خريطة سوريا توضح موقع حلب شمالي البلاد ودرعا جنوبا - إضغط للتكبير
خريطة سورية توضح موقع حلب شمالي البلاد

بعد تسعة أشهر من المعارك المتواصلة، باتت المعارضة المسلحة تسيطر على أكثر من نصف مدينة حلب بشمال سورية، وتتقاسم قوتان رئيسيتان إدارة هذه المنطقة، الجهاديون الذين يتمتعون بالنفوذ الأكبر ومسلحو المجالس العسكرية المدعومون من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.

وأما الثلث الشمالي الغربي للعاصمة الاقتصادية لسورية هو الجزء الوحيد الذي لا يزال خاضعا لسيطرة الجيش النظامي، بالإضافة إلى قسم من الوسط التاريخي للمدينة، إذ يضيق مسلحو المعارضة الخناق أكثر فأكثر على القوات النظامية على خط يربط شمال شرق المدينة بجنوب غربها.

وتعد أبرز التشكيلات المسيطرة على هذه المناطق هي "جبهة النصرة الإسلامية" المصنفة كتنظيم إرهابي من قِبل الإدارة الأميركية منذ 2012، و"حركة أحرار الشام"، بالإضافة إلى "لواء التوحيد"، والثلاثة تنظيمات جميعها تشكل ما يسمى "الجبهة الإسلامية".

وينتشر لواء التوحيد، الذي تشير التقارير إلى إن عدد مقاتليه يقارب 8000 عنصر، على كل جبهات المدينة، بينما تقاتل جبهة النصرة وأحرار الشام حول القواعد العسكرية.

لواء التوحيد

أكد عبد القادر الصالح، القيادي في لواء التوحيد، أن المقاتلين في سورية منشغلين في معارك التحرير في حلب وأنه لا مجال للثوار في خضم المعارك التي يخوضونها للتفكير في الأمور السياسية وأنهم يؤيدون أي مؤسسه تقوم بخدمة الناس وتقدم منفعة للثورة.

وتمنى الصالح، في حوار نشر الخميس على موقع اللواء، أن تعمل الحكومة المؤقتة لمصلحة المواطنين السوريين، وقال إنهم لم يكوّنوا رأيا فيها بعد.

وأضاف الصالح أنه لم يتم استهلال العمليات العسكرية إلا بعد ما "تعرضنا له من القتل والظلم"، وأنه لا مشكلة لدى اللواء في التعامل مع أي كان في الداخل ما دام يعمل لـ"صالح الشعب والناس على الأرض"، منوها إلى دعم لواء التوحيد للمجلس المحلي لمحافظة حلب.
 
ووصف الصالح معاذ الخطيب بأنه شخص وطني ومحترم، ونفى في المقابل أن يكون اللواء قد حصل على أية مساعدات عسكرية من الائتلاف الوطني.

من أجل قيام دولة إسلامية

وقال الصالح في حواره إن لواء التوحيد يحتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع من إخوان وجبهة نصرة وأحرار الشام وغيرهم.
 
وفي سؤال "كيف ترى سورية المستقبل؟"، أجاب "نحن في سورية مسلمون، وهذه الدولة ذات طابع إسلامي، فأتمنى أن تكون سورية إسلامية معتدلة بقيادة منتخبة من قبل الناس.. فالإنسان الشريف والطيب يتجه نحو الناس ويختارونه ولا يمكن فرض أحد على الشعب، وعلى الدولة المستقبلية أن تحترم الأقليات لأنهم من أبناء سورية".

وأكد في ختام حديثه أن عناصر لواء التوحيد هم جزء من ثوار سورية، وبعد إسقاط النظام سيمضي من بقى حاملا للسلاح جزءا من الجيش السوري الذي سيتم تشكيله من ثوار سورية بالأساس.

أما الحاج مرعي، القيادي الآخر في لواء التوحيد وعضو في القيادة العليا لهيئة الأركان التي يرأسها العميد سليم إدريس، فقد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن خمسة أو ستة أجانب فقط يقاتلون في صفوف لواء التوحيد، عكس "جبهة النصرة"، التي بايعت قائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وأمست فرع تنظيم القاعدة في سورية، و"كتيبة أحرار الشام" اللتان ترفضان تحديد عدد العناصر المقاتلة فيها من الأجانب.

محاكم إسلامية

وتدير شؤون المواطنين، في المنطقة التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة في حلب، المحاكم الإسلامية، إذ أن كل معاملات الزواج والإرث والعقود التجارية تخضع لهذه الجهة القضائية التي يديرها قضاة ومحامون انتقلوا إلى صفوف المعارضة والتي باتت خاضعة للجبهة الإسلامية.

وإذا كان زعماء هذه التنظيمات يؤكدون أن دورهم يقتصر على الشق العسكري، فإن نفوذهم بدأ يظهر في نواح عدة من الحياة اليومية، إذ أقام لواء التوحيد مدارس بالإضافة إلى"هيئة للكهرباء" لإمداد عشرات الأحياء المحرومة من التيار الكهربائي طيلة أشهر لتزويد الأحياء بهذه المادة الحيوية، وأوضح قيادي من المعارضة المسلحة لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الفكرة تقوم على عدم حصول فراغ ولو ليوم واحد في حالة سقوط النظام السوري".

تنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا في إطار التحالف الذي أنشأته لمحاربة تنظيم داعش
تنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا في إطار التحالف الذي أنشأته لمحاربة تنظيم داعش

ما أن أعلن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الاميركية، حتى بدأت التقارير والتوقعات والتكهنات بشان خططه المستقبلية تتوالى.

الوجود العسكري الأميركي في سوريا كان أحد هذه المواضيع، إذ أشارت تقارير إلى أن ترامب يعتزم سحب القوات الأميركية من الشمال السوري بحسب روبرت أف كندي جونيور ألذي أعلن دعمه لحملة ترامب الإنتخابية ويتوقع أن يلعب دورا رئيسا في حكومته.

كينيدي قال إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يريد سحب القوات الأميركية من شمال سوريا بدلاً من تركها "وقوداً للمدافع إذا اندلع قتال بين تركيا والمسلحين الأكراد".

وأضاف كينيدي، أن ترامب عبر عن نواياه بشأن شمال سوريا وأعرب عن قلقه بشأن الوجود العسكري الأمريكي الطويل الأمد في سوريا.

سهيل خان مستشار سياسي من الحزب الجمهوري قال لقناة الحرة إن ترامب كان واضحا في حملته عندما قال إنه يريد جيشا أميركيا قويا يحافظ على مصالح الولايات المتحدة ويحمي أراضيها.

وقال إن ترامب لعب دورا مهما في ولايته الأولى لتحقيق هذا الهدف عندما طلب من الكونغرس الموافقة على مزيد من التمويل للجيش الأميركي.

وأضاف خان أن ترامب حذر ولا يرغب في تعريض القوات الأميركية للخطر كما حدث سابقا في العراق وفيتنام وافغانستان، وأن الظروف الحالية لا تستوجب بقاء الجيش الأميركي في المنطقة.

وذكر خان أن ترامب في نهاية المطاف يرغب بسحب القوات من الشرق الأوسط ولكن ليس بتسرع كما حدث في افغانستان بل سيضع جدولا زمنيا وسيتوخى الحذر في ذلك مع التأكيد على حماية المجتمعات المحلية في دول المنطقة.

ترامب يحمل خريطتين لسوريا تظهر إحداهما مناطق كانت خاضعة لداعش فيما تظهر الأخرى أن التنظيم لم يعد يسيطر على أي مناطق اليوم ـ صورة أرشيفية.
سوريا وترامب.. محطات وسيناريوهات "نهج أقسى"
لن تكون سوريا بمعزل عن الملفات التي ستكون على طاولة ساكن البيت الأبيض الجديد، وفي حين يتوقع خبراء ومراقبون أن تظّل السياسة ثابتة بناء على سلسلة المحددات التي تم تثبيتها خلال السنوات الماضية في عهد 3 رؤساء أميركيين لا يستبعدون أن "يتغير النهج" في المرحلة المقبلة، ولاسيما بعدما أعلن ترامب فوزه في الانتخابات.

كالفين دارك عضو في الحزب الديمقراطي استبعد في حديث لقناة الحرة أن يقوم ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا، مشيرا إلى تجارب سابقة لترامب عندما تحدث عن أمور عديدة لكنها كانت مجرد "كلام" ولم تترجم الى قرارات، بحسب تعبيره.

وأوضح دارك ان تصريحات كينيدي لا يمكن الأخذ بها على أنها قرار نهائي لترامب، موضحا أن ملف سحب القوات الأميركية معقد ويحتاج إلى التنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة مثل تركيا.

واشار كالفين دارك إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب "لا يمتلك الان استراتيجية عسكرية حقيقية".

بين عامي 2017 و2021 التقى ترامب بإردوغان تسع مرات خلال رئاسته (AFP)
علاقات وأزمات.. تركيا تنظر لفوز ترامب بعين سوريّة
خلال فترة ولايته الأولى، مرّت العلاقة بين تركيا والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بمزيجٍ من التعاون والتوترات، ورغم أن هذه الحالة قد لا تختلف كثيرا مستقبلا، بدا لافتا خلال اليومين الماضيين اهتماما تركيا ببعدين، الأول عنوانه سوريا والثاني رسمته "Dostum" الكلمة التي استخدمها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان في رسالة التهنئة.

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.

وفي تقرير نشر في يناير الماضي، قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تفيد بأن التنظيم المتطرف لا يزال لديه "ما بين 3000 و5000 مقاتل" في العراق وسوريا.

وكشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، آلان ماتني، وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.

ويرى مراقبون أن استراتيجية فك الارتباط والاستقرار الإقليمي تتضمن مقاربة ترامب لسوريا التي تتلخص في تقليص الوجود العسكري الأميركي رغم الأهمية الاستراتيجية لتلك القوات في مكافحة داعش، محذرين مما قد يترتب على هذا الانسحاب من مخاطر محتملة على الاستقرار وإامكانية عودة ظهور جماعات متطرفة.