مهاجرون- سوريا- اليونان

يتعرض طالبو اللجوء في بعض الدول الأوروبية لأنواع من المضايقات والمتابعات، بينما تتهم منظمات حقوقية بعض تلك الدول بالضلوع في حوادث اختفاء قسري للاجئين سوريين، على وجه الخصوص.

مجلة  "ذا أنترسبت" عرضت قصصا للاجئين تم اقتيادهم لمخافر الشرطة ثم انقطعت أخبارهم.

"أهدافٌ" متكررة

فادي، لاجئ سوري في ألمانيا، ذهب إلى اليونان للبحث عن أخيه، لكنه وجد نفسه في قبضة رجال الشرطة رغم كونه حاملا بطاقة هوية ألمانية، وجواز سفر سوريا.

في نوفمبر 2016، ألقي عليه القبض في في ديديموتيشو، باليونان، وهو يمسك بهاتفه ويعرض صورة أخيه (11 عاما) علّه يعثر على شخص التقى به.

بعد حوالي ساعة، اقترب منه ثلاثة ضباط شرطة يونانيين، واقتادوه.

وعلى الرغم من أن السوريين مثل فادي كانوا أهدافا متكررة للسلطات الأوروبية المختلفة، اعتقد فادي أنه آمن، لقد كان طالبا قانونيا في ألمانيا، ولديه بطاقة هوية ألمانية، وجواز سفر، وأوراق لإثبات ذلك. 

تقول مجلة "ذا أنترسبت" لقد "سأله الضباط من أنت ومن أين جئت؟ وعندما أخبرهم أنه من سوريا، أخذوا هويته الألمانية، ولم يعيدوها له، ثم وضعوه في شاحنة". 

في وقت لاحق من تلك الليلة، سلمت الشرطة اليونانية فادي ونحو 50 "معتقلا" إلى مجموعة من الكوماندوز الناطقين بالألمانية، مسلحين وملثمين ويرتدون ملابس سوداء بالكامل. 

أثناء تحميل المعتقلين في شاحنات، توسّل فادي، باللغة الألمانية، للإفراج عنه، لكنه تلقى ضربة من  أحد رجال الكوماندوز بعصا، ردا على طلبه.

محامو فادي الذين يحاولون مساعدته وصفوا -في حديثهم للمجلة- ما حدث معه ويحدث مع عشرات اللاجئين بــ"حملة الاختفاء القسري".

أماندا براون، الباحثة القانونية في منظمة Global Legal Action Network GLAN والمؤلفة الرئيسية للشكوى المقدمة إلى لجنة حقوق الإنسان بحقوق قضية فادي، أشارت إلى أهمية "فهم عمليات الصد والاقتياد على أنها مشروع عنصري"  من حيث أنها تمنع الأشخاص غير البيض من الوصول إلى أوروبا.

وأشارت إلى أن الضباط اليونانيين في محطة الحافلات لم يأخذوا بطاقة هوية فادي إلا بعد أن عرفوا أنه سوري. 

المختفون

وأضافت براون أن وصف المهاجر بـ "المفقود" ببساطة لا يعكس خطورة الجريمة.

وفي السنوات الثلاث التي أعقبت الحادثة، كان فادي عالقا في مأزق قانوني، ضائعا في بلد أجنبي من دون أي وثائق، وغير قادر على العودة إلى وطنه في محل إقامته القانوني في ألمانيا، بينما ظلّ يسعى بشدة للعثور على شقيقه الصغير. 

المحامية براون كشفت أنها عندما سألت فادي إذا شعر أنه قد اختفى خلال تلك السنوات الثلاث، أجاب بأنه "كان هذا بالضبط ما شعرت به، شعرت أنني غير موجود، وأنني لم أكن شيئا".

حاول فادي 13 مرة العودة إلى اليونان، 11 محاولة منها لعبور نهر إيفروس، ومرة في معبر بري أبعد، ومرة أخرى عن طريق البحر، وذلك بحثا عن أخيه. 

وخلال كل محاولة، تعرض للطرد بإجراءات موجزة من قبل مسؤولين يونانيين وأتراك، كما تعرض مرارا للاعتقال والضرب والتهديد والسرقة.

تعذيب

وخلص تقرير صادر عن شبكة مراقبة العنف على الحدود إلى أن 85 في المائة من حوالي 900 شخص تظهر شهاداتهم في التقرير، تعرضوا للتعذيب أو للمعاملة غير إنسانية أو مهينة من قبل حرس الحدود.

ومن خلال رفع قضية فادي أمام هيئة دولية، يأمل محاموه في تحقيق العدالة، ليس أقلها التعويض المادي، والاعتراف بما حدث له من قبل الدول القوية التي سرقت منه سنوات من حياته وتسببت في ألم رهيب. 

قال فادي: "أريدهم أن يعرفوا ما يحدث على الحدود مع اللاجئين والمهاجرين" ثم تابع "أريدهم أن يعرفوا ما يفعله الكوماندوز بنا وكيف يعاملوننا".

وفي إجراء لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وقع الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقا شهد تعهد الاتحاد الأوروبي بدفع 6 مليارات يورو مقابل نقل تركيا لاجئين، معظمهم من السوريين، من اليونان. 

واعترضت منظمات حقوق الإنسان على "الصفقة" بينما كشفت حالة فادي وطالبي اللجوء الآخرين، بأن تركيا لم تكن مكانا آمنا للاجئين.

ندى فضل خلال أحد نشاطات مركزها "مبادرة روح"، موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة
ندى فضل خلال أحد نشاطات مركزها "مبادرة روح"، موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة

فازت خمس نساء بجوائز "نانسن للاجئ" لعام 2024، التي تقدمها سنوياً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

والفائزات الـ5 راهبة، وناشطة، ورائدة أعمال اجتماعية، وعاملة إغاثة متطوعة، ومناصرة في مجال القضاء على انعدام الجنسية.

وحظيت بالجائزة العالمية لهذا العام الراهبة روزيتا ميليزي (79 عاماً)، وهي محامية برازيلية، ناشطة اجتماعية دافعت عن حقوق وكرامة الأشخاص المهجرين منذ قرابة 40 عاماً.

وعلى المستوى الإقليمي، مُنحت 4 نساء أخريات جوائز إقليمية بحسب مناطق عملهن، هنّ ميمونة با من بوركينا فاسو، وجين داوود اللاجئة السورية في تركيا، وندى فضل اللاجئة السودانية في مصر، بالإضافة للناشطة النيبالية ديبتي غورونغ.

كما سيحصل شعب مولدوفا على تكريم فخري لعمله كـ"منارة إنسانية"، نتيجة لدوره في "وضع الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها جانباً، لتحوّل البلاد بسرعة مدارسها ومساحاتها المجتمعية ومنازلها إلى ملاذ آمن لأكثر من مليون شخص اضطروا للفرار من الحرب في أوكرانيا"، وفق بيان لمفوضية الأمم المتحدة، نُشر على موقعها الإلكتروني.

وسيتم توزيع الجوائز غداً الاثنين خلال حفل سيُقام في مدينة جنيف السويسرية.

 

ما هي جائزة نانسن؟

وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تأسست الجائزة عام 1954"إحياءً لإرث فريدجوف نانسن، العالم النرويجي، المستكشف القطبي والدبلوماسي والمفوض السامي الأول في حقبة عصبة الأمم، الحاصل كذلك على جائزة نوبل للسلام 1922".

ويحصل الفائز على مبلغ 150 ألف دولار أميركي تتبرع به حكومتا سويسرا والنرويج، بهدف متابعة مشروع موجه لمساعدة النازحين قسراً، يتم تطويره بالتشاور الوثيق مع مفوضية اللاجئين.

وخلال وجوده في المنصب لعشر سنوات بين 1920 و1930، ساعد نانسن مئات آلاف اللاجئين على العودة إلى وطنهم، وأسهمت جهوده في تمكين عدد كبير من الأشخاص من الحصول على إقامة قانونية وإيجاد عمل في البلدان، التي وجدوا فيها الملجأً.

وتقول المفوضية "أدرك نانسن أن إحدى المشكلات الرئيسية التي كان يواجهها اللاجئون هي افتقارهم لوثائق هوية معترف بها دولياً، فعمل على إيجاد حل عرف بجواز سفر نانسن، كان أول صك قانوني يُستخدم لتوفير الحماية الدولية للاجئين". 

يُشار إلى أن أول من فاز بجائزة "نانسن للاجئ" كانت إليانور روزفلت، وهي أول رئيسة للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وهي قرينة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، وعُرفت بدورها في صياغة الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان.

"مبادرة روح"

من بين النساء الخمس، فازت السودانية ندى فضل، عن فئة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي تُدير مركز "مبادرة روح" الواقع في مدينة الإسكندرية بمصر، حيث يتلقى فيه اللاجئون خدمات الرعاية الصحية المجانية والتدريب على المهارات.

بحسب تقرير للمفوضية عن رحلة فضل (31 عاماً) التي أوصلتها لنيل جائزة "نانسن للاجئ"، فقد وصلت إلى الإسكندرية عام 2015 بمفردها، وليس لديها سوى التصميم على إعادة بناء حياتها.

