أجواء حرب داخلية في منطقتي عفرين والباب في ريف محافظة حلب السورية

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن واشنطن "قلقة" بشأن العنف الأخير في شمال غرب سوريا وأثره على المدنيين.

وفي تصريحات لقناة الحرة، دعا المسؤول الأميركي الذي لم يكشف عن هويته، الأطراف المتناحرة في سوريا إلى خفض التصعيد وتركيز الأولوية على سلامة الشعب السوري.

وتشهد سوريا اشتباكات مستمرة شمالي البلاد، بدأت بين فصائل موالية لتركيا قبل أن تتدخل فيها "هيئة تحرير الشام"، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبدأت الاشتباكات بين فصيل الجبهة الشامية وفصيل الحمزة المواليين لأنقرة في مدينة الباب في شمال محافظة حلب، إثر اتهام الأخير بقتل ناشط إعلامي من دون أن تتضح خلفية الحادث. 

ثم توسّعت مع انضمام فصائل أخرى إلى المعارك بينها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية لتشمل مناطق عدة وصولاً إلى منطقة عفرين في أقصى شمال البلاد.

"مفاوضات وترقب" في شمال سوريا.. ماذا بعد دخول "النصرة" إلى عفرين؟
تعيش منطقة عفرين والباب في ريف محافظة حلب السورية، منذ ثلاثة أيام "أجواء حرب داخلية" اندلعت بين فصائل عسكرية منخرطة ضمن تحالف "الجيش الوطني السوري". ورغم أنها ليست بجديدة، إلا أن تختلف من زاوية دخول "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة المصنفة إرهابيا) على الخط لتساند طرفا ضد آخر، في "تحوّل" هو الثاني من نوعه، منذ شهر يونيو الماضي. 

ودخلت هيئة تحرير الشام على خط الاقتتال عبر دعم فصائل على حساب أخرى عند نقاط تربط مناطق سيطرتها في محافظة إدلب (شمال غرب) بمنطقة عفرين.

وتمكنت وفق المرصد من السيطرة على بلدة جنديرس وعدد من القرى في محيطها.

وتسيطر فصائل سورية موالية لأنقرة على منطقة تمتد من جرابلس الحدودية في ريف حلب الشمالي الشرقي وصولاً إلى عفرين، وتضم مدنا أساسية بينها الباب وأعزاز ومارع.

وتنتشر في تلك المنطقة قوات تركية، إلا أنها وفق المرصد، لم تتدخل في المواجهات ويلازم عناصرها نقاطهم العسكرية.

وفي مدينة الباب، أفاد مراسل وكالة فرانس برس عن إغلاق المدارس والأسواق أبوابها على وقع اشتباكات عنيفة، الأربعاء الماضي، استخدمت فيها الفصائل أسلحة رشاشة ومدفعية ودبابات. كما عمدت إلى قطع طرق رئيسية مؤدية إلى المدينة بالسواتر الترابية.

ويتهم سكان المنطقة الفصائل الموالية لأنقرة بارتكاب انتهاكات بحقهم من مصادرة أراض وممتلكات إلى القيام باعتقالات عشوائية، وإدارة المنطقة بقوة السلاح. 

وسبق أن اتهمت منظمة العفو الدولية الفصائل الموالية لأنقرة بارتكاب "جرائم حرب" وتنفيذ عمليات قتل بإجراءات موجزة بعد بسط سيطرتها على مناطق عدة إثر عمليات عسكرية شاركت الفصائل فيها إلى جانب انقرة.

الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز
الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز

قالت عدة مصادر مطلعة إن بناء برج ترامب في دمشق وتهدئة التوتر مع إسرائيل ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى النفط والغاز السوري تندرج جميعها في خطة استراتيجية يتبناها الرئيس السوري، أحمد الشرع، في محاولة للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط.

ويحاول جوناثان باس، وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب، التقى مع الشرع في 30 أبريل لمدة أربع ساعات في دمشق، إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية، ترتيب لقاء تاريخي، وإن كان مستبعدا للغاية، بين الرئيسين هذا الأسبوع على هامش زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.

وتكافح سوريا لتنفيذ الشروط التي وضعتها واشنطن لتخفيف العقوبات الأميركية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عاما.

ويأمل باس أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الرئيس الجمهوري وإدارته تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل. ولا تزال الولايات المتحدة تضع الشرع على قائمة الإرهاب بسبب صلاته السابقة بتنظيم القاعدة.

ويرتكز جزء من هذه الرهانات على سجل ترامب في كسر المحظورات التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية، مثل لقائه بزعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين عام 2019.

