قافلة عسكرية تركية في سوريا.. أرشيفية
قافلة عسكرية تركية في سوريا.. أرشيفية

تعيشُ مناطق شمال وشرق سوريا، الخاضعة لسيطرة القوات الكردية "أجواء حرب هادئة وجديدة"، وهو ما تشير إليه التطورات الميدانية على الأرض وفي الجو، بحسب ما يقول صحفيون وباحثون لموقع "الحرة". 

وفي مقدمة هذه التطورات التصاعد الملحوظ في عدد الضربات الجوية التي تنفذها "الطائرات المسيّرة التركية"، حيث تستهدف قادة وعناصر في "قوات سوريا الديمقراطية"(قسد) وآخرين ممن تقول أنقرة إنهم يتبعون لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب الدولية.

وخلال الأسبوعين الماضيين زاد عدد الضربات التي نفذتها "المسيرات" في شمال وشرق سوريا عن خمسة، وذكرت "قسد" أن آخرها كانت الاثنين، حيث تعرض مركز "قوى الأمن الداخلي" التابع لها في منطقة زركان لـ"ضربة من مسيرة تركية"، ما أسفر عن إصابة 3 عناصر. 

وقبل هذا الاستهداف أعلنت ذات القوات، الأحد، إصابة عضو القيادة العامة لـ"المجلس العسكري السرياني"، أورم ماروكي في بلدة تل تمر، بعد تعرض سيارته لضربة من "طائرة تركية بدون طيار" أيضا. 

وتنظر تركيا إلى "قسد" وعنصرها الرئيسي "وحدات حماية الشعب" (YPG)، على أنها امتداد لـ"حزب العمال الكردستاني"، الذي صنفته واشنطن وأنقرة على أنه منظمة إرهابية. 

وفي الوقت الذي تقول فيه "قسد" إن هذه الضربات "دليل تصعيد"، تشير إلى أنها  تتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي مكثف يستهدف مدينة عين عيسى، ومناطق تقع على طول الطريق الدولي "إم فور".

وذكر المتحدث باسم "مجلس تل أبيض العسكري" (التابع لقسد)، وسام العمر، الثلاثاء، أنه "على المجتمع الدولي وروسيا (الضامنة) باتخاذ موقف صارم حيال القصف التركي على القرى المأهولة بالسكان"، مضيفا أنه يتركز على ريف رأس العين وناحية عين عيسى.

 "حرب جديدة" 

ورغم أن عمليات الاستهداف التي تنفذها تركيا ضد قادة "قسد" و"حزب العمال" خارج أوقات الحرب أسلوب غير جديد، إلا أن التصاعد في حدته في سوريا الآن، يثير تساؤلات من جهة ومخاوف القوات الكردية من جهة أخرى، وهو ما تشير إليه البيانات التي أصدرتها، خلال الأيام الماضية.

ويعتبر دخول المسيّرات التركية على مسار التصعيد في شرق سوريا "تطورا لافتا"، لكن مآلاته لم تتضح حتى الآن، سواء بكونه يمهد لعمل عسكري محتمل على الأرض، أو أنه يندرج ضمن إطار استراتيجية جديدة تتبعها أنقرة، لتحقيق مكاسب قد تكون سهلة، نظرا للحواجز التي تضعها الاتفاقيات الدولية التي تحكم المنطقة.  

وأثار التطور المذكور اهتمام المسؤولين الأكراد في الأسابيع الماضية، وقالوا إنه بمثابة تمهيد لـ"حرب جديدة" على المنطقة الواسعة التي يسيطرون عليها، بينما اعتبر باحث تركي أنه "تكتيك جديد" يهدف لتحقيق عدة أسباب. 

ويقول مهند حافظ أوغلو، وهو أكاديمي وباحث سياسي، إن هذا التكتيك الذي يعتمد بشكل أساسي على المسيرات التركية بدأت تركيا بتطبيقه في شمال العراق وسوريا منذ قرابة عامين.

ومن بين أسباب اتباع هذا المسار، يضيف حافظ أوغلو لموقع "الحرة": "هناك انخفاض في التكلفة المالية، عدا أن الضربات من الجو تخلق حالة نفسية صعبة للتنظيمات الإرهابية"، بحسب تعبيره. 

ويشير الباحث إلى أسباب أخرى تتمثل أيضا بأن "ضرب القياديين يصعّب الأمور كثيرا على تنفيذ أي عملية تهدد الأمن القومي التركي. هذا ملاحظ جدا، حيث شُل الكثير من تحركاتهم في العامين الماضيين".

لكن في المقابل يرى الصحفي السوري، باز بكاري أن "تركيا تحاول الاستفادة من الوضع في أوكرانيا، وأن تنفذ عمليات عسكرية محدودة عبر استهداف المنطقة بالمسيّرات".

