المستبعد من الدعم سيشتري ربطة الخبز بـ1300 ليرة بدلا من 200
المستبعد من الدعم سيشتري ربطة الخبز بـ1300 ليرة بدلا من 200

على مدى اليومين الماضيين انشغل المواطنون السوريون في مناطق سيطرة نظام الأسد بإجراء رسمي وصف تارة بـ"القرار" وأخرى بـ"لا قرار"، ومفاده أن حكومة الأخير بدأت بالتخلي عن سياسة "الدعم الحكومي" لفئات محددة من المجتمع السوري.

ويستهدف هذا الدعم منذ عقود أسعار المواد الأساسية التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي، من خبز ومحروقات بشتى أنواعها، لاسيما مادتي البنزين والمازوت وأسطوانات الغاز. 

وفي حديث لها، الاثنين، صرحت معاونة وزير الاتصالات والتقانة في حكومة النظام، فاديا سليمان أن "الحكومة السورية" طرحت الفئات والشرائح التي سيتم استبعادها من الدعم الحكومي للمواد الأساسية (الخبز- الغاز- المازوت- المواد التموينية..)، مشيرة إلى أنها تشمل الفئات "الأكثر ثراء".

ومن بين تلك الفئات: الأسر التي تملك أكثر من سيارة، مالكو السيارات السياحية التي سعة محركها فوق 1500cc  طراز 2008 وما فوق، مالكو أكثر من منزل في نفس المحافظة، مالكو العقارات في المناطق الأغلى سعرا، إضافة إلى المغتربين الذين مضى على مغادرتهم البلد أكثر من عام.

وذلك يعني أن المواطنين المستبعدين المقدّرة أعدادهم بنصف مليون، وفق سليمان سيشترون المواد الأساسية بسعر السوق الحرة، وخاصة الخبز ومواد المحروقات.

وبحسب ما تحدث مواطنون من مدينة دمشق لموقع "الحرة" فإن المستبعد من الدعم سيضطر في الأيام المقبلة لشراء ربطة الخبز بـ1300 ليرة بدلا من 200. 

وأضاف ليث وهو طالب جامعي في كلية الاقتصاد بمنطقة البرامكة: "كذلك الأمر بالنسبة لمادة المازوت. المستبعد سيشتري الليتر الواحد بـ1700 ليرة بدلا من 500. ليتر البنزين بـ2500 بدلا من 1100". 

وزاد الشاب لموقع "الحرة": "أما أسطوانة الغاز فسيضطر المواطن المستبعد من الدعم لشراء الأسطوانة الواحدة بسعر 30 ألف ليرة سورية بدلا من 10500"، مشيرا إلى أن عائلته استبعدت بسبب امتلاك والده سيارة من ذات الطراز الذي حدده قرار الحكومة، رغم أنهم يعيشون بـ"الإيجار" في أحد أحياء العاصمة.

"جدل واسع وتخبط"

ولم يكن الحديث عن "إجراء رفع الدعم الحكومي" جديدا في سوريا، ورغم أن الإعلان عنه وقع كـ"الصدمة" على شرائح واسعة من المواطنين، إلا أن حكومة النظام السوري كانت قد مهدت إليه بعدة خطوات، خلال السنوات الماضية. 

ومن بين الخطوات تصريحات سابقة لوزير المالية السوري، كنان ياغي، حيث تحدث في شهر أكتوبر الماضي عن "برنامج جديد حول إعادة هيكلة الدعم سيُعلَن عنه مطلع عام 2022". 

 وأوضح ياغي، خلال حديثه ضمن جلسة لمجلس الشعب، حينها أن البرنامج الجديد لن يتضمن إلغاء الدعم عن الكهرباء والخبز والمواد التموينية والمحروقات وغيرها، مضيفا أنه سيتم عبره "الابتعاد عن الشرائح غير المستحقة للدعم ككبار المُكلفين".

وجاء ذلك عقب سلسلة قرارات رفعت بموجبها حكومة النظام السوري أسعار المواد الأساسية، على رأسها مادة الخبز والمحروقات، وهو ما فسّره اقتصاديون تمهيدا لما حصل في اليومين الماضيين. 

وتداول مواطنون سوريون خلال هذين اليومين عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا من حساباتهم على تطبيق "وين" الإلكتروني الحكومي، ووثقوا فيها أنهم باتوا تحت صفة "مستبعد من الدعم". 

وأٌرفقوا مع الصور أسباب الاستبعاد، حيث كانت متنوعة بين كل فرد عن الآخر، ما أثار جدلا واسعا حول عملية "الانتقاء العشوائي" للعائلات التي لا تملك حتى منزلا باسمها، ومع ذلك تم شطبها من استحقاق الدعم. 

وذلك دفع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم للإعلان أن ما حصل هو "أخطاء تقنية وليس قرارا"، مضيفا في تصريحات إذاعية الثلاثاء أن "وزارة الاتصالات خصصت موقعا لتلقي طلبات الاعتراض من قبل المواطنين الذين أُزيل عنهم الدعم بشكل خاطئ".

من جانبها عقدت حكومة النظام السوري الأربعاء اجتماعا وصفته بـ"العاجل"، لبحث الاعتراضات التي تلقتها، لكنه لم يتوصل بحسب نص مخرجاته إلى قرارات تذكر. 

