مدرعة أميركية قرب قاعدة التحالف الدولي في مدينة رأس العين شمالي سوريا
مدرعة أميركية قرب قاعدة التحالف الدولي في مدينة رأس العين شمالي سوريا

قال مسؤول أمني سوري إن ضربة بطائرة مسيرة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، الإثنين، أسفرت عن مقتل أحد عناصر تنظيم داعش.

وصرح المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته تماشيا مع اللوائح، لوكالة أسوشيتد برس، أن الضربة استهدفت عنصرا من داعش يقود دراجة نارية في قرية حمام التركمان. وتسيطر قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا على القرية الواقعة بالقرب من تل أبيض. ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.

ظهرت صور من وسائل الإعلام المحلية على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر ما قيل إنها بقايا جثة الداعشي بجوار الدراجة النارية المدمرة.

لم تصدر القيادة المركزية الأميركية على الفور بيانا بشأن هجوم الطائرة المسيرة، ولم ترد على الفور على طلب تعليق أسوشيتد برس في هذا الشأن.

وأفاد مراسل فرانس برس عن دوي انفجارين في منطقة حمام التركمان قرب مدينة تل أبيض الواقعة تحت سيطرة الفصائل السورية الموالية لأنقرة في شمال سوريا، مشيراً إلى مقتل شخص.

وقال اسماعيل البرهو، الذي يقطن في منزل قريب من مكان الاستهداف، لفرانس برس: "سمعنا صوت طيران، ثم ضرب أول صاروخ وفي أقل من دقيقة اطلق الصاروخ الثاني"، مضيفاً "حين وصلت إلى المكان رأيت جثة متفحمة". كما أسفرت الضربة، وفق قوله، عن إصابة عاملة في حقول القطن القريبة.

وسارع عناصر الفصائل إلى المكان وطلبوا من سكان المنازل القريبة مغادرتها، وبينهم البرهو. 

وأفاد سكان من القرية فرانس برس أن المستهدف هو عمار اليحيى (35 عاماً)، وهو سوري يتحدر من حمام التركمان، مشيرين إلى أنه "لا يعرف عنه سوى أنه كان ينتمي سابقاً إلى تنظيم الدولة الإسلامية".

ورجح المرصد السوري أن الغارة التي شنتها "مسيرّة" تابعة لـ "التحالف الدولي بقيادة واشنطن".

وأورد المرصد أن الغارة قتلت شخصاً يشتبه بانتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية أثناء تنقله على دراجة نارية.

وتشن القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" بين حين وآخر غارات أو عمليات دهم أو إنزال جوي ضد عناصر يشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في شمال وشمال شرق سوريا.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية، الأسبوع الماضي، مقتل ثلاثة قياديين من التنظيم في إنزال جوي ثم غارة في شمال سوريا. 

ومنذ إعلان القضاء على "خلافة" تنظيم "داعش" في عام 2019، يلاحق التحالف الدولي قياديي التنظيم المتوارين وينفذ عمليات لاعتقالهم في شرق وشمال سوريا وشمال غربها. 

ونجحت القوات الأميركية في تصفية واعتقال قادة في عمليات عدة، قتل في أبرزها زعيما تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019 ثم أبو ابراهيم القرشي في فبراير الماضي في محافظة إدلب (شمال غرب). 

وفي يوليو، أعلنت الولايات المتحدة أنها قتلت زعيم التنظيم في سوريا، ماهر العكال، في ضربة نفذتها طائرة مسيرة أميركية، ووصفته القيادة المركزية في البنتاغون بأنه "أحد القادة الخمسة الأبرز" في التنظيم المتطرف.

وهناك حوالي 900 جندي أميركي في سوريا يدعمون قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في القتال ضد تنظيم داعش. 

سجن صيدنايا أصبح رمزا للفظائع الذي ارتكبها نظام الأسد - REUTERS

تتصدر السجون في سوريا المشهد كرمز لمعاناة المعتقلين وانتهاك حقوقهم الإنسانية، فهي ليست مجرد أماكن للاحتجاز، بل أرشيف صامت يحمل في طياته وثائق وأدلة جريمة لا تُمحى، وشهادات حيّة على ممارسات طالما أنكرها نظام الأسد خلال فترة حكمه.

غير أن هذه الوثائق، التي يُفترض أن تكون شاهدة على الحقيقة ومفتاحًا لتحقيق العدالة، أصبحت اليوم عُرضة للعبث والإهمال، من مؤثرين يسعون للشهرة إلى أفراد عاديين يفتقدون الوعي بخطورة ما يفعلون.

وتُنتهك حرمة هذه الملفات لتتحول إلى مشاهد عابرة على مواقع التواصل، وكأنها بلا قيمة قانونية أو إنسانية.

مطالبات بتأمين الأدلة

منذ اليوم الأول لسقوط الأسد، دخلت أعداد كبيرة من المدنيين إلى السجون في مدينة دمشق وغيرها من المدن.

وعبثت الحشود بمحتويات المعتقلات بهدف تصويرها وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت مقاطع فيديو تُظهر الوثائق والتقارير في سجن صيدنايا وهي مرمية على الأرض، ويعبث بها من يشاء.

وفي الوقت نفسه، سارعت المنظمات الحقوقية السورية والدولية للمطالبة باتخاذ خطوات عاجلة لتأمين الأدلة على جرائم النظام السابق، وتأمين مواقع المقابر الجماعية في جميع أنحاء سوريا.

