الميلشيات المسيطرة على إدلب تنتهك حقوق الصحفيين
معارف عنيفة تشهدها مناطق إدلب بين المسلحين وعناصر النظام

قتل 11 عسكريا سوريا، الأربعاء، بنيران هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) في إدلب، المحافظة الواقعة في شمال غرب البلاد والتي تشهد ازديادا في وتيرة أعمال العنف منذ نهاية العام الماضي.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "فوج المدفعية في هيئة تحرير الشام استهدف مقرا لقوات النظام قرب بلدة كفروما في ريف إدلب الجنوبي"، ما أسفر عن مقتل "ثمانية عسكريين، أحدهم برتبة رائد".

وأضاف أن "ثلاثة عناصر من قوات النظام قتلوا قنصا على أيدي عناصر" هيئة تحرير الشام في ريف إدلب الجنوبي.

من جهته، لم ينشر الإعلام الرسمي السوري أي خبر عن أي من هذين الهجومين.

وتسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذا على نحو نصف مساحة محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية في محافظات حلب (شمال) وحماة (وسط) واللاذقية (غرب).

وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لفرانس برس، إن "الفصيل الجهادي يصعد منذ نهاية العام الماضي من وتيرة عملياته ضد قوات النظام في إدلب في محاولة لاكتساب حاضنة شعبية في ظل مؤشرات حول تقارب تركي مع النظام" يثير مخاوف السكان الذين خرج المئات منهم في تظاهرات منددة.

ويقيم في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق في إدلب ومحيطها ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريبا من النازحين الذين فروا أو تم إجلاؤهم من محافظات أخرى على وقع هجمات لقوات النظام خلال سنوات الحرب.

وإثر قطيعة استمرت منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، جمعت موسكو في 28 ديسمبر وزيري الدفاع التركي والسوري، في خطوة سبقتها مؤشرات على تقارب بين البلدين. وصدرت إثر اللقاء سلسلة مواقف مرحبة بالتقارب. 

ولم يستبعد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في تصريحات عدة إمكانية لقائه نظيره السوري، بشار الأسد، الذي اعتبر من جانبه أنه من أجل أن تكون اللقاءات السورية-التركية "مثمرة" يجب أن تكون مبنية على إنهاء "الاحتلال"، أي الوجود العسكري التركي في بلاده.

وتحتفظ أنقرة بتواجد عسكري ونقاط مراقبة في مناطق الشمال السوري وتدعم فصائل سورية موالية لها.

اشتباكات وتبادل قصف

وبحسب المرصد، تسبب تبادل القصف المدفعي واشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل منذ مطلع يناير بمقتل 48 عنصرا من قوات النظام مقابل 18 من الفصائل المتشددة، بينهم متطرف فرنسي يقاتل ضمن فصيل متشدد. 

ويسري في مناطق سيطرة الفصائل في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو، حليفة دمشق، وتركيا الداعمة للفصائل المقاتلة، بعد هجوم واسع لقوات النظام تمكنت خلاله من السيطرة على نصف مساحة إدلب.

لكن المنطقة تشهد بين الحين والآخر قصفا متبادلا تشنه أطراف عدة، كما تتعرض لغارات من جانب قوات النظام وروسيا، رغم أن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا إلى حد كبير. 

وأدى قصف لقوات النظام على مخيمات للنازحين في منطقة تقغ غرب مدينة إدلب في 6 نوفمبر إلى مقتل 10 أشخاص بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 77 آخرين بجروح متفاوتة، وفق المرصد. 

وجاء القصف الصاروخي حينها غداة مقتل خمسة عناصر من قوات النظام في قصف شنه فصيل تابع لهيئة تحرير الشام ضد مواقعهم في جنوب غرب إدلب، بحسب المصدر ذاته.

والنزاع السوري الذي يدخل منتصف الشهر المقبل عامه الـ 13 تسبب حتى اليوم بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

امرأة نازحة تحمل رضيعا داخل مخيم الكرامة للاجئين على الحدود السورية التركية في ريف إدلب الشمالي. إرشيفية من رويترز
امرأة نازحة تحمل رضيعا داخل مخيم الكرامة للاجئين على الحدود السورية التركية في ريف إدلب الشمالي. إرشيفية من رويترز

أعلن البنك الدولي، الجمعة، أنه سوى ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار بعد تلقيه أموالا من السعودية وقطر، مما يؤهل دمشق للحصول على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار ودعم الميزانية.

