Syrian President Bashar al Assad visits Syrian army troops in war-torn northwestern Idlib province, Syria, in this handout…
قوات النظام السوري غير قادرة على تحقيق مزيد من التقدم

في تطور ميداني ملفت، أظهرت خريطة الصراع في سوريا عدم حدوث أي تغييرات ميدانية منذ ستة أشهر، بحسب ما ذكر مركز" جسور" للدراسات الاستراتيجية.

وأوضح المركز المختص بالشأن السوري أن خريطة النفوذ العسكري في البلاد شهدت خلال شهر أغسطس الماضي ثباتا لنسب السيطرة الكلية بين أطراف النزاع، والتي جرى تسجليها في شهر فبراير 2020.

ويتضح من خلال ذلك أن هذا الأمر يحدث لأول مرة منذ تأجج المعارك في جميع انحاء سوريا في العام 2012.

ووفقاً للخريطة التي أصدرها مركز جسور للدراسات فإن نسب سيطرة القوى على الأرض جاءت لتؤكد محافظة قوات النظام السوري على ما يعادل ثلثي الأرض بنسبة 63.38 في المئة، بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على ما يزيد قليلا عن ربع مساحة البلاد، ليتبقى نحو 11 بالمئة للفصائل المعارضة في الشمال.

خريطة النفوذ العسكري في سورية 01-09-2020 أظهرت #خريطة_النفوذ_العسكري في #سورية لشهر آب/ أغسطس 2020، ثبات نسب السيطرة...

Posted by ‎مركز جسور للدراسات‎ on Thursday, September 3, 2020

وأرجع المركز عدم التغيّر في نسب السيطرة إلى التزام القوات الحكومية وفصائل المعارضة بوقف إطلاق النار في إطار مذكّرة موسكو التي تم توقيعها بين تركيا وروسيا في 5 مارس المنصرم، وذلك رغم خروقات مستمرة تشهدها محاور عدة.

 

تسلل وتصعيد

وأشار المركز إلى أن شهر أغسطس قد شهد استمرار ارتفاع وتيرة التصعيد من قصف مدفعي وصاروخي وعمليات تسلّل إلى بعض النقاط واستهداف الدوريات المشتركة للقوات الروسية والتركية.

كما نوه المركز إلى أن تنظيم "داعش" لم يعد يسيطر بشكل فعلي على أي مساحات داخل سوريا، رغم وجود بؤر مسلحة له ما تزال قادرة على تنفيذ هجمات متعددة في شرقي سوريا.

 

تقييد حركة جيش النظام

وفي اتصال مع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أوضح رامي عبد الرحمن لموقع "الحرة" أن سبب عدم حدوث أي تغييرات الخريطة العسكرية مرده بالدرجة إلى الأولى إلى الدور الكبير الذي تقوم به الدول المسيطرة على الساحة السورية خاصة من جانب روسيا التي تفرض كلمتها على النظام في دمشق، أو من جانب تركيا التي تدعم العديد من فصائل المعارضة التي تتمركز في إدلب وبعض مناطق شمالي سوريا.

ونوه عبد الرحمن إلى أن الاتفاقات بين أنقرة وموسكو وما نجم عنها تفاهمات تقيد حركة جيش النظام السوري وتمنعه من القيام بأي تقدم في مناطق نفوذ المعارضة رغم حدوث بعض التصعيد بين فترة وأخرى.

 

أوضاع ميدانية معقدة

من جانبه أوضح الخبير العكسر ي السوري إسماعيل أيوب أن مرد الجمود على جبهات إدلب يعود إلى الأوضاع الميدانية المعقدة، مشيرا إلى أن هناك احتمال كبير بقيام قوات النظام السوري بعملية عسكرية للسيطرة على منطقة جبل الزاوية باعتبارها المنطقة الوحيدة التي  لا تزال خارج سيطرته وتشرف على طريق إم فور الاستراتيجي الرابط بين حلب واللاذقية.

وأكد أيوب في حديث لموقع "الحرة" أن الأوضاع معقدة للغاية مع تواصل حشد قوات النظام والميلشيات الإيرانية قواتها على تخوم جبل الزواية جنوبي إدلب وبالتالي فإن حدوث عمل عسكري سيؤدي إلى وقوع احتكاك غير مرغوب بين روسيا وتركيا، خاصة وأن الأخيرة قد نشرت أكثر من فرقة مدرعة والعديد من أنظمة الدفاع الجوي في إدلب.

