معاذ الخطيب يفتتح مقر سفارة الائتلاف في قطر
معاذ الخطيب يفتتح مقر سفارة الائتلاف في قطر

قال نزار الحراكي سفير الائتلاف السوري المعارض لدى قطر إن الدوحة سلمت الائتلاف مقرا ليتخذه سفارة رسمية لديها.

وأضاف الحراكي في اتصال مع موقع "راديو سوا" أن السفارة تقع في الحي الدبلوماسي في الدوحة، مشيرا إلى أن افتتاحها خطوة مهمة على طريق محاصرة نظام الرئيس بشار الأسد سياسيا ودبلوماسيا وإفقاده الشرعية الدولية.

وتوقع الحراكي أن تحذو دول أخرى حذو قطر خاصة الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
وقال "نحن نشكر حكومة قطر على هذه الخطوة الجريئة والمتقدمة حقيقة، ونتمنى من باقي الدول الشقيقة والصديقة على الأقل الدول التي اعترفت بالائتلاف الوطني كممثل شرعي ووحيد، أن تبادر بإعطاء مقعد أو سفارة سورية في بلدانها".

وأضاف "هذه خطوة نحن نحتاجها لدعم موقفنا السياسي ودعم العمل الدبلوماسي في رعاية الجالية حتى نحاصر النظام من الخارج سياسيا ودبلوماسيا ونسقطه إن شاء الله تعالى".

وتوقع الحراكي أن يكون للسفارة دور في العمل الإغاثي للاجئين السوريين في الدول المجاورة لسورية، وأضاف "نسعى لعملية تنسيق وتنظيم مع هذه الجمعيات الخيرية العملاقة في قطر، نسعى إلى بلورة عمل موحد لإغاثة أهلنا في المناطق المجاورة لسورية".

وأشار الحراكي إلى اضطلاع سفارة الائتلاف في قطر بمهمة تجديد جوازات السفر للسوريين، مشددا على ضرورة الاعتراف الدولي السريع بخطوة تسليم مقر السفارة للائتلاف السوري المعارض.

وجاء افتتاح السفارة بعد شغل الائتلاف مقعد الجمهورية السورية في الجامعة العربية واعتباره "الممثل الشرعي والوحيد للسوريين".

حفل التدشين

ودشن رئيس ائتلاف المعارضة أحمد معاذ الخطيب بصحبة وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري خالد العطية مقر السفارة في الدوحة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الخطيب في كلمة أمام عشرات السفراء والدبلوماسيين المعتمدين في قطر، وبحضور مجموعة من المواطنين السوريين المؤيدين للمعارضة إنه  تم "افتتاح أول سفارة باسم الشعب السوري الذي اغتصب حقه لمدة خمسين عاما".

ورفع "علم الاستقلال" الذي تعتمده المعارضة فوق المبنى أثناء عزف النشيد الوطني السوري، وبذلك تعتبر قطر أول دولة في العالم تمنح الائتلاف رتبة سفارة، وذلك بعد أن منحت الجامعة العربية في قمتها التي عقدتها في الدوحة الثلاثاء مقاعد دمشق في الجامعة وفي جميع المؤسسات التابعة لها للائتلاف.

وهذا مقطع فيديو يظهر حفل افتتاح السفارة:



في المقابل، قال المحلل السياسي السوري في  دمشق مضر بركات في اتصال أجراه معه "راديو سوا" إن منح قطر سفارة للمعارضة السورية يعد تحاملا على بلاده، على حد تعبيره.

وأضاف أن "الجهة الوحيدة التي أعتقد شخصيا أنها متحاملة على سورية ومشاركة بكل ما تحمل الكلمة من معنى هي الأسرة الحاكمة في قطر".

ويذكر أن سفارة سورية في قطر مغلقة كما في معظم الدول العربية، ويحظى الائتلاف المعارض بسفراء ولكن ليس بسفارة في عدد من الدول هي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وليبيا وتركيا ومجلس التعاون الخليجي.

الشرع والجهاد الإسلامي

بالتزامن مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تحدثت تقارير عن اعتقال القوات الأمنية السورية قياديين بارزين من حركة الجهاد الإسلامي، في حدث يبدو شديد الدلالة على التحولات الكبيرة التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي.

وقالت "سرايا القدس"، وهي الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، في بيان الأربعاء إن خالد خالد مسؤول الحركة في سوريا وياسر الزفري مسؤول لجنتها التنظيمية محتجزان لدى السلطات السورية منذ خمسة أيام.

وأضافت أن السلطات ألقت القبض على الرجلين "دون توضيح أسباب الاعتقال وبطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة". ودعت إلى "الإفراج" عنهما. 

وأكد مسؤول في وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز نبأ إلقاء القبض على القياديين في الحركة، لكنه لم يجب عن أسئلة لاحقة حول سبب اعتقالهما.

حركة "الجهاد الإسلامي" هي إحدى أهم الفصائل الفلسطينية المسلحة، وإن كانت أكثرها غموضاً وتعقيداً، من حيث تاريخها وأيديولوجيتها. صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ونمت لتصبح ثاني أكبر حركة مسلحة في قطاع غزة وثالث أكبر حركة في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من أنها أصدرت أول بيان علني لها في 11 ديسمبر عام 1987، كان وجودها واحدا من أكثر أسرار المقاومة الفلسطينية كتمانا. تأسست الحركة في قطاع غزة عام 1981 على يد مجموعة من الطلاب الفلسطينيين الذين لم يسبق لأحدهم أن أمسك بسلاح، لكنها سريعاً تحولت إلى استخدام العنف ضد أهداف إسرائيلية في عام 1984، أي قبل خمس سنوات من ظهور حركة حماس.

