A handout picture released by the local news site Suwayda 24 shows Syrians chanting anti-government slogans as they protest the…
صورة من السويداء تظهر جانبا من الاحتجاجات المطلبية التي خرجت في يونيو 2020 | المصدر: AFP PHOTO / HO / SUWAIDA24

تصاعد التوتر في محافظة السويداء السورية خلال الساعات الماضية، ووصل إلى محاصرة فرع "الأمن العسكري" التابع للنظام السوري، من قبل مقاتلي "حركة رجال الكرامة"، وبحسب ما يقول مصدر محلي من المنطقة لموقع "الحرة" فإن ذلك يرتبط بالتطورات التي حصلت قبل يومين.

وتعتبر "رجال الكرامة" أحد أبرز التشكيلات المحلية التي تحظى بقاعدة شعبية كبيرة في السويداء ذات الأغلبية الدرزية، ويعود سبب محاصرتها للفرع الأمني إلى "انتهاكٍ" تعرض له أحد مقاتليها على حاجز نصبته مجموعة مسلحة متهمة بتبعيتها لـ"الأمن العسكري" في الريف الشمالي.

ومنذ ساعات مساء الثلاثاء انتشر مقاتلو الحركة بشكل مكثف في شوارع مدينة السويداء، ونصبوا حواجز أمنية في محيط الفرع الأمني، مطالبين "برفع الغطاء عن المسلحين وأفراد العصابات المنتسبين للأفرع الأمنية داخل المحافظة".

ويوضح مدير تحرير شبكة "السويداء 24" الإخبارية، ريان معروف في حديث لموقع "الحرة" أن التوتر ما يزال قائما حتى اللحظة، حيث يستمر مقاتلو الحركة بمحاصرة الفرع الأمني، ويطالبون بتسليم "راجي فلحوط" متزعم المجموعة المتهمة بالتبعية لـ"الأمن العسكري".

وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق من جانب النظام السوري، يتابع معروف: "كان هناك زيارة مقررة لوفد وزارة من حكومة النظام إلى مدينة السويداء اليوم، لكنها ألغيت بسبب الأحداث المذكورة". 

مراسل السويداء 24: تشهد مدينة السويداء هدوءاً حذراً منذ ساعتين، يتخلله سماع دوي انفجارات بين الحين والأخر، دون تسجيل...

Posted by ‎السويداء 24‎ on Tuesday, September 14, 2021

"خيارين لا ثالث لهما"

من جهته، يوضح المكتب الإعلامي لـ"رجال الكرامة" أسباب التوتر الحاصل في المحافظة، بقوله إن "هناك عصابة امتهنت القتل والخطف والسرقة بتغطية أمنية، واحتمت بالمدنيين، ما أدى إلى تحرك الحركة في المحافظة. هذه الأسباب العامة".

ويضيف المكتب الإعلامي لموقع "الحرة": "الأسباب الخاصة تعود لسرقة السلاح الفردي لأحد شباب الحركة من قبل مقاتلي راجي فلحوط. ذلك أدى إلى نزولنا للشارع. قطعنا الطرقات عن فرع الأمن العسكري، الذي يعتبر المسؤول عن تلك المجموعة".

وعما إذا كان هناك تحركات لتهدئة الأوضاع المتوترة، يتابع المكتب الإعلامي: "الحل إما بتسليم راجي فلحوط لنا أو ترحيله من منطقة عتيل بالريف الشمالي. لا يوجد حل ثالث".

والشخص الذي تحدثت عنه "رجال الكرامة" وتضعه مسببا للتوتر الحاصل كان قد دخل في مواجهات مسلحة قبل يومين مع "قوى مكافحة الإرهاب" التي تم الإعلان عن تشكيلها مؤخرا في محافظة السويداء.

وجاءت الاشتباكات بعد عمليات خطف متبادلة بين الطرفين، وأسفرت أيضا عن مقتل شاب وإصابة آخرين.

ورغم أن السويداء قد شهدت مواجهات مسلحة داخلية في الأشهر الماضية، إلا أن ما يحدث الآن "مختلف"، بحسب المصادر التي تحدث إليها موقع "الحرة"، وسط مخاوف من تحول الصدام الحاصل إلى اقتتال عائلي ومناطقي.

رجال الكرامة في #السويداء تعلن شروطها ‏ https://suwayda24.com/?p=17572 وجّهت حركة رجال الكرامة، الثلاثاء، إنذاراً لجميع...

Posted by ‎السويداء 24‎ on Tuesday, September 14, 2021

"الرئاسة الروحية" تعلّق  

المخاوف المذكورة سابقا وما يرافقها من توتر على الأرض دفع "الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين" إلى إصدار بيان الأربعاء حذّرت فيه من التداعيات الحاصلة.

وقالت الرئاسة الروحية التي يتزعمها الشيخ حكمت الهجري في البيان: "يأسانا أن نشهد دماء بعضنا تستباح ونحن نرى محركها الخارجي الفاسد المفسد. يؤسفنا أن نرى أبناءنا الواعين معصوبة أعينهم عما يفعلون".

وجاء في البيان: " نبّهنا إلى خطورة ما يحصل ودعونا سابقا إلى الوحدة والتوحيد. كيف تستبيحون دماء بعضكم الآن بينكم؟ فهذا الأخ الذي دافعت عنه البارحة تبيح دمه وتقتله اليوم؟ لأجل من؟ ألا ترون أن وحدتكم أرهبت الكثيرين من الحاسدين الفاسدين فجيّشوكم على بعضكم، وأشعلوا بينكم نيران الفتنة دون أسس ولا صحة ولا أصول". 

من جهتها، نشرت "قوى مكافحة الإرهاب" التي تتبع لـ"حزب اللواء السوري" المشكّل حديثا بيانا عبر "فيسبوك" الأربعاء أعلنت فيه مساندتها لقوات "حركة رجال الكرامة"، واعتبرت أن تحركاتها هي "مطلب حق".

وأضافت القوى أنها أصدرت "أوامر" لكافة كتائبها وعناصرها "برفع الجاهزية للتدخل إلى جانب حركة رجال الكرامة ضد أي تصعيد قد تقوم به الأجهزة الأمنية ومن يعمل معها". 

"تشكيلات محلية منقسمة" 

وتنقسم القوى العسكرية في محافظة السويداء ما بين فصائل وتشكيلات محلية، البعض منها ذات نفس "معارض خالص" والآخر حيادي، بينما القسم الثالث فله ولاءٌ قطعي لنظام الأسد، والأفرع الأمنية التابعة له.

جميع هذه التشكيلات تتداخل مناطق النفوذ فيما بينها، وفي السنوات الماضية كانت قد اصطدمت مع بعضها البعض أحيانا، بينما توحدت في بعض الأحيان على جبهة واحدة، بشكل أساسي ضد تهديدات تنظيم "داعش" من الشرق، ومؤخرا تهديدات "الفيلق الخامس" من جهة بصرى الشام بريف درعا.

الكاتب والناشط السياسي، حافظ قرقوط اعتبر في حديث سابق لموقع "الحرة" أن "السويداء تمر بمرحلة صعبة وفارقة جدا، على الرغم من صعوبة السنوات العشر الماضية على مختلف المقاييس".

وقال: "في السابق كان المجتمع أكثر تماسكا بسبب صيغته وتركيبته. النظام استطاع التغلغل داخل النفوس الداخلية الضعيفة وبعض ولائها"، وتابع: "حاول الدخول إلى قلب السويداء من الخارج، والآن من الداخل بشكل بحت".

بدوره يقول الناشط السياسي، وسيم حسان إن "الاستقطاب الحاصل في الجبل هو عمليا بسبب عمليات الخطف والاعتداءات المتصاعدة التي مارستها عدة تشكيلات محلية ظهرت على الساحة مؤخرا".

ويضيف حسان لموقع "الحرة": "المشهد في الجبل تحت تسالي النظام السوري وقدرته على أن يترك الأهالي يقتلون بعضهم البعض. هنا يأخذ دور المتفرج أو الحكم". 

"الأمن العسكري في الواجهة" 

الحديث عن فرع "الأمن العسكري" وتردد ذكره في السويداء الآن ليس بجديد، بل يعود ذلك إلى الأعوام الأولى من أحداث الثورة السورية، وحينها كان يرأسه العميد وفيق ناصر. 

في عام 2019 أوكلت مهام الفرع الأمني إلى العميد لؤي العلي، وبقي فيه حتى مطلع العام الحالي، بعد التوتر الذي حصل إثر الإهانة اللفظية التي وجهها لرئيس مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، في أثناء اتصال هاتفي من الأخير طلب فيه الإفراج عن أحد المعتقلين من أبناء السويداء.

ووفق الصحفي السوري، ريان معروف يقود الفرع الأمني في الوقت الحالي العميد أيمن محمد.

ويقول: "فرع الأمن العسكري في السويداء منذ سنوات وتحديدا منذ عام 2015، يستقطب الجماعات المحلية المسلحة ويعمل على تجنيدها وتسوية أوضاعها ومنح أفرادها السلاح والبطاقات المؤقتة، رغم أن الكثير من هذه الجماعات متورطة بعمليات الخطف والقتل والانتهاكات".

وبوجهة نظر معروف: "يحاول الفرع تنفيذ أجندته من خلال هذه الجماعات والعصابات، فالنظام يتعامل بنعومة مع محافظة السويداء، منذ بداية الثورة في سوريا، ومع تنامي قوة الفصائل المحلية عام 2015، أصبح النظام بحاجة لجماعات محلية مسلحة تعمل بتوجيهاته، فكان الأمن العسكري له الدور البارز".

في المقابل نادرا ما تخرج تعليقات من جانب النظام السوري حول ما تشهده السويداء من "فلتان أمني" داخلي.

وغاب موقفه أيضا من المظاهرات الشعبية التي شهدتها المحافظة بصورة متفرقة، خلال الأشهر الماضية، حيث ندد المحتجون بسوء الأوضاع المعيشية، ورفضوا سلطة الميليشيات الأمنية.

إيران وضعت مواطئ قدم كثيرة لها في سوريا
إيران وضعت مواطئ قدم كثيرة لها في سوريا | Source: AFP

لم تكن سوريا بعيدة عن شرارة الحرب المندلعة بالقرب منها خلال الفترة الأخيرة ولو بشكل غير مباشر، ومع وجود مؤشرات عن تحوّل التصعيد الحاصل إلى مستويات أكبر تثار تساؤلات عما ينتظر الوجود الإيراني فيها، سواء على الميدان أو ضمن مواطئ القدم الأخرى التي ثبتتها طهران بالتدريج خلال السنوات الماضية.  

ومنذ عام 2012 زج "الحرس الثوري" الإيراني بالكثير من الميليشيات على أرض سوريا، وبعدما حققت طهران هدفها مع روسيا بتثبيت رئيس النظام السوري، بشار الأسد على كرسي الحكم اتجهت بعد ذلك إلى التوغل في قطاعات اقتصادية واجتماعية. 

كما حجزت لها دورا كبيرا في المشهد السياسي الخاص بالبلاد، وطالما كان المسؤولون فيها يحضرون الاجتماعات المتعلقة بالتنسيق على الأرض مع بقية القوى الفاعلة الأخرى، ويجرون المحادثات بالتوازي كـ"طرف ضامن"، وفق ما تؤكده محطات مسار "أستانة". 

لكن الظروف التي وضعت فيها إيران أول موطئ قدم لها في سوريا قبل 12 عاما تكاد تختلف بشكل جذري عن الوقت الحالي، رغم أن النظام السوري ما يزال يؤكد أن وجودها في البلاد "شرعي".  

وغربا، يتعرض وكيلها في لبنان لسلسلة ضربات كانت أسفرت قبل أسبوعين عن مقتل أمينه العام حسن نصر الله وقادة الصف الأول والثاني، وشرقا، مرورا بسوريا تكاد لا تهدأ الضربات التي تنفذها إسرائيل، في مسعى منها لقطع طرق الإمداد للجماعة اللبنانية. 

وفي حين أن كرة اللهب ما تزال تقذف من ساحة وكلاء إلى أخرى فمن المرتقب أن تصل في جولة جديدة و"استثنائية" إلى أراضيها في المرحلة المقبلة، وهو ما تهدد به إسرائيل، ردا على هجوم الصواريخ البالستية الذي تعرضت له.  

"إعادة تعريف الدور" 

ومنذ اندلاع الحرب في غزة وما تبع ذلك من تداعيات لم يخرج معظمها عن إطار التصعيد المباشر ما بين إسرائيل وإيران ووكلائها نادرا ما كانت طهران تزج باسم النظام السوري ضمن دائرة الأحداث.  

وساد في مقابل ذلك اتخاذ النظام الذي يرأسه بشار الأسد في دمشق موقفا "حياديا"، سواء على صعيد إبداء المواقف أو حتى فيما يتعلق بمجريات الأنشطة المتعلقة بجهات سوريا مع إسرائيل.  