وجاء في أن المجتمعون بحثوا الاعتراضات التي قدمها المواطنون عبر الموقع الإلكتروني، بينما أوصوا بأن موظفي الدولة والمتقاعدين، ممن تم استبعادهم من الدعم لامتلاكهم سيارة، ستتم إعادتهم بعد تقديم طلب اعتراض ومراجعته.

لماذا الآن؟ 

خلال الأشهر الماضية أدارت حكومة النظام السوري الأزمة المعيشية في سوريا بطريقة "خاصة"، متجهة بذلك إلى رفع أسعار المواد التي تمس حياة السوريين بشكل يومي، أو تخفيض المخصصات المتعلقة بها. 

وفي تقرير لها، أواخر العام الماضي، بررت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية هذه الإجراءات بأنها ترتبط بـ"عجز الحكومة على تمويل المواد المدعومة، لانعكاس غليان الأسواق العالمية على الكميات المتاحة من المواد الغذائية". 

في المقابل تحدث رئيس الحكومة، حسين عرنوس، في ديسمبر الماضي، عما وصفه بـ"تحريك أسعار" الخبز والمازوت، لأسباب خارجة عن الإرادة لكلا النوعين، لضمان استمرار تأمينهما.

ونفى عرنوس أن تكون زيادة أسعار المواد المدعومة خطوة لتمويل الموازنة، و"إنما هي تخفيف جزء من العبء عليها". 

بدوره يرى الباحث الاقتصادي السوري، خالد تركاوي أن "إجراء رفع الدعم الحكومي تعود شرارته الأولى لأكثر من عام".

ويوضح لموقع "الحرة" أن المرحلة الأولى منه كانت فكرتها الرئيسية أن يكون هناك تقليص للمواد المدعومة في السوق، وهو ما انعكس مؤخرا كأزمة الخبز والمحروقات. 

"كان هناك شح في الحصول على هذه المواد، وعلى الطرف المقابل طرحت في الأسواق للبيع الحر".

ويتابع تركاوي: "بعد ذلك أصبح الموضوع على العلن. بات هناك تصريحات رسمية تفرّق بين المدعوم وغير المدعوم، وصولا إلى ما نشر من حديث للمسؤولين في اليومين الماضيين". 

من جانبه اعتبر الاستشاري الاقتصادي، يونس الكريم أن "رفع الدعم الحكومي" من شأنه أن ينعكس بالسلب على العملة ومعدلات التضخم في البلاد، متوقعا أن ألا يشمل الأمر في المرحلة المقبلة المواد الأساسية بل باقي القطاعات، كالصحة مثلا. 

وتحدث الكريم في تصريحات لموقع "الحرة" عن 3 دلالات من الإجراء الحديث، أولها أن حكومة النظام السوري تريد القول لصندوق النقد الدولي "أنني أعيد بناء الشبكات الاجتماعية، لتشجيعه على تقديم قروض مالية".

بينما ترتبط الدلالة الثانية بموازنة 2022، والعجز الذي تشهده، بعدما أقرت في ديسمبر 2021 بمبلغ إجمالي قدره 5,3 مليار دولار، مع تخصيص نحو نصف اعتماداتها للدعم الاجتماعي.

ويضيف الكريم: "النقطة الثالثة تشير إلى أن حكومة النظام السوري لم يعد بيدها أية حلول، وبالتالي تسعى لمواجهة الصعوبات القادمة، بعد فقدان الأمل من تحجيم قانون قيصر". 

وتذهب وزيرة الاقتصاد والتجارة في حكومة النظام السوري، لمياء عاصي إلى ما هو أبعد من القرار وانعكاساته على المواطن السوري، بقولها: "ما نخشاه أن رفع الدعم ولو كان جزئيا سيؤدي إلى رفع أسعار حوامل الطاقة بأنواعها، وبالتالي زيادة تكاليف الإنتاج الصناعي والزراعي وتربية المواشي وغيرها".

وتضيف عاصي: "أيضا. سيرتفع أكثر معدل التضخم في الوقت الذي يعاني معظم الناس من ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم كفاية الدخل".

وتشير إلى أن "رفع الدعم في ظل ظروف الفقر والتدني الشديد للقدرة الشرائية للمواطنين وانعدام الأمن الغذائي لنسبة عالية جدا من الأسر السورية، يمكن أن ينتج عنه تداعيات خطيرة اجتماعية واقتصادية، كلفتها تفوق كلفة الدعم".

وبعدما بات غالبية السوريين تحت خط الفقر، بعد عشر سنوات من الحرب التي أنهكت الاقتصاد ومقدّراته، عدا عن تداعيات العقوبات الغربية المفروضة على نظام الأسد، تتضاءل تدريجيا قدرة حكومة الأخيرة على توفير الاحتياجات الرئيسية على وقع تدهور سعر صرف الليرة السورية.

وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش في تقريره الذي قدمه لمجلس الأمن فإن 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، فيما يعاني 60 بالمئة منهم "انعدام الأمن الغذائي".

علم قطر

دانت دولة قطر، بأشد العبارات، الثلاثاء قصف إسرائيل لبلدة كويا، غربي درعا، في سوريا.

واعتبر بيان للخارجية القطرية أن القصف الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى يعد تصعيداً خطيراً وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي..

وحذّر البيان من أن الاعتداءات المستمرة من قبل إسرائيل على سوريا ولبنان، واستمرار حربها على غزة، من شأنها تفجير دائرة العنف في المنطقة. 

ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية.

وجدّدت الوزارة دعم دولة قطر الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.