أحمد معاذ الخطيب خلال حفل افتتاح مبنى السفارة في قطر
أحمد معاذ الخطيب خلال حفل افتتاح مبنى السفارة في قطر

تنتعش آمال المعارضة السورية في إمكانية الاعتراف بها ممثلا للشعب السوري على الصعيد الدولي بعد القمة العربية التي انعقدت مطلع الأسبوع الجاري في الدوحة، فيما تتباين تصورّات المراقبين من المغزى السياسي لجلوس رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب في مقعد سورية في القمة.
 
ويمثل افتتاح سفارة للمعارضة السورية في قطر خطوة إضافية في سبيل الدعم الذي تبذله بعض الدول العربية للائتلاف السوري المعارض، بعد مبادرة منح مقعد دمشق في جامعة الدول العربية لهذا الائتلاف، والذي جاء تنفيذا لقرار المجلس الوزاري العربي في اجتماعه في القاهرة يوم السادس من مارس/آذار الحالي، حسب رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم أل ثاني.
 
بدوره، علل الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قرار اعتراف الجامعة بالمعارضة السورية "بسبب إصرار السلطات السورية على التنكيل بشعبها وعدم الاستجابة لدعوات السلم"، مؤكدا "أن المصلحة السورية فوق كل اعتبار".
 
قرار متأخر
 
ورحبت المعارضة السورية بهذا القرار حتى لو جاء متأخرا، حسب تعبير المتحدث الإعلامي باسم الجيش الحر فهد المصري، الذي قال إن "السوريين تلقوا هذا القرار الشجاع والجريء بفرح يشوبه الكثير من الألم والحزن لأنه تأخر كثيرا". وأضاف أن نتيجة هذا التأخير كانت أكثر من 100 ألف معتقل وعشرات آلاف الضحايا وأكثر من ثلاثة ملايين نازح داخل سورية وأكثر من مليون لاجئ، إضافة إلى دمار البنية التحتية ودمار أكثر من ثلاثة ملايين مبنى في العديد من المدن السورية.
 
مقعد سورية في الأمم المتحدة
 
وإذا كان قرار الجامعة يرفع الغطاء السياسي والدبلوماسي عن نظام الرئيس بشار الأسد، فإنه لا يعدو أن يكون خطوة في سبيل الاعتراف التام بالمعارضة السورية كيانا سياسيا يمثل الشعب السوري.
 
ولكن على أي مستوى؟
 
قال المصري "الآن تم رفع الغطاء العربي عن النظام السوري بإعطاء مقعد الجامعة العربية للمعارضة السورية نحن ننتظر خطوات فاعلة أكثر من المجتمع الدولي عبر رفع الغطاء السياسي عن بشار الأسد بمنح مقعد الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها للمعارضة السورية وأيضا تسليم السفارات، مما يرفع الغطاء السياسي عنه بشكل نهائي وكامل".
 
وفي حين تتجه أنظار المعارضة السورية إلى الأمم المتحدة بعد قمة الدوحة يظل الاعتراف بها أمرا معقدا وبعيد المنال في الوقت الراهن، حسب رأي الرئيس الفخري للصحافة الأجنبية في فرنسا إيلي مصبونجي، الذي قال إن الأمر سيتطلب "المرور بمفاوضات ذات مستوى ونطاق مختلفين، ثم أن اعتراف الجامعة العربية سابقة خطيرة".
 
وقال مصبونجي إن الخطورة تكمن في أنه يمكن لهذا الوضع أن يتكرر في أكثر من دولة، وتساءل "ماذا ستفعل جامعة الدولة العربية؟ هل ستسلم معقد أي بلد فيه معارضة ومشاكل في الشوارع واقتتال؟"
 
وسائل تحسم المعركة
 
وأضاف مصبونجي أنه حتى إذا ما كان القرار انتصارا دبلوماسيا، فإن المعارضة السورية بحاجة أكثر إلى وسائل تحسم بها المعارك الميدانية "لإنهاء معاناة الشعب"، مشيرا إلى أن قرار الجامعة قد لا يجلب إلا المزيد من تصلب النظام السوري وحلفائه.
 
في هذا الإطار، قلل الصحافي السوري في دمشق مضر بركات من شأن قرار الجامعة، معربا في الوقت ذاته عن استعداد دمشق للتصدي لكل محاولة لزعزعة النظام.
 
وأضاف بركات أن قرار جامعة "بتسليح الإرهاب في سورية ودعمهم لوجيستيا لن يجديهم نفعا إلا إذا شاؤوا أن يكون إعلان حرب على سورية. واعتقد أنه لو كان لهم مصلحة في ذلك لما تأخروا في ذلك".
 
وتلاحظ جين كينينمونت من معهد الدراسات السياسية والإستراتيجية شاتهام هاوس في لندن، أن عددا من دول الخليج أبدت تبرما من المواقف الأوروبية والأميركية المتحفظة بشأن التدخل في الأزمة السورية على الرغم من الحاجة الماسة للشعب السوري، بيد أن الوسيط الدولي السابق كوفي عنان أصر على ضرورة السعي لإطفاء الحريق بدل صب الزيت على النار.

