طبيب يعالج مريضة مصابة بداء الليشمانيات الجلدي
طبيب يعالج مريضة مصابة بداء الليشمانيات الجلدي

سيسيلي هيلاري
ترجمة لينة ملكاوي
 
يؤكد العاملون في الحقل الطبي في شمال سورية أن ثمة انتشارا سريعا لحالات داء الليشمانيات، أو "حبة حلب" كما يطلق عليه السوريون بسبب القرح التي يسببها، ويطالب المختصون بتدخل منظمة الصحة العالمية وغيرها من الوكالات الدولية لاحتوائه.
 
المسببات والعلاج
 
تنتقل حبة حلب عن طريق ذبابة الرمل، وهو في الواقع مجموعة من الأمراض المعقدة التي تؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم. والصنف الأكثر انتشارا في سورية هو داء الليشمانيات الجلدي cutaneous Leishmaniasis الذي يسبب بقعا أو قرحا في الجلد تعقبها التهابات أحيانا.
 
يقول مارك وايز، وهو أستاذ في كلية الصحة العامة والطب الاستوائي  في جامعة تولاين في مدينة نيو أورلينز في الجنوب الأميركي والمتخصص في مرض الليشمانيات، إن القرح الجلدية تشفى لوحدها في معظم الأحيان، لكنها تبقى لمدة أشهر وربما سنوات، تاركة علامات بشعة على الجلد.
 
ويضيف وايز لإذاعة "صوت أميركا"، أنه بشكل عام "سيقوم جهازك المناعي بالتحكم بالطفيليات والتخلص منها، لذا فإن المرض غالبا لا يشكل خطرا على الحياة".
 
وقد تسبب حبة حلب في بعض الأحيان، وفقا وايز، مشاكل خطرة تؤثر على الطحال والكبد وقد تؤدي إلى الموت.
 
ويقول وايز إنه لم يتفاجأ بنبأ انتشار حالات الليشمانيات في سورية، إذ إن بيئات الحرب كثيرا ما تضعف أجهزة المناعة.
 
ويضيف أنه "ربما يكون هذا هو سبب انتشار الحالات بشكل أكبر بين الأطفال، إذ إن جهاز المناعة لديهم لم يتطور بعد بشكل كامل، وتحصل في الحروب حالات سوء تغذية تؤدي أيضا إلى إضعاف المناعة. وإذا لم يكن جهاز المناعة قويا لمقاومة الطفيليات، فقد يسبب ذلك مشكلات خطرة".
 
الوقاية والعلاج
 
قبل بدء الحرب الأهلية في سورية، قامت السلطات الصحية بالسيطرة والحيلولة دون انتشار داء حبة حلب عبر رش المبيدات الحشرية، غير أن انهيار الخدمات الصحية الوقائية حال دون رش المبيدات، وليس لدى الجميع إمكانية شراء شبكة للوقاية من البعوض والتي تكلف الواحدة منها 10 دولارات.
 
يقول الدكتور كريم كينيك، مدير جمعية "أطباء حول العالم" في تركيا، التي تقدم مساعدات طبية للأطباء داخل سورية إن الليشمانيات كانت موجودة في سورية منذ فترة طويلة، ولاسيما في حلب والمناطق القريبة من الحدود التركية. وكانت وزارتا الصحة في كلا البلدين تعملان معا لسنوات عديدة لمنع انتشار المرض والتحكم بها.

ويضيف كينيك "لكن للأسف منذ بدء الثورة السورية قبل سنتين، لم تعد هناك خدمات عامة، ولاسيما خدمات صحية، ولأن الأوضاع المعيشية سيئة بالنسبة للسوريين، فإن داء الليشمانيات ينتشر سريعا".
 
فانقطاع الكهرباء والنقص في الوقود والمياه الصالحة للشرب وقلة خدمات النظافة وغير ذلك من الخدمات الصحية، ساهمت جميعها في خلق بيئة خصبة لانتقال الأمراض. ويقول كينيك إن من الصعب تقدير عدد حالات انتشار المرض بشكل دقيق في سورية اليوم.
 
غير أنه أشار إلى أن برنامجه قدر عدد حالات الإصابة قبل اندلاع الصراع السوري بنحو ثلاثة إلى أربعة آلاف، فيما قدرت "زمان" التركية عدد الحالات التي تم تشخصيها في سورية منذ بدء الأزمة بنحو 100 ألف.
 
ويعد دواء غلوكانتيم Glucantime الذي يتم حقنه في القُرَح مباشرة خط العلاج الدوائي الأول، غير أنه أصبح نادرا في سورية بسبب الحرب، شأنه شأن الكثير من العقاقير الأخرى.
كما أن الدواء غير متوفر تجاريا في تركيا بسبب قلة حالات الإصابة، حسب كينيك.

آثار لدمار خلفه القتال في حمص، أرشيف
آثار لدمار خلفه القتال في حمص، أرشيف

استنكر مجلس الأمن الدولي في بيان أصدره انتهاكات حقوق الإنسان من جانب السلطات السورية والمعارضة المسلحة، فيما قالت الأمم المتحدة إن الصراع الدائر يخلف "كارثة إنسانية".

وقال المجلس في بيانه الذي جاء بعد اجتماع تناول الأوضاع الإنسانية المتدهورة في سورية، إن "العنف المتصاعد في سورية مرفوض تماما ويجب أن ينتهي على الفور".

وأوضح المجلس المكون من 15 عضو، أنه يدين "الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان من جانب السلطات السورية وكذلك أي إساءات لحقوق الإنسان من جانب الجماعات المسلحة".

الأمم المتحدة: كارثة إنسانية
 
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من كارثة إنسانية في سورية. وقالت إن عائلات سورية أحرقت في منازلها وإن أشخاصا قصفوا بالقنابل وهم ينتظرون الحصول على الخبز وإن أطفالا تعرضوا للتعذيب والاغتصاب والقتل وإن مدنا تحولت إلى أنقاض في الحرب المستمرة منذ عامين، وهو ما وصل بالأوضاع إلى كارثة إنسانية.

وأشارت إلى أن ربع سكان سورية البالغ عددهم 22 مليون نسمة تشردوا داخل بلدهم وأن 1.3 مليون نسمة فروا إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس، إن"الوضع في سورية كارثة إنسانية يدفع المواطن العادي فيها ثمن الفشل في إنهاء الصراع. ليس لدي إجابة لهؤلاء السوريين الذين تحدثت إليهم والذين سألوني لماذا تخلى العالم عنهم".

ولفتت آموس إلى أن الأطفال يتعرضون للقتل والتعذيب والعنف الجنسي. وقالت إن "هذا الصراع الوحشي لا يمزق حاضر سورية فحسب وإنما يدمر مستقبلها أيضا".