سوريا باتت المركز العالمي لإنتاج الكبتاغون
سوريا باتت المركز العالمي لإنتاج الكبتاغون

بات تصنيع مخدر الكبتاغون في قلب أراضي النظام السوري قصة مكسب تجاري كبير لاقتصاد ينمو لينافس الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السوري، لكنه بالمقابل يحول سوريا إلى بلد مخدرات، وفق تقرير من صحيفة الغارديان البريطانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن "شحنة الرمان" التي صادرتها السعودية، سلطت الضوء مجددا على عمليات تهريب المخدرات من لبنان وسوريا، وكيف أنهما يتحولان بسرعة إلى بلدي مخدرات إن لم يكونا قد باتا بالفعل ضمن هذا التعريف.

وتم اعتراض ما لا يقل عن 15 شحنة أخرى من المخدرات في الشرق الأوسط وأوروبا في العامين الماضيين، وقال ستة من مسؤولي الشرطة والاستخبارات في الشرق الأوسط وأوروبا للصحيفة إن جميع الشحنات مصدرها سوريا أو عبر الحدود في لبنان، حيث تشكلت عصابات عبر الحدود تصنع وتوزع كميات من المخدرات على نطاق صناعي.

والكبتاغون هو واحد من عدة أسماء تجارية لمركب المخدرات فينيثيلين هيدروكلوريد. وهو منشط له خصائص إدمانية.

وقالت الصحيفة إن الحدود بين البلدين انعدم فيها القانون ويعمل فيها المهربون بتواطؤ من المسؤولين من كلا الجانبين. وينقل المهربون الحشيش والكبتاغون على طول طريق يمتد من وادي البقاع اللبناني، وبلدة القصير الحدودية السورية، والطرق شمالا عبر معقل العلويين في نظام الأسد، باتجاه ميناءي اللاذقية وطرطوس.

وخضعت اللاذقية على وجه الخصوص لتدقيق مكثف من قبل الشرطة الأوروبية والأميركية ووكالات الاستخبارات. لكن رغم ذلك وقعت عمليات تهريب منها وتم إحباطها لاحقا ومنها خمسة أطنان من أقراص الكبتاغون عثر عليها في اليونان في يوليو 2019، وكمية مماثلة في دبي في الأشهر اللاحقة، وأربعة أطنان من الحشيش تم اكتشافها في مدينة بورسعيد المصرية في أبريل 2020، معبأة في عبوات حليب. آنذاك كانت الشركة مملوكة لقطب النظام رامي مخلوف.

كما كانت هناك شحنة كبتاغون متجهة إلى السعودية مخبأة في أوراق الشاي، فضلا عن شحنات ضبطت في رومانيا والأردن والبحرين وتركيا.

وفي يوليو من العام الماضي، تم اعتراض أكبر كمية من المخدرات على الإطلاق، بقيمة مالية تزيد عن مليار دولار، في ميناء ساليرنو الإيطالي، وكان الميناء الإيطالي نقطة توقف في طريق الشحنة قبل نقلها إلى دبي.

وقالت الصحيفة إن تقرير لمنظمة البحث "مركز التحليل والبحوث التشغيلية" أشار إلى أن سوريا هي المركز العالمي لإنتاج الكبتاغون.

ووفق التقرير، فقد بلغت صادرت الكبتاغون ما لايقل عن 3.46 مليار دولار في عام 2020.

ورغم أن الاتجار بالكبتاغون كان في السابق من بين مصادر التمويل التي تستخدمها الجماعات المسلحة، إلا أن توطيد السيطرة على الأراضي مكن نظام الأسد وحلفائه الرئيسيين من تعزيز استفادتهم من تجارة المخدرات السورية.

"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش
"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش

على الرغم من إعلان فصائل عديدة في سوريا حلّ نفسها، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية أكدت أنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها بعد، الأمر الذي يؤكد أن التوترات بين الإدارة الانتقالية الجديدة و"قسد" لن تنتهي قريبا.

ويبدو أن هذا التوتر قد أجج المخاوف من أن يتم خلال المرحلة القادمة إقصاء قسد من العملية السياسية، سيما بعد إعلان اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، عدم دعوتها لقسد التي قالت أنها لا تمثل جميع سكان شمال سوريا، إضافة إلى كونها قوة مسلحة.

يقول هنري إنشر، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، في تصريح لقناة الحرة، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستواجه تحديات كبيرة في إدارة توازن العلاقات بين تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعتبر الحليف الأساسي للولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش في سوريا.

في الوقت ذاته، أوضح إنشر، أن واشنطن تواجه ضغطًا من تركيا التي تصنف وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لقسد كجناح عسكري لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيًا من قبل أنقرة.

وأضاف إنشر أنه بشكل عام، بالنسبة لأي إدارة أميركية، تبقى العلاقة مع تركيا أكثر أهمية وأولوية من العلاقة مع الأكراد في شمال سوريا.

ويرى أن العلاقة مع الأكراد تقتصر في الأساس على التعاون في محاربة الإرهاب، بما في ذلك القضاء على تنظيم داعش وتأمين مراكز الاحتجاز التي تضم عناصر من التنظيم.