واكتسبت الحركة سمعة سيئة بسبب طبيعة هجماتها المثيرة للجدل في عنفها، ومواقفها المتصلبة ضد إسرائيل. وكان الشعار الذي طرحته هو: "الإسلام، الجهاد، وفلسطين": الإسلام كنقطة انطلاق، الجهاد كوسيلة، وتحرير فلسطين كهدف.

وكانت الحركة ولا تزال ملتزمة بـ"لاءات ثلاث": لا تفاوض، ولا حل الدولتين، ولا اعتراف بإسرائيل.

في كتابه "تاريخ الجهاد الإسلامي الفلسطيني: الإيمان والوعي والثورة في الشرق الأوسط"، يروي الباحث إيريك سكير حكاية جذور تأسيس حركة الجهاد الإسلامي، التي بدأت من رسم وضعه فتحي الشقاقي (مؤسس الحركة/ اغتيل في العام ١٩٩٥) على ورقة في مارس 1979، يمثل مستطيلًا يتقاطع مع دائرة. 

كان هذا الرسم، بحسب سكير، يمثل مشروعهم السياسي الجديد، ويحتوي على ثلاث مساحات متميزة. تمثل المساحة الأولى "الإخوة الذين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين فقط". ثم هناك "الإخوة الذين كانوا أعضاء في كل من جماعة الإخوان والمشروع الجديد الذي يشكل نوعاً ما انشقاقاً عن الإخوان. وأخيراً، هناك أولئك الذين انضموا إلى هذا المشروع دون أن يكونوا من الإخوان المسلمين. كانت هذه المنظمة تُعرف بـ "الطلائع الإسلامية"، وهي نواة حركة الجهاد الإسلامي.

والتعقيد في سيرة الجهاد الإسلامي وتموضعها، مرده إلى عوامل عديدة لعبت دوراً في رسم هوية الحركة وتشكيل أفكارها من روافد متنوعة، وقد تبدو أحياناً متناقضة. فهي كما يرى باحثون، بينهم الباحثة الإسرائيلية مائير هاتينا، نشأت من تأثير حاسم للجماعات المصرية المتطرفة في السبعينيات. 

وفي المقابل، تركز الباحثة، بفيرلي ميلتون إدواردز، على صراع الحركة مع جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الثمانينيات، بشأن المقاومة المسلحة. وبينهما رأي، يتوقف عنده إيريك سكير في كتابه، يقول بأن "الجهاد الإسلامي" خرجت تأثراً بالثورة الإيرانية عام ١٩٧٩. 

وفي الحالات كلها، تبدو حركة "الجهاد الإسلامي" اليوم في قلب هذه التناقضات، فهي الفصيل الأقرب فلسطينياً إلى إيران تمويلاً وتسليحاً مع إشارات إلى حالات "تشيّع" داخل الحركة. ومع ذلك فإن تنسيقها مع حماس لم يتوقف، حتى مع التباين بين حماس و"الجهاد" حول قضية الثورة السورية، وبقاء الجهاد الإسلامي في "حضن" النظام السوري مستفيدة من الحماية التي وفرها لها، في وقت كانت حماس تبتعد عن النظام بسبب مزاج الثورة القريب من الإخوان المسلمين.

مع ذلك نسقت حماس مع "الجهاد" هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وتحتفظ بأسرى إسرائيليين.

ومع تولي أحمد الشرع السلطة في سوريا، تزداد الأمور تعقيداً. فالشرع يميل، بحسب معطيات عديدة، إلى الاقتراب أكثر من تسوية مع إسرائيل قد تستكمل باتفاقية سلام، والابتعاد أكثر عن حماس وما تمثله. ولقاؤه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس يصب في هذا السياق.

ولا يحيد اعتقال الأمن السوري القياديين في "الجهاد" عن هذا "النهج"، ويأتي استكمالاً للمزاج السياسي للشرع المبتعد بوضوح، إلى حد القطيعة، عن إيران. إذ قطعت القيادة السورية الجديدة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتأمل في إعادة بناء الدعم الإقليمي والدولي لسوريا، لا سيما رفع العقوبات وتمويل إعادة الإعمار بعد حرب أهلية مدمرة استمرت 14 عاماً.

لكن قد لا يعني اعتقال القياديين في الجهاد أن الشرع سيفعل الشيء ذاته مع حركة "حماس" في سوريا، على الأقل في الفترة المقبلة، كما يوضح نائب مدير مركز كارنيغي، الباحث مهند الحاج علي، لموقع "الحرة". بل إن الشرع على الغالب سيحافظ على العلاقة التاريخية بحماس لما تمثله من امتداد يرتبط بالإخوان المسلمين. 

وإذا كان الشرع في وارد "بيع" حماس، فإنه بالتأكيد سيطلب ثمناً عالياً لقاء ذلك. ويعتقد الحاج علي أن حماس لن تُحرج الشرع وستلتزم بما يناسبه في سوريا، حتى لو عنى ذلك قطع التواصل مع إيران، وإن كان الباحث في كارنيغي يتوقع أن تلعب حماس أدواراً في المستقبل لتحسين علاقات الشرع بإيران.

وأوردت وكالة رويترز في تقرير الشهر الماضي أن الولايات المتحدة قدمت لسوريا قائمة شروط يتعين الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. وذكرت مصادر لرويترز أن أحد الشروط هو إبعاد الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران.