النظام السوري يصر على السيطرة على توزيع المساعدات
النظام السوري يصر على السيطرة على توزيع المساعدات

يزعم النظام السوري أن العقوبات الأميركية تقف عائقا أمام تقديم المساعدات للشعب السوري لكن المعطيات والبيانات الأميركية تشير إلى عكس ذلك، فيما تشير تقارير إلى أن نظام بشار الأسد يستغل المأساة لأغراض سياسية.

واتهمت وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للنظام السوري المسؤوليين الأميركيين بـ "تضليل الرأي العام" العالمي وبعض المنظمات والشعب الأميركي بقولهم: "إنه ليس هنالك في قانون قيصر والعقوبات الأميركية ما يمنع المساعدات الإنسانية الطارئة والأدوية عن الشعب السوري".

ولكن على الأرض، يتهم النظام السوري بأنه يريد السيطرة على المساعدات وتوزيعها حتى في المناطق التي تخضع للمعارضة.

ذريعة العقوبات

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ، إن بلاده يجب أن تكون مسؤولة عن إيصال جميع المساعدات إلى سوريا، بما في ذلك تلك المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام السوري.

لكن رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، يقول في حديث لموقع "الحرة" إن العقوبات الأميركية مجمّدة حاليا، وأن المساعدات القادمة من دول عربية وصلت إلى مطارات سوريا.

ويشير عبد الرحمن إلى أن النظام السوري يستغل "ذريعة العقوبات" الأميركية لمنع وصول المساعدات.

ويقول مدير المرصد السوري إن المساعدات التي وصلت لم يوزعها النظام حتى في المناطق التي يسيطر عليها.

ووفق تقرير من صحيفة "الغارديان" ارتفعت حصيلة القتلى في مناطق سيطرة الحكومة في مناطق حلب واللاذقية وطرطوس وحماة إلى 769 قتيلا و1448 جريحا، معظمهم في مدينتي حلب واللاذقية. ووردت أنباء عن مقتل أكثر من 790 شخصا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. في حين يتواصل عدد الضحايا بالارتفاع مع استمرار عمليات الإنقاذ بحثا عن ناجين.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إنها تخشى أن يكون آلاف الأطفال قد قتلوا على جانبي الحدود السورية التركية بسبب الزلزال.

رد أميركي

وردت وزارة الخارجية الأميركية على اتهامات النظام السوري وقالت إن العقوبات تتضمن استثناءات لا تمنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية وغيرها للشعب السوري، وأكدت أن واشنطن لن تمنع أي دولة من تقديم ذلك الدعم.

وأكد وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، في بيان أن المنظمات الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا تستجيب لآثار الزلازل في جميع أنحاء البلاد. مضيفا "نحن مصممون على بذل كل ما في وسعنا لمساعدة المتضررين من هذه الزلازل في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة".

وجدد بلينكن موقف واشنطن من تقديم المساعدات إلى السوريين عقب لقائه أمين عام حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ينس ستولتنبرغ، في العاصمة واشنطن، الأربعاء.

قال بلينكن في مؤتمر صحفي عقده مع ستولتنبرغ بعد الاجتماع، إن الولايات المتحدة نشرت حتى الآن أكثر من 150 فردا من طواقم البحث والإنقاذ ومديري الطوارئ وفنيي المواد الخطرة والمهندسين والمشرفين على العمليات اللوجستية والمسعفين والمخططين وغيرهم في تركيا".

وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أنه في الأيام المقبلة سيعلن عن المزيد من المساعدات لتركيا وسوريا.

وتقول الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" إن مجلس الأمن الدولي اعتمد قرارا في يناير الماضي يجدد لتفويض الأمم المتحدة بتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا لمدة ستة أشهر.

وارتفع عدد السوريين المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية إلى 15.3 مليون في عام 2023، بزيادة 5 في المئة عن عام 2022، وفقا للأمم المتحدة.

