شارع خلا من المارة والسيارات خلال العزل العام في دمشق 4 أبريل 2020.
شارع خلا من المارة والسيارات خلال العزل العام في دمشق 4 أبريل 2020.

قالت منظمات حقوقية، الاثنين، إن سوريا تماطل في إطلاق سراح السجناء بموجب عفو أعلنه الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي يثير مخاوف بشأن حدوث تفش جماعي لفيروس كورونا المستجد في السجون المزدحمة.

وأكدت الحكومة السورية أنها رصدت 19 حالة إصابة مؤكدة فقط بمرض كوفيد-19، الناجم عن فيروس كورونا المستجد، وحالتي وفاة.

لكن هناك مخاوف على نطاق واسع، بأن سوريا لن تكون قادرة على احتواء الفيروس في حالة تفشيه، حيث أن نظامها الصحي ضعيف للغاية بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت منذ نحو عشر سنوات.

وأشار جير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، الأسبوع الماضي، إلى خطورة تفش سريع لمرض كوفيد-19، وهو مرض تنفسي شديد العدوى يسببه فيروس كورونا المستجد، في سجون البلاد، وحث على اتخاذ إجراء عاجل لإطلاق سراح السجناء.

وأصدر الأسد في 22 مارس عفوا عن سجناء، ووسع نطاق الجرائم التي يغطيها عفو أُعلن في سبتمبر الماضي.

لكن جماعات لحقوق الإنسان تقول إنه لم يُفرج حتى الآن سوى عن بضع مئات المسجونين بتهم ارتكاب جرائم عامة، فيما وصفوه بأنه لفتة رمزية لصرف الأنظار عن مطالبات لدمشق بأن تحذو حذو دول أخرى، بينها حليفتها المقربة إيران، التي أفرجت عن عشرات آلاف السجناء، مع اجتياح فيروس كورونا المستجد للعالم.

وقال فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان لرويترز، إن النظام السوري يسعى للتحايل على الضغوط التي يواجهها من المنظمات والدول التي تخشى تفشي كوفيد-19 بين السجناء.

وأوضح أن المُفرج عنهم ليس بينهم أي ناشطين مدنيين أو غيرهم من عشرات آلاف السجناء السياسيين المحتجزين منذ اندلاع الصراع في سوريا.

تكدس شديد

وقالت لين معلوف، مديرة بحوث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، إن فيروس كورونا المستجد يمكن أن ينتشر سريعا في السجون السورية ومراكز الاعتقال نظرا لسوء الصرف الصحي وعدم توفر مياه نظيفة والتكدس الشديد للمحتجزين.

ولم تذكر وسائل الإعلام الحكومية السورية عدد السجناء الذين تم الإفراج عنهم في الآونة الأخيرة. وقال قضاة إن الهدف هو تخفيف أعداد السجناء.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن المُفرج عنهم مدانون بارتكاب جرائم، بينها التهريب والتزوير.

وأضافت الشبكة أنها وثّقت 665 حالة اعتقال تعسفي و116 حالة وفاة تحت التعذيب و232 عملية إطلاق سراح منذ صدور العفو في سبتمبر أيلول.

ويقول محققون بالأمم المتحدة وناشطون حقوقيون غربيون إن السلطات السورية اعتقلت وعذبت عشرات الألوف منذ بدء الصراع في 2011.

وقالت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة، في تقرير صدر عام 2018، إن أماكن وجود هؤلاء المعتقلين لا تزال مجهولة وغير معترف بها من جانب الدولة. وتوضح أن هؤلاء المدنيين ”مختفون“ وكثيرون منهم قد لا يكونون على قيد الحياة.

وتنفي حكومة الأسد احتجاز سجناء رأي وتعذيب معتقلين حتى الموت في سجون سرية تابعة للأمن.

وتقول سارة الكيّالي، الباحثة في الشؤون السورية بمنظمة هيومن رايتس ووتش، إن السجون السورية تضم منشآت تديرها أجهزة الأمن، وتنكر السلطات وجودها، ويعتبر الحرمان من الرعاية الطبية جزءا من سياسة التعذيب المنتشرة على نطاق واسع.

وعبّرت عن خوفها الشديد بخصوص المعتقلين في مثل تلك السجون.

وقالت "لن أفترض أي غرض للحكومة السورية، لكن تخيّل أن لديك سجناء مصابين وسط أناس تريد (الحكومة) بالفعل التخلص منهم بسبب معارضتهم لها؟".

وقال متحدث باسم السلطة القضائية في إيران الشهر الماضي إن الدولة أفرجت مؤقتا عن نحو 85 ألف سجين، بينهم سجناء سياسيون، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.

وفي شمال إفريقيا، أفرجت تونس عن 1420 سجينا، وأفرج المغرب عن 5654 سجينا معللا ذلك بجهود لوقف الفيروس. وأصدرت الجزائر عفوا عن 5037 سجينا دون أن تربط صراحة بين هذا الإجراء والمخاوف المتصلة بكورونا.
 

أطفال وبالغون سوريون يتلقون العلاج من هجوم كيميائي
النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية بشكل متكرر ضد السوريين

قال نائب المندوبة الأميركية بالأمم المتحدة، روبرت وود، إن  النظام السوري أحجم عن احترام قرارات مجلس الأمن بشأن الأسلحة الكيماوية واستخدمها بشكل متكرر ضد السوريين.

وشدد وود على أن الإفلات من العقاب بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية مرفوض بشكل مطلق.

وكانت منظمات حقوقية أعلنت في 2022 أنها قدمت إلى سلطات التحقيق والادعاء العام في كل من ألمانيا وفرنسا والسويد "أدلّة إضافية" على استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية بين العامين 2013 و2017.

وقالت المنظمات غير الحكومية وهي "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" و"الأرشيف السوري" و"مبادرة عدالة المجتمع المفتوح" و"منظمة المدافعون عن الحقوق المدنية"، في بيان مشترك إنّها قدّمت هذه المستندات "في الذكرى الخامسة للهجوم بغاز السارين على خان شيخون".

وذكرت المنظمات في بيانها بأنه في 4 أبريل 2017 وقع "الهجوم المأساوي على مدينة خان شيخون، والذي استخدمت فيه الحكومة السورية غاز السارين وأسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص، بينهم 32 طفلاً و23 امرأة".

كما استخدمت مادة الكلور في سوريا في هجوم على منطقة تسيطر عليها المعارضة في 2016، وفقًا لتقرير صدر  في 2022 عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وقع الهجوم في الأول من  أكتوبر 2016، قرب مستشفى ميداني خارج بلدة كفر زيتا في محافظة حماة (شمال غرب سوريا) وأدى إلى إصابة 20 شخصا بصعوبات في التنفس، على ما أوردت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وفي 21 أغسطس 2012 شنت القوات النظامية السورية على الغوطة الشرقية القريبة من دمشق هجوما كيماويا واستخدمت فيه غاز السارين الذي يعد من أخطر الغازات في العالم، ما أسفر عن مقتل 1400 شخص بينهم 400 طفل.

وفي النزاع الذي يعصف بسوريا منذ 2011، اتهم مقاتلو المعارضة والقوات الموالية لدمشق  على حد سواء بشن هجمات كيماوية، لكن غالبية الاتهامات تتعلق بأعمال منسوبة إلى القوات الموالية للرئيس بشار الأسد.

لطالما نفت الحكومة السورية ان تكون استخدمت أسلحة كيميائية وأكدت أنها وضعت كل مخزونها تحت إشراف دولي بعد اتفاق أبرمته العام 2013 مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.