ولجوء تركيا إلى هذه السياسية وتكثيف عمليات الاستهداف "ليس بجديد".

ويقول بكاري لموقع "الحرة": "يمكن أن نسميه أسلوب حرب جديدا، بعدما فشلت تركيا العام الماضي في أخذ موافقة روسيا والولايات المتحدة بشن عملية عسكرية واسعة على غرار عملياتها السابقة في عفرين وسري كانيه/رأس العين"، 

"اختراق وترضية" 

ولاتزال أنقرة تعبر عن نيتها إبعاد أي خطر على طول حدودها الجنوبية مع سوريا.  

وعلى الرغم من سيطرتها على المساحة الممتدة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، في أواخر 2019، إلا أنها "غير راضية" عن هذا الحد فقط، وهو أمر يؤكد عليه المسؤولون العسكريون والسياسيون الأتراك بين الفترة والأخرى. 

ويشير الصحفي باز بكاري إلى نقطة تتعلق بأن الضربات التي تنفذها الطائرات المسيّرة ترتبط بالمعلومات التي تتزود بها من المناطق المستهدفة، في إشارة منه إلى "عمليات اختراق حاصلة".

ويقول بكاري: "اليوم تستفيد تركيا من جواسيسها ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية لاستهداف قادة وشخصيات ضمن صفوفها".

وذلك ما يدل على أن "الرفض الروسي والأميركي لشن تركيا لعملية عسكرية واسعة مازال قائما، رغم محاولات تركيا الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الأزمة الأوكرانية".

ويدل أيضا، بحسب حديث الصحفي، على أنه "لا مانع لدى موسكو وواشنطن من استمرار تركيا في استهداف قادة قسد. أظن أنها عملية ترضية لتركيا بشكل أو بآخر".

من جهته يرى الباحث التركي، مهند حافظ أوغلو، أن الضربات التي يتم تنفيذها "تختصر الكثير من الوقت، إذ العمليات العسكرية التقليدية تحتاج لوقت طويل، وهذه المدة تستطيع تركيا الاستفادة منها في ملفات أخرى".

واعتبر حافظ أوغلو أن "ضرب القادة يدل على قوة الاستخبارات التركية. اعتماد هذا الأسلوب فيه دلالة على أن الدولة التركية تستطيع إيجاد حلول لأي تهديدات. هي رسالة للأطراف الإقليمية والدولية مفادها أن تركيا بإمكانها معالجة تهديد أمني لها".

وكان المتحدث باسم مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية، شيرفان درويش قد أشار في وقت سابق لموقع "الحرة" إلى أن تركيا زادت من هجماتها الجوية، في جميع أنحاء شمال وشرق سوريا. 

وأضاف أن "المناخ السياسي الحالي لا يساعد تركيا على شن عملية برية واسعة النطاق، لذلك يستخدمون بدلا من ذلك الطائرات بدون طيار والضربات الجوية لتوسيع عملياتهم".

خرج السوريون إلى الشوارع بعدة مدن سورية احتفالا وابتهاجا بسقوط النظام - رويترز
خرج السوريون إلى الشوارع بعدة مدن سورية احتفالا وابتهاجا بسقوط النظام - رويترز

أصدرت السفارة السورية في قطر، الأحد، بيانا بعنوان "تحرير سوريا"، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وقالت السفارة في بيانها "نزف إليكم إشراق شمس الحرية، وتحرير سوريا من قبضة الطغيان، وفتح صفحة جديدة في كتاب المجد والتاريخ".

وأضافت: "لقد صمد أبناء شعبنا لعقود أمام ظلم طغمة مستبدة، لم تتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم بحقهم، وهدر كرامة الإنسان، وتدمير مقدرات الوطن. إلا أن الشعب السوري قال كلمته منذ اليوم الأول للثورة، ومضى في درب تحرير الأرض والإنسان، حالما ببناء وطن الحرية والكرامة، وطن لكل السوريين، يسود فيه القانون، وينعم بالعدل والسلام".

وتابعت "وفي هذا اليوم التاريخي، نترحم على أرواح" من قتلوا و"نحمد اللّٰه على تحرير أبنائنا من غياهب المعتقلات، ونُجدد العهد بأن تبقى تضحياتهم أمانة في أعناقنا. كما نوجه الرسالة إلى كل أبناء شعبنا السوري بأن الطريق أمامنا طويل وشاق، وعلينا أن نمدّ الكف للكف، ونشدّ الساعد بالساعد، متحملين مسؤولياتنا لاستعادة بلدنا وبناء مستقبل يليق بهذا الوطن العظيم".

وخرج السوريون إلى الشوارع بعدة مدن سورية احتفالا وابتهاجا بسقوط النظام، وأسقطوا تماثيل لحافظ الأسد بمناطق متفرقة.