لأول مرة منذ بدء النزاع.. خريطة الصراع في سوريا "جامدة" منذ 6 أشهر فماذا يعني ذلك؟
الحرة / خاص - دبي
06 سبتمبر 2020
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
في تطور ميداني ملفت، أظهرت خريطة الصراع في سوريا عدم حدوث أي تغييرات ميدانية منذ ستة أشهر، بحسب ما ذكر مركز" جسور" للدراسات الاستراتيجية.
وأوضح المركز المختص بالشأن السوري أن خريطة النفوذ العسكري في البلاد شهدت خلال شهر أغسطس الماضي ثباتا لنسب السيطرة الكلية بين أطراف النزاع، والتي جرى تسجليها في شهر فبراير 2020.
ويتضح من خلال ذلك أن هذا الأمر يحدث لأول مرة منذ تأجج المعارك في جميع انحاء سوريا في العام 2012.
ووفقاً للخريطة التي أصدرها مركز جسور للدراسات فإن نسب سيطرة القوى على الأرض جاءت لتؤكد محافظة قوات النظام السوري على ما يعادل ثلثي الأرض بنسبة 63.38 في المئة، بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على ما يزيد قليلا عن ربع مساحة البلاد، ليتبقى نحو 11 بالمئة للفصائل المعارضة في الشمال.
وأرجع المركز عدم التغيّر في نسب السيطرة إلى التزام القوات الحكومية وفصائل المعارضة بوقف إطلاق النار في إطار مذكّرة موسكو التي تم توقيعها بين تركيا وروسيا في 5 مارس المنصرم، وذلك رغم خروقات مستمرة تشهدها محاور عدة.
تسلل وتصعيد
وأشار المركز إلى أن شهر أغسطس قد شهد استمرار ارتفاع وتيرة التصعيد من قصف مدفعي وصاروخي وعمليات تسلّل إلى بعض النقاط واستهداف الدوريات المشتركة للقوات الروسية والتركية.
كما نوه المركز إلى أن تنظيم "داعش" لم يعد يسيطر بشكل فعلي على أي مساحات داخل سوريا، رغم وجود بؤر مسلحة له ما تزال قادرة على تنفيذ هجمات متعددة في شرقي سوريا.
تقييد حركة جيش النظام
وفي اتصال مع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أوضح رامي عبد الرحمن لموقع "الحرة" أن سبب عدم حدوث أي تغييرات الخريطة العسكرية مرده بالدرجة إلى الأولى إلى الدور الكبير الذي تقوم به الدول المسيطرة على الساحة السورية خاصة من جانب روسيا التي تفرض كلمتها على النظام في دمشق، أو من جانب تركيا التي تدعم العديد من فصائل المعارضة التي تتمركز في إدلب وبعض مناطق شمالي سوريا.
ونوه عبد الرحمن إلى أن الاتفاقات بين أنقرة وموسكو وما نجم عنها تفاهمات تقيد حركة جيش النظام السوري وتمنعه من القيام بأي تقدم في مناطق نفوذ المعارضة رغم حدوث بعض التصعيد بين فترة وأخرى.
أوضاع ميدانية معقدة
من جانبه أوضح الخبير العكسر ي السوري إسماعيل أيوب أن مرد الجمود على جبهات إدلب يعود إلى الأوضاع الميدانية المعقدة، مشيرا إلى أن هناك احتمال كبير بقيام قوات النظام السوري بعملية عسكرية للسيطرة على منطقة جبل الزاوية باعتبارها المنطقة الوحيدة التي لا تزال خارج سيطرته وتشرف على طريق إم فور الاستراتيجي الرابط بين حلب واللاذقية.
وأكد أيوب في حديث لموقع "الحرة" أن الأوضاع معقدة للغاية مع تواصل حشد قوات النظام والميلشيات الإيرانية قواتها على تخوم جبل الزواية جنوبي إدلب وبالتالي فإن حدوث عمل عسكري سيؤدي إلى وقوع احتكاك غير مرغوب بين روسيا وتركيا، خاصة وأن الأخيرة قد نشرت أكثر من فرقة مدرعة والعديد من أنظمة الدفاع الجوي في إدلب.
