مقاتلون سوريون من فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا في عفرين. أرشيفية
مقاتلون سوريون من فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا في عفرين. أرشيفية

تشهد منطقة عفرين الواقعة في الريف الشمالي لمدينة حلب السورية استنفارا عسكريا من قبل الفصائل المقاتلة الموالية لتركيا، وذلك قبل يوم من ذكرى السيطرة الثالثة عليها ضمن عملية "غصن الزيتون" التي أطلقها الجيش التركي، في مطلع عام 2018.

وقالت مصادر عسكرية من عفرين في تصريحات لـ "موقع الحرة" إن الفصائل المقاتلة أغلقت مداخل المنطقة بشكل كامل، منذ يوم 15 من مارس الحالي، على أن يستمر الإغلاق حتى يوم 22 المقبل.

وتشير المصادر إلى حالة "استنفار أمني كبير تخوفا من أي تفجيرات أو عمليات عسكرية قد تطال المنطقة في مختلف نواحيها".

ومنذ السيطرة عليها في 18 مارس 2018 من قبل فصائل تركيا شهدت منطقة عفرين عدة تفجيرات بالسيارات المفخخة واغتيالات، ما أسفر عن مقتل المئات من المدنيين والعسكريين.

أكثر من 400 امرأة كردية من عفرين السورية مغيبات في سجون الفصائل الموالية لأنقرة

وبينما اتهمت فصائل الموالية لتركيا المتمثلة بـ "الجيش الوطني السوري" "وحدات حماية الشعب" (الكردية) بالوقوف وراء التفجيرات، نفت الأخيرة ذلك، لكنها وفي ذات الوقت كانت تهدد باستهداف المقار العسكرية في مختلف النواحي التابعة لمركز مدينة عفرين.

"تاريخ حساس"

الرائد مهند وهو قائد "الشرطة المدنية" في عفرين، وهي تشكيل عسكري يتبع لفصائل "الجيش الوطني" يقول: رفعنا الجاهزية العسكرية لأعلى مستوى. أقسامنا الأمنية تعمل على مدار الساعة".

ويضيف في تصريحات لـ "موقع الحرة": "كثفنا الدوريات الليلية بشكل كبير، نحن من يوم 10 إلى نهاية شهر مارس لدينا تاريخ حساس بالنسبة لمنطقة عفرين. خصوصا كون المنطقة مستهدفة من الأحزاب الكردية الإرهابية".

وأكد قائد "الشرطة المدنية" عمليات الإغلاق لمداخل منطقة عفرين، لكنه أشار إلى أن هذا الإجراء مطبق في الليل فقط، أما نهارا يتابع: "فتحتا على كل طرف لمدينة عفرين 3 مداخل، لكي نستطيع تفتيش السيارات".

في المقابل أصدر "حزب الاتحاد الديمقراطي" (pyd) بيانا، الأربعاء، في ذكرى السيطرة التركية على عفرين، وقال فيه: "تركيا وبصمت دولي ومساندة ضمنية من حلف الناتو قام بأكبر اجتياح إرهابي فاشي عنصري على القرى والبلدات الآمنة لمقاطعة عفرين".

واعتبر الحزب أن "قضية تحرير عفرين من الفاشية التركية قضية مصيرية ووجودية، مؤكدين على النضال لإبعاد شبح التقسيم عن سوريا، والذي تحاول تركيا نسج خيوطه باحتلال المزيد من الأراضي".

وتبنى الحزب الذي ينشط في مناطق شمال وشرق سوريا مسؤوليته عن عمليات عسكرية داخل عفرين بالقول: "قوات تحرير عفرين مستمرة في عملياتها النوعية ضد مواقع الاحتلال التركي في الشهباء وعفرين".

في ثلاث سنوات

منذ السيطرة عليها بموجب عملية "غصن الزيتون" لم تنقطع أخبار الانتهاكات والاعتقالات والاستيلاء على منازل وممتلكات المدنيين في منطقة عفرين من قبل الفصائل الموالية لتركيا.

