قوات النظام السوري تسرق منازل المواطنين بعد استعادة السيطرة على مناطق من المعارضة المسلحة
قوات النظام السوري تسرق منازل المواطنين بعد استعادة السيطرة على مناطق من المعارضة المسلحة

منذ اندلاع الصراع المسلح في سوريا، عرف عن عناصر الجيش النظامي ومجموعات "الشبيحة" التابعة له، تنفيذ عمليات سرقة ونهب وبلطجة  بحق المدنيين وممتلكاتهم في القرى والبلدات التي يسيطر عليها، أضف إلى ذلك "الإتاوات" المرهقة.

يطلق السوريون على عمليات سرقة ونهب المنازل مصطلح "التعفيش"، ولأن هذا السلوك ارتبط في السنوات الأخيرة بعناصر الجيش النظامي، بات مصطلح "جيش التعفيش" أكثر شهرة في البلاد. 

وحسب المرصد السوري، الاثنين، فإن عناصر جيش النظام سرقوا ممتكات المواطنين في قرى بوغة حيمر وبوغة تانية وفريعان، وأطلقوا النار على أهالي حاولوا العودة إلى قراهم، ورفضوا إدخالهم إلى منازلهم إلا بعد دفع مبلغ 50 ألف ليرة سورية. 

ونشر حساب جولانية حرة على تويتر، صورة لعناصر من قوات النظام وهم يقومون بتحميل أجهزة منزلية على سيارة، متهمة إياهم بالسرقة، منها ثلاجة قالت إن أسرتها ظلت تدفع ثمنها لمدة سنتين. 

وقالت "شبيحة بشار لم يتركوا لنا شيئا من تعب العمر، حتى أسياخ الحديد سرقوها". 

لكنها تتدارك وتقول "أصبحنا لا نحزن على ذلك، إذا كان أصحاب البيوت أنفسهم أصبحوا أشلاء، فما هو الأهم من ذلك". 

وحسب نشطاء وتقارير، فإن عمليات سرقة أخرى أيضا بدأت بالتزامن مع استقرار الجبهات بعد سيطرة قوات النظام على مناطق أرياف حلب الغربي وإدلب الجنوبي وحماة الشمالي فضلا عن سراقب. 

وتشمل عمليات النهب سرقة جميع محتويات المنازل، بما فيها الأجهزة المنزلية وتكسير المطابخ وفك السيراميك، وأسياخ الحديد لبيعها لاحقا في أسواق الأجهزة المستعملة أو للورشات. 

وكان المرصد السوري قد استخدم كلمة "التعفيش" في أغسطس 2019، بعد سيطرة قوات النظام على خان شيخون، لوصف "عمليات نهب وسرقة وإحراق منازل تعود لسكان تلك المناطق بعد تشريدهم" يقوم بها أفراد من قوات النظام والميليشيات الموالية له.

وكشف المرصد إنه وثق في 31 مايو الفائت، عن عمليات "تعفيش عناصر قوات النظام لممتلكات المواطنين في عدة قرى في ريفي الحسكة والرقة، حيث حاول رتل عند معبر الهورة جنوب مدينة الطبقة، يضم عدة حافلات وعناصر للجنود يحمل على متنه أسطوانات غاز ومواد غذائية وحيوانات، وجميعها مسروقة من منازل المدنيين في ريف الرقة الشمالي وريف الحسكة الشمالي". 

الصحفي السوري محمد رشيد كان قد نشر على حسابه في تويتر فيديو لإحدى المناطق المدمرة في معرة النعمان، ثاني أكبر مدن إدلب، وأرفقها بالتعليق "جاء دور التعفيش بعد أن توسعت المليشيات في ريف المعرة".

وأضاف أن "المعيار لم يعد في نهب ممتلكات الناس 'اسرقوا ما خف حملة وغلا ثمنه'، بل سلب كل ما يمكن سلبه، بلاط البيوت والنوافذ والأبواب، أدوات منزلية، حديد الأسقف المقصوفة ببراميل الأسد وصواريخ روسيا".

وحسب المرصد السوري، اعتقل الأهالي 5 عناصر من قوات النظام أثناء محاولتهم سرقة المواشي في قرية الفاطسة جنوب عين عيسى.

وكان الأهالي سلموا العناصر الخمسة إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي سلمتهم بدورها إلى قوات النظام هناك.

والاثنين، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن نحو 2.2 مليون سوري قد ينضمون إلى قائمة المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في البلاد التي مزقتها سنوات الحرب.

ويعاني 9.3 مليون شخص أساسا من انعدام الأمن الغذائي في سوريا، بحسب البرنامج الذي حذر في تغريدة من أنه "من دون مساعدة عاجلة، قد ينزلق 2.2 مليون شخص إضافي نحو الجوع والفقر".

بشار الأسد ونصرالله في لقاء سابق
صورة أرشيفية لبشار الأسد وحسن نصرالله

في وقت يتصاعد فيه الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، يرى محللون أن النظام السوري "يحرص على عدم الانجرار" إلى تلك الحرب، وذلك رغم تأثيرها السلبي الكبير على أحد أكبر حلفائه في المنطقة، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.