وذكرت منظمة العفو الدولية، في تقرير نشرته نهاية ديسمبر الفائت، أن "على السلطات السورية اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين وحفظ الأدلة على الفظائع التي ارتُكبت في سوريا بعهد بشار الأسد، بما في ذلك وثائق حكومية واستخباراتية رئيسية، بالإضافة إلى مواقع الفظائع والمقابر الجماعية".

وذكرت المنظمة، في البيان الذي أصدرته بالتعاون مع رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، وهيومن رايتس ووتش، أن هذه الأدلة على الجرائم ضرورية لتحديد مصير ومكان وجود عشرات الآلاف من السوريين الذين اختفوا قسراً على يد أجهزة الأمن والمخابرات سيئة السمعة التابعة للحكومة السابقة.

أهمية الأدلة في مسار العدالة الانتقالية

المحامي المختص بالقانون الجنائي الدولي، المعتصم بالله الكيلاني، أكّد، في تصريح لموقع "الحرة"، أن الأدلة والوثائق الموجودة في السجون التابعة للنظام السوري تمثل عنصراً محورياً في توثيق الانتهاكات التي ارتُكبت خلال النزاع.

وأشار إلى أن هذه الأدلة تتنوع بين السجلات الرسمية، مثل أوامر الاعتقال والتقارير الأمنية ومحاضر الاستجواب، والشهادات المكتوبة التي توثق شهادات المعتقلين السابقين حول التعذيب والإخفاء القسري.

وأضاف الكيلاني أن الأدلة تشمل أيضاً الصور ومقاطع الفيديو، مثل صور "قيصر"، التي أظهرت جثث المعتقلين وآثار التعذيب، بالإضافة إلى الأدلة الطبية وتقارير الطب الشرعي وسجلات المستشفيات.

كما أكّد على أهمية وثائق الاتصالات الداخلية بين الأجهزة الأمنية، التي تكشف التعليمات التي أدت إلى ارتكاب الانتهاكات.

العبث بمسارح الجريمة

يوم أمس الثلاثاء، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو نشره فريق تطوعي يُطلق على نفسه اسم "سواعد الخير"، وهو يقوم بطلاء جدران أحد السجون في مدينة اللاذقية.

هذه الخطوة عرّضت الفريق لانتقادات حادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الناشطين السوريين، الذين اعتبروا أن ما حدث هو محاولة لطمس معالم الجريمة، داعين إلى فتح تحقيق فوري مع الفريق.

وحذف الفريق الفيديو اليوم بعد الانتقادات الموجهة له، كما قام بإغلاق صفحته الرسمية على منصة فيسبوك.

وطالب نائب رئيس تيار سوريا الجديدة عضو رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، محمد منير الفقير، في منشور على فيسبوك، النائب العام بإصدار مذكرة توقيف بحق من وصفهم بـ"المراهقين" الذين قاموا بطلاء بعض زنزانات الأفرع الأمنية والتحقيق معهم بتهمة العبث بمسرح الجريمة.

وأضاف: "أنا لست مرتاحاً لتعاطي الحكومة والإدارة السورية ممثلة بالسيد أحمد الشرع وفريقه مع ملف العدالة الانتقالية والمحاسبة".

المحامي الكيلاني شدّد على أن مسارح الجريمة داخل السجون نفسها تمثل أدلة مادية بالغة الأهمية، حيث تعكس زنازين الاحتجاز وغرف التعذيب الظروف اللاإنسانية التي عاشها المعتقلون.

أما عن العبث بمسارح الجريمة، حذّر الكيلاني من أن "التلاعب بها، مثل طلاء الجدران، يعوق توثيق الحقيقة ويمحو دلائل حيوية".

وأوضح أن هذا العبث يؤدي إلى تدمير أدلة مهمة، مثل الكتابات التي تركها المعتقلون على الجدران وآثار التعذيب، وبقع الدم والعلامات على الجدران والأرضيات، مما يقوّض فرص المحاسبة.

وأكد على أهمية "الوعي لدى الجهات المحلية بأهمية الحفاظ على مسارح الجريمة"، داعياً إلى حماية الأدلة وضمان عدم التلاعب بها لضمان تحقيق العدالة الانتقالية.

ونشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً، الثلاثاء الماضي، دعت من خلاله حكومة تسيير الأعمال للتحقيق مع فريق "سواعد الخير" "لعبثه بمسارح الجريمة"، إثر قيامه بطلاء جدران السجن.

كما طالبت الشبكة الحكومة السورية الجديدة بضرورة حماية مسارح الجريمة، ومنع الدخول غير المصرح إليه.

وأشارت الشبكة إلى أن "هذا التصرف غير المسؤول يُشكّل تهديداً مباشراً لجهود توثيق الانتهاكات التي يُعتقد أنَّها حدثت في هذا المركز، بما في ذلك التعرف على مصير المعتقلين ومحاسبة المتورطين في تعذيبه".

كما أصدرت الشبكة بيانًا، في الثامن من يناير الجاري، أكّدت فيه على رصدها انتشار عدد كبير من الفيديوهات تظهر نشطاء وإعلاميين وصحفيين، يتجولون بحريَّة داخل مسارح الجرائم مثل الأفرع الأمنية والسجون.

وأشارت الشبكة إلى أن هؤلاء الأفراد غالباً ما يعبثون بالملفات أو يوثقون وجودهم عبر تصوير أنفسهم أو زملائهم أثناء ذلك.