وفي المقابل كان هناك تفجيرات ومفخخات حصدت أرواح العديد من المدنيين، بالإضافة إلى مشهد أعم تمثل بالاشتباكات المتكررة بين الفصائل المقاتلة، ونتج عنها أيضا قتلى وجرحى، آخرها الاشتباكات التي حصلت بين فصيلي "جيش الإسلام" و"الجبهة الشامية"، في فبراير الماضي.

يعاني المدنيون الذين يعيشون في المناطق التي سيطرة عليها الفصائل الموالية لتركيا من ظروف معيشية سيئة وانعدام الأمن

وتتهم منظمات حقوقية كردية وسورية ودولية القوات التركية والمجموعات المسلحة التابعة لها في عفرين، بارتكاب كافة أنواع الانتهاكات التي ترقى لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء المنطقة، في مسعى لإجبارهم على مغادرة منازلهم وأراضيهم، لـ "تنفيذ عملية تغيير ديمغرافي بغية تتريك وتعريب المنطقة".

لكن ما ورد في التقارير الحقوقية سبق وأن نفته فصائل "الجيش الوطني" ومعها تركيا، وتحدثت عن "انتهاكات فردية يقوم بها بعض العناصر"، كما أكدت أنها تعمل على "تخديم المنطقة كاملا بالمدارس والمستشفيات والمتطلبات التي يحتاجها المدنيون".

وخلال عام 2020 فقط وثقت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" 877 حالة اعتقال وإخفاء قسري في عفرين، على يد الفصائل الموالية لتركيا.

ووفق تقرير حقوقي حصل عليه موقع "الحرة" من المنظمة المذكورة فإن الانتهاكات المذكورة نفذتها 24 جهة (فصيل وجهاز أمني) تابعة لفصائل المعارضة السوريّة المسلّحة، وأحيانا المخابرات التركية".

وتوزعت عمليات الاعتقال والإخفاء القسري على مدينة عفرين، والنواحي التابعة لها: جنديرس، بلبل، معبطلي، شران، راجو، الشيخ حديد.
النازحون نصف السكان

يشكل النازحون نحو نصف سكان عفرين حاليا، ويلعبون دور "الحاضنة الشعبية الأصلية" للسلطة العسكرية المسيطرة على المنطقة، والمؤلفة من الفصائل المقاتلة المنضوية في "الجيش الوطني السوري".

أما الإدارة المدنية، المؤلفة من سبعة مجالس محلية، فتتخذ من بعض أعضائها الكرد واجهة لعملها، بينما تشرف "الحكومة السورية المؤقتة"، و"الائتلاف الوطني" المعارض على عملها بشكل مباشر.
في المقابل لا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عدد أهالي مدينة عفرين الذين غادروا مناطقهم منذ مطلع 2018.

فيما يشير ناشطون حقوقيون إلى أن أغلب الاهالي الذين غادروا لم يتمكنوا من العودة حتى الآن، لعدة أسباب، في مقدمتها الخوف من انتهاكات الفصائل المقاتلة، إلى جانب منعهم من العودة من قبل "وحدات حماية الشعب" التي تشكّل العماد العسكري لـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
"نستقبله بحزن"

نورهات حسن صحفي سوري، وهو أحد النازحين من عفرين، يقول لموقع "الحرة" إن "عفرين منذ ثلاث سنوات تعاني من الفصائل التي أفلتتها تركيا في عفرين، وهنالك على الدوام اشتباكات بينها مما يؤدي إلى حالة من الذعر بين المدنيين، وعدم قدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية، والخوف من المظاهر المسلحة المنتشرة بكثرة".

ويضيف حسن المقيم في القامشلي: "غدا يصادف الذكرى الثالثة لاحتلال عفرين من الجيش التركي والفصائل التي يدعمها. نستقبل هذا اليوم بكل حزن، وهناك الآلاف ومئات الآلاف من النازحين مجردون من منازلهم، وأخرجوا عنوة منها".

