عندما وصل وزير الخارجية السوري إلى السعودية، الأربعاء، وحظي باستقبال من نظيره السعودي بـ "ابتسامة"، بدا الأمر وكأنه أوقف أي فكرة بأن نظام بشار الأسد سيظل معزولا في الشرق الأوسط، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وقال البلدان في بيان مشترك إنهما ناقشا خطوات لتسهيل "عودة سوريا إلى محيطها العربي"، فيما ستبدأ إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين السعودية وسوريا.
ويجتمع وزراء خارجية دول الخليج والأردن ومصر والعراق في السعودية، الجمعة، لمحاولة تنسيق السياسة قبل قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها المملكة الشهر المقبل.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مسؤول قوله إن الأردن سيدفع خلال اجتماع، الجمعة، بخطة سلام عربية مشتركة لإنهاء النزاع الدامي في سوريا.
وقالت محللة الشؤون الخليجية البارزة بمجموعة الأزمات الدولية، آنا جاكوبس، إن "بقاء الأسد في السلطة والتطبيع العربي مع دمشق بات وكأنه نتيجة حتمية في هذه المرحلة".
وأضافت: "لقد أوضحت الولايات المتحدة وأوروبا أنهما لا تتفقان مع تطبيع الدول العربية مع نظام الأسد، ولكن لا يبدو أن هناك الكثير مما يمكنهم فعله حيال ذلك".
"استراتيجية متعددة الأوجه"
وكانت الدول العربية قد قطعت علاقاتها مع نظام الأسد منذ سنوات عندما فرض حصارا على أحياء وبلدات بأكملها في محاولة لهزيمة المتمردين، وأشرف على نظام سجون مليء بالتعذيب والإعدامات الجماعية وأرسل ملايين اللاجئين إلى البلدان المجاورة.
وبحسب البيان السعودي السوري، فإن الدولتين اتفقتا "على أهمية حل الصعوبات الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم".
ورأت بعض الدول العربية أن إعادة العلاقات مع نظام الأسد أمر لا مفر منه في وقت مبكر من عام 2018 عندما أعادت الإمارات العلاقات الدبلوماسية.
وقال محمد علاء غانم، رئيس السياسات بالمجلس السوري الأميركي، وهو كيان مقره واشنطن يعارض التطبيع مع نظام الأسد، إن الضغط الأميركي ساعد في منع المزيد من الدول من اتباع هذا النهج.
في عام 2019، أصدرت الولايات المتحدة تشريعا يفرض عقوبات إضافية على الحكومة السورية، مما خلق حاجزا آخر.
وكانت القوى السياسية ذات الثقل في المنطقة، بما في ذلك السعودية وتركيا ومصر، لا تزال مترددة في التعامل مع الأسد آنذاك.
ودعمت السعودية في البداية بعض الجماعات المتمردة السورية التي تقاتل ضد قوات الأسد وزودتها بالتمويل والأسلحة بالتنسيق السري مع الولايات المتحدة واستضافت أعضاء المعارضة السورية بالعاصمة الرياض.
لكن في الوقت الراهن، تنتهج السعودية استراتيجية متعددة الأوجه تجمع بين المشاركة مع إيران والجهود المبذولة لمواجهة نفوذها في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك في سوريا - حيث دعمت إيران الأسد طوال الحرب فترة الحرب الذي بدأت عام 2011.
وقال رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب، الذي يعد أكبر سياسي منشق عن نظام الأسد خلال الحرب، "نلتقي مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية ونذكر الجميع بمخاطر تسريع التطبيع غير المشروط مع نظام بشار الأسد الإجرامي".
ويقيم حجاب حاليا في قطر، وهي واحدة من الدول العربية القليلة التي لا تزال تعارض إعادة العلاقات مع سوريا.
وقال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، الخميس، إن بلاده لن تتخذ أي خطوات تجاه الأسد دون حل سياسي للصراع هناك.
وعود لا تنفذ
ومع تحول الموقف تجاه سوريا في المنطقة، اتبعت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، نهج عدم التدخل.
في إيجاز الشهر الماضي، قالت مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إن حكومة الأسد "تستحق أن تُعامل على أنها مارقة".
ومع ذلك، إذا كانت الدول العربية تتواصل مع الأسد، فإن الإستراتيجية الأميركية تتمثل في حثها على "الحصول على شيء مقابل هذا الارتباط"، على حد قولها.
واستشهدت ليف بإنهاء تجارة مخدرات الكبتاغون من سوريا كمطلب واحد يجب على الدول أن تفعله.
كما يمكن أن تشمل الطلبات الأخرى الحد من الوجود العسكري الإيراني في سوريا ووضع شروط تسمح للاجئين السوريين بالعودة بأمان إلى ديارهم - على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين يشككون في أن الأسد يمتثل لوعوده.
وقال جيمس جيفري، الذي كان المبعوث الخاص للولايات المتحدة بشأن سوريا خلال إدارة ترامب، إن الأسد مشهور بالوعود دون أن ينفذها.