ومع أن ذلك "الحياد" أبعد سوريا نسبيا وبالصورة العامة خلال العام الماضي عن التداعيات التي فرضت على "محور الممانعة" الذي تقوده إيران لم تكن الحالة كفيلة بإبعادها عن دائرة الخطر، خاصة على صعيد الهجمات المتكررة لإسرائيل، والتي أخذت مؤخرا نطاق الاغتيالات المباشرة لشخصيات فاعلة. 

ويعتقد الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أيمن الدسوقي، أن "لحظة عدم اليقين" التي يمر بها الإقليم تفرض راهنا نفسها في الوقت الحالي على العلاقات التي تجمع نظام الأسد بحليفه الإيراني وحزب الله.  

وفي وقت يقيم فيه كل طرف مآلات التصعيد ومخاطره وفرص التفاوض ومكاسبها انطلاقا من مصالحه واعتباراته الذاتية أولا والتي قد لا تتطابق بالضرورة مع الآخر، يرى الباحث في حديثه لموقع "الحرة" أن الفترة الراهنة تتطلب سيما من إيران احتواء أي خلافات أو مشاكل قد تنشأ مع النظام السوري. 

كما تتطلب أيضا "الحفاظ على شكل من التنسيق السياسي من جانب إيران مع النظام، وفي ظل ما تتعرض له من ضغوطات". 

ومن المرجح أن تكون إيران أكثر تفهما تجاه ما يبديه النظام السوري من هوامش أكبر في الحركة على المستوى الإقليمي، "بغية عدم إظهار أي تراجع في موقفها الإقليمي وفي علاقتها مع حلفائها في ظل مآلات التصعيد وبازار المفاوضات"، وفق الدسوقي. 

وكذلك يرتبط الأمر برغبة منها "في عدم الضغط خشية خسارة نفوذها داخل النظام". 

ولا يعتقد الباحث أن وجود إيران الكلي في سوريا ونفوذها في خطر الآن.  

وما يحصل اليوم بوجهة نظره هو "إعادة تعريف الدور الإيراني في سوريا من ناحية حدوده وتموضعه وشكله ليكون مقبولا إقليميا ودوليا". 

مستفيدة أم متضررة؟ 

وتركز إسرائيل حملتها الآن على حزب الله في لبنان، ورغم أنها ما تزال منخرطة في العمليات العسكرية بقطاع غزة تكاد تبدو هذه الجبهة ثانوية بالنظر إلى المجريات التي حصلت، خلال الأسبوعين الماضيين.  

ويسود ترقب في الوقت الحالي بشأن طبيعة "الرد الانتقامي" الذي ستنفذه إسرائيل ضد إيران، بعدما شنت الأخيرة هجوما عليها بالصواريخ البالستية.  

وتنعكس حالة الترقب أيضا على ما ستؤول إليه مجريات الحملة في جنوب لبنان، وما إذا كانت إسرائيل ستوسع مسرح عملياتها ليشمل سوريا، التي تنتشر فيها ميليشيات كثيرة لإيران، وتعتبرها الأخيرة دولة محورية في المحور الذي تقوده، وهو ما أشار إليه المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، مطلع العام الحالي.  

ورغم أن النظام السوري لا يزال يعتمد بشكل كبير على إيران، إلا أنه يمتلك شريكا روسيا، للمساعدة في دعمه والحفاظ على درجة من الاستقلال عن طهران، وفق حديث الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، ريان بوهل.  

وتدرك إيران أن الحرب الأهلية في سوريا لم تُحل بالكامل وأن التورط المباشر الجاد في الصراع الإقليمي الجاري الحالي من المرجح أن يضعف النظام السوري بدلا من أن يكون له تأثير كبير على إسرائيل. 

وبالنسبة لإيران أيضا حسبما يقول بوهل لموقع "الحرة": "تظل سوريا ممرا مهما للوصول إلى حزب الله وقاعدة للعمليات ضد إسرائيل". 

وفيما يتعلق بالنظام السوري، فإن الأمر يتعلق الآن ومن جانبه "بالنجاة من أزمة إقليمية أخرى دون الانجرار إليها". 

ويتيح موقف "الحياد" الذي يتخذه الآن "البقاء مركزا على القضاء على بقايا الحرب الأهلية وفرض السيطرة الكاملة على البلاد". 