"الآن لا يزال التهجير مستمرا والجيش التركي"، واتهم حسن الجيش التركي والفصائل التي يدعمها بـ "تغيير ديمغرافية المنطقة، من خلال جلب نازحين آخرين إليها بالإجبار عنهم، بموجب اتفاقيات مثل أستانة".

سيطرة متشابكة

على الرغم من خضوع عفرين بالمنظور العام لسيطرة فصائل "الجيش الوطني السوري"، إلا أن الواقع على الأرض يذهب إلى صورة أدق، إذ تضم عشرات الفصائل العسكرية، وأخرى تتولى مهاما أخرى كـ "الشرطة المدنية" و"الشرطة العسكرية".

وللفصائل المنتشرة في عفرين حالة خاصة، إذ تنقسم بين فصائل أصلية، بمعنى أن نشأتها الأولى كانت من ريف حلب الشمالي، إلى جانب فصائل غالبية عناصرها ليسوا من أبناء المنطقة، كـ "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، وهما تشكيلان عسكريان عملا سابقا في مناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق.

ما سبق كان مسببا لحالة من الفلتان الأمني وعدم الاستقرار، أسفرت في معظمها إلى اشتباكات داخلية بين الفصائل المذكورة، كان آخرها بين "جيش الإسلام" وفصيل "الجبهة الشامية"، وسبقتها اشتباكات بين فصيل "حركة نور الدين الزنكي" وفصيل "جيش تحرير الشام"، الذي كان يعمل سابقا في منطقة القلمون الغربي.

وأسفر عن الاشتباكات مقتل العشرات من العناصر، لتنتهي بعمليات "صلح" و"دفع ديّة" لعوائل القتلى، حسب ما تقول مصادر مطلعة لموقع "الحرة".

وتشير المصادر إلى حالة من "الانفراد والتمترس" اتجهت إليها بعض الفصائل لتعزيز نفوذها العسكري في منطقة معينة داخل منطقة عفرين، وهو الأمر الذي يشابه ما عمل عليه فصيل "السلطان سليمان شاه"، في السنوات الثلاث الماضية.

وكان الفصيل المذكور قد اتجه للتمركز في ناحية الشيخ حديد الحدودية مع الأراضي التركية، وجعل منها قاعدة عسكرية له، ومنطقة نفوذ رئيسي.
لجنة لـ "رد المظالم"

بالعودة إلى سلسلة الانتهاكات وعمليات الاستيلاء على المنازل من قبل الفصائل المسلحة في عفرين، سعت تركيا في الأشهر الثلاثة الماضية لتخفيف حالة الاحتقان الداخلي والخارجي المرتبطة باسم عفرين.

ما سبق تمثل بتشكيل لجنة حملة اسم "اللجنة الوطنية لرد المظالم"، على أن يكون اختصاصها جرد عمليات الاستيلاء والانتهاكات، إلى جانب الفصل بين "الاقتتالات" التي شهدتها المنطقة بين الفصائل العسكرية.

ويتولى إدارة هذه اللجنة، حسب ما تقول مصادر مطلعة لـ "موقع الحرة" شخصيات من "المجلس الإسلامي السوري" الذي يتخذ من إسطنبول مقرا له، إلى جانب "شرعيين" من مختلف الفصائل العسكرية المنتشرة في ريف حلب الشمالي.

وخلال الأشهر الثلاثة الماضية أجرت شخصيات اللجنة عدة لقاءات واجتماعات في عفرين ومناطق ريف حلب الشمالي، وبينما نجحت في إعادة بعض المنازل والأراضي المسلوبة لأصحابها، اصطدمت بتعنت بعض الفصائل العسكرية و"عدم تعاونها"، وخاصة في عفرين.

وفي تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية "أمنستي" اتهمت فصائل "الجيش الوطني" بارتكاب انتهاكات "جسيمة" لحقوق الإنسان في عفرين، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات تتراوح بين الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، ومصادرة الممتلكات، وأعمال النهب، متهمةً تركيا بأنها تمد "الجماعات المسلحة المسؤولة عن هذه العمليات بالعتاد والسلاح".