تطلعات الائتلاف السوري المعارض بين قمة الدوحة والأمم المتحدة

تنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا في إطار التحالف الذي أنشأته لمحاربة تنظيم داعش
تنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا في إطار التحالف الذي أنشأته لمحاربة تنظيم داعش

ما أن أعلن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الاميركية، حتى بدأت التقارير والتوقعات والتكهنات بشان خططه المستقبلية تتوالى.

الوجود العسكري الأميركي في سوريا كان أحد هذه المواضيع، إذ أشارت تقارير إلى أن ترامب يعتزم سحب القوات الأميركية من الشمال السوري بحسب روبرت أف كندي جونيور ألذي أعلن دعمه لحملة ترامب الإنتخابية ويتوقع أن يلعب دورا رئيسا في حكومته.

كينيدي قال إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يريد سحب القوات الأميركية من شمال سوريا بدلاً من تركها "وقوداً للمدافع إذا اندلع قتال بين تركيا والمسلحين الأكراد".

وأضاف كينيدي، أن ترامب عبر عن نواياه بشأن شمال سوريا وأعرب عن قلقه بشأن الوجود العسكري الأمريكي الطويل الأمد في سوريا.

سهيل خان مستشار سياسي من الحزب الجمهوري قال لقناة الحرة إن ترامب كان واضحا في حملته عندما قال إنه يريد جيشا أميركيا قويا يحافظ على مصالح الولايات المتحدة ويحمي أراضيها.

وقال إن ترامب لعب دورا مهما في ولايته الأولى لتحقيق هذا الهدف عندما طلب من الكونغرس الموافقة على مزيد من التمويل للجيش الأميركي.

وأضاف خان أن ترامب حذر ولا يرغب في تعريض القوات الأميركية للخطر كما حدث سابقا في العراق وفيتنام وافغانستان، وأن الظروف الحالية لا تستوجب بقاء الجيش الأميركي في المنطقة.

وذكر خان أن ترامب في نهاية المطاف يرغب بسحب القوات من الشرق الأوسط ولكن ليس بتسرع كما حدث في افغانستان بل سيضع جدولا زمنيا وسيتوخى الحذر في ذلك مع التأكيد على حماية المجتمعات المحلية في دول المنطقة.

ترامب يحمل خريطتين لسوريا تظهر إحداهما مناطق كانت خاضعة لداعش فيما تظهر الأخرى أن التنظيم لم يعد يسيطر على أي مناطق اليوم ـ صورة أرشيفية.
سوريا وترامب.. محطات وسيناريوهات "نهج أقسى"
لن تكون سوريا بمعزل عن الملفات التي ستكون على طاولة ساكن البيت الأبيض الجديد، وفي حين يتوقع خبراء ومراقبون أن تظّل السياسة ثابتة بناء على سلسلة المحددات التي تم تثبيتها خلال السنوات الماضية في عهد 3 رؤساء أميركيين لا يستبعدون أن "يتغير النهج" في المرحلة المقبلة، ولاسيما بعدما أعلن ترامب فوزه في الانتخابات.

كالفين دارك عضو في الحزب الديمقراطي استبعد في حديث لقناة الحرة أن يقوم ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا، مشيرا إلى تجارب سابقة لترامب عندما تحدث عن أمور عديدة لكنها كانت مجرد "كلام" ولم تترجم الى قرارات، بحسب تعبيره.

وأوضح دارك ان تصريحات كينيدي لا يمكن الأخذ بها على أنها قرار نهائي لترامب، موضحا أن ملف سحب القوات الأميركية معقد ويحتاج إلى التنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة مثل تركيا.

واشار كالفين دارك إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب "لا يمتلك الان استراتيجية عسكرية حقيقية".

بين عامي 2017 و2021 التقى ترامب بإردوغان تسع مرات خلال رئاسته (AFP)
علاقات وأزمات.. تركيا تنظر لفوز ترامب بعين سوريّة
خلال فترة ولايته الأولى، مرّت العلاقة بين تركيا والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بمزيجٍ من التعاون والتوترات، ورغم أن هذه الحالة قد لا تختلف كثيرا مستقبلا، بدا لافتا خلال اليومين الماضيين اهتماما تركيا ببعدين، الأول عنوانه سوريا والثاني رسمته "Dostum" الكلمة التي استخدمها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان في رسالة التهنئة.

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.

وفي تقرير نشر في يناير الماضي، قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تفيد بأن التنظيم المتطرف لا يزال لديه "ما بين 3000 و5000 مقاتل" في العراق وسوريا.

وكشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، آلان ماتني، وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.

ويرى مراقبون أن استراتيجية فك الارتباط والاستقرار الإقليمي تتضمن مقاربة ترامب لسوريا التي تتلخص في تقليص الوجود العسكري الأميركي رغم الأهمية الاستراتيجية لتلك القوات في مكافحة داعش، محذرين مما قد يترتب على هذا الانسحاب من مخاطر محتملة على الاستقرار وإامكانية عودة ظهور جماعات متطرفة.