وأشار إلى أن الأدارة الأميركية قادرة بشكل كبير عبر الأوراق التي تملتكها من منع حدوث أي تصعيدات ميدانية خطيرة في سوريا، ولاسيما مع وجود أزمة خطيرة في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان من جهة أخرى مما يجعل المنطقة برمتها على صفيح ساخن.
مسارات متعددة
وكانت خريطة الحرب في سوريا قد اتخذت مسارات متعددة، فقبل التدخل الروسي في سوريا عام 2015 كانت الكفة تميل في كثير من الأحيان لصالح فصائل المعارضة وتنظيم داعش على حساب قوات النظام، ولكن بعد التدخل تمكنت قوات الأسد من تحقيق انتصارات واضحة وفرض مناطق عدم تصعيد إلى أن سيطرت على ثلثي البلاد.
بالمقابل ساعد التدخل التركي القوي في منع سقوط آخر معاقل المعارضة الرئيسية في إدلب بعد أن عمليات قصف مكثف لقوات النظام السوري لمنعها من التقدم أكثر، فيما يحمي التحالف الدولي حليفه الرئيسي "قوات سوريا الديمقراطية" والذي لعب دورا كبيرا على القضاء على تنظيم داعش.
"إرث الفظائع الشنيعة" بسوريا.. من يوثقها قبل المحاكمة؟
معاذ فريحات - واشنطن
25 يناير 2025
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
رغم هروب بشار الأسد من سوريا، تعيش عائلات الضحايا على أمل عدم إفلاته ومسؤوليه، من المحاسبة على إرث الفظائع الشنيعة التي ارتكبها النظام وأعوانه منذ موجة الاحتاجات في مارس 2011.
المحاسبة والوصول إلى "العدالة الانتقالية"، لا يمكن القيام بها من دون رصد حقيقي لجرائم الحرب في سوريا، فكيف يمكن توثيقها؟
أستاذ القانون الدولي، البروفيسور أيمن سلامة وضع شرطين حتى يمكن للسوريين معاقبة المسؤولين على جرائم الحرب وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وقال في حديث لموقع "الحرة" إن الشرط الأول، هو التوثيق القانوني الصحيح للأدلة، والثاني، انضمام سوريا رسميا للمحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف أن الإدارة السورية المؤقتة، عليها فتح الباب لآلية الأمم المتحدة من أجل المباشرة في التوثيق القانوني، اعتمادا على الأدلة والقرائن، التي تربط بين النظام السابق للأسد، وجرائم الحرب التي ارتكبت منذ 2011.
اللجان الأممية
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأسيس "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة" في ديسمبر 2016، وهي مكلفة بالمساعدة في التحقيق وملاحقة الأفراد المسؤولين عن ارتكاب أخطر الجرائم الدولية في سوريا منذ مارس 2011، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
وتتيح هذه الآلية جمع الأدلة والشهادات، وهي تضم خبراء عسكريين وقانونيين، ولديهم قاعدة بيانات تمكنهم من تحديد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، بحسب سلامة.
وقبل إنشاء هذه الآلية، تم تأسيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في أغسطس من 2011 من قبل مجلس حقوق الإنسان، حيث تتمثل مهمتها في التحقيق بشأن كل الانتهاكات المزعومة لقانون حقوق الإنسان المرتكبة، وتحديد الجناة.
وتجمع لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أدلة على الجرائم المرتكبة في هذا البلد منذ اندلاع النزاع، ووضعت قوائم بـ 4000 شخص يشتبه بارتكابهم هذه الجرائم.
وفي أواخر ديسمبر دعت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين للحفاظ على أدلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية المرتكبة خلال سنوات الصراع والاستبداد التي شهدتها سوريا، بحسب بيان للأمم المتحدة.