في المقابل، أوضح إنشر أن العلاقة مع تركيا تعد أكثر تنوعًا وأوسع نطاقًا، بالنظر إلى المصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، فضلاً عن القضايا الأمنية والقومية والاتفاقيات الدولية التي تربطهما. وهذا يجعل واشنطن ملزمة بالحفاظ على علاقة قوية مع أنقرة.

وأشار إنشر إلى أن هذا السياق قد يؤدي إلى ترك الأكراد في سوريا في مواجهة تحديات كبيرة خلال المرحلة المقبلة، حيث قد يواجهون ضغطًا كبيرًا من القوى الإقليمية الأخرى. 

ومن هنا، شدد على أن الولايات المتحدة يجب أن تحث الأكراد في سوريا على تعزيز علاقاتهم مع بقية الأطراف السورية، بما في ذلك الحكومة الانتقالية، في محاولة للحفاظ على الاستقرار وتحقيق نوع من التوازن في العلاقات مع كافة الأطراف المعنية.

وذكر إنشر أن واشنطن تفضل الحفاظ على علاقاتها الطيبة مع تركيا في إطار سياستها الشاملة في المنطقة.

فوزة يوسف، عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، قالت من جهتها إن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقات استراتيجية مهمة مع تركيا، ولديها القدرة على لعب دور محوري في تسوية الخلافات بين أنقرة والقوى الكردية في سوريا.

وأشارت في حديث للحرة، إلى أن واشنطن كانت قد تدخلت سابقًا في عام 2019 لمنع التصعيد العسكري بين تركيا وأكراد سوريا، حيث تم التوصل إلى اتفاق أسفر عن قرار تركي عدم مهاجمة المنطقة الكردية في شمال سوريا، وهو ما يعد سابقة في جهود الولايات المتحدة للتهدئة بين الطرفين.

وأوضحت يوسف أن الدور الأميركي يبقى بالغ الأهمية في الضغط على كل من أنقرة ودمشق، بهدف إعادة النظر في السياسات والممارسات المتبعة حاليًا، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات بين الأكراد وبقية الأطراف السورية.

وأكدت أن الولايات المتحدة يمكنها أن تكون عاملاً رئيسيًا في إعادة رسم التوازنات السياسية في المنطقة.

أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فقد ذكرت يوسف أنها لا تمانع في الاندماج في الجيش السوري.

ولكنها أوضحت أن الوضع الراهن في المنطقة لا يسمح بذلك في الوقت الحالي، بسبب التعقيدات السياسية والأمنية، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة التي يشكلها تنظيم داعش.

ولفتت إلى أن هذه القضايا الأمنية والسياسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل اتخاذ أي خطوات مستقبلية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، أكدت يوسف أن أكراد سوريا مستعدون للحوار والنقاش مع الإدارة السورية الجديدة، بهدف إيجاد حلول مشتركة للأوضاع المعقدة في البلاد.

ومع ذلك، أشارت عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، إلى أن الطرف التركي يؤثر سلبًا على هذا الملف، حيث لا ترغب أنقرة في تعزيز العلاقات بين الأكراد وبقية الأطراف السورية، مما يزيد من تعقيد هذه المسألة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أعلنت الإدارة السورية الجديدة عزمها بناء جيش جديد وحلت كافة الفصائل المسلحة، وضمتها تحت إمرة وزارة الدفاع.

إلا أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال الطرف الوحيد الذي لم يلبِ دعوة حصر السلاح، وأوضحت أنها ستبني قوات مسلحة مهمتها حماية الشعب ومصالح البلاد وأن اندماجها في الجيش سيكون بشروط.

هذا الموقف رد عليه رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع عندما قال إن قواته ستفرض سيادتها على كل أراضي سوريا تحت سلطة واحدة وانه لا يمكن القبول بوجود مجموعات مسلحة في سوريا تضم مقاتلين أجانب، ليحسم موقفه من قوات سوريا الديمقراطية واستعداده لمواجهاتها في حال تعثرت المفاوضات معها والتي قال الشرع أنها مستمرة.

اقصاء قسد من العملية السياسية دفع قيادات كردية لاتهام اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني باتخاذ قرارات لإرضاء أطراف خارجية.

 وأشارت إلى أن أي مؤتمر سوري يستبعد قسد أو الإدارة الذاتية لمناطق نفوذها لن يكون وطنياً وأنه سيكون تكرار سياسة الإقصاء للنظام السابق لسوريا، حسب تعبيرهم.

وقالت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، السبت، في بيان، إن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا لا تمثل كافة مكونات البلاد.

وأكدت أنه لا يمكن إجراء أي حوار وطني في ظل الإقصاء والتهميش المتَّبع من قبلها بهذا الشكل في إشارة إلى استبعاد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا من الحوار الوطني المزمع عقده قريباً في العاصمة دمشق.

وأفادت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا أنه لن تتم دعوة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى مؤتمر الحوار الوطني كونها لا تمثل جميع سكان المنطقة الشرقية كما أن إرسال الدعوات لحضور المؤتمر لن يكون على أساس ديني أو عرقي أو لكيانات محددة.