وتعد الولايات المتحدة المانح الرئيسي للمساعدات الإنسانية لسوريا، حيث قدمت ما يقرب من 16 مليار دولار في جميع أنحاء سوريا والمنطقة منذ بداية الأزمة. وتصل مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وحدها إلى أكثر من 6.6 مليون شخص شهريا داخل سوريا.

النظام السوري واستغلال المأساة

ويتهم مدير المرصد السوري في حديثه مع موقع "الحرة"، النظام السوري باستغلال المأساة، مؤكدا أنه يرغب في السيطرة على توزيع المساعدات، لأنه يعتقد أن ذلك قد يمنحه الفرصة للعودة إلى المجتمع الدولي.

وفي وقت وصل 3294 من أفراد البحث والإنقاذ إلى تركيا من الخارج، إلا الوضع مختلف في سوريا، إذ لم تصل فرق الإنقاذ، ومن المرجح أن يرتفع عدد القتلى بشكل كبير مع وجود مئات العائلات تحت الأنقاض.

وأقر أندرو ميتشل، وزير المساعدات البريطاني، بمشكلة إرسال المساعدات إلى شمال سوريا، لكنه قال إن المملكة المتحدة ستعمل مع قوات الدفاع المدني التابعة للخوذ البيضاء كما فعلت لسنوات عديدة في المنطقة. لكنه قال إن هناك حاجة لفتح المزيد من نقاط العبور من تركيا إلى شمال سوريا.

ويسمح النظام السوري بدخول المساعدات إلى المنطقة عبر معبر حدودي واحد فقط، ويرفض فتح معابر في الشمال السوري، لأنه يرى أن ذلك يقوض "السيادة" ويقلل من فرصه لاستعادة هذه المناطق، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وتعد المناطق الخاضعة للمعارضة التي تسيطر عليها تركيا،  الأكثر تضررا من الزلزال، وفقا لما ذكره مارك لوكوك ، الرئيس السابق للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، لصحيفة "الغارديان".

وأضاف "سيتطلب الأمر موافقة تركية لإدخال المساعدات إلى تلك المناطق. ومن غير المرجح أن تفعل الحكومة السورية الكثير للمساعدة".

وتستبعد الولايات المتحدة الأميركية إيصال المساعدات عبر النظام السوري، وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزير الخارجية الأميركية إن واشنطن تركز توفير المساعدات للشركاء والمنظمات المتواجدة في البلاد منذ بداية الحرب السورية. 

وأضاف "هذا نظام .. لم يظهر بتاتا أي رغبة نحو تحقيق مصلحة شعبه، والآن وبينما يصارع شعبه بشكل أكبر سنواصل ما فعلناه وأثبت نجاعته على مدى الأعوام الاثني عشر الماضية، وسوفر المساعدات لهؤلاء الشركاء، الذين، على عكس النظام السوري، يتواجدون لمساعدة الشعب وليس ليعاملوهم بوحشية".  

ونقلت "الغارديان" عن قتيبة إدلبي، رئيس المجلس الأطلسي الأميركي قوله إن إصرار الأسد على "المساعدات عبر الخطوط، أي المساعدات التي يتم تسليمها من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، لا يتعلق بكيفية توجيه المساعدات إلى المناطق المتضررة، بل يتعلق بمن يوزع المساعدات" مشيرا إلى أن "حكومة الأسد ليس لديها القدرة على تنفيذ أي عملية إغاثة في شمال غرب سوريا".

النظام السوري وفك العزلة

وحذر محللون أن ضحايا الزلزال المدمر في سوريا قد يصبحون رهائن للسياسة التي قسمت البلاد لأكثر من عقد.

وينقل تقرير من شبكة "سي إن إن" أنه على عكس تركيا، التي تلقت دعما كبيرا من عشرات البلدان، يخشى أن يُهمل الضحايا في سوريا.

وحتى الآن، أرسلت الإمارات والعراق وإيران وليبيا ومصر والجزائر والهند بالفعل مواد إغاثة مباشرة إلى المطارات التي يسيطر عليها النظام. وتعهدت دول أخرى مثل أفغانستان التي تحكمها طالبان والسعودية وقطر وعمان والصين وكندا والفاتيكان بتقديم مساعدات. لكن من غير الواضح ما إذا كان سيتم إرسال هذه الإغاثة مباشرة إلى النظام، وفق الشبكة.

