لقاحات كورونا تصل إلى سوريا. أرشيفية
لقاحات كورونا تصل إلى سوريا. أرشيفية

بعد طول انتظار تترقب سوريا وصول لقاحات مضادة لفيروس "كورونا المستجد"، على اختلاف مناطق النفوذ فيها، سواء الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في الشمال والشمال الغربي، أو مناطق سيطرة نظام الأسد. 

وكغيرها من دول العالم أنهك فيروس "كورونا" السكان في سوريا، والقطاع الطبي أيضا، وفي الأشهر الماضية لم يتوقف عداد الوفيات والإصابات، وهو الأمر الذي أوصل البلاد إلى حافة كارثة، سبق وأن حذرت منها منظمة "الصحة العالمية". 

وكانت مناطق شمال غربي سورية قد تقدمت في أواخر2020 بطلب رسمي لمبادرة "كوفاكس" التابعة لمنظمة "الصحة العالمية"، من أجل الحصول على لقاح "كورونا"، كما أن حكومة الأسد انضمت أيضا للمبادرة، في شهر يناير الماضي بموجب قرار من مجلس الوزراء التابع للنظام.

في المقابل لم تتخذ مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) أي ترتيبات مماثلة لضمان الحصول على اللقاح.

"أسترازينكا" الإنكليزي في الشمال

جرعات لقاح أسترازينيكا تشكل الغالبية العظمى من الجرعات التي تنوي آلية كوفاكس توزيعها بداية العام

في مناطق شمال وشمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة شهد وباء "كورونا" انحسارا في الأسابيع الماضية، حسب ما قالت مصادر طبية في تصريحات لموقع "الحرة"، مشيرة: "حيث وصل الأمر إلى تسجيل حالة جديدة واحدة كل يوم لثلاث أو أربع أيام متتالية".

ويقول الطبيب رامي كلزي مدير البرامج المجتمعية في "وزارة الصحة" بـ "الحكومة السورية المؤقتة": "كانت وزارة الصحة دائما تحذر أن هذا لا يعني بالضرورة انحسارا تاما للوباء، وفعلا شهدنا الأحد ارتفاعا ملحوظا في عدد الحالات الإيجابية المسجلة حيث بلغ 17 إصابة و11 إصابة في اليوم التالي".

ومن المرتقب أن تصل دفعة مخصصة لمناطق شمال وشمال غربي سوريا (إدلب، ريف حلب الشمالي) من لقاحات "أكسفورد-أسترازينكا" الإنكليزي، في الأيام المقبلة. 

ويوضح كلزي: "جاري التنسيق مع كافة الفواعل المعنية وأهمها اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وفريق لقاح سوريا. حاليا لا يزال الأمر ضمن مرحلة التخطيط التنفيذي مع انتظار الموافقة على الخطة العامة من قبل مبادرة كوفاكس".

وتشمل خطة توزيع اللقاح الإنكليزي كامل مناطق شمال غربي سوريا، وحسب الطبيب المسؤول: "سيتم التطعيم على ثلاث مراحل. المرحلة الأولى ستغطي 20 بالمئة من السكان خلال العام الجاري على ثلاث أو أربع دفعات".

وعن الشريحة المستهدفة يشير كلزي بأن الأولوية ستكون للعاملين الصحيين وأصحاب الأمراض المزمنة، وفئة الكبار بالعمر فوق 55 عاما. 

وتوقع كلزي أن تصل أو دفعة من اللقاحات الإنكليزية في أواخر شهر مارس أو أوائل شهر أبريل المقبل، ويتابع: "عدد الجرعات المقترح مبدئيا حوالي مليون و700 ألف جرعة لتغطية 850 ألف نسمة (تشكل حوالي 20 في المئة من كامل تعداد سكان المنطقة)".

من جانبه يقول مدير برنامج اللقاح في "وحدة تنسيق الدعم"، الطبيب محمد سالم: "ننتظر وصول 120 جرعة من اللقاح الإنكليزي في نهاية شهر مارس، على أن تكفي لـ60 ألف شخص فقط، بمعدل جرعتين لكل فرد".

ويضيف سالم في تصريحات لموقع "الحرة": "سيكون هناك حملة لمدة عام كامل. في كل دفعة تصلنا من اللقاح سنقوم بتحديد شريحة المستهدفين".

النظام يعتمد "سبوتنيك v" 

بالتزامن مع ما سبق أعلن نظام الأسد أنه اعتمد لقاح "سبوتنيك 7" الروسي المضاد لفيروس "كورونا" بشكل رسمي.

جاء ذلك على لسان سفيره في موسكو، رياض حداد بقوله لوسائل إعلام روسية الاثنين: "دمشق اتخذت جميع الإجراءات لتسجيل اللقاح الروسي سبوتنيك V في سورية ووافقت على استخدامه".