وقالت المنظمة إنها اعتمدت في تقريرها البحثي على لقاءات أجرتها مع مدنيين من عفرين، تحدثوا عن قيام بعض فصائل المعارضة التي دخلت المدينة في آذار 2018 بأعمال السرقة والنهب وتحويل عدد من المدارس إلى مراكز عسكرية.

ودعا تقرير المنظمة الحقوقية تركيا إلى تأمين "رفاهية وسلامة السكان المدنيين، والحفاظ على القانون والنظام"، على اعتبارها تدعم الفصائل المسيطرة على المدينة.

وأضاف: "يجب على تركيا المسارعة إلى إنهاء الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة المتحالفة معها، ومحاسبة المسؤولين عنها، والتعهد بمساعدة أهالي عفرين في إعادة بناء حياتهم".

إنبوب النفط العراقي

رغم حالة الغموض التي تكتنف مسار العلاقات بين العراق وسوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، يبرز بين حين وآخر حديث عن محاولات لفتح صفحة جديدة من التعاون بين البلدين.

إحدى أهم الخطوات في هذا المجال المساعي لإحياء خط أنابيب النفط العراقي المار عبر سوريا.

وبدأت الحكومة العراقية رسميا، في أبريل الماضي، محادثات مع الجانب السوري لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري المطل على البحر المتوسط. وقد زار وفد عراقي رفيع المستوى دمشق لمناقشة خطط إعادة تأهيل الخط الذي ظل معطلا لعقود بسبب الحروب والإهمال.

وفي 25 أبريل، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أن وفدا حكوميا برئاسة حميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات، وصل إلى دمشق بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتقى بالرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من المسؤولين السوريين.

وذكر البيان أن المباحثات شملت قضايا متعددة من بينها مكافحة الإرهاب، تعزيز أمن الحدود، والأهم من ذلك، بحث إمكانية إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الواصل بين كركوك وبانياس.

مصالح استراتيجية مشتركة

يقول مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، لقناة "الحرة" إن بغداد ودمشق تتشاركان الرغبة في استئناف تشغيل الخط، الأمر الذي سيعود بالنفع على البلدين وعلى لبنان أيضا.

"المناقشات بين الحكومتين مستمرة منذ فترة، وقد شهدت مؤخرا تقدما ملموسا على مستوى اللجان الفنية".

ويضيف صالح أن التركيز الحالي منصب على الجوانب اللوجستية والفنية والقانونية، لا سيما إعادة تأهيل البنية التحتية وضمانات الأمان اللازمة لتشغيل الخط بشكل مستدام.

ويؤكد أن إعادة تشغيل الخط ستسهم في تسريع خطة العراق لتنويع مسارات تصدير النفط، خصوصا نحو الأسواق الأوروبية:

"خط كركوك–بانياس يمنح العراق مرونة استراتيجية وتكلفة أقل، خاصة في ظل التحول الإقليمي نحو الاستقرار والتنمية المستدامة".

ويشير صالح إلى أن هذا المشروع يمكن أن يعزز الاستثمار في قطاع النفط العراقي ويساعد البلاد على الوصول إلى هدف إنتاج 6 ملايين برميل يوميا، تماشيا مع الطلب العالمي المتزايد في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.

خلفية تاريخية

أُنشأ خط أنابيب العراق–سوريا عام 1934، بطول نحو 900 كيلومتر، ويمتد من حقول كركوك شمالي العراق مرورا بالأراضي السورية. وكان ينقسم إلى فرعين: أحدهما ينتهي في بانياس، والآخر في ميناء طرابلس في لبنان.

وقد شكل هذا الخط مسارا حيويا لتصدير النفط خلال القرن العشرين، حتى أوقفه النظام السوري عام 1982 أثناء الحرب العراقية–الإيرانية. ومنذ ذلك الحين، اعتمد العراق على مسارات أخرى مثل خط العراق–تركيا (ITP).

لكن أجزاء كبيرة من خط كركوك–بانياس تعرضت للدمار والسرقة، خاصة في المناطق السورية المتأثرة بالحرب، ولم يضخ العراق أي نفط عبر الأنبوب منذ أكثر من 40 عاما.

