كيري مع رئيس الوزراء الإيطالي انريكو ليتا في روما الخميس
كيري مع رئيس الوزراء الإيطالي انريكو ليتا في روما الخميس

حث وزير الخارجية الأميركي جون كيري الحكومة الروسية على عدم تقديم مساعدات عسكرية للرئيس السوري بشار الأسد الذي يخوض نظامه صراعا داميا مع معارضيه منذ عامين.

وقال كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الإيطالية ايما بونينو في روما الخميس إن الأنباء التي أشارت إلى عزم موسكو تسليم صواريخ متطورة إلى النظام في سورية سيؤدي إلى "زعزعة الاستقرار".

وأضاف "نفضل ألا تقدم روسيا مساعدة" إلى نظام الأسد.

دمشق ترحب بـ"التقارب"

في غضون ذلك، رحبت دمشق بدورها بما وصفته بـ "التقارب" بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن إنهاء الصراع في سورية.

وأوضح بيان لوزارة الخارجية السورية أن هذا الترحيب ينطلق من قناعات سورية بثبات الموقف الروسي المستند إلى مبادئ الأمم المتحدة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم التهديد باستخدام القوة ضد أي بلد.

ويأتي الترحيب السوري بعد أن اتفقت روسيا والولايات المتحدة على حث النظام السوري والمعارضة على إيجاد حل سياسي للنزاع المستمر منذ أكثر من سنتين، وذلك في تطور اعتبره موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي "خطوة أولى هامة جدا".

كذلك، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، بالجهود الجديدة التي تبذلها روسيا والولايات المتحدة للتفاوض لانهاء الحرب الدائرة في سورية، ودعا الحكومةالسورية والمعارضة الى المشاركة في هذه الجهود.

ودعا العربي في بيان أصدرته الجامعة الخميس حكومة دمشق والائتلاف السوري المعارض على انتهاز الفرصة للاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية.

رد فوري

وفي شأن آخر، قالت الحكومة السورية إنها سترد فورا على أي هجوم جديد قد تشنه إسرائيل على أراضيها، وذلك فيما دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري روسيا على النأي بنفسها عن الصراع في سورية.

وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن دمشق اعطت القوات المسلحة السورية تعليمات تنص على الرد فورا على أي هجوم، مشيرا إلى أن الرد سيكون "قاسيا ومؤلما".

ووصف المقداد التاكيدات الاسرائيلية بان الطائرات استهدفت حزب الله وإيران بأنها كاذبة، وقال إنه لا وجود لا لإيران ولا لحزب الله في سوريه، ونفى أيضا نقل أسلحة إلى حزب الله في لبنان.

واشنطن تصر على رحيل الأسد (10:11 بتوقيت غرينتش)

أكدت الولايات المتحدة يوم الخميس إصرارها على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة مشددة في الوقت ذاته على أنه "لا يمكن أن يكون جزءا من أي حكومة انتقالية" في المستقبل.

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تصريحات للصحافيين قبل لقائه بنظيره الأردني ناصرة جودة في روما، إن "الأسد ينبغي أن يتنحى كجزء من أي حل سياسي للأزمة في سورية".

وأضاف كيري أن جميع الأطراف ينبغي أن تعمل على "التوصل لحكومة انتقالية بالتوافق المتبادل من كلا الجانبين وهو ما يعني بوضوح أنه بحسب تقديرنا فإن الرئيس الأسد ينبغي ألا يكون جزءا من هذه الحكومة الانتقالية".

مساعدات أميركية

وأعلن كيري رسميا عن تقديم 100 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية من الولايات المتحدة للاجئين السوريين، سيذهب نصفها تقريبا لمساعدة الأردن التي ترزح تحت عبء اللاجئين المتدفقين إليها من سورية المجاورة.

وبهذه المساعدات يرتفع حجم التعهدات الأميركية إلى 510 ملايين دولار في صورة مساعدات إنسانية للشعب السوري و250 مليون دولار في صورة مساعدات غير فتاكة لقوات المعارضة السورية التي تقاتل للإطاحة بالأسد.

مؤتمر دولي

وقال كيري، الذي أجرى محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أمس الأربعاء، إن ثمة خططا لعقد مؤتمر دولي لمحاولة الوصول إلى حل للأزمة السورية.