والسبت، وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى العاصمة السورية دمشق، بعد زيارة إلى لبنان في خضم التصعيد بين بلاده وإسرائيل من جهة، وبين الأخيرة وحزب الله اللبناني من جهة أخرى.

وأشارت وكالة رويترز إلى أن عراقجي سيبحث "التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية" مع مسؤولي النظام السوري.

ورغم الضربات التي تعرضت لها بعض المواقع في دمشق ومناطق أخرى في سوريا، نُسب معظمها إلى إسرائيل، فإن نظام بشار الأسد لم يحرك ساكنا، ولم يتخذ أي "إجراءات انتقامية".

وفي هذا الصدد، أوضح الزميل المساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، سيث فرانتزمان، إن تحفظ النظام السوري على الانضمام إلى تهديدات إيران ضد إسرائيل "ينبع على الأرجح من شعوره بأنه ليس لديه ما يكسبه من التصعيد، وأن هناك الكثير ليخسره".

ونبه إلى أنه مع استمرار الصراع الدموي في سوريا دون حل منذ أكثر من 13 عاما، فإن نظام دمشق "لا يزال يحاول إيجاد طريقة لإعادة قواته إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمال البلاد، بالإضافة إلى رغبته في أن تغادر القوات الأميركية، وأن توقف واشنطن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية".

وتابع: "لذلك، فإن النظام السوري لديه ما يكفي من المشاكل".

اعتباران و"استثمار" وراء سلوك الأسد على المعابر مع لبنان
عندما بدأت الحملة الإسرائيلية على جنوب لبنان سارع النظام السوري إلى إطلاق خطط استجابة لاستقبال اللبنانيين مع حديثه عن وجود "مراكز إيواء" تتسع للآلاف منهم. وفي حين أن طريقة التعاطي هذه قد تكون إجراء طبيعيا لدولة جارة تختلف الصورة عند النظر إلى الموقف الذي أبدته دمشق مع اللاجئين السوريين هناك، سابقا والآن.

"الأسد يعلم"

ويقول خبراء إن مرتفعات الجولان هي إحدى المناطق التي يمكن أن تكون هدفًا للجماعات المدعومة من إيران، والتي لها وجود في سوريا. 

وفي أواخر يوليو، استهدفت قرية في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من الجولان بهجوم صاروخي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، معظمهم من الأطفال. وألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على حزب الله في ذلك الهجوم، فيما نفت الجماعة اللبنانية مسؤوليتها.

وقال فرانتزمان إن حزب الله والميليشيات المدعومة من إيران، قد ترغب في تهديد إسرائيل من الجزء السوري من الجولان، لكن حكومة الأسد "من المرجح أن تتظاهر بأنها تتمتع بقدرة معقولة على منع مثل هذا التصعيد".

وتابع: "يعلم الأسد أن إسرائيل ستحمله المسؤولية عن أي دعم للهجمات"، معتبرا أنه "على مدى عقود، أظهرت دمشق أنها تفضل الوضع الراهن مع إسرائيل".

وأضاف فرانتزمان: "إنها (دمشق) تخشى المخاطرة.. ورغم أنها تتظاهر بأنها جزء من (المقاومة) ضد إسرائيل، فقد قبلت بأنها لا تستطيع هزيمة إسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي".

من جانبه، رأى العميد أحمد رحال، وهو ضابط سوري سابق انشق عام 2012، إن سياسة "عدم التدخل" من قبل نظام الأسد، ظلت قائمة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر 2023.

وزاد: " الأسد يعرف أن أي تنشيط لجبهة الجولان يمكن أن يعني نهاية نظامه.. لكنه لا يملك القدرة على السيطرة على حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران، لذلك اختار البقاء بعيدًا".

"رسالة للأسد"

وفي سياق متصل، قال مسؤولون إسرائيليون إن إيران "تواصل استخدام سوريا لتهريب الأسلحة إلى حزب الله".

وأوضح خبراء أن هذا يمثل أيضًا "خطرًا على النظام السوري في هذه المرحلة من الصراع بين إسرائيل وحزب الله"، وفق "صوت أميركا".

وقال رحال: "نظرًا لأن حزب الله سحب معظم مقاتليه من سوريا للقتال في لبنان، فإنه لا يزال بحاجة إلى شخص لنقل الأسلحة الإيرانية، وهذا الشخص هو ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام)، والذي يرأس الفرقة الرابعة في الجيش السوري".

وأفادت العديد من وسائل الإعلام العربية، أن من بين الضربات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على سوريا، كانت غارة أصابت مسكن ماهر الأسد بالقرب من دمشق.

وختم رحال بالقول: "كانت الرسالة الإسرائيلية للأسد واضحة، وهي (لا تسلموا أسلحة لحزب الله). لذا يبدو أنه في ظل مثل هذه التهديدات الإسرائيلية، اضطر نظام الأسد إلى النأي بنفسه عن إيران في سياق هذا الصراع".