ويصر النظام على توجيه جميع المساعدات إلى البلاد، بما في ذلك المساعدات المخصصة للمناطق الخارجة عن سيطرته، إلى العاصمة، دمشق.

ويخشى النشطاء والمراقبون أن يعيق النظام تقديم المساعدات في الوقت المناسب لآلاف ضحايا الزلزال في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، ومعظمهم من النساء والأطفال، وفقا للأمم المتحدة.

وأورد ناشطون سوريون شهادات قالوا إنها عن "سرقة" النظام للمساعدات.

ويقول رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن النظام السوري يسعى لاستغلال المساعدات لرفع الحصار الدولي عنه، إذ يعتقد أن وصول طائرات المساعدات من دول كثيرة إلى مطاراته قد تفك عزلته الدولية.

ودعت الأمم المتحدة، الأربعاء، إلى "وضع السياسة جانبا" وتسهيل إيصال المساعدات الى المناطق المنكوبة بفعل الزلزال في شمال غرب سوريا، وفق ما قال مسؤول أممي بارز في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا، المصطفى بن المليح: "نحتاج لإمكانية الوصول الكامل وإلى الدعم للوصول" الى شمال غرب سوريا، في إشارة الى مناطق تحت سيطرة فصائل جهادية ومعارضة في إدلب ومحيطها، تضررت بشدة جراء الزلزال الذي ضرب سوريا ومركزه تركيا المجاورة.

وتنقل المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار عن مجلس الأمن. لكن الطرق المؤدية الى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما يؤثر مؤقتا على قدرة الأمم المتحدة على استخدامه.

وتسبب الزلزال المدمر بمقتل أكثر من 12 ألف شخص في البلدين، بينهم 2992 شخصا في سوريا، في حصيلة غير نهائية حتى مساء الأربعاء.

تحديات أخرى 

وتطرقت صحيفة "واشنطن بوست" إلى تحديات أخرى قد تعيق وصول المساعدات إلى المناطق السورية المنكوبة، مشيرة إلى أن الحصول على المساعدات الإنسانية كان أمرا معقدا أصلا قبل الزلزال بسبب الحرب الأهلية، التي تركت البلاد مقسمة إلى ثلاثة أجزاء تقريبا: المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وجزء تسيطر عليه القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وجيب تسيطر عليه المعارضة في الشمال الغربي.

وذكرت الصحيفة أن نحو ثلث سكان هذا الجيب، البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة، نزحوا من أماكن أخرى ويتركزون في محافظة إدلب الفقيرة والقريبة من الحدود التركية.

بالإضافة إلى القصف المنتظم من قبل القوات الحكومية، كان المرض ينتشر بالفعل في المنطقة، وفقا للصحيفة.

وتضيف أن هذه المنطقة تعتمد بشكل كبير على المساعدات، حتى قبل الزلزال، حيث تؤكد الأمم المتحدة أن نحو 4.1 مليون شخص كانوا بحاجة إلى مساعدة إنسانية.

وتتابع أن القيود التي تفرضها الحكومة السورية، والتي تمنع أيضا بعض المنظمات الدولية من الوصول إلى المنطقة، عرقلت من وصول المساعدات بشكل كبير. 

كما يجب أن توافق الحكومة التركية على دخول المساعدات، لأنها تتدفق إلى الجيب الذي يسيطر عليه المتمردون فقط عبر معبر باب الهوى على الحدود التركية.

ونقلت الصحيفة عن الأمين العام السابق للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارك لوكوك، قوله إن "تركيا منشغلة اليوم في التعامل مع شعبها ومساعدته، وبالتالي لا يمكننا أن نتوقع أنها ستعطي أي أولوية لتسهيل مرور المساعدات للسوريين".

