"النظام السوري لم يستمع لمطالبنا بإقرار قانون أحوال شخصية خاص بنا"، بهذه العبارة علّق مسؤول العلاقات الخارجية في مجلس إيزيديي سوريا، عدنان جميل رسول حسن، على تعميم وزارة العدل السورية بإخضاع الإيزيديين لقانون الأحوال الشخصية دون استثناءات تراعي خصوصية ديانتهم .
وحسب ما جاء في التعميم رقم 7 الصادر عن وزارة العدل السورية فإن المادة 306 من قانون الأحوال الشخصية السوري قد نصت على خضوع جميع السوريين لهذا القانون، على اختلاف ديانتهم ومذاهبهم، سوى ما تستثنيه المادة 307 المتعلقة بالطائفة الدرزية التي تخضع للمحكمة المذهبية في السويداء، والمادة 308 المتعلقة بالأديان المسيحية واليهودية.
وتابعت وزارة العدل: "بمقتضى ما سلف يتبين أن المواطنين السوريين من الطائفة الإيزيدية يخضعون فيما يتعلق بقضاياهم الشرعية -ومنها الزواج- إلى قانون الأحوال الشخصية الذي لم يخضعهم إلى تشريعات خاصة أسوة بباقي الطوائف المشار إليها فيما سلف".
وأضاف حسن، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "الإيزيديين عانوا من ظلم الحكومات والأنظمة المتعاقبة في الشرق الأوسط، والحكومات السورية لم تعترف بنا يوماً، علماً أننا في زمن الانتداب امتلكنا وثائق تجيز لنا المثول أمام المحكمة المدنية الابتدائية في حلب فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية".
ولفت إلى أنّه "أثناء المعارك الدائرة في سوريا، قامت إحدى الفصائل المسلحة بحرق جميع السجلات الخاصة بالإيزيديين في بلدة جنديرس (شمال غربي محافظة حلب)".
"موظف الأحوال المدنية يختار الديانة"
وأشار إلى أنّ "عدد كبير من الإيزيدين مسجلين في دوائر النفوس بأنهم مسلمين، لأن الموظف هو من يختار الطائفة التي يريد إدراجنا ضمنها، والأمر استنسابي ولا يخضع للرقابة"، مشدداً على أنّ "الاعتراف القانوني بالمكون الإيزيدي في سوريا هو من سيكفل شعورنا بالمواطنة".
وهنا أكّد أحد الناشطين في الشؤون الإيزيدية يطلق على نفسه إسم "نيرفانا" تيمناً بالفكر البوذي الذي يعرف هذه التسمية بأنها "حالة الخلو بعد المعاناة"، بأنّه "سيأتي يوم ونشعر نحن الإيزديين في سوريا بأننا من المواطنين".
وأضاف نيرفانا، في حديث لموقع "الحرة": "نحن ديانة قديمة عمرها 7000 قبل الميلاد، وهي لا تزال قائمة وموجودة، ولكننا نعامل معاملة المسلمين في سجلات الدولة وفي المحاكم الشرعية".
وأشار إلى أنّ "والده مسجل على انه مسلم في السجلات، ولكن عمّه أبقى مدرجا كإيزيدي"، كاشفاً أنّه "اضطر السير بمعاملات الزواج على أنّه مسلم لكي يتمكن من تسجيل أطفاله".
واعتبر الناشط أنّ "تعميم وزارة العدل الأخير يعتبر بمثابة أسلمة قانونية للإيزيديين".
الزواج في المحاكم الشرعية الإسلامية
أما م.ح (رفض الكشف عن هويته)، فقال لموقع "الحرة": "عندما وقفت أمام قاضي المحكمة الشرعية للزواج، سألني إذا كنت مسلماً طالباً مني النطق بالشهادتين، فعندما أدليت بأنني من الديانة الإيزيدية طلب مني إبرام عقد الزواج خارج نطاق محكمته".
وتابع م.ح: "كيف لي الزواج خارج المحكمة الشرعية، ولا يوجد محكمة تمثلني وتطبق قواعدي الدينية".
وأشار إلى أنّ "خطاب الأسد أمام رجال دين تابعين لوزارة الأوقاف في دمشق، في ديسمبر 2020، وعدم تواجدنا به يثبت تجاهلنا تماماً ومحاولة طمسنا بشكل كامل في هذه البلاد".
40 ألف نسمة في سوريا
وكشفت مصادر إيزدية فاعلة في شمال سوريا لموقع "الحرة"، أنّ "عدد الإيزيديين يقدّر بحاولى 40 ألف نسمة غالبيتهم في مدينة عفرين التي تضم 22 حي ايزيدي، والقسم الآخر في مدينة حلب وتحديداً بمنطقة الأشرفية، وحي السريان".
حرمان من الإرث
وتروي هذه المصادر أنّ في احدى حالات حصر الإرث، ذهب إيزيدي من حلب إلى الدوائر المعنية لكي يستحصل تركة جدته بالوكالة عنها، بعد وفاة والده، فكانت الإجابة أنّها إيزيدية ولا يحق لها أخذ نصيبها من الإرث، ولكن بإمكانه هو أن يرث لأنه مدرج مسلم على الأوراق الرسمية.
وكان تعميم وزارة العدل، الذي حمل تاريخ 14 فبراير، قد ذكر في ختامه: "بذلك يغدو قانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 1953 هو الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لأبناء الطائفة اليزيدية من المواطنين السوريين، والمحكمة الشرعية هي صاحبة الاختصاص في رؤية القضايا الشرعية للطائفة اليزيدية من المواطنين السوريين".
أما الإيزيديين غير السوريين، فأشار التعميم: "صاحبة الاختصاص هنا هي المحاكم المدنية".
وهنا يقول نيرفانا: "كيف يمكن تقسيمنا بهذا الشكل، ونحن أتباع ديانة واحدة؟".