وأعلنت السعودية وقطر في أبريل أنهما ستتسددان متأخرات سوريا لدى المؤسسة المالية الدولية مما يجعلها مؤهلة للحصول على برامج منح جديدة، وفق سياسات البنك التشغيلية.

وأعلن البنك الدولي أنه حتى 12 مايو، لم يكن لدى سوريا أي أرصدة متبقية في اعتمادات المؤسسة الدولية للتنمية، وهي ذراع البنك لمساعدة أشد البلدان فقرا.

وقال البنك في بيان "يسرنا أن سداد ديون سوريا سيسمح لمجموعة البنك الدولي بإعادة التواصل مع البلاد وتلبية الاحتياجات التنموية للشعب السوري".

وأضاف "بعد سنوات من الصراع، تسير سوريا على طريق التعافي والتنمية".

وأوضح البنك الدولي أنه سيعمل مع دول أخرى للمساعدة في حشد التمويل العام والخاص لبرامج تمكن الشعب السوري من بناء حياة أفضل لتحقيق الاستقرار في البلاد والمنطقة.

وذكر أن مشروعه الأول مع سوريا سيركز على توفير الكهرباء، ما سيدعم تحقيق تقدم اقتصادي ويساعد في توفير الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم إلى المياه وسبل العيش.

وقال البنك الدولي "المشروع المقترح هو الخطوة الأولى في خطة موضوعة لزيادة دعم مجموعة البنك الدولي والذي يستهدف تلبية الاحتياجات الملحة لسوريا والاستثمار في التنمية طويلة الأجل".

البنية التحتية المالية

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمس الخميس إن الرئيس دونالد ترامب يعتزم إصدار إعفاءات من "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، الذي فرضت واشنطن من خلاله عقوبات صارمة على حكومة الرئيس السابق بشار الأسد وعقوبات ثانوية على شركات أو حكومات خارجية التي كانت تجمعها معاملات معها.

ويمهد رفع العقوبات الأميركية، والتي فرض بعضها على حكومة الأسد وبعضها الآخر قائم منذ عقود، إلى جانب تسوية متأخرات سوريا للبنك الدولي، الطريق لإعادة دمجها في النظام المالي العالمي.

واستضاف صندوق النقد والبنك الدوليان والسعودية اجتماعا رفيع المستوى مع مسؤولين سوريين في واشنطن في أبريل. وأصدروا بعد ذلك بيانا مشتركا أقروا فيه بالتحديات الملحة التي تواجه الاقتصاد السوري وعبروا عن التزامهم بدعم جهود التعافي في البلاد.

وعين صندوق النقد الدولي أول رئيس لبعثته إلى سوريا منذ 14 عاما، وهو رون فان رودن، وهو مسؤول مخضرم في صندوق النقد الدولي سبق أن ترأس جهود الصندوق في أوكرانيا.

وأصدر صندوق النقد الدولي آخر تقرير مراجعة معمق للاقتصاد السوري في عام 2009.

وقال مارتن موليسن زميل المجلس الأطلسي والرئيس السابق لإدارة الاستراتيجية في صندوق النقد الدولي، إن المهمة العاجلة الأولى للصندوق تتمثل في تقديم المساعدة الفنية للسلطات السورية لمساعدتها على إعادة بناء البنية التحتية المالية للبلاد وهيئات صنع السياسات وجمع البيانات اللازمة.

وأضاف موليسن أن هذه الجهود يمكن تمويلها من المانحين والمنح العينية ويمكن إطلاقها في غضون أشهر، بينما يمكن للبنك الدولي المساعدة على مستوى إقليمي أوسع لضمان الحوكمة الرشيدة وفعالية الوزارات.

وقال جوناثان شانزر وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة ويرأس حاليا مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن المسؤولين السوريين أبلغوه بأن الاحتياجات ضخمة، لكنه حث الولايات المتحدة رغم ذلك على تخفيف العقوبات تدريجيا بحذر.

وأوضح "لم يتمكنوا حتى من الحصول على تراخيص مايكروسوفت أوفيس. ببساطة، لم يكن بإمكانهم تنزيل البرامج على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم".

وذكر مصدر جمهوري أن إعادة بناء قدرة سوريا على الوصول إلى التكنولوجيا سيكون ضروريا لإعادتها إلى نظام سويفت لمعالجة المعاملات المصرفية، لكن العملية قد تستغرق شهورا، إن لم يكن سنوات.