وقال باس "الشرع يريد صفقة تجارية لمستقبل بلاده"، مشيرا إلى أن هذه الصفقة قد تشمل استغلال الطاقة والتعاون في مواجهة إيران والتعامل مع إسرائيل.

وأضاف "لقد أخبرني (الشرع) بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".

وأشار باس إلى أن الشرع تحدث أيضا عما يراه رابطا شخصيا بينه وبين ترامب: كلاهما تعرّض لمحاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة.

ولم يرد مسؤولون سوريون ولا مسؤول إعلامي في الرئاسة على طلب للتعليق.

وذكرت الرئاسة السورية أن الشرع تحدث إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد.

وقال مصدر مقرب من الشرع إن لقاء ترامب والشرع لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الشرع تلقى دعوة.

وأضاف المصدر "لن نعرف ما إذا كان هذا الاجتماع سيعقد أم لا حتى اللحظة الأخيرة".

جهود لترتيب لقاء

من الواضح أن عقد لقاء بين ترامب والشرع خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة أمر غير مرجح على نطاق واسع، نظرا لجدول أعمال ترامب المزدحم وأولوياته والافتقار إلى التوافق داخل فريق ترامب حول كيفية التعامل مع سوريا.

وقال مصدر مطلع على الجهود الجارية إن اجتماعا سوريا أميركيا رفيع المستوى من المقرر أن يعقد في المنطقة خلال الأسبوع الذي سيزورها فيه ترامب، لكنه لن يكون بين ترامب والشرع.

وقال تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط "هناك بالتأكيد مساع جارية".

وأضاف "الفكرة هي أن الوصول إلى ترامب بشكل مباشر هو أفضل طريق لأن هناك الكثير من أصحاب الأيدولوجيات داخل الإدارة لدرجة يصعب تجاوزهم".

وقالت ثلاثة مصادر، أحدهم مسؤول أميركي مطلع على عملية صنع السياسات، إن واشنطن لم تتمكن بعد من صياغة وتوضيح سياسة متماسكة تجاه سوريا، لكن الإدارة تنظر بشكل متزايد إلى العلاقات مع دمشق من منظور مكافحة الإرهاب.

وذكر اثنان من المصادر أن هذا النهج اتضح خلال تشكيل الوفد الأميركي في اجتماع عقد الشهر الماضي بين واشنطن ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك، والذي ضم مسؤولا كبيرا لمكافحة الإرهاب من وزارة الخارجية.

ووفقا للمصادر، قال مسؤولون أميركيون لشيباني إن واشنطن وجدت أن الخطوات التي اتخذتها دمشق غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بالمطلب الأميركي باستبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الجيش وطرد أكبر عدد ممكن منهم.

وقال أحد المصادر إن وزارة الخزانة الأميركية نقلت منذ ذلك الحين مطالبها إلى الحكومة السورية، مما رفع عدد الشروط إلى أكثر من اثني عشر.

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية الكشف عن هوية من حضر الاجتماع من الجانب الأميركي، وقالت إنها لا تعلق على المناقشات الدبلوماسية الخاصة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جيمس هيويت، إن تصرفات السلطات المؤقتة في سوريا سوف تحدد الدعم الأميركي المستقبلي أو تخفيف العقوبات المحتمل.

غصن الزيتون

أحد الأهداف الرئيسية لمبادرات سوريا تجاه واشنطن هو توصيل رسالة مفادها أنها لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، التي صعدت من هجماتها الجوية في سوريا منذ أن أطاحت قوات المعارضة التي أصبحت تحكم البلاد الآن بالرئيس السابق بشار الأسد في نهاية العام الماضي.

واحتلت قوات برية إسرائيلية أراضي في جنوب غرب سوريا بينما ضغطت الحكومة على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا لامركزية ومعزولة.

وقالت إسرائيل إنها تهدف إلى حماية الأقليات السورية، في حين رفضت سوريا الضربات ووصفتها بأنها تصعيدية.

وأكد الشرع الأسبوع الماضي وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بهدف تهدئة التوترات، بعد أن ذكرت رويترز أن مثل هذه المحادثات جرت عبر الإمارات.

وفي مسعى منفصل، قال باس إن الشرع طلب منه نقل رسائل بين سوريا وإسرائيل ربما أدت إلى لقاء مباشر بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين.

لكن إسرائيل استأنفت الضربات سريعا، بما في ذلك ضربة بالقرب من القصر الرئاسي، والتي اعتبرتها رسالة إلى حكام سوريا لحماية الأقلية الدرزية في البلاد وسط اشتباكات مع المسلحين السنة.

وأضاف باس أن "الشرع أرسل غصن زيتون للإسرائيليين، وأرسلت إسرائيل الصواريخ".

وقال "نريد من ترامب المساعدة في ترتيب هذه العلاقة".