تحديات

يرى خبير الطاقة غوفيند شيرواني أن محاولات إحياء خط كركوك–بانياس مدفوعة حاليا باعتبارات سياسية أكثر من كونها اقتصادية أو تقنية.

وفي حديثه لـ"الحرة"، يحدد شيرواني ثلاثة عوائق رئيسية:

أولها الأمن، إذ يمر الخط عبر مناطق لا تزال خارج سيطرة الحكومة السورية، حيث تنشط خلايا داعش وجماعات مسلحة أخرى".

ويحذر شيرواني من أن ضمان الأمن الكامل على طول المسار شرط أساسي لأي تقدم.

العائق الثاني يتجسد في الحالة الفنية. ويشير خبير الطاقة إلى أن الخط الحالي "قديم، متآكل، وتعرض للتلف في عدة مناطق بشكل لا يمكن إصلاحه". هناك حاجة لإنشاء خط جديد كليا أو تعديل المسار بناء على الوضع الميداني.

وأخيرة العائق المالي، فبناء خط جديد بطول 800 كيلومتر سيستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات، وسيتطلب ميزانية تتراوح من 4 إلى 5 مليارات دولار، تشمل الأنابيب ومحطات الضخ ومراكز المراقبة والأمن.

خيارات بديلة

تزامنت عودة الاهتمام العراقي بالمسار السوري مع استمرار المفاوضات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان والشركات الدولية لاستئناف صادرات النفط عبر تركيا، والتي توقفت منذ أكثر من عامين بقرار من محكمة التحكيم الدولية في باريس لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات نفط الإقليم.

وأوضح شيرواني أن مقارنة خطي بانياس وجيهان التركي أمر طبيعي، لكنه أضاف: "خط جيهان جاهز من الناحية الفنية، والعوائق أمامه محدودة تقنيا وماليا، أما خط بانياس فهو مشروع جديد تماما ويتطلب دراسة جدوى اقتصادية كاملة".

ومع ذلك، يرى شيرواني أن كلا المسارين مهمان ويتوافقان مع سياسة العراق الرامية إلى تنويع منافذ التصدير وتقليل الاعتماد على الممرات المهددة في منطقة الخليج، خاصة مع التوترات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة وحلفائهما الإقليميين.

وبحسب خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى "الحرة"، فإن إعادة تشغيل خط كركوك–بانياس قد تحقق عوائد مالية كبيرة لسوريا، من خلال خلق آلاف من فرص العمل، والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، إضافة إلى دعم سوق الوقود المحلي عبر تكرير النفط العراقي بأسعار مخفضة في مصفاة بانياس.

العقبة الإيرانية

يؤكد المستشار الاقتصادي السوري، أسامة القاضي، أن المشروع اقتصادي في جوهره، لكنه معقد سياسيا وأمنيا، خاصة بسبب النفوذ الإيراني في العراق.

يقو القاضي إن المشكلة لا تتعلق بالبنية التحتية فقط، بل بوجود فصائل داخل العراق تعارض الحكومة السورية الجديدة، وتعتبرها دمشق أدوات إيرانية.

"طالما بقيت هذه الأطراف نشطة، لا أعتقد أن المشروع سيمضي قدما، حتى وإن تم توقيع الاتفاق".

ويرى القاضي أن على بغداد اتخاذ موقف واضح ضد التدخلات الخارجية. ويلفت إلى أن التوترات الطائفية ما زالت تعيق التعاون الإقليمي.

تفاؤل حذر

رغم أن إعادة إحياء خط كركوك–بانياس يمثل فرصة استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية لكلا البلدين، لا تزال العقبات أمام تحقيقه كبيرة. ويعتمد التقدم في هذا المشروع على حلول هندسية واستثمارات مالية، إلى جانب تحسين الوضع الأمني وتسوية النزاعات السياسية العالقة.

في الوقت الراهن، يُعد المشروع اختبارا لإمكانية الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وقدرة الدول الخارجة من النزاعات على التحول نحو تعاون مستدام.