ودعوا إلى رسم خرائط شاملة وجمع وتسجيل وحفظ الأدلة والشهادات، بالتزامن مع ضمان الأمن وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وأقاربهم والشهود والمشاركين في التحقيقات.
وقالوا إنه "مع ظهور معلومات جديدة حول مصير ضحايا الجرائم المروعة وأماكن وجودهم، تصبح حماية مواقع الاحتجاز، بما في ذلك سجن صيدنايا سيئ السمعة، ومواقع الدفن، وجمع وحفظ الأدلة والشهادات أولوية".
وأشاروا إلى ضرورة التحقيق في هذه الانتهاكات، التي ترقى في كثير من الحالات إلى جرائم دولية، وملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم لكشف الحقيقة للضحايا والمجتمع ككل وتحقيق العدالة وتعزيز المصالحة والانطلاق على طريق نحو السلام المستدام".
وحث الخبراء السلطات المؤقتة على إنشاء نظام للحفاظ على المقابر الجماعية، ووضع بروتوكولات لاستخراج الجثث من مواقع القبور، وتحديد أولويات استخراج الجثث من مواقع القبور الجماعية والإشراف على تنفيذها، بما يوازن بين احتياجات الأسر لتحديد هوية الضحايا ومتطلبات الأدلة للإجراءات الجنائية.
وزار رئيس الآلية الدولية المحايدة، روبرت بيتي، دمشق في أواخر ديسمبر الماضي وقال إن "سقوط حكم الأسد يمثل فرصة مهمة" للوفاء بولاية الآلية على الأرض.
وأشار إلى أنه حتى في أحد المرافق، "تكشف جبال الوثائق الحكومية عن الكفاءة المروعة لتوثيق جرائم النظام الفظيعة".
وسلط بيتي الضوء على الحاجة الملحة إلى الحفاظ على الأدلة قبل أن تضيع إلى الأبد، وأضاف: "الوقت ينفد. هناك فرصة صغيرة لتأمين هذه المواقع والمواد التي تحتوي عليها. وفي كل يوم نفشل فيه في القيام بذلك، نخاطر بفقدان فرصة المساءلة الشاملة".
"العدالة الانتقالية"
جدران السجون تكشف جرائم الأسد. أرشيفية
ومنذ بداية سقوط نظام الأسد، يتداول بكثرة مصطلح "العدالة الانتقالية" والتي دعا إليها مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك.
وبحسب المركز الدولي للعدالة الانتقالية، يشير هذا المصطلح إلى كيفية استجابة المجتمعات لإرث الانتهاكات الجسيمة والصارخة لحقوق الإنسان، وهي تعنى بتحقيق حقوق الضحايا قبل أي اعتبار.
وأشار سلامة إلى أن تحقيق "العدالة الانتقالية" يتطلب شفافية في التحقيقات ويعزز من المصالحة الوطنية على مستوى عموم سوريا، بمحاسبة المتورطين ضمن أطر قانونية وليس انتقامية.
ودعا مفوض الأمم المتحدة تورك إلى تحقيق "العدالة الانتقالية" في سوريا، معتبرا أن الأمر "بالغ الأهمية" بعد تسلم إدارة جديدة السلطة في البلاد.
وقال تورك خلال مؤتمر صحفي في منتصف يناير من دمشق إن "العدالة الانتقالية أمر بالغ الأهمية مع تقدم سوريا نحو المستقبل ... الانتقام والثأر ليسا أبدا الحل".
وأضاف تورك "يجب التحقيق بشكل كامل في حالات الإخفاء القسري، والتعذيب، واستخدام الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الجرائم. وبعد ذلك، يجب تحقيق العدالة بشكل عادل وحيادي".
ووفقا للقانون الإنساني الدولي، والمادة الثامنة من نظام "روما" المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، جرائم الحرب هي تلك "الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة".