وأضاف أنه أجرى سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع عدد من وزراء الخارجية ولمس "ردا إيجابيا للغاية ورغبة قوية جدا" للمضي قدما باتجاه حل الأزمة في سورية.

وأشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يشارك أيضا في هذه الجهود مؤكدا أن الولايات المتحدة "ستعمل مع جميع الأطراف لعقد هذا المؤتمر".

وقال كيري إن السفير الأميركي لدى سورية روبرت فورد التقى أمس الأربعاء في اسطنبول بالمعارضة السورية لمناقشة "المسار الذي ينبغي أن نسلكه قدما".

وبحسب مصادر صحافية فإن المؤتمر سيستهدف إيجاد مسار باتجاه تشكيل حكومة انتقالية في سورية استنادا إلى اتفاق جنيف الذي تم التوصل إليه في يونيو/حزيران الماضي.

وقالت المصادر إن المؤتمر قد ينعقد بنهاية مايو/آيار الجاري في جنيف أيضا.

إيلي كوهين

في عام 2019، عرضت شبكة نتفليكس مسلسلا مثيرا من 6 حلقات بعنوان "الجاسوس ... قصة حياة إيلي كوهين". لاقى المسلسل رواجا كبيرا، خصوصا وأن الممثل البريطاني الذي قام بدور إيلي هو ساشا بارون كوهين، وكانا يشتركان، إضافة إلى اسم العائلة، بشبه كبير. 

وإيلي كوهين هو أشهر جاسوس إسرائيلي على مر التاريخ من دون منازع، وكانت قصته مثيرة للاهتمام بشكل كبير في الأوساط العربية والدولية.

فقط تخيل أن رجلا يأتي إلى مدينة غريبة، وينجح في التقرب من جميع الشخصيات السياسية والعسكرية المرموقة فيها، وينقل منها معلومات استخبارية دقيقة إلى تل أبيب عبر جهاز تسجيل صغير كان يحتفظ به في شقته. هذا الرجل هو إيلي كوهين.

كان يُعرف باسم كامل أمين ثابت، وقد دخل إلى سوريا مطلع السيتينات كرجل أعمال سوري عائد من الأرجنتين، وهناك انخرط في المجتمع السوري والعربي واستطاع إقامة علاقات وصداقات. وبعد أربع سنوات على وجوده في دمشق كُشف أمره وألقي القبض عليه "بالجرم المشهود" وهو يرسل معلومات في شقته، ونُفذ فيه حكم الإعدام في 18 مايو 1965.

في الذكرى الستين لإعدامه، برز ملف كوهين إلى الواجهة مرة أخرى، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الرياض رفع العقوبات عن سوريا.

في 18 مايو، قالت إسرائيل إنها تمكنت بـ"عملية سرية معقدة"، وفق تعبير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من إحضار الأرشيف السوري الرسمي الخاص بإيلي كوهين إلى إسرائيل. 

لكن ثلاثة مصادر، قالت لرويترز في 19 مايو، إن "القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلقات الجاسوس إيلي كوهين لإسرائيل في محاولة لتخفيف حدة التوتر وإظهار حسن النوايا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد إعلانه رفع  العقوبات عن سوريا.

ونقلت الوكالة عن مصدر أمني سوري، ومستشار للرئيس السوري أحمد الشرع، وشخص مطلع على المحادثات السرية بين البلدين، إن أرشيف المواد عرض على إسرائيل في مبادرة غير مباشرة من الشرع في إطار سعيه لتهدئة التوتر وبناء الثقة لدى ترامب.

وتضمن الإرشيف السوري الخاص بكوهين نحو 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية، وفقا لمكتب نتانياهو.

وشملت المواد التي قالت إسرائيل إنها استعادتها من سوريا، وصية أصلية كتبها كوهين بخط يده قبل ساعات من إعدامه وسط دمشق، وتسجيلات صوتية وملفات من استجوابه واستجواب من كانوا على اتصال به، ورسائل كتبها لعائلته في إسرائيل وصورا من مهمته في سوريا.

وتتضمن أيضا مقتنيات شخصية نُقلت من منزله بعد اعتقاله، منها جوازات سفر مزورة وصور له مع مسؤولين عسكريين وحكوميين سوريين رفيعي المستوى، إضافة إلى دفاتر لتدوين الملاحظات ويوميات تسرد مهام الموساد.

