادرات سوريا تجاه واشنطن هو توصيل رسالة مفادها أنها لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، التي صعدت من هجماتها الجوية في سوريا منذ أن أطاحت قوات المعارضة التي أصبحت تحكم البلاد الآن بالرئيس السابق بشار الأسد في نهاية العام الماضي.

واحتلت قوات برية إسرائيلية أراضي في جنوب غرب سوريا بينما ضغطت الحكومة على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا لامركزية ومعزولة.

وقالت إسرائيل إنها تهدف إلى حماية الأقليات السورية، في حين رفضت سوريا الضربات ووصفتها بأنها تصعيدية.

وأكد الشرع الأسبوع الماضي وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بهدف تهدئة التوترات، بعد أن ذكرت رويترز أن مثل هذه المحادثات جرت عبر الإمارات.

وفي مسعى منفصل، قال باس إن الشرع طلب منه نقل رسائل بين سوريا وإسرائيل ربما أدت إلى لقاء مباشر بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين.

لكن إسرائيل استأنفت الضربات سريعا، بما في ذلك ضربة بالقرب من القصر الرئاسي، والتي اعتبرتها رسالة إلى حكام سوريا لحماية الأقلية الدرزية في البلاد وسط اشتباكات مع المسلحين السنة.

وأضاف باس أن "الشرع أرسل غصن زيتون للإسرائيليين، وأرسلت إسرائيل الصواريخ".

وقال "نريد من ترامب المساعدة في ترتيب هذه العلاقة".