لكن التكيّف مع الحياة في بلد جديد كان "أمراً صعباً" بالنسبة لفضل، خصوصاً أنها لم تكن تعمل أو تواصل دراستها، لذلك قررت أن تعلم الأطفال اللاجئين في الحيّ الذي عاشت فيه، وكان معظمهم من السوريين.

تقول: "كانوا يسألونني: كيف أحل هذه المسألة؟ وكيف أقرأ هذا؟ وكيف أفعل ذلك؟ لذا، قررت جمعهم معاً وإعطاءهم دروساً في المنزل".

وسرعان ما أسست لنفسها سمعة جيدة داخل المجتمع، مما أدى إلى حصولها على طلبات إضافية للمساعدة، لتتعاون على أثر ذلك مع مجموعة لاجئين آخرين، أطلقوا معاً "مبادرة روح" من أجل حشد المزيد من الدعم للاجئين.

وعندما بدأ مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب الأهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الوصول إلى مصر، قامت فضل في البداية بإشراك شباب آخرين من مجتمعات اللاجئين والمضيفين في الإسكندرية للعمل معها بهدف مساعدة الأسر التي تقطعت بها السبل في مدينة أسوان الجنوبية.

وسافرت اثنتان من صديقاتها إلى أسوان لتقييم الوضع وبناء جسر من التواصل مع السكان المحليين في المدينة، وعند العودة إلى الإسكندرية، بدأت المجموعة على الفور في عملية جمع التبرعات.

تقول فضل "جمعنا التبرعات من السكان هنا ثم أرسلناها إلى أصدقائنا في أسوان لشراء العصير والماء والوجبات وتسليمها للأشخاص الذين يصلون الحدود".

وباعتبارها في صفوف الاستجابة الأولى على الأرض، تمكنت "مبادرة روح" من مساعدة مئات الوافدين الجدد. وبالإضافة إلى تزويدهم بالوجبات الساخنة والمساعدات النقدية، حرصوا على ربط الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والمرضى وكبار السن، بالسكان المحليين الذين قدموا لهم مساكن مؤقتة.

ندى، المتطوعة المثابرة ، الشخصية الفعمة بالقوة التي استطاعت بجهودها أن تساعد مجتمعات اللاجئين، بمختلف جنسياتهم حيث قدمت...

Posted by Caritas Egypt - Alex Refugees' Office on Wednesday, October 9, 2024

معالج السلام

"ولدت منصة معالج السلام جراء الحرب، لذا فإن مهمتنا دائماً هي بناء السلام - السلام الداخلي والسلام في العالم. كل شيء يبدأ من داخلنا"، تقول اللاجئة السورية من مدينة الرقة، المقيمة في تركيا، جين داود.

وبسبب عمل هذه المنصّة التي أنشئت على أثر زلزال كهرمان مرعش في 6 فبراير 2023، الذي ضرب مناطق واسعة في جنوب شرق تركيا والشمال السوري بالإضافة لمدن عدة واقعة تحت سيطرة النظام السوري، نالت مؤسستها داود جائزة "نانسن للاجئ".

وجاء في تقرير نشرته مفوضية اللاجئين الأممية أن فكرة منصّة "معالج السلام" خطرت لداود (26 عاماً) أثناء حضورها دورتين تدريبيتين خلال دراستها الجامعية، إحداهما عن تطوير تطبيقات أندرويد والأخرى عن ريادة الأعمال

تبيّن داود "في تلك اللحظة، بدأت العمل على الموضوع، وكان بمثابة الأمل بالنسبة لي. وعلى الرغم من كل الصعوبات والتجارب التي مررت بها، كنت واثقة من أن شخصاً آخر في مكان آخر يعاني منها".

أعدّت خطة عمل مفصلة وبدأت العمل مع مطوري البرمجيات وعلماء النفس لبناء المنصة. وتم إطلاق الشركة بعد عامين، ولديها الآن قائمة من 100 أخصائي/ة نفسي/ة يقدمون جلسات علاجية عبر الإنترنت باللغات التركية والعربية والكردية والإنكليزية.

وفي حين أن هناك من يستطيع تحمل تكاليف الجلسات الفردية أو الجماعية، يمكن للفئات الضعيفة مثل اللاجئين الوصول إليها مجاناً.  

ونظراً لتفانيها في تقديم الدعم الصحي النفسي للاجئين وغيرهم من الناجين من الصدمات، تم اختيار  داوود كفائزة إقليمية بالجائزة فئة أوروبا.

تعلّق داود على فوزها "ردود الفعل من المستفيدين من خدماتنا هي أكبر مكافأة بالنسبة لي، ولكن الفوز بهذه الجائزة له معنى كبير، فهو يمنحني الدافع والشجاعة لمواصلة هذا العمل".