وقد وزعت الوكالات نسخة عن وصية كوهين، جاء فيها: 

"إلى زوجتي نادية وعائلتي الحبيبة، أكتب إليكم هذه الكلمات الأخيرة وأطلب منكم أن تكونوا على صلة دائمة مع بعضكم، وأرجوكي أن تسامحيني يا ناديا، وأن تهتمي بنفسك وبالأولاد وتحافظى عليهم، وتثقفيهم تثقيفا كاملا، وألا تحرمي نفسك أو تحرميهم من شي، وكوني على صلة دائمة مع أهلي.. ويمكنك الزواج من غيري حتى لا يكبر الأولاد بدون أب، ولكي كامل الحرية في ذلك، وأرجوكي ألا تضيعوا وقتكم بالبكاء على الماضي، انظروا دائما إلى المستقبل...".

وسلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومدير الموساد ديفيد برنياع المواد إلى أرملة كوهين، نادية كوهين، خلال حفل أقيم في المناسبة.

وطالبت زوجة كوهين باستعادة "جثمانه،" وجاء رد نتانياهو أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على ذلك خصوصاً أن "إيلي أسطورة إسرائيلية، إنه أعظم عميل في تاريخ المخابرات الإسرائيلية".

ونقلت رويترز عن مصدر أمني أن مقاتلي المعارضة السورية بقيادة الشرع عثروا على ملف كوهين في مبنى تابع لأمن الدولة في ديسمبر غداة سيطرتهم على دمشق. 

وذكر المصدر الأمني أن الشرع أدرك أن وثائق كوهين ومقتنياته مهمة للإسرائيليين وأن إعادتها قد تمثل بادرة دبلوماسية بارزة.

ومع التزام إسرائيل الصمت، حتى الآن، بشأن الرواية السورية، يقول الباحث السياسي سمير التقي في تصريح لـ"الحرة" إن المسألة في العلاقات الإسرائيلية السورية أوسع وأعمق من تزويد إسرائيل بوثائق كوهين، ويضع ما حدث ضمن إطار مبادرة حسن نية من سلطة أحمد الشرع.

ويضيف التقي أن هناك اجتماعات مباشرة تجري بين القيادتين الإسرائيلية والسورية بمشاركة تركية، وما سيحدث في المرحلة المقبلة سيكون أشمل من مجرد إعطاء وثائق أرشيفية، وسيكون حتما ضمن مناقشة الشروط من أجل وضع حد للقصف الإسرائيلي على سوريا مقابل تفاهمات حول الفصائل الراديكالية المحيطة بهيئة تحرير الشام والفصائل الفلسطينية والأخوان المسلمين.

ولد إيلي كوهين في الإسكندرية بمصر عام 1924، وعندما بلغ العشرين من العمر، انضم إلى "منظمة الشباب اليهودي الصهيوني" في مصر. وبعد حرب 1948، أخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين، ثم خرج من مصر‏ في عام 1956‏.

عمل إيلي كوهين مترجما ومحللا لدى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وحاول الالتحاق بجهاز "الموساد" ثم فشل، ما دفعه للاستقالة من المخابرات العسكرية والعمل محاسبا لدى بعض الشركات الخاصة في تل أبيب.

مصدر مطلع ذكر لرويترز أن سوريا وافقت في المحادثات على إجراءات من بينها إعادة رفات كوهين وثلاثة جنود إسرائيليين لقوا حتفهم خلال قتال مع القوات السورية في لبنان في أوائل الثمانينيات. وذكرت إسرائيل الأسبوع الماضي أنها استعادت رفات أحد هؤلاء الجنود، وهو تسفي فيلدمان.

وعلى هذا الصعيد يشير التقي في حديثه مع "الحرة" إلى استبعاد قدرة السلطة السورية الجديدة على الوصول إلى معلومات حول رفات كوهين. ويؤكد أن المعلومات اللازمة لمعرفة مكان دفنه مرتبطة برفعت الأسد والفرق العسكرية التي كانت تابعة له.

 ويستبعد التقي فكرة وجود تقارير تبين هذا المكان إلا في حالة اعتقال بعض العسكريين التابعين لرفعت الأسد على أيدي السلطة الشرعية السورية الجديدة.