بالإضافة لذلك، تسبب الزلزال في تضرر الطرق المؤدية إلى باب معبر الهوى وتعطلت الاستجابة عبر الحدود، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نقلا عن مصادر محلية. 

وتبين الصحيفة أن الطريق الذي يربط مدينة غازي عنتاب، مركز الزلزال، بالمعبر يقع في واحدة من أكثر المناطق تضررا ولا يمكن الوصول إليه حاليا.

عامل آخر زاد من الأزمة، ويتمثل في "الإرهاق" الذي تعاني منه المنظمات غير الحكومية الدولية التي تقدم المساعدات لإدلب والمناطق المحيطة بها منذ سنوات، وفق تعبير "واشنطن بوست".

ويؤكد مسؤولو الأمم المتحدة أن التبرعات تضاءلت لهذه المنطقة في ظل تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، العام الماضي.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأربعاء، إن بلاده تعمل على فتح معبرين حدوديين آخرين مع سوريا للتمكين من تدفق المساعدات الإنسانية إلى جارتها التي ضربها الزلزال.

وفي حديثه للصحفيين، أكد الوزير التركي أن الأضرار التي لحقت بالجانب السوري من الطريق المؤدي إلى معبر حدودي مفتوح فقط للمساعدات الإنسانية في إطار تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تسبب صعوبات فيما يتعلق بالجهود المبذولة بعد الزلزال.

وقال جاويش أوغلو: "هناك بعض الصعوبات فيما يتعلق بمساعدة تركيا والمجتمع الدولي (للوصول إلى سوريا). ولهذا السبب، تُبذل جهود لفتح معبرين حدوديين إضافيين".

وتلقت الحكومة السورية دعما من عدة دول عربية، منها مصر والعراق، وكذلك من حليفتها الرئيسية روسيا التي أرسلت فرق إنقاذ ونشرت قوات بالفعل في سوريا للمشاركة في أعمال الإغاثة، بما في ذلك في حلب.

ولم يصل إلا القليل، إن وجد، من هذه المساعدات إلى الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة، وفقا لرويترز.

الولايات المتحدة تنشر زهاء 900 جندي في سوريا في إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش
الولايات المتحدة تنشر زهاء 900 جندي في سوريا في إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش

أعلنت القوات الأميركية، السبت، شن ضربات جوية استهدفت عدة معسكرات تابعة لتنظيم داعش في سوريا في وقت مبكر من يوم الجمعة.

وقال بيان صادر عن القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إن الضربات الجوية "ستعطل قدرة داعش على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها والشركاء والمدنيين في المنطقة وخارجها".

وأشار البيان إلى أن القوات الأميركية لا تزال تقيم الأضرار الناجمة عن الضربات، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الهجوم لم يسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين.

 

 

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي تقرير نشر في يناير الماضي، قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تفيد بأن التنظيم المتطرف لا يزال لديه "ما بين 3000 و5000 مقاتل" في العراق وسوريا.

واجتاح تنظيم داعش مناطق شاسعة في العراق وسوريا، عام 2014، مهددا ملايين الناس في الشرق الأوسط بأساليب همجية تتبنى القتل والاغتصاب والإبادة الجماعية.

وأعلنت بغداد في أواخر 2017 "الانتصار" على التنظيم المتطرف، الا أن بعض خلاياه لا تزال تنشط في مناطق عدة وتشنّ هجمات تستهدف القوات الأمنية خصوصا في مناطق نائية خارج المدن.

بالمقابل أعلنت قوات سوريا الديموقراطية التي يقودها مقاتلون أكراد وتدعمها واشنطن، دحر تنظيم الدولة الإسلامية جغرافيا من آخر معاقله في سوريا عام 2019.

وكان منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، آلان ماتني، كشف هذا الأسبوع عن وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات التنظيم في العالم.

وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الخميس، إن داعش لم يعد "يحكم أراض" لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لا تزال قائمة، وهناك حاجة للتحالف الدولي لمواجهة هذه التهديدات.