وأشار إلى أن الأدارة الأميركية قادرة بشكل كبير عبر الأوراق التي تملتكها من منع حدوث أي تصعيدات ميدانية خطيرة في سوريا، ولاسيما مع وجود أزمة خطيرة في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان من جهة أخرى مما يجعل المنطقة برمتها على صفيح ساخن.

 

مسارات متعددة

وكانت خريطة الحرب في سوريا قد اتخذت مسارات متعددة، فقبل التدخل الروسي في سوريا عام 2015 كانت الكفة تميل في كثير من الأحيان لصالح فصائل المعارضة وتنظيم داعش على حساب قوات النظام، ولكن بعد التدخل تمكنت قوات الأسد من تحقيق انتصارات واضحة وفرض مناطق عدم تصعيد إلى أن سيطرت على ثلثي البلاد.

بالمقابل ساعد التدخل التركي القوي في منع سقوط آخر معاقل المعارضة الرئيسية في إدلب بعد أن عمليات قصف مكثف لقوات النظام السوري لمنعها من التقدم أكثر، فيما يحمي التحالف الدولي حليفه الرئيسي "قوات سوريا الديمقراطية" والذي لعب دورا كبيرا على القضاء على تنظيم داعش.

ظروف معيشية قاسية ضمن المخيمات المكتظة بالناس
ظروف معيشية قاسية ضمن المخيمات المكتظة بالناس

سجل فريق "منسقو الاستجابة" الإنساني 62 حالة انتحار في مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، منذ بداية العام الحالي.

ومن بين الحالات 34 حالة باءت بالفشل، وأوضح الفريق في بيان، الثلاثاء، أن "فئة النساء تشكل الفئة الأكبر في أعداد الحالات، لعدم وجود من يساعدهن على تخطي الصعوبات".

وتأتي في المرتبة الثانية "فئة اليافعين"، وقال البيان إنهم "من غير القادرين على التعامل مع المصاعب والضغوط المختلفة التي تواجههم"، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار والتي تشهد تزايدا ملحوظا في المنطقة، نتيجة المتغيرات الكثيرة والدورية.

وناشد الفريق المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة لمساندة المدنيين والنازحين وتأمين المتطلبات الأساسية لهم، والعمل على تأمين فرص العمل بشكل دوري للحد من انتشار البطالة في المنطقة.

كما حث المنظمات على "تفعيل العيادات النفسية ضمن المراكز الطبية، وتفعيل أرقام خاصة للإبلاغ عن حالات محتملة بغية التعامل معها بشكل عاجل".

وأوصى البيان بإنشاء "مصحات خاصة لعلاج مدمني المخدرات، بعد انتشار ترويجها في المنطقة".

ويعيش في شمال غرب البلاد 4.5 مليون شخص، نزح منهم 2.9 مليون خلال الصراع الذي تسبب في مقتل مئات الآلاف منذ اندلاعه إثر احتجاجات مناهضة للنظام السوري.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو مليوني شخص يعيشون في مخيمات، وقد تضاعفت معاناتهم بعد كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب المنطقة في فبراير الماضي.

وسبق أن أطلقت منظمة "أنقذوا الأطفال" تحذيرات من ارتفاع أعداد حالات الانتحار بين الأطفال السوريين، في مناطق شمال غربي سوريا.

وبحسب تقرير لها، نشر في أبريل 2021، فإن 187 حالة وفاة ناجمة عن الانتحار تعود لأشخاص هُجروا من ديارهم، مما اضطرهم للعيش بعد ذلك ظروف معيشية قاسية ضمن المخيمات المكتظة بالناس، ونقص البنية التحتية، وهي عوامل كافية لجعل الناس يشعرون بمزيد من الأسى، بحسب المنظمة.

وقالت المنظمة إن الوضع الاقتصادي المتدهور في الشمال الغربي أثر على الأشخاص الذين يكافحون من أجل تأمين احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء، وقد ساهم ذلك في زيادة مستويات التوتر بين المجتمعات.