وفي آخر الإحصائيات كانت وزارة الصحة في حكومة الأسد قد سجلت الاثنين 36 إصابة جديدة بالفيروس، وشفاء 77 حالة ووفاة 2 من الإصابات، ليتجاوز عدد الإصابات الكلي منذ اكتشاف أولى الإصابات أكثر من 15 ألف و100 إصابة، حسب البيانات الرسمية، إلى جانب 1000 حالة وفاة. 

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد حذرت، مطلع فبراير الحالي من عدم وصول لقاح "كورونا" للفئات الأشد ضعفا في سورية، في حال حصول حكومة الأسد على اللقاح من منظمات الإغاثة الدولية.

وقالت المنظمة في تقرير لها إن نظام الأسد "استخدم الرعاية الصحية كسلاح حرب ضد المدنيين" في المناطق الخارجة عن سيطرته، مشيرة إلى عدم وجود أي قناة مضمونة لتوزيع اللقاح على ملايين المدنيين في الشمال السوري.

وورد في التقرير أن حكومة النظام "لم تخجل أبدا من حجب الرعاية الصحية كسلاح حرب، لكن لعب هذه اللعبة باللقاح يقوض الجهد العالمي للسيطرة على الوباء".

ما سبق جاء بعد تصريح لوزير الصحة في حكومة النظام، حسن العياش، قال فيه إن وزارته "لن ترضى أن يأتي هذا اللقاح على حساب السيادة السورية"، ما اعتبرته المنظمة أنه لن يشمل مناطق الشمال السوري، خاصة مناطق شمال شرقي سوريا، التي لا تدخلها المساعدات الأممية بعد فشل تمديد نظام المساعدات العابرة للحدو هناك.

وعود في شمال شرق سوريا

أعداد الإصابات بفيروس كورونا في سوريا إلى ارتفاع

إلى مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" هناك وعود بإيصال اللقاح إليها، حسب ما قالت مصادر طبية لموقع "الحرة"، لكن دون وضوح المشهد كاملا.

وتشير المصادر الطبية إلى عدة سيناريوهات لإيصال اللقاح، أبرزها الحصول عليه من منظمة "الصحة العالمية"، مع اضطرارية مروره من مناطق سيطرة نظام الأسد.

وفي الأسبوع الماضي قال تحالف جافي، الذي يشارك في قيادة برنامج "كوفاكس" مع منظمة الصحة العالمية إنه يهدف إلى إرسال 2.3 مليار جرعة لقاح إلى جميع أنحاء العالم بحلول نهاية عام 2021 منها 1.8 مليار جرعة مجانية للدول منخفضة الدخل.

وفيما يتعلق بتنفيذ حملة التطعيم في سوريا قالت أكجمال ماجتيموفا، ممثلة منظمة الصحة العالمية في دمشق في مقابلة عبر الهاتف مع وكالة "رويترز": "آمل حقا أن تبدأ الحملة في أبريل لكن الأمر قد يستغرق وقتا أطول اعتمادا على الكثير من العوامل". وأضافت: "علينا أن نتعامل مع الكثير من الأشياء المجهولة".

واعتبرت ماجتيموفا أن "أي إمدادات من اللقاحات الآمنة والفعالة التي تستطيع سوريا الحصول عليها ستساعد في توفير اللقاحات على نحو أكبر. وليس لمنظمة الصحة العالمية أي دور في مثل هذه الاتفاقات الثنائية".

قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد
قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشره، السبت، إن 673 شخصا قتلوا وجرحوا منذ بداية العام الحالي في مناطق متفرقة نتيجة الألغام ومخلفات الحرب.

وأوضح "خلال 100 يوم، بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا منذ بداية عام 2025 نتيجة انفجار أجسام من مخلفات الحرب 335 شخصا، بينهم 71 طفلا و17 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 338 آخرين بجراح بينهم 140 طفلا و3 سيدات".

وما تزال الألغام والمخلفات والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب تشكل تهديدا مباشرا وآنيا لحياة المدنيين، وتمثل كابوسا بالنسبة لكثيرين.

ويسجل المرصد السوري باستمرار حالات جديدة من الانفجارات المميتة التي تؤكد حجم الخطر المستمر الذي يهدد حياة السكان بالمناطق التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه.

وتنتشر مخلفات الحرب في عموم المناطق السورية التي شهدت عمليات عسكرية خلال السنوات السابقة، وتشكل هاجسا لدى المواطنين الراغبين بالعودة إلى منازلهم ومتابعة أعمالهم.

ويتهم المرصد السلطات المحلية والمنظمات المعنية بالتقاعس عن إزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام بمختلف أنواعها وأشكالها.

وفي ظل استمرار سقوط الضحايا، يدعو المرصد المنظمات الدولية والجهات المعنية إلى التحرك العاجل لإزالة مخلفات الحرب في سوريا. كما يحث الحكومة الجديدة على التعاون وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه العمليات، بما يضمن توفير بيئة آمنة تُمكّن الأهالي من العودة إلى مناطقهم دون مخاطر تهدد حياتهم أو تعيق استقرارهم.