ويوضح الباحث الأميركي أن الاستراتيجية المذكورة سابقا "ليست مناسبة للانخراط بشكل أعمق في الصراع الإقليمي المستمر بين إسرائيل وإيران"، وهو ما تعيه كل من طهران ودمشق. 

ولا يرى الباحث السوري، الدسوقي مصلحة للنظام في الانخراط بأي شكل من الأشكال في أي تصعيد إقليمي. 

وعلى أساس ذلك يعتقد "بمحاولته تحييد نفسه ما أمكنه ميدانيا، مع مواصلة أشكال أخرى من الدعم وخاصة السياسي".

في المقابل، من الممكن أن يقوم النظام السوري ببعض الهجمات الرمزية ضد مرتفعات الجولان ردا على أي تصعيد إضافي ضد إيران، كما يرجح بوهل. 

لكن نظرا للقدرات العسكرية السورية المحدودة للغاية، فإن تلك الهجمات "لن تكون ذات تأثير كبير"، وفق الباحث الأميركي.  

هل يخاطر من أجل إيران؟ 

على مدى السنوات الماضية تغلغلت عسكريا في مختلف أنحاء سوريا وشتى مجالاتها وكان الكثير من قادتها يجولون في محافظات البلاد، وأشهرهم قاسم سليماني الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار بغداد. 

وبعدما خاضت معظم المعارك ضد فصائل المعارضة وحرفت بوصلة الميدان لصالح الأسد إلى جانب الدعم المقدم من روسيا انتقلت مؤخرا إلى مرحلة الانتشار والتثبيت. 

ومع ذلك، ورغم تغلغلها ونجاحها في دعم الأسد، واجهت خطرا متواصلا منذ سنوات وتمثل بضربات جوية وصاروخية لم توقف إسرائيل عملية تنفيذها، وطالت مطلع العام الحالي سفارتها في دمشق وقادة كبار من "الحرس الثوري"، أبرزهم محمد رضا زاهدي. 

وما يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يؤكد على فكرة أن "ما قبل حرب غزة لن يكون كما بعدها"، وفي خطابه الأخير في الجمعية العامة رفع خريطتين ألمح من خلالهما إلى "شرق أوسط جديد".  

ولا تبدو حتى الآن ملامح هذا "الشرق الجديد" الذي تحدث عنه نتانياهو. ووفقا لخبراء ومراقبين سيؤسس ما يجري الآن في غزة وعلى صعيد وكلاء إيران في لبنان لمرحلة إقليمية جديدة لن تكون سوريا بمعزل عنها، وهي المجاورة لإسرائيل.  

النظام السوري كان استخدم إيران وروسيا لهزيمة أعدائه في الحرب الأهلية، لكن ليس لديه أي سبب يجعله جزءا أبديا من محور المقاومة الإيراني، كما يرى آراش عزيزي، المحاضر الأول في التاريخ والعلوم السياسية في جامعة كليمسون ومؤلف كتاب "القائد الظل: سليماني والولايات المتحدة وطموحات إيران العالمية". 

ويطرح مثالا عن ذلك "عندما طرد الحوثيين وتوقف عن الاعتراف بهم كحكومة لليمن". 

والآن وحيال التطورات الحاصلة لن يهدد حكمه بالتورط في الحرب كرامة لإيران، وهو الذي لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، لعقود من الزمن، وفق قول عزيزي لموقع "الحرة".  

ويبدو للباحث أن دمشق تتطلع الآن إلى أبوظبي أكثر من طهران.  

ويوضح أنها "تقدر علاقتها بالإمارات العربية المتحدة والدول العربية الأخرى التي تعتبر أكثر أهمية لمستقبل إعادة الإعمار، وكذلك في تنظيم علاقاتها في المناطق الرئيسية غير الخاضعة لحكم النظام مثل تلك الموجودة في إدلب والشمال الشرقي". 

وفيما يتعلق بإيران فمن المفترض أن يمنح وجودها في سوريا بعض النفوذ في علاقاتها مع تركيا، روسيا، السعودية ودول أخرى في المنطقة.  

لكن في مقابل ذلك، فقد أظهرت إسرائيل أنها لا تواجه مشكلة في استهداف الإيرانيين على الأراضي السورية، وكما هو الحال في أي مجال آخر، فإن لهذا الأمر تعقيداته الخاصة فيما يتعلق بالقوى الأخرى، بحسب الباحث عزيزي.