وفي تعريف موسع شمل نظام روما الأفعال التي تؤسس لجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، والتي تشمل: القتل العمد، والتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية، وإجراء تجارب بيولوجية، أو إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها، دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.
كما تشمل تلك الجرائم تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، أو مهاجمة، أو قصف المدن، أو القرى، أو المساكن، أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافا عسكرية، بأية وسيلة كانت.
اختصاص القضاء العالمي
مطالب بتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا. أرشيفية
وذكر سلامة أن الطريق مفتوحة أمام سوريا لطرق أبواب المحكمة الجنائية الدولية بطلب رسمي لملاحقة المسؤولين والسياسيين والعسكريين السوريين المتورطين في جرائم الحرب.
وبشأن اختصاص القضاء السوري في المحاسبة، قال البروفيسور سلامة وهو أستاذ فخري بالمعهد الدولي لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة، إنه في حال إيجاد آليات لملاحقة المسؤولين السوريين يمكن تنفيذ مبدأ "اختصاص القضاء العالمي" ليصبح القضاء الوطني الأجنبي لكل دولة قادرا على محاسبة المتورطين في جرائم حرب في سوريا أينما كانوا.
وفي التفاصيل لقواعد التقاضي أشار إلى أن المحاكم الجنائية السورية تبقى هي "حجر الزاوية بالنسبة للمحاكمة على الجرائم الدولية"، ولكن قد يكون كادرها القضائي والفني غير قادر على إنفاذ قواعد التقاضي ضد مرتكبي جرائم الحرب، وهو ما يعني الحاجة إلى الاستعانة بالخبرات الدولية.
وقال إنه في حال محاكمة بشار الأسد، لا يمكنه الدفع بصفته الرسمية كرئيس للدولة، ما يبيح له ارتكاب الجرائم من دون تحميله المسؤولية، حيث يتضمن الدستور السوري نصا بأن الرئيس لا يكون مسؤولا عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة أعماله إلا في حالة الخيانة العظمى.
كما ينص الدستور على أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهذا يعني أن تسيير العمليات الحربية والقرارات العسكرية الاستراتيجية كانت بيد الأسد، ولهذا فإن أي رئيس يأمر بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية لا يستطيع أن يفلت من المسؤولية الجنائية الدولية، وفقا لسلامة.
ويقول موقع منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" إن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب هي أخطر أنواع الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي.
وأضاف أن هذه الجرائم "تترك أثرا يدوم ويلحق الضرر بسلامة وأمن المجتمعات والمناطق والبلدان بعد عقود من ارتكابها".
ومن بين الاتفاقيات الموقعة عليها العديد من الدول المتعلقة بجرائم الحرب، فلا عدم تقادم لهذا النوع من الجرائم، أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا، دعت في أواخر العام الماضي إلى "حماية جميع الأدلة ومسارح الجريمة، بما في ذلك مواقع المقابر الجماعية، من أجل التوثيق والتحليل الجنائي".
وطالبت حكومة تصريف الأعمال بضمان "حماية جميع ملفات الاعتقال والاحتجاز وحفظها في المواقع التي عثر عليها فيها بطريقة تضمن فائدتها في عمليات المساءلة في المستقبل".
واقترحت إنشاء الإدارة السورية الجديدة لوحدة قيادة وتنسيق لحماية مواقع المقابر الجماعية والوثائق والأدلة، إلى أن يحين الوقت الذي يمكن فيه للخبراء السوريين والدوليين فحصها لحماية حق العائلات في معرفة الحقيقة.
السوريون الموجود في بلادهم أو في المنفى ينظرون إلى سوريا "كمسرح جريمة" تكلفته البشرية كانت مرتفعة جدا، إذ قد يحتاجون عدة أجيال لينسوا ما حصل لهم ولأحبائهم.
ولا يطالبون سوى "بالمساءلة" و"العدالة" لضحاياهم من جرائم الأسد ومسؤوليه.